يوم القدس هو محاولة لإعادة القدس إلى مكانتها في وجدان المسلمين والأحرار ، وتأكيد على مركزية هذه القضية للمسلمين وتبديلها الى مناسبة تهم العالم اجمع .
في حوار مع "تنا" :
السيد فضل الله : القدس اغتصبت في لحظة ضعف ويجب ان تستعاد في لحظة صحوة وقوة
تنا - بيروت
2 Aug 2013 ساعة 9:31
يوم القدس هو محاولة لإعادة القدس إلى مكانتها في وجدان المسلمين والأحرار ، وتأكيد على مركزية هذه القضية للمسلمين وتبديلها الى مناسبة تهم العالم اجمع .
في ايام الله من شهر رمضان المبارك شهر الارادة والعزيمة وجهاد النفس الاكبر اطلق الامام الراحل يوما للقدس السليب منذ ٦٥ عاما وبذلك اصبح للقدس يوما يحييه كل احرار العالم حتى التحرير النهائي ، بهذه المناسبة العظيمة والمتأصلة في ثقافة وفكر الامة الاسلامية كان لوكالة انباء التقريب حوار مع سماحة السيد علي فضل الله حول المناسبة والاوضاع المتصلة في المنطقة ولبنان وسوريا
سؤال: سماحة السيد، – لم تعد قضية القدس خاصة بفلسطين والفلسطينيين وحدهم ولاحتى بالعرب والمسلمين بل باتت قضية كل أحرار العالم . ماالذي ساهم وساعد على تعميم وانتشار وتوسيع هذه القضية ؟ هل من الممكن اعتبار يوم القدس خلق إجماع عالمي كبير بشأن القضية الفلسطينية ؟
قضية القدس هي قبل كل شيء قضية إسلامية بامتياز لارتباط هذا المكان المقدس بتاريخ ووجدان وحياة الأمة الإسلامية، فهي كما هو معروف أولى القبلتين وثاني الحرمين وبالتالي لا يمكن لأي أمة من الأمم مهما تساهلت وتهاونت بمقدساتها أن يصل بها الأمر إلى التخلي عن أولى مقدساتها وأكثرها أهمية بعد مكة المكرمّة.
إذاً المسألة بالنسبة للمسلمين مسألة تتصل بحياتهم وتاريخهم ووجودهم وهي فرع انتماءهم وهويتهم، هذه الهوية التي ستبقى مخرومة ومشروخة ومنقوصة بدون القدس التي لا بد من استعادتها بالشكل الذي يليق بعزة المسلمين ومكانتهم وليس منّة من أحد أو صدقة من عدو أو منحة من مستكبر.... وهذا ما لن يحصل عموماً حتى اليوم.
القدس اغتصبت في لحظة ضعف وغفلة ولا بد أن تستعاد في لحظة صحوة وقوة ونسأل الله أن يحصل ذلك ويأتي ذلك اليوم المنتظر، المهم أن تجتمع إرادة المسلمين وأن تندفع قوتهم بهذا الاتجاه لتكون القدس من جديد عنوان العزة والكرامة والإباء كما كانت دائماً في التاريخ والوجدان الإسلامي العام.
وبهذا المعنى أن القدس عنوان للعزة والكرامة نعم يمكن القول أن من أبعادها العالمية أنها أصبحت عنوان وقبلة لكل أحرار العالم ولكن ينبغي القول أنه مع عدم حمل المسلمين لراية القدس تبقى هذه القضية منقوصة حتى لو التف كل أحرار العالم حولها.
ونحن نرى أن يوم القدس هو محاولة لإعادة القدس إلى مكانتها في وجدان المسلمين والأحرار في العالم من هنا أهمية إحياء هذا اليوم الذي يريد أن يكرس مسألة القدس كقضية مركزية تهم المسلمين جميعاً وتعني المسلمين جميعاً، بل أن تتحول هذه القضية بفعل إجماع المسلمين عليها إلى مناسبة وذكرى تهم العالم أجمع وتتحول مع هذا الاهتمام إلى قضية حق عالمية لوطن وشعب وأمة تم سلبها حقها في العيش بحرية وكرامة وعزة في أرضها كما ينبغي ذلك لكل أبناء الأرض الشرفاء شرقاً وغرباً.
سؤال: سوريا الداعمة للمقاومة ، ضربها هو محاولة لقطع خط المقاومة وكلّ ما يسمّى بالربيع العربي هدفه الهاء الأمة العربية بالاقتتال الداخلي والفتن الطائفية والمذهبية وإبعادها عن القضية الأساس فلسطين ؟ كيف تقرأون ذلك وهل استطاعوا حرف البوصلة ؟
لا شك أن أي اقتتال داخلي أو فتنة داخلية تؤثر سلباً على القضية الفلسطينية القضية المركزية للعرب وللمسلمين بلا منازع، وإن أي نوع من أنواع الفرقة والنزاع يعني إضعاف لمكامن القوة وحجم القوة التي نحتاجها لكي نستعيد القدس السليب وخصوصاً أن الأمة تحتاج إلى كل عناصر القوة في لحظة الهجمة الاستكبارية عليها، وسوريا هي من عناصر قوة هذه الأمة وهي الدولة العربية المواجهة لإسرائيل كانت دوماً سنداً وعضداً للقضية وأن قوة سوريا تعزز فرص المقاومة وإنجازاتها وضعف سوريا يأكل من رصيد المقاومة وقوتها، وهنا نعني المقاومة بمعناها الأشمل في المنطقة وأن إشغال سوريا أو غير سوريا أو انشغال أي دولة عربية معنية بالقضية الفلسطينية عن هذه القضية المقدسة بالقضايا الهامشية هو إضعاف للقضية برمتها وانحراف عن المسار المؤدي إلى نصرتها خصوصاً وأنها القضية التي لا زال يجمع عليها المسلمون بكل تنوعاتهم وأطيافهم.
سؤال: ما هو المطلوب اليوم من الأمة العربية والإسلامية إزاء القدس خاصة والقضية الفلسطينية عامة ؟
المطلوب اليوم توحيد العمل المشترك لإعادة القضية الفلسطينية إلى مكانتها الأولى، إلى حيث هي القضية الأم، بعد أن نزعت الفتن والاقتتال بين المسلمين هذه القضية من الصدارة وجعلتها في مراتب خلفية وبعد أن اصطنع لهذه الأمة أعداء من داخلها للتمييع والتمويه على العدو الحقيقي الذي يتربص بالقدس وبالمسلمين جميعاً أعظم الشرور.. هذا ويجب أن لا ننسى أن وحدة الفلسطينيين هي من لوازم تدعيم جبهة المواجهة مع العدو، وهذه مسؤولية لا يمكن إبقائها عرضة لأهواء البعض أو تركها عرضة لجدال لا طائل منه... لا بد أن تتوحد الفصائل الفلسطينية بما يخدم قضيتهم لا أن نبقى نبحث عن أسباب لتأخير المصالحة الفلسطينية التي طال أمد انتظارها.
سؤال - في ظلّ يوم القدس ، ماذا عن الفصل الجديد من فصول المؤامرة المستمرة ضد الفلسطينيين والذي هو جزء من السياسات التطهيرية التي يمارسها الكيان الصهيوني في فلسطين بغية تحقيق أهدافه المستقبلية بإقامة دولة يهودية فيها ، ماذا عن مخاطر بطاقات الهوية الإسرائيلية للمقدسيين والتي تحمل صفة مقيم لعشر سنوات فقط؟
لا شك أن المؤامرة على الأمة مستمرة وإن كان القدس أحد عناوينها ، فإن أطماع المستكبر والمحتل تتجاوز القدس إلى كل إمكانات القوة عند هذه الأمة... نعود ونكرر أنه بدون اتفاق على إعادة القضية الفلسطينية إلى صدارة القضايا العربية المحقة والعادلة ستبقى تراوح بين الضعف والفشل وهذا ما يعزز نجاحات العدوان بوضع اليد كاملة على فلسطين والقدس بأقل الأكلاف.
سؤال: إلى أي مدى يمكن اعتبار يوم القدس فرصة سانحة لتلاحم الأمة الإسلامية ؟
يوم القدس هو فرصة سنوية متجددة لنعيد ضخ الحيوية في جسم الأمة وجسدها وعقلها خصوصاً مع التصاق القدس بوجدانها ودينها وكرامتها وهي فرصة للتذكير بأن وحدة الأمة واستجماع قوتها شرط لازم لتأخذ مكانها اللائق بين الامم في هذا العالم.
سؤال: ماذا عن دور وتأثير الإعلام على القضية الفلسطينية؟
إن الإعلام اليوم بات من أهم الأسلحة المستخدمة في الحروب . فكثيراً من الحروب التي غير الإعلام وجهتها وتلاعب بمسارها.. فالإعلام يستطيع أن يكبر قضية أو أن يهمشها، يجعلها محقة أو أن يسلبها عناصر قوتها، ويستطيع الإعلام أن يجيّش الرأي العام تجاه قضية ما أو أن يثبّط عزائمه اتجاهها.. فكيف إذا كانت القضية هي القضية الفلسطينية.
بالتأكيد للإعلام دور كبير في تعزيز هذه القضية والاهتمام بها وإبقائها في الصدارة وهذه مسؤوليتنا جميعاً خصوصاً وإننا كمسلمين بتنا نملك العديد من وسائل الإعلام التي نستطيع من خلالها أن نبيّن حقوقنا ونحرج العالم بما نقدمه من صورة شاهدة على ظلم العدو وفظائعه.
لكن للأسف غالبية الإعلام الإسلامي اليوم ترك هذه الأولوية الكبرى وكرس الإمكانات والقدرات لتعميق الهوة بين المسلمين ولتوسيع الشقاق فيما بينهم وأبرز كل ما من شأنه أن يزيد من حجم الفتنة بين المسلمين ويساهم في هدر دمائهم وإمكاناتهم.. وكل ذلك كما لا يخفى من شأنه أن يموّه على القضية الأم ويدفع بها إلى الصفوف الخلفية في اهتمامات المسلمين.. وهذا بالطبع يريح العدو ويجعله مطمئناً من خلال عملية الاستيطان إلى وضع اليد بالكامل على ما تبقى من أراضي فلسطينية محتلة.
اعداد بلال مذبوح
حوار خلود الرمح
رقم: 137190