"بساطة الزي وكونه غير مخيط فإنَّ من دلالاته المساواة وإمكانية الإكتفاء بما دون الإسراف في مقدرات الأفراد و الأمة .
الشيخ علي خازم
الإتساق المدهش في الحج شكل مظهراً من مظاهر الوحدة الإسلامية
خاص تنا -بيروت
24 Oct 2011 ساعة 15:36
"بساطة الزي وكونه غير مخيط فإنَّ من دلالاته المساواة وإمكانية الإكتفاء بما دون الإسراف في مقدرات الأفراد و الأمة .
أكد الشيخ علي خازم أن فريضة الحج هي من العبادات التي نص عليها القرآن الكريم،وفي مقابلة خاصة مع وكالة أنباء التقريب - بيروت ، لفت الى أن أهميتها تكمن في الآثار التي تظهر من حجم الحضور البشري هناك على اختلاف الجنس والعمر والجنسية والعرق والموقع الاجتماعي. وكذلك أيضاً فيما يلحق بهذا الاجتماع الهائل "من اتساق مدهش في اداء المناسك" مضيفاً أن هذا الأمر يشكل أهم مظهر من مظاهر الوحدة في الامة الاسلامية. وهذا نص المقابلة:
1- هل يمكن تحقيق ثقافة الوحدة بين المسلمين من خلال استثمار أجواء الحج؟
يعّد الحج من أبرز مظاهر وحدة الأمة الإسلامية ولا يتأتى هذا المظهر عفوا بل هو مطلوب. وقد نصت عليه آيات وروايات قال تعالى :
الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلاَ رَفَثَ وَلاَ فُسُوقَ وَلاَ جِدَالَ فِي الْحَجِّ وَمَا تَفْعَلُواْ مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللّهُ وَتَزَوَّدُواْ فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُوْلِي الأَلْبَابِ {البقرة/١٩٧} لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَبْتَغُواْ فَضْلاً مِّن رَّبِّكُمْ فَإِذَا أَفَضْتُم مِّنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُواْ اللّهَ عِندَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ وَإِن كُنتُم مِّن قَبْلِهِ لَمِنَ الضَّآلِّينَ {البقرة/١٩٨} ثُمَّ أَفِيضُواْ مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ وَاسْتَغْفِرُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ {البقرة/ ١٩٩} فَإِذَا قَضَيْتُم مَّنَاسِكَكُمْ فَاذْكُرُواْ اللّهَ كَذِكْرِكُمْ آبَاءكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْرًا فَمِنَ النَّاسِ مَن يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا وَمَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ خَلاَقٍ {البقرة/٢٠٠} وِمِنْهُم مَّن يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ {البقرة/٢٠١} أُولَئِكَ لَهُمْ نَصِيبٌ مِّمَّا كَسَبُواْ وَاللّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ {البقرة/٢٠٢}وَاذْكُرُواْ اللّهَ فِي أَيَّامٍ مَّعْدُودَاتٍ فَمَن تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلاَ إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَن تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقَى وَاتَّقُواْ اللّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ {البقرة/٢٠٣}
في هذه الايات نص على ثلاثة مواقع يجتمع فيها الحجيج وتتجلى صورة الوحدة فيها بأجلى معالمها: الوقوف في عرفات والافاضة منها ثم التأكيد على الافاضة من حيث افاض الناس الذي الغى ما كانت قريش وحلفاؤها يميزون به انفسهم عن بقية الحجيج فقد ذكر المفسرون ان قريشاً وحلفائها وهم الحمس كانوا لا يقفون بعرفات بل بالمزدلفة وكانوا يقولون : نحن اهل حرم الله لا نفارق الحرم فأمرهم الله سبحانه بالافاضة من حيث افاض الناس وهو عرفات.
2- ماذا أراد الله لنا من خلال أداء شعائر الحج ؟ وما أبرز سمات توحيد الزي للحجيج؟
الحج من العبادات التي نص القرآن الكريم على بعض عللها وغاياتها,حيث يمكن للمسلمين التحقق من استكمال القيام بها بمراقبة مستوى تحقق هذه الغايات وان لم يتعلق اداء هذه الفرائض بها فهي امور تعبدية غير معلقة على الغايات المجعولة لها كثمرة بخلاف الشروط والاركان التي تتقوم بها العبادة فان ارتفعت لم يتحقق للعبادة صورة بل ولا معنى .
قال تعالى: وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ {الحج/٢٧} لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُم مِّن بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ {الحج/٢٨} ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ {الحج/٢٩}.
وتتنوع المنافع المذكورة كما يتنوع شهودها. فان يشهد الحجاج منافع لهم يعني ان تحضرعندهم تلك المنافع حضورا يعيشونه على تنوعها بين المادي والمعنوي من جهة,وما ينعكس من اجتماعهم على العالم الخارجي بما يعود تاثيره عليهم من جهة اخرى.
ولعل ابرز تلك الآثار ما يظهر من حجم الحضور البشري في الحج على اختلاف في الجنس والعمر والجنسية والعرق والموقع الاجتماعي , وما يلحق بهذا الاجتماع الهائل من اتساق مدهش في اداء مناسك الحج حتى يخال الناظر اليه انه يراقب سيلا لا يد لافراده فيه.وهذا اهم مظهر لوحدة الامة الاسلامية.
و أمَّا بساطة الزي وكونه غير مخيط فإنَّ من دلالاته المساواة بين الأفراد وإمكانية الإكتفاء بما دون الإسراف في مقدرات الأفراد ومقدرات الأمة في حياتهما والتذكير بالكفن والموت والقيامة والعرض عند الحساب بما يفترض أن يعيد التوازن النفسي والإجتماعي في الأمة.
3- هل يمكن لموسم الحج ان يشكل حوراً اسلامياً جامعاً ؟ وكيف يمكن تفعيل هذا الحوار والتأسيس عليه؟
في الحج ترجع المذهبية الى صورة الطريق الموصل الى الله وهي الصورة التي يقبلها العاقل اللبيب فلا رفث ولافسوق ولا جدال في الحج ,وغاية ما يبحثه المسلم مع اخوانه ان تيسر لهم التفاهم اللغوي ان يتعرف كل منهم عن بلاد المسلمين وما تعيشه من قضايا حيوية وان يراجعوا صورة الأمة في الكون وهذا المعنى من معاني المنافع خاصة اذا كان الحوار بين اولي الامر من سياسيين وعسكريين واقتصاديين وعلماء في كافة الاختصاصات، فتحضر قضايا الأمة الكبرى كالقضية الفلسطينية ومتعلقاتها في الاراضي العربية الأخرى المحتلة،كما الاحتلالات الواقعة في اماكن أخرى من العالم الاسلامي. وتحضر ايضاً قضايا التنمية والحرية والمساواة ويستفاد من تجارب الشعوب لإصلاح عام يسهم في تعميم المنافع ليشهدها العالم كله مسلماً كان أو غير مسلم.
أما قياس مدى نجاح ذلك فإنه مما لاشك فيه كون الحج من المؤثرات العميقة في نفوس الحجيج إضافة إلى عوامل أخرى في إحياء التضامن الإسلامي لكن قياسه مستقلاً يحتاج الى تفصيل آخر.
4- كيف تقيّمون الندوات والملتقيات التي تقام في هذا الموسم بغية التقريب بين المذاهب؟ وخاصة الندوة التي يقيمها "مجمع التقريب العالمي " سنوياً؟
ليس من شأن مؤتمر أو مؤتمرات أن يزيل رواسب الإختلافات والأحقاد بل إنها تسعى لتخفيف الآثار ولتوجيه القوى نحو مواقع العمل المشتركة وهي إذا نجحت في ذلك تكون قد أبعدت عوامل القوة من الإستخدام السيء، ووجهتها في خدمة قضايا الأمة وهذا في نفسه من الأمور الشاقة والمهمة ومؤتمرات المجمع العالمي للتقريب بما تضمه من أعضاء من مختلف أنحاء العالم الإسلامي خصوصاً في موسم الحج تؤدي هذه المهمة بنجاح كبير .
خاص تنا - مكتب بيروت
رقم: 67923