وفي حوار مع مصطفى يوسف اللداوي ، مسؤول العلاقات العامة للاتحاد العالمي لعلماء المقاومة ، مع وكالة انباء التقريب "تنا" على هامش المؤتمر الدولي الحادي والثلاثين للوحدة الاسلامية الذي عقد ديسمبر الماضي في طهران ، قال الخبير الفلسطيني ان هناك منحى مكشوف من قبل بعض الانظمة العربية للاعتراف بالكيان "الاسرائيلي" عبر محاولات تطبيعية كانت سرية في الماضي ورفع الستار عنها في الاونة الاخيرة خاصة الزيارات السياسية والتنسيق الامني والمناورات المشتركة بين السعودي والكيان المحتل .
وحول ضرورة ان يفكر العالم الاسلامي لبناء حضارته من جديد وهل يمتلك المؤهلات اللازمة لذلك ؟ يرى الخبير الفلسطيني ان الامة الاسلامية بمبادئها القرانية وتوجهاتها الفكرية المعتدلة والوسطية تمتلك المتطلبات اللازمة لبناء حضارة اسلامية حديثة وريادة العالم الاسلامي كاحد القوى العظمى في العالم .
ولكنه اشار في هذا السياق الى عقبة الجماعات المتطرفة والمتشددة التي تشوّه سمعة الاسلام لتحقيق هذا المشروع والذي وجدت بدعم من المخابرات الاجنبية لاحباط اي مشروع اسلامي يوحد الامة ويقوي من عزمها ومكانتها في العالم .
ولهذا يرى اللداوي ان اي مشروع لبناء الحضارة الاسلامية من جديد وتحديث هذه الحضارة يستلزم بالدرجة الاولى ان يتخلص العالم الاسلامي من النزاعات والفتن المذهبية والعرقية وسائر التحديات التي تعتري طريق هذا المشروع .
وفي هذا السياق يرى ان احد المفاتيح الرئيسية لبناء حضارة اسلامية حديثة هو التقارب بين الطائفتين الاسلاميتين التي تشكلان قوام هذه الامة اي الطائفة السنية والطائفة الشيعية ، مشيرا الى مؤتمرات الوحدة الاسلامية وسائر الفعاليات في هذا المجال التي توثق التقارب والتواصل والاخوة بين المسلمين .
وفي هذا المجال يرى ضرورة الاعتماد على العقلاء من العلماء والنخب الفكرية وذوي النوايا الصادقة وايجاد حلول سليمة وعقلائية للتحديات التي تواجه الامة متجاوزين الخلافات الهامشية وعدم اشراك المتطرفين في الفئتين في هذا المجال .
واكد مسؤول العلاقات العامة في الاتحاد العالمي لعلماء المقاومة ان العلماء والمفكرين الاسلاميين المتحجرين والجموديين اللذين يستقون افكارهم من النصوص الدينية القديمة ذات صبغة متشددة تكفر المخالفين ، همو اخطر من تنظيم "داعش" الارهابي الذي يعتمد في ممارساته واعماله الاجرامية على تلك النصوص الدينية .
ويرى اللداوي ان هذا النمط من العلماء هو من يثير الخلافات المذهبية من خلال ما تعلمه من تلك النصوص التي تدعو الى تكفير المخالفين من سائرالمذاهب والتوجهات الفكرية ، داعيا الى ضرورة اعادة النظر وتنقيح التراث الديني الماضي للتخلص من الافكار الماضوية والمتحجرة .
ولمعالجة هذه المشكلة وهذا التحدي الخطر دعا مصطفى اللداوي الى ضرورة العمل للقضاء على جذور هذا الفكر المتطرف والتكفيري لان القضاء ميدانيا لا يكفي لانه سوف ينمو من جديد في ظروف اخرى ولهذا يرى الخبير الفلسطيني وجوب القضاء على هذا الفكر المتشدد بكل مؤسساته ونشاطاتها منها القنوات الفضائية الشيعية والسنية الفتنوية وكذلك منع انتشار الكتب الصفراء التي تكفر المذاهب الاسلامية ، داعيا في نفس الوقت الى تعزيز اللقاءات والتواصل وعقد المؤتمرات والملتقيات بين الطوائف الاسلامية لتقوية الترابط وروح الاخوة بين المسلمين .
وفي هذا المجال والحديث حول محاولات نشر الفكر المتطرف والجمودي وتشديد الاحتقان الطائفي اشار اللداوي الى محاولات الخارج وخاصة الكيان الصهيوني في اثارة الخلافات بين المسلمين موضحا ان الاسرائيلي اليوم لديه معلومات كافية عن اوضاع المسلمين وانواع الافكار والتوجهات الموجودة داخل المجتمع الاسلامي منها الفرق المذهبية والتيارات المتطرفة والخلافات الموجودة بين المذاهب ولهذا يسعى الصهيوني جاهدا لتغذية واثارة هذه الخلافات الى جانب دعمه ومساندته للفكر الجمودي والمتشدد واذا شاهد اي تقارب ووحدة بين الطوائف الاسلامية المختلفة دس عملائه لاثارة الخلافات والضغائن ، لان المستعمر يعرف جيدا ان قوة المسلمين واقتدارهم في وحدتهم واتفاقهم واذا اتحدوا سيفشلون جميع المخططات الغربية والصهيونية لان وحدة الامة الاسلامية تشكل خطورة عليهم في المستقبل .
وحول التعامل والحوار مع الحضارة الغربية اكد اللداوي على ضرورة الحوار بين الحضارة الاسلامية والغربية على ان يكون هذا الحوار نديا ومتكافئا وان يتخلى الغربي عن نظرته الاستعلائية بالنسبة للشعوب الاسلامية ورؤيته السلبية بالنسبة الى مبادئ هذا الدين وحضارته وان لا يتهم المسلمين بالتخلف او الارهاب.
واضاف قائلا بان الارث الحضاري الضخم والقيم الذي يمتلكه المسلمون يؤهلهم للحوار والتواصل مع سائر الحضارات شريطة ان تحكم اجواء هذا الحوار الاحترام المتقابل دون فرض املاءات ووصاية من الطرف الغربي ، لان الغربی هدفه من الحوار مع العالم الاسلامي هو تغيير المفاهيم والثقافة الاسلامية وتغيير المناهج التعليمية منها شطب بعض الايات القرانية .
وحول القضية الفلسطينية وما تواجهها من مخاطر هذه الايام يعتقد مسؤول العلاقات العامة في الاتحاد العالمي لعلماء المقاومة ان هناك مؤامرة مشتركة بين امريكا والكيان الصهيوني وبعض الانظمة العربية لتصفية القضية الفلسطينية والقضاء عليها متهما النظام السعودي بالضغط على الفلسطينيين لتقديم تنازلات اكثر مضيفا ان السعودية تخطأ عندما تتصور ان الكيان الصهيوني هو اقرب اليها من ايران ومن سائر الدول العربية و الاسلامية لان العدو الصهويني لا يمكن ان يكون صديقا وحليفا للعرب والمسلمين .
وسألنا الخبير الفلسطيني حول التطبيع السعودي الاسرائيلي هل بدأ فعلا ؟ اجاب ان التطبيع لم يبدأ رسميا ولكن جرت خطوات تطبيعية سرية كشف عنها هذه الايام مثل الزيارات السياسية والمناورات العسكرية المشتركة والتنسيق الامني والجديد في هذا المسار هو الافصاح السعودي عن شرعية الكيان الاسارائيلي وانه لا يتعارض مع تسوية القضية الفلسطينية بنوع من التنازل .
وشدد مصطفى اللداوي ان التطبيع السعودي مع الكيان الصهيوني تطبيع سافر ووقح لا يرضي الله تعالى ولا يرضي المسلمين بل يغضب الفلسطينيين ويفرح له الاسرائيلي الذي يتبجح يوميا ان له علاقات طبيعية قديمة ومستمرة مع بعض الانظمة العربية ومن ضمنها النظام السعودي .
وعن المصالحة الفلسطينية يرى اللداوي ان الانقسام اضر بالقضية الفلسطينية والمقاومة وشوه سمعة الفلسطينيين وافقدهم بعض الاصدقاء وبين ان المصالحة اليوم اجتازت كثير من العقبات وجاءت بتقديم تنازلات من قبل حركة حماس لانها تدرك ان المصالحة هو افضل للشعب الفلسطيني ولا يمكن رفع الحصار عن غزة الا من خلال المصالحة ولهذا يرى اللداوي ان حظوظ المصالحة قوية ويأمل بنجاحها كاشفا عن بعض العراقيل التي تطرحها بعض اطراف القضية الفلسطينية كالولايات المتحدة والكيان الصهيوني من طرح شروط تعجيزية لايمكن قبولها والهدف منها افشال المصالحة .
وفي هذا السياق اشار الى وجود نيات صادقة من الجانبين اي حماس والفتح لترسيخ هذه المصالحة لان الشعب الفلسطيني في قطاع غزة يعاني كثير من المشاكل المعيشية والاقتصادية والتعليمية ومحروم من كثير من الحاجات اليومية .
اجرى الحوار : صالح حائري