واضاف "ادريس" في حوار خاص مع مراسل وكالة انباء التقريب (تنــا) بمناسبة الذكرى الـ 34 لرحيل مؤسس الجمهورية الاسلامية "الامام السيد روح الله الموسوي الخميني" (رض)، ان الامام الراحل "دشّن عصرا جديدا من الأفكار غير المسبوقة، حتى في الفكر السياسي الإسلامي وقضايا المجتمع والصراع الحضاري، وقد استطاع أن يربّي قادة فكر كبار في إيران ساهموا في إنجاز الثورة الثقافية، مثل الشهيدين مطهري وبهشتي وآخرين".
وفيما يلي نص هذا الحوار :
تنـا : ما هو دور الامام الخميني (رض) في توعية وتثقيف الأمة وإسقاط مشاريع الأعداء؟
ادريس : كان بالفعل دورا ملفتا وتاريخيا، حيث يمكن القول بأنّ العالم الإسلامي قبل الثورة ليس هو العالم الإسلامي بعدها؛ دور الإمام الخميني (رض) لا يختصر في انتصار الثورة، حيث شكلت منعطفا بما لها من تأثير إقليمي ودولي، نظرا للتراكمات التي ساهمت في هذا المنعطف، لكن دور الامام الراحل كان قديما، فالتوعية والتثقيف بدأها في ستينيات القرن الماضي، واستمر على الوتيرة إياها حتى وفاته.
لقد دشّن الامام الخميني (رض) عصرا جديدا من الأفكار غير المسبوقة، حتى في الفكر السياسي الإسلامي وقضايا المجتمع والصراع الحضاري؛ وقد استطاع سماحته أن يربّي قادة فكر كبار في إيران ساهموا في إنجاز الثورة الثقافية، مثل الشهيدين مطهري وبهشتي وآخرين.
لقد اختار الإمام رحمه الله نمطا من التفكير الإسلامي النّضالي المناهض للظلم والاستكبار العالمي كما كان يصفه، وهو بذلك نحا منحى لاهوت التحرير من منظور خاص؛ زجّ بالإسلام في قضايا التدبير السياسي ومناهضة الهيمنة، وهذا هو جوهر حركته.
تنـا : كيف تقيمون تراث وأفكار الإمام الخميني (رض) ودوره في سبيل الوحدة بين الأمة الإسلامية؟
ادريس : السياق الذي أعقب انتصار الثورة الاسلامية في ايران، فرض ضربا مما يمكن أن نسميه بمستحقات العهد الجديد الجيوسياسية، لقد رافق حرب الثماني سنوات العراقية-الإيرانية اصطفافات إقليمية ودولية، كان الهدف منها عزل ايران دوليا وإسقاط ثورتها. وقد كانت الثورة مثالية فاعلة إلى أقصى الحدود في موضوع الوحدة الإسلامية. لكن الحرب الكونية على إيران، حجبت ذلك التطلع وحالت بين تحققه بافتعال حروب طائفية ومذهبية فائقة، وذلك لأسباب جيوسياسية محض.
تنـا : كيف تنظرون إلى دور الإمام الخميني في الدفاع عن المستضعفين على صعيد العالم سيما الشعب الفلسطيني؟
ادريس : يمثل عنوان نصرة المستضعفين أهم مقومات مشروع الإمام الخميني. فكلمة المستضعفين مقابل الاستكبار العالمي شكلت موضوعة أساسية لكل خطاباته. كما أنّ القضية الفلسطينية شغلت مساحة استراتيجية في خطابه قبل الثورة وبعدها. بل تعتبر ثورته منعطفا استراتيجيا على طريق الكفاح الفلسطيني بعد أن كاد مسار التسوية منذ السادات أن ينتهي بتصفية القضية الفلسطينية.
ولا زالت المقاومة الفلسطينية مدينة لهذا المشروع في إتمام مهمّة التحرير والدفع بالكفاح الفلسطيني إلى نهاياته.
لقد اكتسى دعم كفاح الشعب الفلسطيني، لا سيما في شقه العسكري، طابعا جدّيا. ربما كثيرة هي الدول والجهات التي تدعي دعمها للكفاح الفلسطيني المسلح بالكلام والتوظيف والمزايدة، لكن الدعم الذي دشنه الإمام الخميني (رض) كان جدّيا استطاع تأمين نوع من التوازن، وهذا هو جوهر الصراع اليوم بين الغرب وإيران، فلو تخلت الأخيرة عن هذا الدعم، لاستطاعت أن تمارس دورها الكبير في المنطقة بإسناد من الغرب نفسه.
تنـا : ما هي مآرب أعداء الإسلام من وراء مخطط الـ "إيرانوفوبيا" ؟
ادريس : مخطط الـ "إيرانوفوبيا" يهدف إلى عزل الجمهورية الاسلامية جيو- سياسيا، وهو ما زاد من شدة الصراع، وساهم في تخريب المنطقة وسقوطها بيد الهيمنة الإمبريالية.
لم يكن هناك أي تصوّر ناضج وعقلاني للتعاطي مع الحدث الإيراني على أسس إيجابية. بل كانت الحرب هي قدر هذه التجربة، وبدأت المنطقة تدخل في تعقيد لم تخرج منه حتى الآن.
كل الحروب التي شهدتها المنطقة بعد ذلك، نابعة من سوء تقدير وتدبير الموقف من تلك الثورة؛ ففي نهاية المطاف وجب طرح السؤال : ماذا خسر العالم الإسلامي والعالم بأسره من خلال الـ إيرانوفوبيا التي أدت إلى الكثير من الهدر الجيو- سياسي، وعطّلت العقل السياسي والتنمية والتعايش والسلام العالمي؟!
نهاية الحوار