فتح افاق التفكير امام اتباع المذاهب وفتح باب الاجتهاد يمكن ان يقرب من وجهات النظر .
المذهبيّة و العصبيّات بطريقة «فرّق تسد» لا علاقة لها بالتشيّع أو بالتسنن..
2 Feb 2011 ساعة 16:58
فتح افاق التفكير امام اتباع المذاهب وفتح باب الاجتهاد يمكن ان يقرب من وجهات النظر .
وكالة انباء التقريب (تنا) :
التأكيد على الهويّة الإسلاميّة أمام التحدّيات التي تواجه الأمّة، والتي عادةً ما لا يفرّق فيها الأعداء بين مذهب ومذهب، أو فرقة وفرقة، بل ينطلقون نحو الجميع ويلعبون على وتر التوتّرات المذهبية في سبيل التمكّن من السيطرة على الواقع من خلال ذلك. هذا ما أكده حجة الاسلام والمسلمين السيد جعفر فضل الله في حوار مع وكالة أنباء التقريب (تنا)
س : ما هي العوامل التي تشجّع التقارب بين أبناء المذاهب الإسلاميّة المختلفة وتعزّز الوحدة بين المسلمين، وما هي سبل دعم هذه العوامل وتمتينها؟
ج : هناك عوامل داخليّة وعوامل تتّصل بالخارج:أمّا العوامل الداخليّة، فيُمكن الإشارة إلى أمور:
أوّلاً: تعزيز الانتماء الإسلامي الجامع بين المذاهب الإسلاميّة، بحيث يشعر الإنسان وهو ينتمي إلى أيّ مذهبٍ من المذاهب أنّه تشيّعه أو تسنّنه أو ما إلى ذلك إنّما يمثّل قناعته الفكرية والعمليّة بما عليه الإسلام في فكره ومنهجه وحركته.. وهذا يتطلّب أن يستحضر الإنسان العناصر الجامعة، وأوّلها القرآن الكريم وسنّة نبيّه (ص). وعندما يستحضر رموزه المذهبيّة، فإنّه لا يستحضرها كشخصيّات المذهب؛ بل يستحضرها بصفتها الإسلاميّة التي كانت تتحرّك وفق قيم القرآن الكريم ووفق منهج النبيّ (ص) وسنّته..
ولذلك، عندما ندرس مثلاً ما قاله الإمام عليّ (ع) فإنّنا لا نجد همّاً لديه إلا الإسلام؛ كيف يحميه، وكيف يؤصّل فكره، وكيف يؤكّد مواقفه؛ ولذلك قال: «لأسلمن ما سلمت أمور المسلمين ولم يكن فيها جور إلا عليّ خاصة»، وقال: «فخشيت إن أنا لم أنصر الإسلام وأهله أن أرى فيه ثلماً أو هدماً تكون المصيبة به عليّ أعظم من فوت ولايتكم التي إنما هي متاع أيّام قلائل يزول منها ما زال كما يزول السراب أو كما يتقشّع السحاب».
كما أنّنا عندما نعتبر القرآن الكريم والثابت من السنّة الشريفة قاعدتنا الإسلاميّة، فإنّ ذلك أيضاً يمثل القاعدة في تقييم المواقف والأحداث والأقوال والشخصيّات، وتحديد موقفنا منها بمقدار ما تقترب أو تبتعد عن الإسلام؛ وعندئذٍ يتحوّل النقد إلى نقد موضوعي، مستند إلى قاعدة فكريّة جامعة، بحيث يفسح في المجال لحوارٍ يُدلي فيه كلّ طرف بما عنده من علم ومعرفة وفكر، ممّا قد يصل إلى التوافق أو فهم الآخر على أقل تقدير إذا لم يحصل الاتفاق فيما بينهم.
ثانياً: فتح آفاق التفكير أمام أتباع المذاهب لينطلق تفكيرهم الاجتهادي ـ الفقهي والعقيدي ـ بشكل حيويّ؛ وفتح باب الاجتهاد يُمكن أن يقرّب من وجهات النظر لدى الإنسان المعاصر، الذي ارتقى ثقافيّاً وفكريّاً وباتت لديه استعدادات مهمّة على هذا الصعيد، ممّا لم يتوفّر ـ ربّما ـ في عصور سابقة.
ثالثاً: ضبط مصطلحاتنا التي نستخدمها في هذا المجال، والابتعاد عن المصطلحات المذهبيّة؛ فكلّنا مسلمون، ونحن أمّة إسلاميّة، ولا سيّما أنّ الخصوصيّة المذهبيّة إنّما تكتسب قيمتها بمقدار ما تجسّده من الانتماء الإسلاميّ العامّ؛ بمعنى أنّنا بمقدار ما ندّعي أنّنا ممثّلين للإسلام عن طريق تمذهبنا، بمقدار ما ندّعي أنّنا الأقرب إليه من غيرنا.. وعليه، فلماذا لا نختصر المسافات؛ ليكون الانتماء المذهبي هو أشبه بالمنهجيّة التي نقتنع بها منهجاً أقوم لمقاربة الإسلام واكتشاف مفاهيمه وخطوطه، فيطغى انتماؤنا الإسلامي على انتمائنا المذهبيّ. وهذا ما يساهم في تعزيز التقريب؛ لأنّ الفضاء الذي سنتحرّك فيه كمذاهب هو الإسلام، وليس فضاء كلّ مذهب.
أمّا العوامل التي تتصل بالخارج، فلا بدّ لنا أن نعمل على عدّة صعد:
أولاً: تحديد العدوّ خارج الدائرة الإسلاميّة؛ وهو اليوم يتمثّل بالكيان الصهيوني الغاصب لفلسطين، والاستكبار العالمي الذي يحتلّ ويصادر حرّيات الشعوب؛ ومن ثمّ نعمد إلى تأكيد الهويّة الإسلاميّة أمام التحدّيات التي تواجه الأمّة، والتي عادةً ما لا يفرّق فيها الأعداء بين مذهب ومذهب، أو فرقة وفرقة، بل ينطلقون نحو الجميع ويلعبون على وتر التوتّرات المذهبية في سبيل التمكّن من السيطرة على الواقع من خلال ذلك.
ثانياً: أن يرتكز الموقف من قضايا الواقع المشتركة على أساس الربط بين الواقع وبين القيمة الإسلاميّة؛ فعلى سبيل المثال عندما نقرأ قول الله تعالى: (ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين) فلا يُمكن أن ينطلق موقف إسلاميّ ذليل في سياسة أو اقتصاد أو أمن، تجاه أيّ كان، ويُمكننا أن نبني سياستنا على أساس هذا الموقف الإسلاميّ الثابت، تجاه مجمل القضايا، ونؤكّد في الوقت نفسه على واقعيّة حركة السياسة تجاه المتغيّرات من دون تنازل عن المبادئ.
ثالثاً: عندما نقارب قضايانا في داخل أوطاننا، فلا بدّ من أن نقارب القضايا من خلال المفاهيم والقيم الإسلاميّة، من دون الاستغراق في انتماءاتنا المذهبية، قياساً بانتماء السلطة المذهبي، بحيث يتعاطف بعضُنا مع السلطة القائمة وحركتها ضد أتباع المذهب الآخر على أساس أنّنا وإياها ننتمي إلى المذهب نفسه. وهذه النقطة مهمّة جدّاً؛ لأنّ الحركات الإسلاميّة المختلفة تواجه في هذا الإطار، من قبل السلطات القائمة والجائرة، استغلالاً للانتماءات المذهبيّة، بحيث تؤدّي عمليّة الإثارة المذهبيّة التي يمارسها هؤلاء الحكّام أو السلطة، إلى إيجاد ثغرات في داخل المجتمع الإسلامي، في الوقت الذي قد لا تمثل فيه السلطة، برموزها أو حركتها أو قيمها، أيّاً من القيم التي يستند إليها أتباع كلّ مذهب، والتي ليست ـ فيما يتّصل بإدارة الحكم والسلطة ـ إلا قيم الإسلام، وهي قيم لا تختلف فيها المذاهب.
س :ـ ما هي الأمور المؤدّية إلى التفرقة والتباعد بين أتباع المذاهب المختلفة؟ وكيفية معالجتها والقضاء عليها وإزاحتها عن طريق التقارب والوحدة؟
ج : هناك عدّة أمور تساهم في ضرب مبدأ الوحدة بين المسلمين، نذكر منها:
أولاً: العصبيّة؛ وهو أن ينغلق الإنسان في فكره ومشاعره عن الإنسان الآخر، وينطلق من أسس لا ترتكز إلى القيمة الإسلاميّة أو الإنسانيّة. وطالما أنّ ما يقتنع به الإنسان هو وجهة نظره بالنسبة إلى الحقيقة، فلماذا لا نحترم وجهة النظر الأخرى، فنعترف بوجودها، وننطلق لنتحاور من موقع الاحترام لا من موقع الإلغاء.
ثانياً: إبقاء القيم الإسلاميّة في مستوى الشعارات والعموميّات وعدم تحويلها إلى أدوات قياس نقيس بها واقعنا السياسي والاجتماعي وما إلى ذلك؛ وهذا ما يفسح في المجال أمام القيادات المذهبيّة التي تلعب على وتر العصبيّات المذهبية من أجل أن تستقيم أمورها السياسيّة، على طريقة «فرّق تسد»، في الوقت الذي لا علاقة لذلك بالتشيّع أو بالتسنن..
ولعلّنا هنا نحبّ أن نضيف نقطة إلى ما قدّمناه، وهي أنّ مسألة التشيع والتسنن ليست مسألة إطار فحسب، بل هي مسألة قيم إسلاميّة لا نكاد نختلف عليها كمسلمين، وبالتالي فإنّ من يكون ممثلاً للمذهب لا يُمكن أن يكون مخالفاً في واقعه لهذه القيم؛ وكم نغفل عن ذلك في واقعنا المذهبي الخاصّ، فنفسح في المجال أمام المنحرفين عن الإسلام ليتحكّموا بنا باسم الانتماء المذهبيّ.
ثالثاً: الضبابيّة في تحديد العدوّ والصديق، بسبب عدم الانطلاق في ذلك من معايير واضحة لمسألة العداوة والصداقة؛ وبالتالي فنحن نضيع البوصلة عندما نتعامل مع المسلمين ومن هم خارج الدائرة الإسلاميّة.
رابعاً: المشكلة التربويّة الأخلاقيّة، في القواعد التي نستند إليها في التعامل مع الآخر، أيّاً كان هذا الآخر، ولا سيّما أنّ مسألة الأخلاق مسألة لا تقبل التجزئة عندما تستند إلى معايير واضحة، وتتلقّى أساساً تربويّاً راسخاً.
س :ـ ما هي ـ في رأيكم ـ الخطوات العمليّة لجعل مسألة التقارب والوحدة بين المسلمين واقعاً ملموساً وليس مجرّد أفكار نظريّة؟
ج : المسألة من الناحية العمليّة مسألة بالغة التعقيد؛ لأنّها ذات بُعد سياسي واجتماعي، تاريخي ومعاصر، وذات بعد عقدي وديني، وأيضاً ذات بُعد فقهي. وبالتالي، فإنّ ما أثرناه ونثيره على المستوى النظري، إنّما هو ليشكّل قاعدة للوعي الذي يشكّل الأرضيّة للتحرّك العملي الذي تقوم به الشعوب من أجل التقارب والوحدة.
ولكن، إضافة إلى ما سبق، أعتقد أنّ جهداً ينبغي أن يتوجّه إلى المدارس والمعاهد الدينية التي يقع على عاتقها إعداد العلماء وخطباء المساجد، لكي تمارس نقداً لمناهجها التي استبعدت الآخر، وحاولت أن ترسم له صورة حُمّلت كثيراً من سلبيّات التاريخ، الذي اختلط فيه الديني بالسياسي بغيرهما، ومارست النقاش «العلمي» له على طريقة تسجيل النقاط، ممّا لم ينتج لدينا نقلة نوعيّة على مستوى الحراك العلمي الموضوعي الذي يتحرك وفق كثير من الثوابت والقيم المشتركة بيننا كمسلمين.
س ـ ما هي واجباتنا ـ كمسلمين ـ في مواجهة مخططات أعداء الأمّة الإسلامية لبث الفرقة والبغضاء بين المسلمين بهدف السيطرة عليهم ونهب ثرواتهم ومقدّراتهم، وبالتالي تفويت الفرصة عليهم وعلى مآربهم ومخططاتهم؟
ج : ذكرنا أنّ من الضروري تحديد هؤلاء، وهم قطعاً خارج الدائرة الإسلامية بالدرجة الأولى؛ فلا ينبغي أن نُخدع يوماً أن للشيعة مشروعاً لضرب السنّة، أو للسنة مشروعاً لضرب الشيعة؛ بل المسألة أن للمستكبرين، سواء كانوا منظمات دولية أو دولاً كبرى أو وسطى أو سلطات محلية، هدفها أن تحقق مكاسبها ومطامعها، وهذا لا يكون إلا عبر بث الفرقة والنعرات المذهبية بين المسلمين، واللعب على كل الانقسامات الطبيعية لتغدو انقسامات قابلة للاستثمار في حركة السياسة الدولية والإقليمية.
إنّ الاستكبار العالمي والطغيان المحلي، يُدرك أنّ إشاعة قيم العزّة والحرّية والكرامة والقوّة لن تعود بالنفع عليهم؛ وإنّما ستوحد الجهود الإسلاميّة ضد مصالح هؤلاء الذين يريدون فرض الذلة والعبوديّة والضعف على كل الواقع الإسلامي.
ليس من شكّ أنّ المشكلة صعبة ومعقدة؛ ولكنّ بداية المسير لتحقيق الهدف خطوة في الاتجاه الصحيح.
س :ـ ما هي الطريقة المثلى في معاملة الأقليّات المذهبية في الدول الإسلاميّة لجعل هذه الأقليّات تتمتع بحقوقها وممارسة شعائرها وتندمج في هذه المجتمعات؟
ج : الإسلام انطلق في تعزيز القيم المتّصلة بالحياة العامّة من خلال القيم الإنسانيّة الفطرية التي تلتقي عليها الأديان والاتجاهات الفكرية المختلفة؛ كما أنّ الذي ينطلق ليُعلن أنّه يملك الطرح الأقوى والفكر الأقوى لا ينبغي أن يتلبّس بالظلم للأقليّات؛ لأنّه «إنّما يحتاج إلى الظلم الضعيف». وإذا كان هؤلاء من أهل الكتاب، فالإسلام دعا إلى بناء القاعدة المشتركة، وهي قيم الرسالات السماوية، في سبيل بناء المجتمع، وإذا كانوا من أتباع المذاهب الأخرى، فالقيم الإسلامية هي الحكم فيما بينهم؛ لأنّ المسلمين تتكافأ حقوقهم ومواقعهم من خلال الإسلام.
س : ـ كيف يمكن مساعدة الأقليات المسلمة في الدول غير الإسلامية للمحافظة على خصوصيّاتهم وممارسة شعائرهم وحمايتهم من التأثيرات الانحرافيّة؟
ج : هذا الأمر رهنٌ بحركة ذات طابع اجتماعي؛ بمعنى أنّه ينبغي أن يقوم المسلمون بتأسيس المؤسسات التي تؤمّن تغطية الحاجات الأساسيّة، سواء في المجال الديني أو الاجتماعي وحتى الترفيهي، لكي يبقى المسلمون على تواصل فيما بينهم.
ثمّ أن يدرس المسلمون التحديات التي تعصف بالمجتمعات التي يعيشون فيها، ليكونوا فاعلين من موقع تأكيد القيم الإنسانية الحضارية التي يقدمها الإسلام في الحياة العامّة؛ ليشعر الآخرون أن المسلمين يملكون فكراً يمكن أن يُناقَش من موقع الاحترام، وليسوا فئة فارغة من أي مضمون فكري أو حضاري لا يمكن أن يشارك بفاعلية وغنى في الحياة العامّة.
وغني عن القول إنّ العائلة في المجتمعات غير الإسلامية تلعب دوراً مركزيّاً في تأمين استمراريّة القيم في حياة أفرادها.
س : ـ من المعلوم أن الفتاوى التكفيرية تؤدي إلى الفرقة والعداوة بين المسلمين، ما هي ـ في نظركم ـ سبل معالجة هذه الظاهرة الغريبة عن الأخلاق الإسلاميّة السمحاء ومكافحتها والحد من تأثيراتها السلبيّة؟
لا إشكال أن هناك صورة مشوهة يحملها أتباع كل مذهب عن المذاهب الأخرى، تشكلت بفعل التراكمات التاريخية، وينبغي علينا أن نعمل على تصحيح هذه الصورة. هذا أوّلاً.
وثانياً: علينا أن نؤكد على كل الأحاديث الشريفة الصادرة عن رسول الله (ص) بما يشير إلى أن مبدأ التكفير هو مبدأ مرفوض إنسانيّاً.
وإضافة إلى ذلك، لا بدّ من البحث عن العوامل التي تحتضن وتغذي هذا الفكر التكفيري، لنعمل على معالجتها بالطرق المناسبة؛ وقد يكون منها عوامل اقتصادية واجتماعية وسياسية وغيرها.
س : ـ كيف نتعامل مع المسائل الخلافيّة فيما بين الدول الإسلاميّة؟ وكيف يمكن تقريب وجهات النظر حول قضايا الساعة، كفلسطين والعراق ولبنان والسودان وأفعانستان وغيرها؟ وهل من الممكن توحيد (أو تقريب) النظرة فيما بين هذه الدول حول المصالح المشتركة؟ وكيف ذلك؟
ج : لا إشكال بأنّ هذا خاضع لطبيعة المتغيرات التي تفرض على هذه الدول أن تتلاقى، وأعتقد أن الواقع المتغير على المسرح السياسي العالمي في ما هي موازين القوى المتشكلة، يمكنها أن تدفع في الاتجاه الذي يفرض التفكير بطريقة إيجابيّة بمصالح المسلمين. هذا على صعيد الدول.
أمّا على صعيد الشعوب، فإنّ من الضروري أن تتمّ مقاربة هذه القضايا من خلال قواعدها النظرية، إذا أردنا أن نحدد الوجهة الإسلاميّة في التعامل معها؛ لأنّ الواقع الذي يُراد فرضه على الأمة اليوم هو اعتبار فلسطين قضية قطرية، تتصل بخصوصيّتها الفلسطينية، لا بخصوصيّتها الإسلاميّة مثلاً، وهكذا سائر القضايا. ولذلك قد تجد المنطق اليوم، بفعل تعقيدات عديدة، يرضخ للسائد الذي يعتبر هذا الأمر شأناً سياسياً بحتاً له أربابه، ولا دخل للإسلام فيه من قريب أو بعيد..
وأعتقد أنّ نبض كثير من الشعوب، ولا سيما إزاء ما تحقق من انتصارات للأمة في السنوات القليلة الماضية، لا يزال خافقاً بالقوّة التي تستحضر مفهوم الأمّة في مقاربة هذه القضايا؛ وهذا ما ينبغي أن نركز عليه أيضاً.
س : ـ هل لديكم اقتراحات وآراء لتعزيز عمل (المجمع العالمي للتقريب بين المذاهب) ودعم نشاطاته لتحقيق أهدافه المرجوّة؟
ج : مع أهمّية كلّ النشاط الذي قام به المجمع خلال السنوات الماضية، ولكنّني أعتقد أنّ من الضروري أن ننتقل إلى مستوىً آخر، هو مستوى الشباب الذين هم الآن موقع الرصد والخطط الاستكباريّة، وهم موقع التغيير والأمل المستقبلي للأمّة؛ وكثير منهم بات متأثراً بروح العصر الذي انفتح على كثير من الآفاق التي ابتعدت عن تعقيدات المؤسسات الدينية التقليدية، وبالتالي هم قادرون على التقارب والتآلف وفهم بعضهم البعض بأكثر مما عليه العلماء الذين يبقون غالباً في إطار التنظير البعيد عن الواقع، والتآلف الشكلي الذي لا ينزل إلى الأرض.
س :ـ ماذا تتمنّون من (وكالة أنباء التقريب) القيام به في سبيل تعزيز التقارب والتآلف والوحدة بين أبناء الأمّة الإسلاميّة؟
ج : من الطبيعي أن أي عمل إعلامي إذ يكون من أهمّ أدواره أن يعكس الخبر، إلا أنّ أهمّ أدواره هو أن يصنع الخبر عبر صناعة واقعه؛ وأعتقد أنّ فتح المجالات أمام الكتابات والأبحاث الجديدة ـ ولا سيما من جيل الشباب ـ لتأخذ مداها في مدى الواقع الإسلامي أمرٌ مهمّ جداً على هذا الصعيد. و في الختام ندعاء لله لكم بالمزيد من التوفيق والتقدّم لما فيه مصلحة هذه الأمّة.
اجرى الحوار : ناصر حكيمي - دمشق
رقم: 38697