باحث سياسي لبناني لـ "تنـا" : الوعد الصادق بدا مع انتصار الثورة الاسلامية في ايران
يرى الكاتب والباحث السياسي اللبناني "ناجي امهز"، بان عملية "الوعد الصادق" البطولية والعقابية التي نفذتها الجمهورية الاسلامية الايرانية قبل نحو اسبوعين في عقر دار الكيان الصهيوني ردا على عدوانه الغاشم الذي طال القنصلية الايرانية في دمشق، يرى ان هذه العملية تمتد بجذورها الى فترة انتصار الثوره الاسلاميه المباركة في ايران، والتي بدات ترسم خطوطا جديدة على كافه المستويات، وقلبت الطاوله على نظام استعماري كان يعمل منذ قرون لاجل تثبيت هيمنته وسرقة ثروات المنطقة.
جاء ذلك في حوار خاص اجرته وكالة انباء التقريب بين المذاهب الاسلامية (تنــا) مع الاستاذ "ناجي امهز"، حول عملية الوعد الصادق وتداعياتها.
وبشان تطلعاته قبال مرحلة ما بعد "الوعد الصادق"، وهل من احتمال بوقوع نماذج مماثلة في دول اخرى؟ لفت الباحث اللبناني، بان "ما حصل مؤخرا في العالم العربي والاسلامي وعلى مستوى الشرق الاوسط، حتما كانت له تداعيات كبيرة على النظام العالمي"؛ موضحا ان عمليه "الوعد الصادق"، تحولت الى نهج يؤكد بان الشعوب قادره على ان تحرر ارضها وان تفرض قرارها وان تشارك في صناعة مصيرها بعيدا عن كل ما كان مالوفا طيلة العقود السابقة".
واضاف : لا شك ان ما يجري في المنطقه اليوم، هو بفضل ما قدمته الجمهوريه الاسلاميه في ايران لحركات التحرر وللمقاومة، فما حصل عام 2000 م (تحرير الجنوب اللبناني) وما حصل بعده، بما في ذلك حرب الـ 33 يوما عام 2006 م، وايضا ما حصل داخل فلسطين المحتله من تعاظم اقتدار المقاومة، هو يندرج ضمن هذا "الوعد الصادق" الذي بدات جذوره مع انتصار الثوره الاسلاميه في ايران المباركه، والذي بدا يرسم تلك الخطوط على كافه المستويات، وقلب الطاوله على نظام استعماري كان يعمل منذ قرون من اجل تثبيت هيمنته وسرقه ثروات المنطقة.
ومضى الى القول : حتى التوازن العالمي بعد انهار الاتحاد السوفيتي، كان نتيجة لما بدات به الجمهورية الإسلامية في ايران، وما نشاهده اليوم من صمود روسيا، وايضا تحرك وتفاعل المنطقة الاقتصادية الصينية، وما نشاهده في العالم العربي من بضعه الاف من الرجال المؤمنين الذين علمتهم الثوره الاسلاميه الثبات والوقوف والتضحيه، هو بفضل هذه الجمهوريه الاسلامية وهذه الثوره المباركه التي وضعت التوازن الاستراتيجي الجديد في المنطقه.
واكمل في هذا الصعيد، "نحن نشاهد بان الوعد الصادق، اصبح حقيقة على كافه المستويات العسكريه والسياسيه وحتى الاقتصادية".
وردا على سؤال، بانه كيف يستطيع محور المقاومة ان يجني ثمار "الوعد الصادق"، وخاصة في ظل الترحيب العالمي الذي تعاقب عليه؟ اكد الاستاذ امهز، بان "محور المقاومه لم يعد بحاجه للحصول او لجني ثمار الوعد الصادق، بل اصبح هذا الامر يطبق فعليا عندما نقارن ما بين العدو الاسرائيلي في الامس وما كان يحصل عبر مستوى سيطرته على المنطقة وحتى على العالم من خلال اللوبي الصهيوني، ومرحلة ما بعد انتصارات المحور المقاوم المتعدده، رغم ان العالم هبّ لنجدة هذا الكيان باعتباره "القاعده العسكريه الامبرياليه الراسماليه المتقدمة التي لا تقهر".
واوضح : لذلك فإن عملية انتاج وحصد كل ما قدمته عملية "الوعد الصادق" او حتى استراتيجيتها العسكريه طويله الامد الممتدة لنحو اربعه عقود من الصراع مع الاستكبار العالمي، تؤكد بانها اصبحت قاب قوسين او ادنى من تحقيق النتائج العليا ليس فقط على مستوى جني الثمار بل، نحن على وشك ترسيخ هذه الرؤيا السياسيه الاستراتيجيه عالميا.
ونوه الخبير السياسي اللبناني، بان ما ظهر في اليمن اليوم كان "وعدا صادقا"، حيث اثبت هذا البلد شجاعته وقدرته وقوته وحكمته، وايضا خلق معادله بان حصار غزه مقابل حصارالمرافئ في الكيان الغاصب الصهيوني؛ فكانت هذه قمة المعادلات التي انتجها "الوعد الصادق" والتي جعلت من اوروبا وامريكا، تعلم بانها امام متغير حقيقي اكبر من الشرق الاوسط، وبان الاقتصاد العالمي قد لا يستطيع ان يمر لا من البحر الأحمر ولا من باب المندب.
واستطرد قائلا : الوعد الصادق لم يعد في مرحله جني الثمار، بل نحن اليوم في مرحله صناعة هذه الثمار وتحويلها الى قوة حقيقية ربما قد تكون في مرحلة قريبة جدا، جزءا من السلطة ان كان على مستوى فلسطين المحتلة او في لبنان وسوريا وفي كافه محور المقاومه الذي يتصاعد يد قوته وحضوره وفاعليته..لذلك المعادله الاساسيه اليوم، هي ان الوعد الصادق قائم وهو يحقق هذا الانتصار رويدا رويدا وقد تجاوز ما يعرف به جني الثمار.
وحول الرد "الاسرائيلي" الهزيل على الوعد الصادق، فعلق الاستاذ امهز، بان الكل يجمع، خاصه اللجان العسكريه وايضا القوي الاقليميه ومنها صناع القرار العالمي، ان الرد الايراني على ما قام به العدو الصهيوني في سوريا من خلال قصفه القنصليه الايرانيه، كان ردا غير مسبوق، وهناك اجماع بأن هذا الرد المزلزل الكبير الذي تم باستخدام طائرات مسيره وصواريخ باليستيه، وما ترتب عليه من توقعات بشأن انطلاق مرحله كان يمكن ان تشترك فيها كافه الجبهات المحيطه في الكيان الغاصب الصهيوني، وان تكون هناك الالاف من الصواريخ في لحظة واحدة مما يعني بانه ربما قد ينتهي هذا الكيان، لقد بعث هذا الرد رساله بضخامتها وعظمتها وقدرة وضوحها السياسي والعسكري، من ان ايران اعلنت جهارا انها قامت بالرد على العدوان الصهيوني بعد ان تقاعست الدول والامم المتحده عن دورها، وانها قدمت بهذا الرد نموذجا امما وعالميا بشان الدفاع عن القانون الدولي.
واردف : بالمقابل لم يستطع العدو الصهيوني الذي ادرك خسارته، الا ان يقوم برد هزيل، وعليه فلم يعترف حتى اللحظه، بان الرد كان من قبله بل هناك ما يتم تسريبه بقوه الاعلام العالمي من ان هذه المسيرات الصغيرة الى لم يتجاوز حجمها نصف متر، قد انطلقت من بعض الدول المجاوره للجمهوريه الاسلاميه في ايران؛ مما يعني ان "الاسرائيلي" علم بان رده هزيل للغاية مقارنة بمساحه ايران العظمى التي تتجاوز 1,800,000 كلم.
وتابع الاستاذ امهز : للاسف الشديد، وبالرغم من هذه المعادله السخيفة والفاشلة بكل المقاييس، والتي لا يسمع لها صوت ولا رد فعل، ولو لم يتحدث بها الاعلام لما اصلا شعرنا بان العدو الصهيوني اقدم عليها، مما شكل اكبر برهان على هشاشه الكيان الصهيوني الغاصب، لكن هناك قوى التطبيع العربية التي طبّلت وهرولت وتغنت بالرد الاسرائيلي الهزيل، الا ان الشعوب العربيه ادركت بان ما قام به العدو الصهيوني هو سخيف لدرجه انه لا يتجاوز حتى ما يعرف بلعب الاطفال، واعلنت بقوه ان الجمهوريه الاسلاميه الإيرانية اصبحت اليوم هي اللاعب الاساسي وهي التي ترسم خطوط الطول والعرض والمعادله العسكريه في منطقه الشرق الاوسط، وعلى كافه المستويات حتى بوجود بعض الاساطيل الامريكيه والاوروبيه في البحر الابيض المتوسط.
كما اشار الخبير السياسي اللبناني، الى ان "اصحاب العقول الخفيفه التي وصفت الرد الايراني بالمسرحية، لا تعلم شيئا بعلم السياسه ولا استراتيجيات العسكر"؛ مبينا "ان الجمهوريه الاسلاميه في ايران قالت بالعلن انها سوف تقصف تل ابيب، وقد نفذت هذا الوعد، كما سبق لها بان قصفت قاعده عين الاسد عندما ارادت ان تردّ على الامريكي".
واوضح : لقد حاولت انظمة عربية طوال قرن من الزمن، ان تطبل وتهول وتعظم الكيان الغاصب الصهيوني، وتروج بان لديه "جيش لا يقهر"، لكن جاءت الجمهوريه الاسلاميه وكسرت هذا الصوت، وهمشت صورته وحطمت جبروته وقلصت مساحته، وبالتالي هزمته في فلسطين المحتلة، وفي كافة بقاع منطقه الشرق الاوسط.. ايران الثورة استطاعت ان تنال من العدو الصهيوني باسلوب ربما الكثير يدرك بانها، لم تستخدم في صراعها مع العدو الصهيوني الا جزءا قليلا من قدرتها العسكرية والسياسية والدبلوماسية.
ومصى الى القول، انه "تحسبا من هذا الموقف الصارم، اعلنت امريكا اليوم مرارا وتكرارا على لسان رئيسها بايدن، انها لن تشارك العدو الصهيوني بمعركه ضد الجمهوريه الاسلاميه في ايران، لان الجميع يدرك ان ايران صاحبه اليد العليا وهي القادرة على ان تغير المجرى والمصير وشكل الشرق الاوسط كما تريد".
وردا على سؤال حول "طبيعة العلاقة بين الانظمة العربية مع الغرب في مرحلة ما بعد الوعد الصادق"، تطلع الاستاذ امهز، بان الغرب قد يتخلى في غضون سنوات قليله عن العالم العربي؛ مما يعني بانه لا يتردد بان يقول لهؤلاء الحكام كما قالها "ترامب" منذ فترة، "اننا فقط نقف معكم مقابل الأموال التي تدفعونها لنا".
واضاف : اعتقد في المرحله القادمه، وبعد ان فشل هؤلاء الحكام العرب او هذه المنظومه العربيه بتحقيق المطالب الغربيه وان تكون خادمة مطيعه للغرب وان تنجح في المهام التي وكّلت اليها، قد يعلن الغرب وفي مقدمته امريكا بحلول العام 2027م، فك اي تحالف مع هذه الانظمة، وربما قد يسعى الى تفكيكها وضرب مصالحها؛ مبينا ان هناك عده نقاط اساسيه تؤكد بان الدور العربي فشل في تحقيق المصالح الغربية، وفشل ايضا في تحقيق اهداف السياسه الامريكيه رغم كل ما قدمته امريكا لهم وما هم قدموه لامريكا.
وختم المحلل السياسي اللبناني الاستاذ "ناجي امهز" : ان الخداع الغربي والعربي المتماثل فيما بينهما، كان يمنع الشعوب والدول من التضامن مع تطلعات الجمهوريه الاسلامية ولكن في نهاية المطاف ومن بعد سقوط اقنعة الغرب وفضح الكذب والخداع الذي يمارسه، سوف يلتحق الجميع بالمحور المقاوم وبالجمهوريه الاسلاميه الايرانية، وربما قد يكون بدأ هذا الارتباط من خلال الوفود الكثيرة التي تلتقي بين حين واخر مع احدى الشخصيات الرسميه في ايران.
انتهى