ليكن الاختلاف بيننا اختلاف تنوع لا اختلاف تضاد لانه لو اصبح اختلاف تضاد فانه سوف ياخذ صورة الصدام فى يوما ما وهذا ما لا نريده
مسؤول مصري لوكالة أنباء التقريب (تنا):
الوحدة الاسلامية تلاقي عقبات كثيرة
5 Jan 2011 ساعة 11:19
ليكن الاختلاف بيننا اختلاف تنوع لا اختلاف تضاد لانه لو اصبح اختلاف تضاد فانه سوف ياخذ صورة الصدام فى يوما ما وهذا ما لا نريده
وكالة أنباء التقريب (تنا)
تحيط بالامة العديد من القوى التي تتربص بها وبمستقبلها والتي تعمل على تفتيتها وعلى نشر ثقافة الفرقة والوقيعة بين ابناء الدين الواحد وعلى الرغم من عوامل الاتحاد العدة التي تتوفر لدى الامة الاسلامية الا اننا لم نحسن استغلالها، والسؤال المطروح هنا هو كيف نواجه تلك الاباطيل والمكائد التي تنصب الى الامة الاسلامية، وهل الوحدة الاسلامية ممكنة، وكيف يمكن نشر فكر الوحدة الاسلامية، هذه الأسئلة وغيرها طرحناها على الاستاذ الدكتور السعيد محمد علي وكيل وزارة الاوقاف المصري وكان لنا معه الحوار التالي:
في ظل الخلافات والنزاعات التي تعيشها بعض الدول الاسلامية هل اصبحت فكرة التقريب بعيدة المنال ام انها ممكنة التحقيق ؟
الوحدة الاسلامية هدف من اهداف الاسلام حرص على تحقيقه الرسول الاعظم (ص) منذ اللحظة الاولى لدعوته الى الاسلام يوم وقف على جبل الصفا ونادى فى قريش إني نذير لكم بين يدي عذاب شديد، وهذا النهج سار عليه الأئمة وبعض خلفاء المسلمين بان يكون المسلمون في بوتقة واحدة، ومعنى ذلك ان يكون لهم قائد واحد وان ياتمروا بامر واحد وان ينتهوا بنهي واحد الا وهو كتاب الله وسنة رسوله سيدنا محمد (ص) هذه الوحدة لا شك انها لاقت قديما وحديثا وستبقى تلاقي حتى يرث الله الارض ومن عليها؛ عقبات من يعترف بها ومن يتنكر لها ومن يواليها ومن يعاديها وهكذا تسير الأمور، فيوم دعا رسول الله (ص) الى الاسلام اعترضه عمه ابو لهب وقال له تبا لك الهذا جمعتنا؟
واذا تحدثنا عن اهم العقبات التى واجهت وحدة الامة الاسلامية فهناك أسباب خارجية وأخرى داخلية..
وفيما يتعلق بالأسباب الداخلية ينبغي ان نوضح اولا ان ما تحدث عنه الله عز وجل عن تشتت ابناء الامة الاسلامية فان سببه في الدرجة الأولى هم ابناء الامة، فهذا يطلق على نفسه مذهب معين وآخر جماعة معينة، وهذا سبب رئيسي من اسباب الفرقة حتى لو كنا جميعا نستظل بمسمى واحد ارتضاه لنا المولى عز وجل وجاء على لسان الخليل ابراهيم عليه السلام فى قوله تعالى (وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِّلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمينَ مِن قَبْلُ ) هذا أهم سبب داخلي للخلاف.
اما الاسباب الخارجية، فالغرب وعموم اعداء الاسلام ينظرون الى الوحدة الاسلامية على أنها تؤدي الى القوة والقوة سبيل النصر، فالمسلمون اذا توحدوا فانهم سيكونون قادرين على محو اعداء الاسلام جميعهم، لذلك فانهم يرصدون حركات المسلمين بدقة شديدة ليحولوا دون اتحادهم، كما ان ابليس عليه لعنة الله قد استغل هذه الفرقة، وهذا ما ورثه اليهود عن ابليس عليه لعنة الله بقولهم فرق تسد، فهم يريدون ان يسودوا من خلال فرقة المسلمين.
ما هو دور العلماء في نشر فكر الوحدة الاسلامية؟
لا شك ان العلماء اقدر من غيرهم على توحيد الجبهة الاسلامية ذلك انهم اهل بيان واهل علم واهل فقه واهل قران ورثوا عن سيدنا رسول الله (ص) وعن الانبياء مناهجهم واساليب هدايتهم للناس، فتعلموا كيف كانت دعوة سيدنا ادم وكيف كانت دعوة سيدنا نوح وسائر انبياء ورسل الله، فهم من هذا المنطلق اقدر على ان يفهموا الناس ضرورة هذه الوحدة وهم فى حقيقة الامر من يعتلون المنابر ويخطبون في الناس وفي امكانهم توجيههم الى ما يريدون ولعلهم يجتمعون على هدف واحد وهو ارشاد الناس الى الوحدة الاسلامية.
هل الخلافات بين المذاهب الاسلامية بشكل عام وبين السنة والشيعة باعتبارهم اكبر المذاهب الاسلامية جوهرية؟
كان المسلمون امة واحدة فتحوا العديد من البلدان وطافوا الارض شرقا وغربا واحسنوا عرض الاسلام واستطاعوا ان يقنعوا غير المسلمين في احقية الاسلام فى قيادة العالم، ثم ظهرت الفرق والمذاهب الاسلامية كالخوارج والمعتزلة واهل السنة والجماعة والشيعة وغيرها، الا ان اتباع هذه الفرق ما كان احدا منهم يكفر الاخر، حتى لما سألوا سيدنا علي رضى الله عنه وارضاه عن هذه الفرق وقالوا، اكفار هم؟ قال لا من الكفر فروا، فقالوا من هم اذن؟ قال اخواننا بغوا علينا، ومازلت اذكر مقولة الخليفة عمر بن عبد العزيز (هذه دماء حفظ الله سيوفنا منها فيجب علينا ان نحفظ الستنا منها) فانظر كيف كانوا شديدوا الحرص على دماء المسلمين، وكانوا يحفظون السنتهم عن الكلام غير المفيد لان الكلام غير المفيد سيضر وكما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (من حسن اسلام المرأ تركه مالا يعنيه) وما اريد ان اقوله انه عندما ظهرت الفرق كانت مدارس لفهم الاسلام باجتهادات ومفاهيم اخرى حيث تتكامل ولا تتعارض فيجب علينا فى عصرنا هذا ان يسعنا ما وسع سلفنا الصالح رضى الله عنهم وارضاهم ليكن الاختلاف بيننا اختلاف تنوع لا اختلاف تضاد لانه لو اصبح اختلاف تضاد فانه سوف ياخذ صورة الصدام فى يوما ما وهذا ما لا نريده.
كيف يمكن ان نستثمر فكر الوحدة الاسلامية فى دعم القضايا التى تهم الامة الاسلامية مثل قضية فلسطين والعراق وافغانستان وغيرها من القضايا ؟
اول شيء يجب ان نبحث عنه عناصر الاتفاق فلو رجعنا الى التاريخ لوجدنا العديد من امثلة الاتحاد والمواقف التي وقف فيها المسلمون فيها سويا جنبا الى جنب، فلنستغل تلك المواقف من اجل عودة الوحدة الاسلامية، لانه من خلال هذه الوحدة يمكننا القضاء على الفتن والالتفاف على القضايا التي تشغل الامة الاسلامية وان نحل القضايا الكبرى فى حياتنا مثل قضية فلسطين وغيرها، وعندما نتحدث مثلا عن الجامعة العربية لا يجب ان يدخل المصري الاجتماع على انه مصري والسعودي على انه سعودي والمغربي على انه مغربي، فلننسى الاعراق والجنسيات، ولنتذكر اننا كلنا مسلمون موحدون لله تعالى فلنعطي ولائنا داخل الجامعة العربية لديننا لحل مشكلات المسلمين، ولنعطي ولائنا للقدس الشريف والحرمين الشريفين، عند زيارتنا للولايات المتحدة الامريكية في اطار برنامج حوار الحضارات كنا نتحاور مع القساوسة والحاخامات واساتذة الجامعات وغيرهم فكانوا يوجهون الينا اسئلة مثل ما رأيكم في السنة والشيعة؟ ما تقولون في فلسطين والارهاب؟ كأنهم يريدوننا ان ننشغل بانفسنا لا ان ننشغل بهم وبالحوار معهم وكانهم يريدون ان يقولوا لنا انتم مختلفون فيما بينكم سنة وشيعة وانتم تعززون الارهاب وتدافعون عن فلسطين، ويعتبرون الفلسطينين الذين يدافعون عن ارضهم ارهابيون.
لماذا لا يحس عامة الناس باهمية التقريب بين السنة والشيعة ؟
ان عملية التقريب بين السنة والشيعة من الاولويات التى تضعها المؤسسة الدينية فى مصر على قائمتها، ولكن عندما نتحدث عن التقريب بين السنة والشيعة، ينبري هنا دور علماء الدين فعليهم ان يوضحوا الامور للعامة وان يوضحوا لهم ما هو التقريب و ما هي المذاهب الاسلامية المختلفة، من هم الشيعة، وان يبحثوا عن نقاط التقارب لا نقاط الخلاف ويتحدثوا عنها، وليدعوا نقاط الخلاف الى مجالس العلماء وهي من الامور التي لا يجب ان ينشغل بها العامة او يتحدثون عنها، وبالاضافة الى العلماء فان اهل الاعلام عليهم أن يتحملوا بدورهم المسؤولية حيث ان الاعلام يروج ويؤثر في الناس مما يستدعي ان يكونوا يدا واحدة لايصال مفهوم التقريب وان يكون الاعلام ورجال الدين يعملون معا في اتجاه واحد وليس فى اتجاه مضاد.
ما هو مستقبل التقريب ؟
المستقبل بيد الله ونامل منه سبحانه وتعالى ان يهدينا الى ما فيه الصلاح وان نجتمع على هدف واحد وهو تجديد الدين فى ثوب عصري يتناسب ومظاهر التجديد والحداثة ويجب ان يكون هناك مجددون فان وجد هؤلاء المجددون فسوف نجد هناك العديد من التقارب والتفاهم ما بين مذاهب الامة الاسلامية ونستبشر خيرا، ولدينا امل ان يكتب الله لهذا التقريب النجاح والشيخ احمد الطيب شيخ الازهر من المهتمين بهذا الامر للغاية وهو يعمل بكل جهد من اجل وحدة الامة الاسلامية واتحاد المسلمين .
اجرى الحوار : احمد السيوفي / القاهرة
رقم: 35853