وأوضح السيد رضوي خلال مقابلة خاصة مع وكالة أنباء التقريب (تنا) على هامش مشاركته في المؤتمر السابع والثلاثين لمؤتمر الوحدة الاسلامية، بأن تصرفات وممارسات طالبان تغيرت بالكامل، بل احيانا ان مسؤولي طالبان يقرون ويعترفون بخطأ تلك التصرفات والممارسات السابقة.
وشدد السيد رضوي على ان طالبان اليوم تعلن رفضها للمجازر التي وقعت خلال حكمها السابق وتقول إنها لم تقتل الدبلوماسيين الايرانيين في القنصلية الايرانية في مدينة هرات وانما المخابرات الأجنبية هي التي قامت بذلك.
واستدرك قائلا: الوثائق والتقارير الدولية تؤكد أن الأوضاع الحالية تختلف بالكامل عن الأوضاع السابقة.
وحول سؤال هل أن التغيير الحالي لسلوكيات وممارسات طالبان تغييرا استراتيجيا أم انه تغيير تكتيكي وجاء نتيجة الضغوط الدولية والاقليمية التي تتعرض لها طالبان؟ أجاب، أعتقد أن طالبان تضم العديد من الاجنحة والتيارات والشخصيات التي تختلف سلوكياتها وتوجهاتها عن بعضها البعض الآخر.
وأوضح بأن في طالبان هناك مسؤولون متدينيون حقا، وهناك من لديه تصرفات فردية وشخصية طائشة، كما هو الحال في المجتمعات التي تضم العديد من الشرائح التي تختلف توجهاتها عن بعضها البعض الآخر ولدى بعضها تصرفات متطرفة.
وتابع قائلا: ولكن ما نشهده ويؤكده المسؤولون في طالبان أن هذا التغيير تغييرا استراتيجيا وليس تكتيكيا، ويؤكدون أن افكارهم قد تغيرت، ووفقا لما يقولونه حول الأفكار الجديدة فانهم يسعون الى ارساء الاسلام الحقيقي، ولكن ينبغي القول انه لم تستتب الأمور لهم بالكامل، فهم يتولون حكم البلاد بادارة شؤونها وليس بحكومة دائمية، لذلك فان افغانستان تدار حاليا بطريقة معلقة ومؤقتة.
وحول السبب الذي لايدعو طالبان الى ارساء حكومة واسعة وشاملة لكل الاحزاب والطوائف، لفت السيد رضوي الى وجود العديد من الآراء ووجهات النظر حول هذا الموضوع، ولكن ما نشهده في الساحة الأفغانية أن الكثير من القوى الأفغانية كانت تنشط في المجال العسكري وهؤلاء يقولون ان الذين ينبغي ان يحكمون أفغانستان هم الذين جاهدوا في أفغانستان وبما أننا جاهدنا القوات الأميركية فاننا أولى بالحكم من اولئك الذين لم يجاهدوا.
وأضاف: هذا هو السبب الرئيس وراء رفض تشكيل حكومة شاملة وواسعة، الى جانب ذلك هناك سبب آخر هو عدم وجود مبدأ اساسي لتشكيل الحكومة يتفق عليه الجميع، بل حتى طالبان لم تتوصل الى هذا المبدأ الاساسي، فعلى سبيل المثال يتم تداول فكرة تأسيس النظام وفق الاسلامي، ولكن على أي اساس يتم تأسيس النظام الاسلامي، هل على أساس القرآن والسنة النبوية، أم على اساس الانتخابات؟ فطالبان لا تبدي موقفا صريحا وشفافا بهذا الخصوص.
وفيما يتعلق بجناح المتشددين والمتطرفين في طالبان، فهل هؤلاء أقلية أم أكثرية في الحركة وماهو حجم نفوذهم وتأثيرهم في الحكومة؟ أجاب بالقول: بما أن هؤلاء مسلحون ولديهم ميليشيات مسلحة فمن المؤكد أنهم يتمتعون بنفوذ واسع، وعلى الرغم من أن طالبان تدعي أنها تسيطر على الأمور، ولكن لا ينبغي أن نتجاهل هذه الحقيقة وهي، أن أي تغيير كامل وجذري في الحكم فإن الذين يحملون السلاح يتمتعون بنفوذ واسع في الحكم الجديد، وأفغانستان شأنها شأن جميع البلدان التي يقع فيها تغيير جذري.
وبخصوص المتطرفين والمتشددين فهل هؤلاء يتلقون الدعم من الخارج، اعتبر السيد رضوي ان هؤلاء ينقسمون الى قسمين، فقسم من هؤلاء يريدون الوصول للحكم وأن يكونوا هم الحاكمون ولا يسمحون للآخرين بمشاركتهم في الحكم، وهناك قسم آخر وهم المتطرفون والمتشددون دينيا، وعلى الرغم من أن هؤلاء ليسوا أكثرية ولا يتمتعون بنفوذ واسع، ولكن اذا استلموا الحكم فانهم سيقومون بتغيير أوضاع البلاد وسيشكلون تهديدا للمنطقة والعالم، وأنا هنا ليس لدي معلومات دقيقة عن هؤلاء ويمكن لمن لديه معلومات أمنية وعسكرية أن يبدي رأيه في هذا الموضوع.
وحول الأوضاع الحالية في أفغانستان أشار السيد رضوي الى أن الأوضاع الحالية يمكن بحثها من عدة جوانب، فمن الناحية الأمنية فقد تغيرت بشكل كبير بعد تولي طالبان للحكم، وحاليا الأوضاع الأمنية أفضل من السابق، فقد انخفض عدد التفجيرات والعمليات الانتحارية عما كان عليه في السابق.
ورد على السؤال العرضي "لأنهم هم الذين كانوا ينفذون تلك التفجيرات والعمليات الانتحارية" بالقول: ربما.
وأشار الى أن حكومة طالبان تتحدث اليوم كثيرا عن الوحدة بين القوميات والطوائف وعموم المسلمين، وتدعو الى ضرورة الالتفاف حول الوحدة الوطنية الأفغانية.
وأردف قائلا: من الطبيعي أن تكون هناك مشاكل ونوع من الاعتراض على حكم طالبان وبعض هذه المشاكل بنيوية وتعود اساسا الى عدم وجود دستور ينظم أوضاع البلاد ويقنن تصرفات الحكومة سواء في ادارة البلاد او مع الشعب او العلاقات الخارجية والاتفاقيات وغير ذلك.
ونبه الى أن حكومة طالبان ألغت الدستور القديم ولم تكتب وتدون دستورا جديدا للبلاد، لذلك فان جميع الهيكليات لاتدري مالذي تفعله نتيجة عدم وجود دستور للبلاد.
وبشأن ما يقال أن الأميركيين قاموا بنقل داعش من سورية وليبيا ومناطق أخرى الى أفغانستان، قال: هذا ما يتحدث عنه الجميع وتتحدث عنه طالبان، غير أن الأرضية الايديلوجية التي تأسست داعش على أساسها غير موجودة في أفغانستان، فعموم السنة في أفغانستان معتدلون ويعتنقون المذهب الحنفي، وأغلبيتهم من المتصوفة، والمعروف عن المتصوفين أنهم يرفضون العنف، من هنا ينبغي القول أن الفكر الداعشي في أفغانستان فكر مستورد من الخارج، ومن الواضح من هو المستفيد من ذلك ومن الذي يدعم ذلك، فمن المؤكد أن الخارج يقف وراء داعش في أفغانستان، وليس الداخل الأفغاني.
ورد على سؤال ما اذا كانت داعش لديها تفاهمات وارتباطات مع طالبان، بالقول: من الصعب جدا القول بذلك، لأن الفكر الديني الذي يتبناه داعش بعيد كل البعد عن الفكر الذي يتبناه طالبان بل حتى المتشددين في طالبان لا يلتقون مع فكر داعش، أضف الى ذلك فان سلوكيات وممارسات طالبان في الوقت الراهن لا تلتقي مع سلوكيات وممارسات داعش.
وحول مستقبل أفغانستان، أشار السيد رضوي الى أن طالبان أمام اختبار صعب للغاية، ففي الوقت الذي تهيأت لهم الظروف لتأسيس حكومة ونظام جديد فانهم أمام تحدي كبير في تأسيس نظام وحكومة تقتصر على قومية وفكر ديني واحد دون غيره أي أن يكون الحكم حكرا على قومية وفكر ديني واحد، مما يدعو الى الاحباط والتشاؤم، ولو عملت طالبان بكل ما تقوله فان الأوضاع ستتجه نحو الأفضل، ولا يمكن التأكد من أن طالبان ستواصل المسيرة الحالية على الرغم من أن ممارساتها الحالية تختلف عن الماضي.