الكاتب السوري احمد الدرزي لـ "تنـا" : يوم القدس العالمي له نكهة مختلفة بعد طوفان الاقصى
اكد الكاتب والمحلل السياسي السوري "احمد الدرزي"، ان "يوم القدس العالمي" هذا العام، له نكهة مختلفة عن كل السنوات الخمس واربعين السابقة، منذ اعلان الامام الخميني (رض) عنه؛ مبينا انه يمكن لهذا اليوم أن يلعب دوراً مهماً بعد عملية "طوفان الأقصى"، ويكشف عن جوهر الصراع القائم بين من يسعون للاستقلال الحقيقي عن قوى الهيمنة العالمية وبين من يسعون للبقاء ضمن دائرة الهيمنة.
جاء ذلك في حوار خاص اجرته وكالة انباء التقريب (تنـا)، مع الكاتب السوري السيد احمد الدرزي، على اعتاب حلول ذكرى "يوم القدس العالمي" (اخر يوم جمعة من شهر رمضان المبارك 1445 هـ .ش / الموافق 5 ابريل / نيسان 2024م).
وفي ما يلي نص هذا الحوار :
تنـا / مالذي يميز يوم القدس العالمي، هذا العام عن الاعوام السابقة وكيف يمكن توضيفه اكثر فاكثر لخدمة قضايا الامة ولاسيما فلسطين و انهاء معاناة اهل غزة؟
الدرزي : يوم القدس العالمي لهذا العام له نكهة مختلفة عن كل السنوات الخمس وأربعين السابقة، منذ إعلان الإمام الخميني (رض) عنه، وكأنه عمل تراكمي خلال العقود الماضية ليتحول إلى شكل نوعي جديد بارتباطه المباشر بأطول حرب تخوضها قوى المقاومة في فلسطين ولبنان واليمن والعراق وسوريا ومن خلفه إيران التي تٌعتبر قاعدة الارتكاز لهذه القوى وتقدم له دعماً مالياً وعسكرياً ولوجستياً.
يمكن لهذا اليوم أن يلعب دوراً مهماً بعد عملية "طوفان الأقصى" وسقوط السرديات الطائفية للصراع القائم في المنطقة، ويكشف عن جوهر الصراع القائم بين من يسعون للاستقلال الحقيقي عن قوى الهيمنة العالمية وبين من يسعون للبقاء ضمن دائرة الهيمنة، وهذا يجعل من الصراع أوضح بعد أن تلاحمت كل تلاوين المقاومة ليس على مستوى المنطقة بل على مستوى العالم.
تنـا / الجميع يعلم بان "يوم القدس" من مبادرات الامام الخميني (رض) التي تاتي في سياق مواقف ايران الداعمة للقضية الفلسطينية، ما هو ردكم على الاصوات التي تسعى لشيطنة هذه العلاقة ؟
الدرزي : شيطنة العلاقة بين إيران "الإمام الخميني" وفلسطين، لا تأتي من فراغ، فهي إحدى وسائل وأدوات الصراع مع محور المقاومة ومحاولة إسقاطه بنزع الشرعية الدينية والاجتماعية والثورية عنه، وبالتالي ان منع كل الرافضين لقوى الهيمنة من الوقوف مع فلسطين والتعبير عن أنفسهم خلال هذا اليوم، واليوم بعد مضي عقود سقطت ورقة التين عن كل المشيطنين بعد أن برزت كل قوى المقاومة بتلاوينها الدينية والمذهبية والسياسية والوطنية المتنوعة لمواجهة كل قوى الشيطان الأكبر في كل الساحات، بما في ذلك في الساحات الخاصة بدول نظام الهيمنة العالمي، وهي مواجهة تحمل جذوراً سياسية منوعة وليست دينية فقط؛ لتقول أن إنجازات المقاومة المتراكمة خلال العقود الماضية أثبتت بأنها ذات طابع إنساني وليس دينيا مذهبيا طائفي السلوك كما يحاول المشيطنون أن يثبتوه.
تنـا / ما هو سبب ديمومة "يوم القدس العالمي" واتساع اثاره على مدى العقود الاربعة الماضية، وما هو رمز الابقاء على هذه الاستمرارية؟
الدرزي : هناك أكثر مناسبة لديمومة هذا اليوم؛ السبب الأول، هو وجود قيادة إيرانية منذ نجاح الثورة الاسلامية، والتي جعلت فلسطين من الأسس الثابتة للنظام السياسي الجديد في إيران الثورة، واعتبرت التخلي عن فلسطين بانه تخلّ عن الشرعية التأسيسية للنظام الإسلامي، وبالتالي السماح لتغيير بنية النظام السياسي في إيران لمصلحة نظام الهيمنة الغربي والعودة بإيران إلى مرحلة ما قبل الثورة كوكب صغير يدور حول مركز النظام الغربي، وبمعنى آخر فقدانها لاستقلالها وحرية خياراتها بنهضتها التنموية.
السبب الثاني، هو النجاح العائد لقوى المقاومة في لبنان وفلسطين واليمن والعراق، في سياق تثبيت وقائع حقيقية على الأرض من خلال مواجهاتها لقوى الاحتلال المتنوعة في بلدانها، مما أكسبها قاعدة اجتماعية واسعة تؤمن بقضاياها ومنها، "يوم القدس العالمي" الذي أخذ بعداًرمزياً لمواجهة الطاغوت الغربي من خلال الرمزية الأكبر لنتائج هذا الطغيان المتمثل بفلسطين المختزلة برمزية القدس ويومها العالمي.
السبب الثالث، هو توسع المؤمنين بقضية فلسطين ورمزيتها العالية في الصراع بين بقاء نظام الهيمنة الغربي الطاغوتي وبين الرافضين له والباحثين عن نظام عالمي أقل شروطاً وأكثر عدلاً.
تنـا / الكيان الصهيوني يواصل جرائم الابادة في غزة رغم قرار مجلس الامن ومحكمة العدل الدولية بوقف الحرب والسماح بايصال المساعدات الانسانية الى القطاع، هل السبب يعود الى تقاعس المسلمين والعرب لردعه او مسايرة المجتمع الدولي معه؟
الدرزي : تكشف جرائم الإبادة المستمرة في غزة حتى الآن، عن طبيعة الصراع الوجودي الصفري بين النظام الغربي المهيمن بقيادة الولايات المتحدة وبين كل القوى العالمية التي تسعى للاستقلال الاستراتيجي، وخاصةً قوى محور المقاومة التي تقوم بمهام رأس الحربة في مواجهة الشيطان الأكبر، وبنفس الوقت تكشف عن حجم الفجوة بين القائمين والقاعدين في العالم الإسلامي؛ وقد يكون أحد أهم أسباب قعودهم رغم تعاطفهم مع فلسطين هو وجود أنظمة سياسية حاكمة تخشى من تحولات اجتماعية مناهضة للنظام الغربي وجرائمه بما يدفعها للانتفاض في وجه مسؤولي أنظمتها الذين اختاروا أن يكونوا ضمن المقبولين في دائرة الطغاة العالميين.
السبب الثاني، لهذا التقاعس والقعود، هو غياب القيادات المجتمعية المؤطرة ضمن تنظيمات وأحزاب وجمعيات تستطيع أن تقودهم للتعبير عن موقفهم الحقيقي والاحتشاد للضغط على مسؤوليهم ليأخذوا دوراً إيجابياً بالوقوف مع فلسطين.
السبب الثالث، مرتبط بالأوضاع المعيشية في الكثير من البلدان التي تعرضت لعمليات إنهاك مستمرة بالحروب العسكرية الاقتصادية، وهذا ما يمكن أن نلاحظه في سوريا.
انتهى