مع انتصار الثورة الاسلامية انتقلت ايران من الخندق المعادي للعرب والمسلمين الى الخندق الداعم لقضاياهم الاساسية .
الثورة الإسلامية احدثت انقلاباً استراتيجياً في معادلة الدور الإيراني
تنا – دمشق
2 Jun 2011 ساعة 17:13
مع انتصار الثورة الاسلامية انتقلت ايران من الخندق المعادي للعرب والمسلمين الى الخندق الداعم لقضاياهم الاساسية .
قال الأب "جان حنّا" رئيس دير القديس توما البطريركي – صيدنايا رئيس مركز اللقاء والحوار المسيحي الإسلامي فی سوریا انه أحدث قيام الثورة الإسلامية الإيرانية، انقلاباً استراتيجياً في معادلة الدور الإيراني ضمن سياق النهج الإمبريالي المعمول به منذ أوائل خمسينيات القرن العشرين المنصرم، بهدف احتواء منطقة الشرق الأوسط والسيطرة على منابع النفط، فمع انتصار هذه الثورة انهارت أهم قلاع الإمبريالية العالمية ممثلة بنظام الشاه ودوره، وانتقلت إيران من الخندق المعادي للعرب والمسلمين إلى الخندق الداعم لقضاياهم الأساسية
واضاف حنا فی تصریح لمراسل وکالة انباء التقریب فی سوریا انه کان لدى الإمام الخميني قدس سره عقيدة إيمانية راسخة، مشروعها تحرير الإنسان من كل أشكال العبودية والاستغلال مما دفعه إلى تبني نهج المقاومة للدفاع عن قضايا الأمة والمنطقة بشكل عام، وخاصة المستضعفين منهم، من مقاومة الاحتلال وعلى رأسها الاحتلال الصهيوني لفلسطين، ودعم الشعب الفلسطيني في انتفاضاته، وتأييد حق العودة لهم. ودعم جميع أشكال المقاومة الشريفة ضد كل قوى العدوان والاحتلال والاستغلال والضعف.
وما نراه اليوم من قبل الإمام الخامنئي من صمود وثبات على المواقف الوطنية ودعم للمقاومة ومناهضة الاحتلال الصهيوني والمحافظة على قضايا الأمة والمدافعة عنها ما هو إلا استمرار لفكر الإمام الخميني قدس سره ومواصلة لنهجه الثوري الإصلاحي البناء لرفع شأن الأمة وبناء المواطن وصيانة كرامته
أتت الثورة الإسلامية في إيران، على إنهاء فترة حكم الشاه في إيران ونظامه الذي كان أداة في خدمة التحالف الإمبريالي والصهيوني ويعد انتصار الثورة الإسلامية الإيرانية، انتصاراً لمجموعة شعوب المنطقة وحركات تحررها الوطني والقومي، وفي طليعة هؤلاء جميعاً، حركة التحرر العربي، بحكم تناقضها التاريخي مع نظام الشاه، وبحكم زوال هذا التناقض مع إيران الثورة ونظامها الجديد
كما أكدت الثورة الإسلامية الإيرانية على عنصرية الكيان الصهيوني ومعاديته للعالم وأنه مصدر توتر، وقوة عدوان في المنطقة، لذلك يجب مواجهته والتصدي له.
وقد وقفت إيران منذ انتصار ثورتها موقفاً مؤيداً وداعماً لقضايا العرب الأساسية المصيرية، واعتبرت الثورة في إيران أنّ قضية فلسطين من أهم القضايا بالنسبة لها، فكرست جهودها وإمكاناتها لدعم هذه القضية في المحافل الدولية وحتى في ميادين المواجهة.
كما وقفت إلى جانب المقاومة الوطنية اللبنانية ضدّ المحتل الإسرائيلي، ولم تدخر أية وسيلة في دعم هذه المقاومة، وقدمت كل أشكال المساعدة إلى أن تكللت هذه المقاومة بإخراج المحتل الإسرائيلي من جنوب لبنان وطرده مهزوماً في أيار عام /۲۰۰۰/.
وكان لإيران أيضاً دوراً إقليمياً فعال بعد الثورة الإسلامية في المنطقة، حال دون تمرير مجموعة من المشاريع، ووقفت في وجه التحالفات المعادية للعرب والمسلمين، وأعادت بعض التوازن إلى معادلات كانت قائمة واختلت بفعل الأحداث والتطورات التي عرفتها المنطقة في العقود الأخيرة من القرن العشرين المنصرم. كما أنّ هذا الدور الإقليمي الفاعل والمؤثر كان له الأثر الإيجابي في تجاوز بعض الأزمات وضبطها، والحد من تفاعلاتها وحصرها.
وستظل الثورة الإسلامية الإيرانية التي قادها الإمام الخميني، من أهم الأحداث البارزة في النصف الثاني من القرن العشرين، وستبقى شاهداً على عظمة شعب، وعبقرية قائد، أطلق شرارة انتصارها، مرتكزاً على عقيدة إيمانية راسخة، مشروعها تحرير الإنسان من كل أشكال العبودية والاستغلال.
تقع القضية الفلسطينية في صلب اهتمامات الإمام الخميني الراحل قدس الله سره، انطلاقاً مما تمثله من معانٍ دينية وإيمانية، وصولاً إلى دورها السياسي والواقعي على مستوى مصير الأمة ومستقبلها. وقد أراد الإمام الخميني قدس سره أن يعطي للقضية الفلسطينية "عقائديتها"، لأن انهزامات وانتكاسات أكثر من نصف قرن مرت بأمتنا في صراعها مع العدو الصهيوني كانت بسبب غياب "العقائدية الإيمانية".
ويؤكد الإمام الخميني قدس الله سره على أن لا يبقى ولا شبرٌ واحد من أرض فلسطين في أيدي المحتلين، بل يجب إنقاذ واستعادة فلسطين، كل فلسطين، من دنس الصهاينة، أي ما تم احتلاله سنة ۱۹۴۸، وما تم احتلاله سنة ۱۹۶۷، وبناءً عليه فليست للصهاينة أية حقوق في الأراضي الفلسطينية على حسب رأي الإمام
وتتميَّز رؤية الإمام الخميني قدس سره للقضية الفلسطينية بعدة خصائص
الأولى: أن الصراع مع الكيان الصهيوني صراع مصيري وجودي، وليس نزاعاً سياسياً أو حدودياً، يدخل في إطار المساومات الرخيصة.
الثانية: أنه صراع عقائدي ديني بين الإسلام والصهيونية، فالإمام الخميني قدس سره أدخل البعد الإسلامي والعقائدي إلى عمق الصراع مع العدو الصهيوني.
الثالثة: أنه صراع متعدد الأطراف، وبرأي الإمام الخميني قدس سره، فإن الذي أوجد إسرائيل في قلب العالم العربي هي قوة الشرق والغرب، أو بتعبير آخر قوى الاستكبار العالمي وعلى رأسهم الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا، فهما اللذان صنعا هذا الوجود وعززاه وثبتاه وأكداه وقدما له الدعم السياسي والعسكري على مستوى التأسيس.
يقول قدس سره: "لقد ولدت إسرائيل بفكرٍ مشترك، وتواطؤ بين الشرق والغرب من أجل استعمار الشعوب الإسلامية والقضاء عليها، واليوم فإنها مدعومة ومحمية من قبل جميع المستعمرين، من هنا يقول الإمام الخميني قدس سره أنه لا بد من إدارة الصراع على مستوى العمل على اجتثاث إسرائيل واستئصالها، بحيث لا يبقى لها وجود. وللإمام تعبيرات متعددة تتناول هدف استئصال هذا الكيان الغاصب، يقول قدس سره: "نحن لا نعترف بأي حقٍ لإسرائيل في الوجود"، أو تعبير "يجب أن تزول إسرائيل من الوجود"، و"يجب أن تزول جرثومة الفساد من جسد الأمة"، أو تعبير "يجب استئصال الغدة السرطانية" فلا خيار غير ذلك.
وفي النهاية سيظل التاريخ يحتفظ بذاكرته ذلك الموقف المشرف للثورة الإسلامية وقائدها الإمام الخميني قدس سره حيال القضية الفلسطينية منذ اللحظة الأولى لانتصارها، عندما قامت بإلغاء السفارة الإسرائيلية وطرد البعثة الدبلوماسية، وقدَّمت مبنى هذه السفارة إلى منظمة التحرير الفلسطينية باسم «سفارة فلسطين» مؤكدة حق الشعب العربي الفلسطيني في تقرير مصيره وإقامة دولته المستقلة على ترابه الوطني وعاصمتها القدس الشريف وحق جميع اللاجئين في العودة والتنديد بإجراءات إسرائيل لتهويد المدينة المقدسة.
رقم: 51976