التقريب بين المذاهب، كما اشار الى ذلك سماحة الامام الخامنئي(حفظه الله)، اصبح حاجة ضرورية في هذا الزمن، نواجه به السياسة الداعية للانقسام والتفرقة بين المسلمين وصولا (من خلال التقريب) للوحدة الاسلامية التي ننشدها.
الشيخ احمد الزين لوكالة أنباء التقريب(تنـا):
نحن ندعو للوحدة الاسلامية لنقدم للعالم ما لدينا من قيم حضارية جاء بها ديننا الحنيف
1 Feb 2011 ساعة 7:36
التقريب بين المذاهب، كما اشار الى ذلك سماحة الامام الخامنئي(حفظه الله)، اصبح حاجة ضرورية في هذا الزمن، نواجه به السياسة الداعية للانقسام والتفرقة بين المسلمين وصولا (من خلال التقريب) للوحدة الاسلامية التي ننشدها.
حوار اجراه مراسل وكالة أنباء التقريب(تنـا)، مع فضيلة الشيخ القاضى احمد الزين، رئيس مجلس الأمناء في تجمع العلماء المسلمين بلبنان، وذلك مع اقتراب اسبوع الوحدة الاسلامية وموعد انعقاد المؤتمر الدولي الرابع والعشرين للوحدة الاسلامية، ( ١٥ الى ١٧ ربيع الاول ١٤٣٢، الموافق ١٩-٢١ فبراير/شباط ٢٠١١) ، وقد جرى الحوار بتسليط الضوء على أهم المحاور التي سيتناولها المؤتمر.
وفيما يلي نصه:
س: برأيكم هل توجد مفارقات بين التقريب والوحدة الاسلامية؟
لا مفارقة بين الدعوة للتقريب بين المذاهب الاسلامية والدعوة للوحدة الاسلامية، انما مشروع التقريب بين المذاهب هو مشروع يؤدي في النهاية الى الوحدة الاسلامية، ويشكل مشروعا يواجه المشروع العدائي الذي يعمل على التفرقة والتشتت بين المسلمين.
فهناك استراتيجية قديمة العهد تعمل على التفرقة بين المسلمين، قد تستغل الاجتهادات المذهبية والتعدد، وهنا لا اقول التفرقة بل التعدد بين المذاهب الاسلامية، لتشيع التفرقة ولتؤكد على الانقسام بين المسلمين. علما بأن هذه المذاهب انما اطلت من خلال الاجتهادات الفقهية والفلسفية ومن خلال بعض الاجتهادات في السياسة وفي اقامة الدولة الاسلامية، وليست شرطا وسببا للنيل من الوحدة ومن الامة الاسلامية، فيأتي مشروع التقريب بين المذاهب ليواجه وليرد على هذه الاستراتيجية العدائية وليعلن وينشر بين العلماء بصورة خاصة وبين الأمة الاسلامية على تعدد مذاهبها وقومياتها، بأن الاسلام هو دين الوحدة وأن الامة الاسلامية امة واحدة، وان الاجتهادات الفقهية والاختلافات في الاحكام الشرعية انما ترجع الى اصول واحدة، الى كتاب الله وهدي رسول الله(ص) والى اجتهاد الائمة والصحابة.
فالتقريب بين المذاهب، كما اشار الى ذلك سماحة الامام الخامنئي(حفظه الله)، اصبح حاجة ضرورية في هذا الزمن، نواجه به السياسة الداعية للانقسام والتفرقة بين المسلمين وصولا (من خلال التقريب) للوحدة الاسلامية التي ننشدها. اذ لا مكان لدولة تعيش منعزلة عن العالم، فالعالم اليوم يسير نحو التوحد من خلال السياسة والتواصل في شتى الاساليب لذلك نحن ندعو للوحدة الاسلامية، وهنا يأتي مشروع التقريب بين المذاهب كإحدى الوسائل الداعية الى الوحدة الاسلامية؛ فهذه قارة اوروبا على تعدد مذاهبها وطوائفها وقومياتها ولغاتها وجدت ان من مصلحتها ان تتوحد، فأقامت الاتحاد الاوروبي كما رأى العالم ذلك.
لذلك نحن الامة الاسلامية، على تعدد مذاهبها وقومياتها ولغاتها بحاجة الى قرار سياسي يأتي من القيادات السياسية وبتحريك من العلماء وشعوب المسلمين لإقامة هذه الوحدة. ونحن لا نقول بأن الوحدة المنشودة تأتي بدافع عاطفي وانفعالي، بل لابد ان يصدر قرار من قبل اصحاب الاختصاصات في شتى النشاطات كالاقتصاد والثقافة والاعلام وفي النواحي الامنية وغيرها، فيأتي هؤلاء المختصون ليضعوا دراسات علمية من اجل الخروج بمشروع وحدوي لكي تتعاون الامة الاسلامية.
ومن ناحية اخرى يجب ان يدرك العالم وسائر الطوائف واتباع الديانات الاخرى بأننا لا نطرح الوحدة الاسلامية من زاوية عصبية اوعنصرية كما تفعل اسرائيل او غيرها من الأنظمة العنصرية، انما نحن ندعو للوحدة الاسلامية لنقدم للعالم ما لدينا من قيم حضارية ومن افكار انسانية سامية تدعو للأخوة والعدالة والتراحم بين البشر، وهي القيم التي جاء بها ديننا الحنيف.
س: ماهي الشروط التي يجب أن تراعى من قبل النخب وعلماء الامة الاسلامية في الدعوة للحوار السني الشيعي؟
انني من هنا اخاطب اتباع المذهب الشيعي والمذهب السني، ان يتبعوا في نهج الحوار المراحل التالية:
اولا، الالتزام بكتاب الله وهدي رسوله (ص) وهو امر لا يختلف عليه اي فرد من ابناء المذاهب الاسلامية.
وفي الخطوة الثانية يجب ان يدرك جميع المسلمين بأن مصلحة السنة والشيعة في ان يجتمع الجميع ضمن دائرة الامة الاسلامية الواحدة.
والامر الثالث، لا يصح ابدا بأن يعمل الشيعة على ان يتبع العالم الاسلامي بأسره المذهب الشيعي، او يظن السنة انهم بدعوتهم للإسلام يريدون ان يجعلوا المسلمين جميعا على مذهب واحد. فالتعددية من سمات الاسلام وهي ضرورية تتفق مع الفطرة الانسانية والفكر البشري، حيث ان كل انسان له اجتهاده وله فكره وآرائه ونجد هذا حتى في الذهب الواحد، اذن تعدد المذاهب يجب ان لايحملنا على الانقسام وعلى التفرقة، او يظن احد بأنه يجب على جميع المذاهب ان تلتف حوله وان تكون على رأي ومذهب واحد، فهذا خطا جسيم.
وهنا ادعو العلماء جميعا بأن يقنعوا ابناء السنة والشيعة ليلتقوا على اساس المبادئ التي تجمعهم كالايمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقضاء والقدر، كما يجب ان ندعو المسلمين للتمحور حول اركان الاسلام كالتوجه للقبلة الواحدة واقام الصلاة وايتاء الزكاة وصوم رمضان وحج البيت الحرام، فهذه مسائل ينبغي ان نلتقي ونلتف حولها جميعا لنضع المشروع الذي يجمع التعدديات، فأمة الاسلام امة واحدة وإن تعددت قومياتها ولغاتها ومذاهبها.
نحن المسلمون بحاجة الى حكم شرعي يعالج واقعنا ومشاكلنا الحالية، ان كانت على الصعيد السياسي او الأمني او العلمي والثقافي؛ فكل هذه المشاكل يجب ان تدرس وفقا للواقع الذي نحن فيه.
نحن نقر باننا نحمل في طيات مذاهبنا الاختلافات الفكرية والمذهبية لكن يجب ان لانسمح لاعدائنا والامريكان والصهيونية العالية، ان يثيروا هذه الاختلافات لاشاعة التفرقة بيننا، ويجب ان نضعها جانبا ونلتقي على القواعد التي تجمع بيننا كأمة اسلامية وتوحد كلمتنا وتحقق مصالحنا الحقيقية.
س: هل الجهود التقريبية التي قدمها العلماء واصحاب الفكر التقريبي حتى الان استطاعت ان تصحح التصورات الخاطئة التي كان يحملها السنة تجاه الشيعة او الشيعة عن السنة؟
ان مشروع التقريب والحوار بين المذاهب يجب ان يستمر ينبغي علينا ان نعرف بأن دوره محدد وان لا نحمله اكثر مما يحتمل، لان دوره ثقافي ومحدود بين العلماء ونشر الثقافة التقريبية، لكن ذلك لا يمنعنا من ان نخرج بقرار السياسي الذي يعمل على طرح الوحدة الاسلامية وجمع الشمل ولم صفوف المسلمين، وفي عصرنا الحاضر تقع هذه المسؤولية على الجمهورية الاسلامية الايرانية التي طرحت موضوع الوحدة الاسلامية انطلاقا من افكار الامام الخميني(ره) وطرحت الاهتمام بقضايا المسلمين وبخاصة القضية الفلسطينية في سائر انحاء العالم، كما خاطبت كافة المستضعفين في العالم اجمع، كي تبادر بدورها في العمل على اصدار هذا القرار. خاصة وان المسلمين يعيشون في انظمة اسلامية وعربية اصرت على الكيانات الاقليمية والوطنية والقومية وتخاذلت وابتعدت عن مفهوم الامة الاسلامية، وبذلك للاسف الشديد فهي لا تملك الان القرار الحر في هذا الخصوص.
س: هل استطاع العلماء ان يصلوا الى الاجتهاد المجمعى وهل توجد مصداقية لذلك على ارض الواقع؟
إن العلماء من هذا المنطلق ينقسموا الى صنفين، فمنهم المخلصون واصحاب الكفاءة ومنهم والمتأثرون بالحكام وبالعصبيات المذهبية والاقليمية، قد تكون بسبب الحاجة او نية طيبة او عن جهل، الا اننا اعتمادنا يأتي على العلماء الأفذاذ واصحاب الكفاءة الذين يحملون راية الوحدة، فهؤلاء هم الذين يمكن لهم ان يخرجوا بنموذج للاجتهاد المجمعي في مجال التقريب، وهنا اشيد بجهود سماحة اية الله الشيخ محمد علي التسخيري الامين العام للمجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الاسلامية وما يؤديه من عمل اسلامي كبير، خاصة وأنه يجول حول العالم مناديا للتقريب والعمل على رص صفوف الامة ولم شملها، ويساهم في المؤتمرات ليؤكد على ضرورة المشروع التقريبي، كما لاننسى باقي النشاطات التي تقدمها الجمهورية الاسلامية الايرانية في هذا المجال.
فكل هذه الجهود تدل على ضرورة وضع قرار سياسي موحد ولزوم دعوة القيادات الاسلامية لدعم ذلك، خاصة ونحن نعيش في عصر التوحد ويكفينا امثلة فيما حققته اوروبا ونجاحها في ارساء الاتحاد الاوروبي. اذن العالم الاسلامي، حماية لأوطانه وحماية لعقيدته واسهاما في الحضارة الانسانية يجب ان يتحرك نحو هذا المشروع. واؤكد هنا على ان الوحدة يجب ان لا تتعارض مع الانتماءات الوطنية والقومية ابدا، بل يجب ان ندعو هذه الاوطان والقوميات للالتقاء وللتعاون على خدمة الاسلام والمسلمين وخدمة الانسانية؛ فلا احد من ابناء المذاهب الاسلامية يرفض هذا.
س: هل تجدون ضروريا ان يتم ادخال ثقافة التقريب في المناهج الدراسية (الثانوية والجامعية) على مستوى العالم الاسلامي؟
هذا الأمر في غاية الأهمية والضرورة، ولا يصح ان نهمل هذا الامر، لأن الاستراتيجية الصهيونية سنويا وبصورة دائمة، وفي كل مؤتمر صهيوني ينعقد في الاراضي المحتلة او في انحاء الولايات المتحدة او في اوروبا، تجد اصحاب هذه الاستراتيجية البغضاء يؤكدون على العمل الدائب للتفرقة بين المسلمين ولإثارة الفتن بين السنة والشيعة. لذلك لا يصح ابدا ان تواجه هذه الاستراتيجية بالكلمة التي لا تعتمد على سياسة او دراسة موضوعية او دعم شامل، ولا بد من مواجهة هذه الاستراتيجية بمشروع وحدوي، من اهم بنوده واسسه الدعوة للتقريب بين المسلمين، ومواجهة السياسة العدائية للصهيونية وللولايات المتحدة الامريكية. ويجب ان يتم ذلك من كل الجوانب، اعلاميا وتربويا وثقافيا وسياسيا واقتصاديا؛ يجب ان يدرس وان يوضع المشروع العلمي من قبل اصحاب الاختصاص، فهي عملية ناتجة عن وعي دقيق ولا يصح ان تأتي ارتجالا، لابد من دراسة عملية وتطبيقية لهذا الموضوع.
_________________________________________
حاوره: حيدر العسكري
رقم: 38606