قال رئيس مكتب حزب الفضيلة الإسلامي العراقي في ايران علي الازيرجاوي : امريكا تتبع سياسة السيطرة على مناطقنا الاسلامية، من خلال تاسيس ودعم وتجهيز الحركات المسلحة والتكفيرية للقيام بعمليات ارهابية تحت شعار "العداء لامريكا"، لكن في الواقع هي لضرب المسلمين في المنطقة واحداث فوضى وصراع وتقاتل فيما بينها، ثم لتعود امريكا تحت غطاء "المخلص" لمحاربة هؤلاء الارهابيين.
جاء ذلك في تصريح لممثل حزب الفضيلة العراقي خلال ندوة حوارية استضافتها وكالة انباء التقريب (تنـا)، لاستعراض التطورات الاخيرة بالمنطقة، وتحديدا الوضع الراهن في غزة ولبنان، وسوريا ما بعد الاسد.
ولفت الازيرجاوي، بان التطورات الاخيرة داخل سوريا لا یمکن مقارنتها مع ما جرى خلال العام 2011 م، وذلك نظرا لاختلاف الظروف الراهنة والتي سمحت للعدو ان يتمكن من الاطاحة بنظام الاسد، ونتيجة للتداعيات التي حصلت في هذه الفترة؛ منها الحرب الصهيونية الشعواء على الشعب فلسطيني في غزة وعلى لبنان ومحاولات امريكا المستمرة لفرض مشروع "شرق اوسط جديد"، وهي تتحين الفرص لتنفيذ هذا المخطط.
وتابع السياسي العراقي، انه في السنوات السابقة حاولت واشنطن من خلال افتعال الحروب، ان تثير الازمات لكن الدول عبرت عن مواقفها المناهضة لهذا التحرك، الا ان ما حصل في سوريا حقيقة هو ليس من باب المفاجئة، بل كان متوقعا لعدة اسباب : -
السبب الاول – المستجدات ما بعد احداث 2011 و2014، والتي صاحبتها ردود فعل من قبل سوريا والجمهورية الاسلامية الايرانية والعراق ولبنان، لدحر الارهاب الذي كان قد هاجم سوريا ومن ثم العراق، وتحييده؛ وكانت هناك دوافع معنوية ودينية ووطنية بهذا الاتجاه.
السبب الثاني - بعد اتفاق استانة الذي وضع شرطا لترك مناطق خارج نفوذ الحكم السوري، يعني المناطق الشمالية لقسد ومنطقة ادلب على الحدود التركية ومناطق اخرى، استحوذت عليها مجاميع مسلحة، وقد اغلقت تلك المناطق على الجانب السوري، بينما كانت مفتوحة على الجانب التركي؛ مما مهد للمسلحين الظروف من اجل تلقي التدريبات والعدة والتمويل والاستعداد لليوم الذي حصل في الهجوم على سورية.
السبب الثالث – يعود الى تهالك النظام السوري جيشا ومؤسسات، بسبب العقوبات الاقتصادية والحرب التي لم تتحملها سوريا لولا دعم الاصدقاء على الخط؛ لذلك كان الانهيار واضحا في الجيش السوري ومؤسساته وحصل ما حصل.
السبب الرابع – يتعلق ببشار الاسد، وكما يقول المثل العربي، "المؤمن لا يلدغ من جحر مرتين"، حيث ان الرئيس السوري المخلوع تعرض للدغة في المرة الاولى عندما تقارب مع دول عربية حاولت فصله عن ايران ومحور المقاومة، حيث اندفع في هذا السياق فحصلت التظاهرات والاعمال المسلحة داخل سورية في العام 2011م؛ وكما قلنا، لولا وقوف الجمهورية الاسلامية وحتى روسيا والعراق ولبنان لما صمد النظام السوري انذك.
وفي هذه المرة ايضا، اي بعد "عودة سورية الى الحضن العربي" واستعادة مقعدتها في الجامعة العربية ومؤتمراتها، اندفع بشار الاسد من جديد نحو كلمات تخدم مواقف بعض الانظمة العربية فسقط في الحفرة مرة اخرى، لكن هذا السقوط يختلف عن سقوطه السابق باعتبار انه كان هناك التحضير لاستحواذ قوة جديدة على البلاد، والمتمثلة في الجماعات المسلحة التي كانت قد تدربت واستعدت لهذه المرحلة.
اضافة الى ذلك، هو وجود ظرف خاص، اي الحرب على غزة ولبنان وبالتالي كان التوقيت مناسبا يعني في يوم اعلان وقف اطلاق النار مع حزب الله، حدث الهجوم من جانب ادلب صوب العاصمة السورية، وكانما كل شيء كان معد له وعليه فقد تم الاطاقة بالاسد بسهولة من دون اي مقاومة للجيش او القوات الامنية التابعة للنظام.
وتعليقا على الاصوات التي تزعم ان "دماء الشهداء ذهبت سدى بعد وقف النار في لبنان والاطاحة بنظام الاسد في سوريا"، نفى الازيرجاوي ذلك قائلا : هذه الدماء الزكية لم تذهب سدىً؛ مبينا ان الشهيد هو من يدافع عن نهج المقاومة ويقاتل في سبيل الله، وهذا نهج لايزال قائما ولم ينته، وبالتالي فإن شهداء المقاومة لم يضحوا من اجل بشار الاسد، بل ارتقوا لاعادة التوازن وتثبيت الوجود الاسلامي والشيعي في المنطقة؛ الشهداء مضوا نحو هدف سام، لا مآرب سياسية.
وفي اشارة الى التهديدات التي تواجه العراق خلال المرحلة الراهنة، اوضح رئيس مكتب حزب الفضيلة الإسلامي العراقي، ان مصدر تلك التهديدات يعود الى الثنائي الإسرائيلي الأمريكي، وذلك على خلفية مواقف المقاومة العراقية المناصرة لغزة ولبنان والمعركة التي خاضتها وفاء للقضية الفلسطينية.
واضاف : هذه التهديدات لا تعني شيئا، بل التهديد الرئيسي للعراق يأتي من جانب الارهاب وداعش؛ طبعا مع اعتبار تماسك الدولة العراقية الان، لم يعد هذا التهديد ايضا كما كان عليه سابقا؛ فالدولة العراقية اليوم اصبحت اقوى من ذي قبل ومستقرة سياسيا وامنيا ولديها سيطرة تامة على كل مناطق البلاد من الشمال الى الجنوب، كما تفرض الامن على الحدود فلا يمكن لداعش الذي انهزم بالسواعد العراقية ان يعود مرة اخرى.
ولفت الازيرجاوي الى القول : نعم توجد مجاميع ارهابية بسيطة هنا وهناك، حيث يقوم الجيش والحشد الشعبي العراقيين، بمعالجتها على الدوام، اذا لا يمكن اعتبار ذلك تهديدا؛ ولعل هناك من يقول ان "المجاميع المسلحة في سورية تمثل تهديدا للعراق"، والرد على ذلك، هو ان تلك المجاميع المسلحة هدفها الظاهر حاليا هو بناء دولة وتعزيز اقتدارها في سورية، وبالتالي فهي تتعامل كدولة وبما يلزم عليها احترام سيادة الدول الاخرى، وان ترضخ لسير التعاملات بين الدول وعدم تجاوز الخطوط الحمراء.
واشار الى، ان "امريكا تتبع سياسة السيطرة على مناطقنا الاسلامية من خلال تاسيس ودعم وتجهيز الحركات المسلحة والتكفيرية للقيام بعمليات ارهابية تحت شعار العداء لامريكا، لكن في الواقع هي لضرب المسلمين في النطقة واحداث فوضى وصراع وتقاتل فيما بينها، ثم لتعود امريكا تحت غطاء المخلص لمحاربة هؤلاء الارهابيين".
واوضح هذا السياسي العراقي : الغرب يتعامل بإزدواجية مع دول المنطقة ولا سيما الاسلامية منها، فمن جانب ينادي بالدفاع عن حقوق الانسان ولكن في الحقيقة يواصل انتهاكته للحقوق الانسانية، كما ان الاصوات المنادية بحقوق المراة والطفل في الغرب هي للتغطية على حقيقة ما يجري في تلك الدول وبناء على سياساتها، من تدنيس كرامة وحرية المراة وحقوق الطفل الذي يتم على ايدي الساسة الغربيين في انحاء العالم؛ متسائلا " كم طفل يقتل يوميا في غزة على مراى ومسامع العالم؟!".
وحول دور اليمن في ظل التطورات الاخيرة، اكد بان اليمن لديه شعب يمتاز بالعزة والكرامة والشجاعة، واليمنيون اصحاب كلمة واليمن اليوم هو انموذج للمجتمع الاسلامي – العربي.
واضاف الازيرجاوي : الشعب اليمني هبّ الى نصرة اخوانه في غزة وفي لبنان، وذلك انطلاقا من مبدا الدفاع عن القضية الفلسطينية لاعتبارها القضية الرئيسية للعالم الاسلام؛ مشيرا في الوقت نفسه الى ان اليمن يدفع الثمن باهضا قبال هذا الموقف المشرف، حيث يواجه عدوانا من جانب ثلاثي الشر امريكا وبريطانيا والكيان الصهيوني.
وتابع : العدوان يضرب البنى التحتية والمدنيين في اليمن بذرائع مختلفة لافتعال الازمات في الداخل اليمني وايضا منطقة البحر الاحمر وتوجيه اصابع الاتهام الى حركة انصار الله وحكومة صنعاء، لكن الشعب اليمني وقواته المسلحة اعلنوا مرارا واثبتوا على ارض الواقع بان هذه المحاولات لن تثنيهم عن نصرة اخوانهم في فلسطين وقطاع غزة، والنصر سيكون حلفهم انشاء الله.
وعلى صعيد اخر، حيّا ممثل حزب الفضيلة العراقي لدى ايران، ذكرى شهداء قادة النصر، قائلا : الشهيد قاسم سليماني (رحمة الله) كان انسانا عظيما وكرس اهدافا سامية في نصرة المظلوم على مستوى العالم، فهو لم ينظر للانسان المتضرر كونه مسلما او مسيحيا او من طائفة او مذهب يتعارض مع انتمائه الديني او المذهبي، بل كان ينظر الى المظلوم بصفته انسانا تعرض للاستضعاف وهو بحاجة الى مساعدة؛ وشدد على، ان "الشهيد سليماني سخر نفسه لنصرة المظلومين ودحر الارهابيين، وقد شاهدنا في عهده كيف تحررت المناطق من سطوة الارهابيين وعاد المؤمنون الى مساجدهم والمسيحيون الى كنائسهم والتلاميذ الى مدارسهم والمزارعون الى اراضيهم، وبالتالي كانت هناك عملية توحيد الصف والتآزر والتآخي فيما بين المسلمين والناس جميعا".
واستطرد الازيرجاوي : الشهيد سليماني رحمة الله عليه، حقق وحدة ليست اسلامية فقط، وانما والحدة بين المجتمعات، واعاد التكاتف والتلاحم والحياة الى اهالي المناطق التي استباحتها المجاميع التكفيرية.
انتهى