مشهودٌ لألمانيا تاريخيّاً، جهود البعض فيها في حقل الدّراسات القرآنيّة والإسلاميّة بوجهٍ عامّ، وهذه مكتباتها الهامّة عالميّاً، تشهد بما تزخر به من كتب ومخطوطات، على حجم الاهتمام بالدِّراسات القرآنيّة وما يتّصل بهذا العالم الغنيّ.

من هنا جاء الإعلان عن وجود جزءٍ من مخطوطة قرآنيَّة تعود إلى عهد الرَّسول(ص) أو بعده بقليلٍ في مكتبة "برلين الحكوميَّة"، حيث أعادت هذه المخطوطة التركيز على تدوين القرآن الكريم. وتتألَّف المخطوطة من سبعة رقوق (جمع رقّ: جلد حيوان كان يستخدم للكتابة)، مكتوب عليها آيات بالخطِّ الحجازيّ من سورتي "النّساء" و"المائدة" (من الآية 138 إلى الآية 155 من سورة النِّساء، ومن الآية 172 إلى الآية 87 من سورة المائدة).

وكانت هذه المخطوطة جزءاً من تركة المستشرق برنهارت موريتس، ثم اشترتها مكتبة برلين الحكوميَّة، بحسب مدير قسم المشرق في المكتبة، الَّذي يتابع بأنَّ الفحص الّذي أجري على المخطوطة في سويسرا، يؤكِّد بنسبة 95% أنها تعود إلى الأعوام ما بين (606) و(652) ميلاديّة.

ويصرِّح خبراء بأنَّ أهميَّة هذه الرّقوق تكمن في التعرُّف إلى تدوين القرآن وتطوّر الخطّ العربيّ وما يتَّصل به من أمور لغويّة، وهذه الأهميَّة لن تغيِّر من مسار أبحاث القرآن، أو تتعارض مع اعتقاد المسلمين عن تدوين القرآن وتاريخ ذلك.

الاهتمام بهذه المخطوطة أتى في سياق مشروع بحثيّ ضخم ومشترك بين ألمانيا وفرنسا، بهدف جمع المخطوطات القديمة وتحليلها على مستوى المضمون، وجمع القراءات الإسلاميَّة القرآنيَّة المبكرة في التّراث الإسلاميّ، وتوثيق النّصوص القديمة للمساهمة في فهم القرآن في سياقه التاريخيّ، بالاستناد إلى المناهج المستخدمة في العهود القديمة.

عملٌ بحثيّ قرآنيّ ألمانيّ ـ فرنسيّ تنفّذه أكاديميّة برلين ـ براندينبورغ للعلوم، ويستمرّ حتى العام 2024.. وهذا العمل يوضح مدى الاهتمام الغربيّ بالدِّراسات القرآنيَّة، والّتي ستحثّ العرب المسلمين على أن يكون لديهم النّفس العلميّ والبحثيّ للإفادة من القرآن وعلومه. فأين أمَّة القرآن اليوم؟!