شكراً أيها الإتحاد الأوروبي لأنك لم تفتعل حروباً ضروساً هذه السنة..شكراً للدول المنضوية تحت جناحك،التي تهتك حرمة الدم السوري البريء في كل يوم وفي كل لحظة..تدعمون الإرهاب والإرهاب يدعمكم..
على الرغم من غرابة الموقف، لكنه ليس مستغرباً أن يحوز إتحاد أوروبي يحتضن أكثر دول العالم دمويةً على جائزة للسلام من قبل دولاً لا تقل عنه ديكتاتورية وغطرسةً..
هو سلام "دموي"..سلامٌ من نوعٍ آخر!
شرُّ البليّة ما يُضحك،فأن يحوز أحدٌ على جائزة نوبل للسلام لكونه من الذين يجنحون للسلام فلا يخوض الحروب الدامية ولا ينخرط في نزاعات عسكرية مع الدول حول العالم لنهب ثرواتها،فهذا أمرٌ طبيعي.
أما أن تكون منظمة دولية تضم عدداً لا باس به من الدول "الدموية" المنخرطة في الحروب والعدوان على البلاد الضعيفة،وأن تكون منظمة تنفق على ميزانيتها العسكرية نحو ٢٠٠ مليار دولار سنوياً،وأن تكون منظمة تحتضن دولاً متعطشة للهيمنة على العالم وتساند المحتل فيما تضرب الضعيف وتستغله،وأن تحوز بعدها على جائزة نوبل للسلام، فهذا أمرٌ عجب..جلّ ما يدعو إليه السخرية!
ففي مفاجأة لافتة وفريدة من نوعها، ذهبت جائزة نوبل للسلام إلى الإتحاد الأوروبي أمس، لدوره المزعوم في "تعزيز السلام والمصالحة" على الرغم من أن الإتحاد، المحتفى بسلميته، ينفق على ميزانتيه العسكرية نحو ٢٠٠ مليار دولار، وتنخرط العديد من دوله في نزاعات عسكرية حول العالم.
وعلى ما يبدو، أن هذه الجائزة غير المتوقع للإتحاد الأوروبي هي محاولة لإنتشاله من أعمق أزمة إقتصادية يشهدها، لتكون الجائزة بمثابة الرافعة لتعطيه دفعة معنوية.
أما المفارقة الكبرى،فهي أنه في حين أن لجنة نوبل المانحة لجائزة نوبل للسلام للإتحاد الأوروبي نروجية المنشأ والأصل،إلا أن الحقد والمعارضة لسياسات دول الإتحاد الأوروبي من قبل النروجيين لا توصف،إذ يعتبره الشعب النروجي مصدر تهديد لسيادة الدول.
في المقابل، أعرب زعيم المنظمة النروجية المناهضة لعضوية الاتحاد الأوروبي لهيئة الإذاعة النرويجية هيمينغ أولاوسن عن إستغرابه الشديد من منح الإتحاد الأوروبي الجائزة وقال "أجد هذا غريبا"،إذ أن النروج صوتت مرتين لرفض الإنضمام إلى الإتحاد عامي ١٩٧٢ و١٩٩٤ كما إزدهرت البلاد خارج إطار الاتحاد بفضل مواردها الهائلة من النفط والغاز.
من جهته، وصف رئيس "حزب الاستقلال" نايجل فارادج الداعي إلى خروج بريطانيا من الإتحاد، الجائزة بأنها "عار مطلق"، كما تساءل النائب الهولندي الشعبوي غيرت فيلدرز ساخراً "جائزة نوبل للاتحاد الأوروبي في وقت تنهار بروكسيل وكلّ أوروبا في بؤس".
كما كان لافتاً الموقف الرسمي النروجي عبر رئيس الوزراء ينس شتولتنبرغ، الذي يقود تحالفاً يسارياً منقسماً حول المسألة الاوروبية، إذ رأى أن "يمكننا تهنئة الإتحاد على جائزة السلام هذه والاعتراف بدوره كصانع سلام"،في حين أن الخلاف بين النروج والإتحاد ما يزال قائماً.
ومما يزيد الطين بلّة،أن يحوز الإتحاد الأوروبي على جائزة نوبل للسلام في تطور غير متوقع،فيما الدول المنضمة له تشن حملة شعواء على الشعب السوري والحكومة السورية،مزودة المسلحين الإرهابيين بالمال والسلاح والعتاد في حين يقر الإتحاد عقوبات جديدة على سوريا التي يتضرر منها الشعب السوري بالدرجة الأولى قبل أي أحد آخر.
يُذكر أن الإتحاد الأوروبي الذي تجاوزت الميزانية العسكرية لدوله الـ١٩٤.٣٥٧ مليار يورو في العام ٢٠١٠ وحده، بحسب الموقع الرسمي للاتحاد الأوروبي، سيستلم الجائزة البالغة قيمتها ١.٢ مليون دولار في أوسلو في ١٠ كانون الأول، وشكّل فوز الإتحاد الأوروبي بالجائزة مفاجأة، نظراً للمشاكل الحالية التي تعاني منها عملة اليورو.
هنيئاً للإتحاد الأوروبي سلامه،السلام القائم على سك الدم السوري والعربي..السلام القائم على إجتياح دوله للبلدان الضعيفة ونهب ثرواتها وإستعباد شعوبها على مر العصور الغابرة..ويستمر سلامه..وهو أبعد ما يكون عن السلم والسلام!
ياسمين مصطفى