اكد الخبير السياسي ورئيس تحرير جريدة البناء اللبنانية الاستاذ ناصر قنديل ان الادارة الامريكية ارادت من خلال عقد مؤتمر "وارسو" ان تغطي على خسائرها السياسية في الشرق الاوسط وغرب اسيا ومن افغانستان الى اليمن ، ورفع معنويات حلفائها العرب وخاصة الخليجيين اللذين ساروا وراء ركبها على امل القضاء على محور المقاومة وتحييد الدور الايراني في المنطقة .
- مؤتمر وارسو استراتيجيا اخفاق كبير لامريكا
- مؤتمر وارسو لدفع مسار التطبيع بين العرب والكيان المحتل
- على الاحزاب الاسلامية والوطنية تحريك الشعوب للتنديد بالتطبيع العربي الصهيوني
- لا يمكن لامريكا او اي حلف عربي اسرائيلي خوض المعركة مع ايران
وقد اجرت وكالة انباء التقريب "تنا" حوارا مع الخبير والكاتب السياسي ناصر قنديل حول اهداف ومخرجات مؤتمر "وارسو" الذي عقد قبل عدة ايام ليكشف نوايا العرب الذي طالما اخفوه عن شعوبهم حول نيتهم للاعتراف بالكيان الاسرائيلي المحتل وهزائمهم امام محور المقاومة في المنطقة .
وفي هذا السياق يوضح قنديل ان احدى اهداف الولايات المتحدة من عقد هذا المؤتمر هو التعويض عن خسائرها في الحروب التي اشعلتها في المنطقة بدأ من افغانستان والى اليمن .
وتابع ان امريكا جاءت الى افغانستان لتكون قريبة من ثلاث دول اسيوية هي ايران وروسيا والصين للحيلولة دون التعاون والتقارب بين هذه الدول الثلاثة ، وفي سوريا للسيطرة على منطقة اسيا ، وفی الیمن لكسر ارادة المقاومة التي تمثلها انصار الله هناك .
الاهداف التي خططت لها الولايات المتحدة في هذه المناطق فشلت في تحقيقها حسب ما يراه ناصر قنديل واجبرت اليوم بالهروب وليس بالانسحاب وشعرت ان قرار الانسحاب سيسبب انهيار لحلفائها وخصوصا الدول الخليجية وبصورة اخص الكيان المحتل .
مؤتمر وارسو لطمأنة الحلفاء
وبسبب هذه الهزائم في السياسة والاستراتيجية الامريكية في المنطقة العربية واثارها السلبية على حلفائها ، يؤكد ناصر قنديل ان احدى اهداف مؤتمر "وارسو" هو دعم ومؤازرة ورفع معنويات الحلفاء لايحاء بان واشنطن لا زالت موجودة في المنطقة وقوية وان ايران التي تشكل قلعة محور المقاومة الذي حقق انتصارات علينا في جبهات القتال المشتعلة في المنطقة لا يزالون هدفا لامريكا وان واشنطن جادة في مواجهة هذا الحلف وان الانسحاب مجرد خطوة تكتيكية لطمأنة هؤلاء الحلفاء .
ولكن كيف تفسر باقي الدول المتحالفة مع امريكا كالدول الاوروبية وتركيا ، الذي عبّر عنها الكاتب السياسي اللبناني بالحلفاء المستقلين ، هذا الانسحاب ؟ باعتقاد ناصر قنديل ان هذه المجموعة من الدول تعرف جيدا ان الانسحب الامريكي جار وانه دليل على الفشل والهزيمة وترید ان تتخلص من هذه المعركة ، بينما الدول الخليجية وبسبب عدم استقلالية قرارها السياسي فانصاعت وذهبت الى وارسو وتموضعت الى جانب الكيان الصهيوني .
واكد رئيس صحيفة البناء اللبنانية ان المستفيد الوحيد من هذا المؤتمر هو كيان الاحتلال من خلال ترسيخ التطبيع مع الدول الخليجية والعربية لانه يعرف جيدا ان ليس بمقدوره تغييرموازين القوى بوجه محور المقاومة .
وهل خرج مؤتمر "وارسو" بقرار حاسم يراهن عليه ؟ اجاب ناصر قنديل انه يجب ان نفرق بين ثلاثة امور :
1 – هل بامكان مؤتمر "وارسو" ان يغير من موازين القوى بين امريكا وحلفائها من جهة ومحور المقاومة وحلفائها من جهة اخرى ؟ الجواب لا ، لان مكانة الولايات المتحدة وسياستها في تراجع على المستوى الاقليمي والدولي .
2 – هل يشكل مؤتمر وارسو اطارا لتوتر المناخات السياسية وتشويش الراي العام وجزءا من الحرب النفسية ؟ الجواب نعم .
3 – هل جاء مؤتمر وارسو لدفع مسار التطبيع بين الحكومات العربية والكيان الصهيوني على حساب القضية الفلسطينية وتصعيدا للحرب النفسية الاسرائيلية ضد الفلسطينيين بان "اسرائيل" لا تزال مقبولة ومشرعنة من قبل الدول العربية ؟ الجواب نعم .
وبالتالي فان مؤتمر "وارسو" حقق انجازاً على مستويين تكتيكيين ولكن على المستوى الاستراتيجي كشف عن اخفاق كبير .
وماذا عن تحالف عربي – اسرائيلي اشيع عنه لمواجهة ايران وتحييد دورها في المنطقة ؟
الخبير السياسي اللبناني يرى في هذا المجال ان الامريكان عادة يدفعون حلفائهم العرب الى الهاوية في كل الحروب التي يقررون خوضها ، ولكن في المقابل ينصحون "اسرائيل" بان تبقى بعيدة عن الحادث ولن تتدخل لان تدخله سوف يصعد الحرب وتتحول الى مواجهة عربية اسلامية اسرائيلية بسبب ان القضية الفلسطينية لا زالت تشكل القضية المركزية لكل الشعوب الاسلامية والعربية .
واوضح قنديل ان الامريكيين استخدموا هذه الاستراتيجية اي توريط العرب في حروب المنطقة وابعاد الكيان المحتل عن ذلك في الحرب التي خاضوها في سوريا والعراق وعاصفة الصحراء والتحالف الدولي المزعوم لمحاربة "داعش" ، مؤكدا انه في كل هذه التحالفات والحروب استبعدوا الكيان الصهيوني ، يدركون ان الشراكة الاسرائيلية هي عبئ على التحالف وليست مصدر قوة له .
مواجهة ايران اهم من القضية الفلسطينية !
ويرى قنديل ان الامريكين يخدعون الحكام العرب خاصة الخليجيين ، بان ايرانفوبيا والعداء ضد ايران قد لقى استقبال لدى شعوبهم حيث اصبحت المواجهة مع ايرن تتقدم على القضية الفلسطينية ، مؤكدا ان هذا التقييم الامريكي خاطئ بدليلين :
1 – تهرب بعض الوزراء العرب اللذين شاركوا مؤتمر وارسو والتقو نتنياهو مثل وزير منصور هادي الذي جلس بجانب رئيس الحكومة الاسرائيلية ووزير الخارجية العماني ، من الصحفيين ومن كاميرات القنوات التلفزيونية ليبرروا هذه المواقف بانها لا تعني التطبيع ليدل على انهم متخوفين من ردود فعل الشارع العربي والاسلامي الذي لا يزال باولوية القضية الفلسطينية ، مشيرا الى ان الشرائح التي تأثرت بالتعبئة ضد ايران لم تقدم المعركة مع ايران على المعركة من اجل تحرير فلسطين .
2 – اذا كانت القضية الفلسطينية لم تعد اولوية بالنسبة للمجتمعين في "وارسو" اذن لما يصرّون على تمرير صفقة القرن ، ليتجاوزوا هذه القضية ويقولوا للشعوب ان هذه القضية لا تعنينا . ولكن لا يستطيعون ان يقولوها بصراحة لانهم يدركون انهم سوف يواجهون رفض شعوبهم لهذه المواقف ولهذا يسعون تحميل الخيانة على شريك فلسطيني يحملونه مسؤولية التنازل عن القدس وقبول الشروط الاسرائيلية المسمى بصفقة القرن .
الشعب الفلسطني تأثر بمحور المقاومة
رئيس تحرير جريدة البناء اللبنانية اكد في هذا السياق ان الشعب الفلسطيني الذي تأثر بانتصارات محور المقاومة والمدرك لموازين القوى شكل رادعا يحول دون اي شراكة لاي فلسطيني في المندرجات التي تريدها امريكا وكيان الاحتلال ومعها حكام الخليج (الفارسي) لتصفية القضية الفلسطينية .
واشار ناصر قنديل الى ان التحالف الخليجي الاسرائيلي كان قائماً عملياً منذ سنوات مستشهدا بحرب تموز 2006 عندما طلبت الدول الخليجية ، حسب ما صرحت به "تسيبي ليفني" وزيرة خارجية "اسرائيل" انذاك ، من الكيان الصهيوني تشديد القصف والدمار ضد غزة .
وعن تشكيل تحالف عربي – اسرائيلي معلن وبدعم من امريكا كمرحلة سياسية جديدة لطوي القضية الفلسطينية لتضع المعركة مع ايران مكانها ، اكد الخبير اللبناني ان الوقائع والظروف الراهانة تثبت انهم اعجز من اي يتمكنوا تحقيق ذلك .
التطبيع العربي – الصهيوني
ويرى ناصر قنديل ان التطبيع العربي مع الكيان الصهيوني الذي تتمناه الدول الخليجية لا يمكن ان ينهي القضية الفلسطينية كما يراه بعض المراقبين لان الذي يمسك زمام المبادرة هو الشعب الفسطيني الذي رسم خطوط المعادلة لقيادته وهو انه من يذهب ليتنازل عن الحقوق الفلسطينية سيقتل ، مستشهدا بمساعي محمد دحلان لاقناع القيادات الفلسطينية لتمرير صفقة القرن الا انه لم يجد اي استعداد من قبل القيادات الفلسطينية للتوقيع على صفقة القرن او حتى الشراكة في هذه الصفقة .
ودعا الخبير السياسي اللبناني كافة الاحزاب الاسلامية والوطنية والقومية على مستوى العالم الاسلامي بان يرفعوا صوتهم عاليا ويحثوا شعوبهم للخروج والتنديد بعملية التطبيع العربي الاسرائيلي الخياني ، وان تحذّر من اي مساس بحقوق الشعب الفلسطيني وان ترسم معادلة وهي من لا يستطيع نصر الشعب الفلسطيني لتحرير ارضه ليس له الحق ان يتكلم باسم الفلسطينيين ، وتحميل الحكومات المطبّعة مسؤولية كل المصائب والمحن التي يتحملها الشعب الفلسطيني من جراء الحصار واهماله من قبل الدول المطبعة .
واستبعد قنديل اي معركة امريكية كانت او عربية اسرائيلية ضد ايران لان مثل هذه الحرب سوف يحوّل دول الخليج الفارس الى قواعد متقدمة للجمهورية الاسلامية وتتحول هذه الدول الى حطام امريكا والكيان الصهيوني ، مشيرا الى ان الولايات المتحدة عندما قررت الخروج من سوريا وافغانستان وانهاء العدوان على اليمن مع انها كانت تعتبر معارك فرعية فكيف بها تخوض ام المعارك مع ايران .
السياسة الايرانية في تعاملها مع الملف النووي والصراعات في المنطقة ابدت درجة عالية من الحكمة وعدم الوقوع في الاستفزاز ومن القدرة على تظهير القوة عند الحاجة وبالمقابل على اظهار المرونة والاستعداد للانفتاح ، وهذا يدل على ان القيادة الايرانية تدرك خطورة تحويل المعركة السياسية مع الحكومات الى تحريض الشعوب من اجل تحقيق نوايا ومصالح الحكومات المعادية وتحويل الخلافات السياسية الى نزاع عربي فارسي او سني شيعي .
اجرى الحوار : محمد إبراهيم رياضي