لا شك في أن الثورة الإسلامية الإيرانية هي منشأ الصحوة الإسلامية في المنطقة، بالرغم من أن البعض يسعى عاجزاً إلى إنكار هذه الحقيقة الواضحة وضوح الشمس في رابعة النهار، فالثورة الإسلامية في إيران هي التي بثت روح الثقة بالنفس وزرعت بذور الأمل في شعوب المنطقة والعالم الإسلامي بل وكل الأحرار والمستضعفين في العالم، وهذا أمر واضح لا مراء فيه، وكل من ينكر ذلك فهو كمن يحاول حجب الشمس بيده.
(تنا) - لا شك في أن الثورة الإسلامية الإيرانية هي منشأ الصحوة الإسلامية في المنطقة، بالرغم من أن البعض يسعى عاجزاً إلى إنكار هذه الحقيقة الواضحة وضوح الشمس في رابعة النهار، فالثورة الإسلامية في إيران هي التي بثت روح الثقة بالنفس وزرعت بذور الأمل في شعوب المنطقة والعالم الإسلامي بل وكل الأحرار والمستضعفين في العالم، وهذا أمر واضح لا مراء فيه، وكل من ينكر ذلك فهو كمن يحاول حجب الشمس بيده.
هذا ما جاء في الحوار الذي أجراه مراسل وكالة أنباء التقريب في سيستان وبلوشستان مع الأستاذ المولوي نذير أحمد سلامي*، وفيما يلي النص الكامل للحوار:
- نرحب بكم سماحة المولوي في هذا الحوار، بداية كيف تقيمون الأوضاع الراهنة في أفغانستان وخاصة بعد استشهاد أحد أهم الزعماء في هذا البلد ألا وهو الشهيد برهان الدين رباني، ما هي تداعيات ذلك على الواقع السياسي في أفغانستان؟
- الأستاذ الشهيد برهان الدين رباني هو خريج جامعة الأزهر في مصر وكان يمتاز بفكر ورؤية تقريبية وسطية، وكانت له علاقات جيدة مع الأحزاب الإسلامية في باكستان وخاصة مع السيد أبو القاسم أوحدي والجماعة الإسلامية في باكستان، وفي بداية انطلاق العمليات الجهادية ضد الإتحاد السوفييتي السابق وبعد هجرته إلى باكستان أصبحت له علاقات وطيدة مع القاضي أمير حسين أحمد، كما كانت له علاقات مميزة مع الجمهورية الإسلامية الإيرانية نظراً لما كان يتمتع به من منهجية وأسلوب وسطي معتدل، وفي أفغانستان واصل فعالياته السياسية حتى أواخر أيام حياته حيث كان رئيساً للمجلس الأعلى للسلام في أفغانستان، ولا شك أن فقدانه سيترك أثراً سلبياً على عملية السلام في أفغانستان، وحتى لو استمرت عملية السلام فإنها ستواجه عراقيل كثيرة لعدم توفر شخصية كفوءة بمستوى الشهيد رباني يمكن لها أن تشغل الفراغ وتواصل العملية بالنحو المطلوب.
- برأيكم ما هي الجهة التي تقف وراء عملية إغتيال برهان الدين رباني؟
- رغم أنه لم يعلن أي شخص أو جهة مسؤوليته عن عملية الإغتيال، كما أن جماعة طالبان تأبى الإعتراف بمسؤوليتها عن الحادثة، ولكني أعتقد أن الجهة التي اغتالت أحمد شاه مسعود هي التي قامت باغتيال برهان الدين رباني.
- ما رأيكم حول الصحوة الإسلامية التي تشهدها المنطقة في الوقت الراهن؟ ما هي خصائص ومميزات هذه الصحوة وأهم التحديات التي تواجهها؟
- لقد انطلقت حركة الصحوة الإسلامية وموجة الثورات في المنطقة منذ حوالي ستة أشهر ولا زالت مستمرة حتى الآن، وأعتقد أن هذه الحركات تقوم على أسس شعبية وتتولد من رحم الشعوب، فالشعوب هي التي فجرت هذه الثورات وهي التي تتولى قيادتها في الوقت الحاضر، وفي الوقت نفسه فإن هذه الحركات تؤكد على إسلاميتها كما هو واضح في المظاهر الإسلامية التي تحملها هذه الحركات ومنها على سبيل المثال صلوات الجمعة وصلوات الشكر، وهذه ظواهر أعتقد أنها مهمة للغاية بالنسبة للعالم الإسلامي.
ولكن رغم كل ذلك أعتقد أن هناك تحديات صعبة ومخاطر حقيقية تواجه هذه الحركات، فالإستكبار الذي فقد أهم حلفائه في المنطقة بعد سقوط الأنظمة العميلة له في تونس ومصر، يسعى الآن إلى استخدام أساليب أخرى للإلتفاف على هذه الثورات ومصادرتها من خلال المجيء بعناصر عميلة تابعة لها وافتعال أزمات وصراعات طائفية لحرف هذه الثورات عن مسارها الصحيح.
الخطر الآخر الذي يهدد هذه الثورات هو عدم وجود زعماء كفوئين يستطيعون قيادتها وإرسائها في بر الأمان. أعتقد أنه لو تمكنت الشعوب من ملء هذا الفراغ بالصورة التي حصلت إبان الثورة الإسلامية الإيرانية، حينها يمكن التفاؤل بمستقبل هذه الحركات مهما بلغت خطورة التحديات الأخرى التي تواجهها.
- كيف تقيمون دور الإمام الخميني (ره) في ازدهار حركة الصحوة الإسلامية؟
- لقد امتاز الإمام الخميني (ره) بخصائص ومميزات كثيرة، لقد جسد الإمام الراحل مبادئ الإسلام وقيمه الحضارية السامية وتعاليم السنة النبوية الشريفة قولاً وعملاً، وكان رمزاً للشجاعة والتحدي والصمود، وهو الذي زلزل أركان الإستكبار والسلطويين ولم يرتعب منهم لحظة.
ومن المميزات الأخرى للإمام الخميني (ره) أنه لم يفصل بين الدين والسياسة. لقد كان لعنصر الدين دوراً في الحركات التحررية والصحوات الإسلامية التي حصلت على مدى العقود الأخيرة، ولكن هذا العنصر الحياتي أضحى بعد ذلك في طي النسيان، والسبب هو أن الزعماء الدينيين إما أنهم لم يكونوا على مستوى الكفاءة اللازمة أو أنهم كانوا يعتقدون بفصل الدين عن السياسة، وبالتالي أصبح القرار السياسي وإدارة دفة الدولة بيد العلمانيين والمتغربين، وهذا ما حدث أيضاً في بداية الثورة الإسلامية الإيرانية حيث سعى هؤلاء إلى مصادرة الثورة لمصلحتهم ولكن الإمام الراحل (ره) وقف بقوة وحزم بوجه هذه المحاولات لأنه (ره) كان يؤمن كل الإيمان بالسياسة الإسلامية وعدم فصل الدين عن السياسة.
- برأيكم ما مستوى تأثير الثورة الإسلامية الإيرانية على الصحوة الإسلامية في المنطقة؟
- لا شك في أن الثورة الإسلامية الإيرانية هي منشأ الصحوة الإسلامية في المنطقة، بالرغم من أن البعض يسعى عاجزاً إلى إنكار هذه الحقيقة الواضحة وضوح الشمس في رابعة النهار، فالثورة الإسلامية في إيران هي التي بثت روح الثقة بالنفس وزرعت بذور الأمل في شعوب المنطقة والعالم الإسلامي بل وكل الأحرار والمستضعفين في العالم، وهذا أمر واضح لا مراء فيه، وكل من ينكر ذلك فهو كمن يحاول حجب الشمس بيده.
- ما السبب برأيكم وراء الحملات الأميركية والغربية الشرسة للتخويف من الإسلام؟
- صحيح أن الأميركيين والغرب عموماً يمارسون سياسة التخويف من الإسلام وإظهار الإسلام على أنه دين العنف والقسوة، ولكن يجب الإشارة إلى نقطة هامة في هذا المجال وهي أن مسألة الجهاد التي هي من أهم أركان الإسلام حيث أنها تهدف إلى مقارعة الظلم والجور والإضطهاد ومواجهة الظالمين والمستبدين والتصدي لنهب ثروات الشعوب ومقدراتها وفرض الهيمنة عليها، فهي إذن تهدف لإقامة القسط والعدل، وهذا ما يخاف ويخشى منه المستكبرون والسلطويون، إذن نستنتج أن التخويف من الإسلام ليس بسبب كونه دين العنف والقسوة لأنهم يعلمون جيداً أنه ليس كذلك، بل لأن الإسلام هو دين القسط والعدل وهو ما يخيف الأميركيين والغرب.
- تدعي أميركا وأيضاً البعض بأن هناك مضايقات يتعرض لها أتباع بعض المذاهب الإسلامية في إيران، ما رأيكم بهذا الخصوص؟
- هذا الإدعاء لا أساس له من الصحة إطلاقاً وهو محض إفتراء، وأعتقد أن أفضل رد على ذلك هو أنه يفترض على أميركا أن تقدم أدلتها بهذا الخصوص، لأن كل من يدعي شيئاً عليه أن يأتي بالبينة والدليل الموثق، وإلا فمجرد الدعوى لا قيمة لها بدون دليل وإثبات.
- نشكركم سماحة المولوي على إتاحة الفرصة لهذا الحوار ونتمنى لكم دوام الموفقية والسداد لخدمة الإسلام وقضايا الأمة الإسلامية.
______________________________________
* عضو مجلس خبراء القيادة عن أهالي سيستان وبلوشستان، وعضو المجلس الأعلى للمجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الإسلامية، وأستاذ الفقه بجامعة المذاهب الإسلامية في طهران.
ولد المولوي "نذير أحمد سلامي" في قرية "كيشكور" إحدى نواحي مدينة "سرباز". تخرج من دار العلوم في كراتشي، وتتلمذ على عدد من أكابر العلماء ومنهم: مولانا مفتي محمد شفيع، ومولانا محمد رفيع عثماني، ومولانا محمد تقي عثماني، ومولانا شمس الحق، ومولانا سبحان محمود، وبالإضافة إلى دراساته الحوزوية، فقد التحق بسلك الدراسة الجامعية وحصل على شهادة الماجستير في الإقتصاد.
ألف العديد من المصنفات منها: تأريخ الإسلام، محاور الدعوة والتبليغ، النساء النموذجيات في عصر النبي والصحابة، كيف نعيش في ظلال آداب الشريعة، قراءة تأريخية لواقعة كربلاء، كما نشر العديد من المقالات في مختلف المجالات العلمية.