أعربت الدكتورة لالة افتخاري عضو مجلس الشورى في الجمهورية الاسلامية الايرانية مستشارة آية الله الشيخ محمد علي التسخيري الأمين العام للمركز العالمي للتقريب بين المذاهب الاسلامية عن اعتقادها بأن ضعف وتضاءل دور المرأة في بعض البلدان الاسلامية يعود الى الثقافة السائدة في تلك البلدان والى مدى ثقة النساء في تلك البلدان بأنفسهن وكذلك ثقة المجتمع بمؤهلاتهن.
وأشارت افتخاري الى أن النساء الايرانيات يشكلن ٥٠ بالمئة من مجموع الناخبين في ايران، وبالتالي ينبغي أن تقتنع النساء بكفاءات ومؤهلات المرشحة للانتخابات وأن نشاطها وتأثيرها لا يقل عن نشاط وتأثير الرجل، وارساء ثقة المجتمع بالمرأة بحاجة الى فترة من الزمن وكذلك توعية المجتمع بقدرات المرأة وهذا الأمر لا يقتصر على النساء وانما ينبغي على الرجال أن يشاركوا أيضا في هذه التوعية ولا شك أن النساء قلما يقتحمن المجال السياسي كأن تكون عضوا في البرلمان نتيجة التزامهن ببعض المسؤوليات كمسؤولية ادارة البيت وشؤون العائلة ويعتقدن أن التفرغ لأي عمل سيعرض عائلاتهن لأخطار فادحة فلذلك يفضلن البقاء في المنزل على العمل السياسي أو أي عمل آخر، وهناك بعض النساء يرشحن أنفسهن للانتخابات النيابية الا أنهن لا يحصلن على الأصوات اللازمة وربما هذا يعود الى أن مستوى الوعي في المنطقة التي ترشحت فيها هذه المرأة منخفض مما ينبغي رفع مستوى الوعي في تلك المنطقة.
وبشأن وجود بعض التعاليم الدينية التي تمنع المرأة من تسلم بعض المناصب أو كما روي عن فاطمة الزهراء سلام الله عليها أنها قالت: خير للمرأة أن لا ترى الرجل ولا يراها الرجل، كيف يمكن التوفيق بين هذه التعاليم وهذه الروايات وبين ضرورة ممارسة المرأة دورا فعالا في المجتمع أعربت افتخاري عن اعتقادها بأن الزهراء سلام الله عليها لا تعد نموذجا كاملا للمرأة وحسب بل لكل البشرية، وفيما يتعلق بالرد على السؤال فأمام المرأة حقوق وواجبات وهناك مسؤوليات يتحتم على المرأة القيام بها في الظروف العادية ومسؤوليات أخرى يتعين القيام بها عندما يحتاج اليها المجتمع الاسلامي ففي الظروف العادية كانت الزهراء عليها السلام تضع عائلتها وزوجها وأولادها في سلم أولوياتها ولكن في الظروف الاستثنائية فانها تذهب الى مسجد الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وتلقي تلك الخطبة العصماء ثم تدافع عن الاسلام والولاية ثم تزور بيوت المهاجرين والانصار وتذكرهم بوصايا الرسول صلى الله عليه وآله وسلم.
ورأت افتخاري أن الاهتمام بالعائلة والأبناء يأتي في سلم أولويات المرأة ففي مقدمة مسؤوليات المرأة أن تكون أما وزوجة ولكن عندما يحتاجها المجتمع وبامكانها أن تقدم خدمات جليلة لمجتمعها وبلدها عبر الالتزام بالحدود والمعايير الشرعية فيتعين عليها تلبية هذه الحاجة ويتحول هذا الواجب الى واجب عيني والى ذلك يشير المرجع الديني جوادي آملي (دام ظله) اذ يقول، ليس هناك مانع من نشاط المرأة في المجتمع وحسب بل اذا كانت للمرأة مؤهلات معينة والمجتمع بحاجة لهذه المؤهلات ولا يوجد من بين الرجال من يمتلك هذه المؤهلات فان وجودها في المجتمع يكون واجبا عينيا، وهذه نظرة راقية وسامية للمرأة وفي الوقت الذي تستطيع فيه المرأة أن تصل الى أسمى الدرجات فهناك من النساء من يسقطن في الحظيظ، وهذا بالتحديد ما يشير اليه القرآن الكريم عندما يقدم لنا نماذق للمرأة الصالحة كالسيدة مريم وآسيا بنت مزاحم وللمرأة المنحرفة كزوجة النبي لوط عليه السلام.
ولفتت افتخاري الى أن المجمع العالمي للتقريب بين المذاهب يبذل جهودا لتصحيح النظرة العالمية تجاه المرأة ودورها مشيرة الى أنها تترأس شؤون المرأة والأسرة في المجمع وقد عقد المجمع ملتقى دوليا للمرأة وعدة ملتقيات أقليمية ومحلية شاركت فيها نساء مفكرات وكاتبات وناشطات في قضايا المرأة من دول المنطقة وايران، وكان الهدف الرئيسي من عقد هذه الملتقيات هو عكس نظرة الاسلام للمرأة الى سائر دول العالم، وقد قدمت خلال هذه الملتقيات وجهات نظر مراجع وعلماء الدين السنة والشيعة حول دور المرأة في المجتمع "وكان احد أهدافنا في هذه الملتقيات هو تعزيز الانسجام والتقارب بين الدول الاسلامية ووضع علامات الاستفهام امام النظرة الماركسية والليبرالية تجاه المرأة التي تعود في الأساس الى النظرة الصهيونية للمرأة والتي تسعى الى تطبيقها من خلال بعض المنظمات التي تتبجح بشعار الدفاع عن حقوق المرأة وتسعى الى ممارسة الضغوط ضد الدول الاسلامية عبر ذلك، واننا سعينا الى ملئ هذا الفراغ من خلال هذه الملتقيات ولنقول للدول الاسلامية أن الاسلام لديه نظرة خاصة للمرأة تختلف عن هذه النظريات".
ودعت افتخاري الى ضرورة تعديل واصلاح دور ونشاط المرأة في العالم الاسلامي وينبغي اعتماد النماذج والتعاليم الاسلامية في دور ونشاط المرأة ويتعين على الحكومات الاسلامية توفير الأرضية اللازمة لنشاط النساء المحجبات اللواتي يمتلكن كفاءات ومؤهلات كبيرة، ولفتت الى وجود نوع من الافراط والتفريط في الدول الاسلامية تجاه المرأة ففي بعض الدول نرى أن المرأة لا تحصل حتى على بطاقة الهوية الخاصة بها وبعضها تقحم المرأة في مجالات لا ينبغي اقحامها فيها مما يشير الى وجود ضعف ادراك تعاليم الاسلام اذ نرى أن هذه الدول وفرت للمرأة مجالات للنشاط والعمل يتعارض مع التزامها بالمعايير الدينية والشرعية وفي مقدمتها بالحجاب، بينما توفير الأرضية اللازمة لارتداء الحجاب الشرط الرئيسي في مزاولة المرأة لأي نشاط في المجتمع، ونوهت الى أن بعض الدوائر الايرانية كالمجمع العالمي للتقريب باستطاعتها نقل تجاربها حول نشاط المرأة الى سائر البلدان الاسلامية