افتتح في موسكو مؤتمر مجموعة الرؤية الاستراتيجية بين روسيا و العالم الإسلامي بعد انقطاع دام ست سنوات، حيث جددت موسكو تأكيد استعدادها للتنسيق مع الدول الإسلامية في مكافحة الإرهاب وتسوية النزاعات في العالم وخاصة في منطقة الشرق الأوسط. وتضم المجموعةُ شخصيات دينية بارزة بالإضافة إلى عشرات الخبراء الروس والأجانب.
وبعد انقطاع على مدى ست سنوات، تنطلق أعمال مجموعة روسيا والعالم الإسلامي وسط تحولات دولية وإقليمية، خاصة على خلفية انتشار خطر الإرهاب الدولي، الأمر الذي دعا لإيجاد استراتيجية لمحاربته.
وقال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف: سنسعى في إطار مجلس الأمن القيام بتحليل مشترك للجماعات الإرهابية والمتطرفة التي نراها اليوم في منطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا.
وبدورها أكدت روسيا التزامها مجددا بالتعاون مع الدول الاسلامية لمكافحة هذا الإرهاب على أساس القانون الدولي وفي إطار المنظمات الدولية .
وقال رستم منيخانوف رئيس جمهورية تترستان : الإرهاب الدولي والتطرف خاصة ارهاب داعش يشكل تهديدا خطيرا ولهذا من الضروري العمل المشترك لمكافحة مخاطره.
العالم الاسلامي وتطرف غير مسبوق
وطالما أكد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في كلمته للمؤتمر أن العالم الاسلامي يشهد تصعيدا غير مسبوق للتطرف والإرهاب والنزاعات الدموية ، تصبح مبادرة موسكو بإجراء تقييم شامل لهذه المخاطر في إطار مجلس الأمن ، أمرا وجد صدى لدى وفود الدول الإسلامية ، وسط سياسة المعايير المزدوجة التي تقوم بها الولايات المتحدة كما في زعمها مكافحة خطر داعش في سوريا والعراق .
وقال مفتي سوريا الشيخ احمد بدر الدين حسون الجمعة: تعالوا لنجلس على مائدة سلام، كما فعلنا في لبنان منذ عشرين سنة، يوم قسم لبنان الى اربع دول دينية، فذهب السوريون واعادوه دولة واحدة، فكان هذا ذنبهم الذي يحاسبون عليه اليوم، وكذلك ايران كان ذنبها انها حولت السفارة الاسرائيلية الى سفارة فلسطينية.
واردف قائلا ان العدو الصهيوني والى جانب جرائمه وقتله لاطفال فلسطين يعرب عن فرحته وسروره لاقتتال المسلمين فيما بينهم حيث قال أحد وزرائه بالأمس "إنه ليس هناك أمتع من أن نقتل عدونا ولكن الأكثر متعة أن يقتل عدونا عدونا".
من جانبه قال الشيخ عبد الحليم الزهيري مستشار مكتب رئيس الوزراء العراقي : الاستفادة من الخبرات الموجودة في هذه الدول
التي تشهد استقرارا وديمقراطية حقيقية، وازالة الصورة المبهمة والضبابية عن العراق، من خلال بعض المأجورين والمعادين للعملية
الديمقراطية في العراق او الذين اختطفوا الاسلام خصوصا في الاونة الاخيرة عندما حاول الداعشيون والارهابيون تشويه صورة العراق وصورة الاسلام في المنطقة.
تحالف دولي كاذب
وقال الدكتور حسون "إنهم كانوا يقولون سابقا إن كل إرهابي هو مسلم وأصبحوا يقولون اليوم إن كل مسلم هو إرهابي" مشيرا إلى أن روسيا جمعتنا اليوم لتقول لنا هل باستطاعتنا الصمود أمام هذه الدماء التي تسفك في ليبيا وسيناء والعراق واليمن وسورية.
وتساءل حسون ماذا فعل التحالف الذي جاء إلى ليبيا والتحالف الذي جاء الى العراق وماذا يفعل في سورية أشخاص جاؤوا من بلدان العالم ليقاتلوا في سورية .
بدورهم لفت الخطباء في كلماتهم إلى وجوب أن تولي مجموعة الرؤية الاستراتيجية في نشاطها الأهمية والاولوية لتحقيق التقارب بين البلدان الإسلامية وروسيا والعمل المشترك في محاربة التطرف بين صفوف المسلمين ولاسيما في أوساط الشبيبة مؤكدين ان ما يدفع الشباب إلى التطرف هو وجود قضايا غير محلولة ومنها القضية الفلسطينية وحالات الأزمة في سورية والعراق واليمن التي تسببت نتيجة لجرائم الإرهابيين بهجرة أعداد كبيرة من المواطنين من جميع مكونات المجتمع.
وأشاروا إلى أهمية التحالف بين روسيا والصين والعالم الإسلامي ما يمكن له إذا تحقق أن يصبح من أعظم القوى في العالم متعدد الأقطاب ويقف في مواجهة التحديات والأخطار المنطلقة من الغرب ومن التنظيمات الإرهابية المتسترة بقناع الدين والقضاء على البيئة التي تغذي الإرهاب والتطرف.
لا علاقة داعش بالاسلام
بدوره قال الشيخ البير كراغانوف مفتي موسكو في مقابلة مماثلة إن مؤتمر اليوم يؤكد "موقف روسيا الثابت والمبدئي الداعي إلى التعاون بنزاهة مع العالم الإسلامي في الدفاع عن المثل الأخلاقية العالية والسلام في العالم ومنع التدخل في شؤون الآخرين ".
وأوضح الشيخ كراغانوف أن انقساما حادا يجري اليوم في الإيديولوجيات الغربية التي تدعي الديمقراطية ويراد فرضها على الغير عبر التدخل وتسيير أمور الدول الأخرى كما يحلو لها وهذا ما يتعارض مع قيم ومثل المجتمع الإسلامي الذي يطالب قبل أي شيء آخر بالعدالة.
وأعرب عن اعتقاده بأنه لا علاقة لتنظيم "داعش" الإرهابي بالإسلام ، مبينا أن جرائم تنظيم "داعش" الإرهابي في سورية تدل على أن أتباع هذا التنظيم الإرهابي بعيدون كل البعد عن الإسلام ويمارسون نشاطا إجراميا بكل أبعاده وينبغي على المجتمع الدولي وضع حد لهم لإنهاء معاناة الشعب السوري.
لقاء وصفه البعض بالتاريخي في لحظة تاريخية يعيشها العالم الإسلامي الذي يتطلع لتعزيز التنسيق مع روسيا لمكافحة أخطار الارهاب والتطرف وكبح السياسات الغربية والاستعلاء الأمريكي فيه .
تجدر الإشارة إلى أن مجموعة الرؤية الاستراتيجية "روسيا-العالم الإسلامي" تشكلت عام 2006 بعد حصول روسيا على صفة المراقب في منظمة المؤتمر الإسلامية. وتضم المجموعة شخصيات دينية بارزة بالإضافة إلى عشرات الخبراء الروسي والأجانب.
ويترأس الاجتماع الحالي لمجموعة الرؤية الاستراتيجية القائم بأعمال رئيس جمهورية تتارستان رستم مينيخانوف، كما يشارك في عمل المؤتمر كل من أمين عام منظمة التعاون الإسلامي إياد بن أمين مدني والعديد من المفتين من الدول الإسلامية وشخصيات دينية من ايران والسعودية والكويت واندونيسيا وخبراء على مستوى عالمي.