كان للامام الخميني (رض) وصايا و توجيهات حول الاشهر الخاصه منها شهر رجب و شعبان و خاصتاٌ شهر رمضان المبارك و كان ( قدس سره) يخلوا الی نفسه وينشغل بالعبادة و يرفض استقبال احد خلال هذا الشهر الفضيل .
ارشادات و وصايا الامام الخميني حول ضيافة شهر الله
تنا
14 Jun 2015 ساعة 11:51
كان للامام الخميني (رض) وصايا و توجيهات حول الاشهر الخاصه منها شهر رجب و شعبان و خاصتاٌ شهر رمضان المبارك و كان ( قدس سره) يخلوا الی نفسه وينشغل بالعبادة و يرفض استقبال احد خلال هذا الشهر الفضيل .
ومن ارشاداته لهذا الشهر المبارك ، انه یبذل اهل الایمان تاسیا بائمتهم لکسب المعارف والافکار الازمة حول عظمة ومکانة شهر رمضان المبارک واثار صیامه قبل حلوله ، و السعی لتهیئة ارضیة الانتهال من معین اثاره الروحیة ولحظاته السحریة الرائعة .
ان فهم شهر مضان و ادراک عظمته و ارتشاف جرعة من معینه الصافی له علاقة کبیرة لدفع النفس الانسانیة نحو المراحل المتقدمة للکمال و التقرب من الله تعالى ومن الطبیعی لا یدرك کل هذا ، من حرم معرفة و فهم و ادراک فضل هذا الشهر العظیم وفی الحقیقة فانه کالمیت یتحرک بین الاحیاء .
وطبقا لقول الرسول الاکرم صلى الله علیه وآله وسلم و حسبما ورد فی الخطبة المنسوبة الیه (ص) ، فان عباد الله کافة ، تمت دعوتهم فی شهر رمضان المبارک الى ضیافة الله تعالى ، و ان مضیفهم هو الله تبارک وتعالى : «ایها الناس انه قد اقبل الیکم شهرالله .. دعیتم فیه إلى ضیافة الله» ، فهیئوا أنفسکم لهذه الضیافة العظیمة .. فما علیکم فی هذه الایام القلائل التی تفصلنا عن شهر رمضان المبارک إلا أن تفکروا فی اصلاح انفسکم و التوجه الى بارئکم .. استغفروا الله من افعالکم وأقوالکم التی لا تلیق . وإذا کنتم قد ارتکبتم -لا سمح الله- ذنبا فتوبوا إلى الله قبل الدخول فی شهر رمضان المبارک . عودوا ألسنتکم على ذکر الله ومناجاته.. إیاکم أن تصدر منکم غیبة أو تهمة أو نمیمة او أی ذنب فی هذا الشهر وان تدّنسوا أنفسکم بالمعاصی و تسیئوا آداب الضیافة و انتم ضیوف الله سبحانه. لقد دعیتم فی هذا الشهر الفضیل الى ضیافة الحق تعالى : "دعیتم فیه الى ضیافة الله" فهیئوا أنفسکم لهذه الضیافة العظیمة . فکما تمسکون البطن عن الطعام والشراب فامسکوا عیونکم وألستنکم عن المعاصی . عاهدوا أنفسکم من الان على أن تکفوا اللسان عن الغیبة والتهمة والکذب والاساءة واخرجوا من قلوبکم الحسد والحقد وسائر الصفات الشیطانیة القبیحة. وکونوا حذرین دائما وملتفتین الى الحکم الشرعی للاعمال التی تنوون القیام بها والقول الذی تریدون ان تنطقوا به والموضوع الذی تستمعون الیه . واذا رایتم شخصا یرید ان یغتاب ، حاولوا ان تردعوه وقولوا له : لقد تعهدنا ان نجتنب المحرمات فی هذا الشهر . و إذا لم تستطیعوا منعه من الاغتیاب .. اترکوا المجلس ، فلا تجلسوا تستمعوا الیه، إذ یجب أن یأمن المسلمون جانبکم . ومن لا یامن المسلمون یده ولسانه وعینه فهو فی الحقیقة لیس بمسلم . إنما هو مسلم فی الظاهر والاسم ، وینطق بـ "لا إله إلا الله" فحسب . فاذا اردتم - لا سمح الله- أهانة احد من المسلمین واغتیابه والمساس بکرامته فاعلموا أنکم فی محضر الربوبیة وفی ضیافة الله تبارک وتعالى وانکم بمحضره تسیئون الادب مع عباده ، وان أهانة عباد الله هی بمثابة إهانة الله تبارک وتعالى.
ان عباد الله کافة تمت دعوتهم فی هذا الشهر الى ضیافة الله تعالى ، وان مضیفهم هو الله تبارک وتعالى وینبغی للضیف قبل الدخول الى هذه الضیافة الربانیة ، ان یکون عارفا بالمضیف ، مدرکا لمقامه من خلال اطلاعه على عادات و تقالید المجلس ویحرص أن لا یصدر عنه ما ینافی الاخلاق ویسیء الیها . ومن الطبیعی ان مفهوم هذه الضیافة یختلف عن الضیافة المادیة والاکل والشرب ، انها ضیافة روحیة ومعنویة، ولهذا یجب غسل ادران الذنوب والمعاصی لنکون اهلا لبلوغ عنایة وانوار المضیف .
و منذ لحظة تلبیة هذه الدعوة الکریمة ، ینبغی التحلی بالاداب و الاخلاق التی تجعلنا اهلا لنیل رحمة وعنایة الله تبارک وتعالى ، فالصوم لا یعنی الامساک عن الطعام والشراب فحسب ، بل ینبغی التمسک باحکام الله تعالى والعمل بالواجبات واجتناب المعاصی ایضا ، فحاولوا ان لا یکون صومکم مقرونا باقتراف الذنوب ، وفیما عدا ذلک وعلى فرض ان صیامکم کان صحیحا من الناحیة الشرعیة ، فانه لن یقبل ولا یرفع الى الله تعالى ، لان ارتفاع الاعمال الى الله سبحانه وقبولها لدیه جل و علا ، یختلف کثیرا عن صحتها الشرعیة .
اما الذنوب والمعاصی فهی تشمل على الغیبة والتهمة الاساءة والحقد والبهتان والاستهزاء وبث التفرقة والفتنة والنفاق و... . وینبغی ان یشتمل الصوم جمیع جوارح الانسان وان یحفظ الصائم لسانه ، ویغض عما لا یحل النظر الیه بصره وعما لا یحل الاستماع الیه سمعه من ذکر عیوب الاخرین او الکلام البذیء وتتبع عورات الاخرین فضلا عن الالتزام بجمیع الاحکام والمعاییر الشرعیة والاخلاقیة واجتناب الاعمال المحرمة والابتعاد عن المعصیة والفسوق .
ان اهمیة الابتعاد عن هذا النوع من المعاصی والذنوب تنسحب على الساحة السیاسیة ایضا ، و ان الاشخاص والتیارات والتکتلات والاحزاب السیاسیة التی تنعدم فیها الاخلاق فانها تتهم منافسیها بسرعة وبسهولة ، بالأکاذیب والافتراءات والغیبة والنمیمة والاغواء السیاسی و غیرها من المعاصی و الذنوب التی لها صبغة سیاسیة ولا هدف لها الا السیطرة وکسب السلطة والسمعة ، على حساب انتهاک کل مبادیء واسس الایمان والقیم الاخلاقیة .
ورکز الامام الخمینی کثیرا على اهمیة موضوع ترک المعاصی و الذنوب کشرط للدخول فی الحضرة الالهیة و لهذا صرح حول هذا الموضوع قائلا :
یجب ان یأمن المسلمون جانبکم . ومن لا یأمن المسلمون یده ولسانه وعینه فهو فی الحقیقة لیس بمسلم . إنما هو مسلم فی الظاهر والاسم . ان هذه العبارة تأکید على ضرورة رعایة "الاخلاق الاجتماعیة" و فی جمیع الابعاد والمجالات الثقافیة منها والسیاسیة والحکومیة لان الشعب الذی یرى الاخلاق الاجتماعیة مسؤولیة للغیر فانه بالاضافة الى عدم رعایة هذه الاخلاق فانه لا یتهاون فی ارتکاب المعاصی والذی سینعکس اثاره على لیس على نفسه فقد وانما على العناصر الثقافیة والسیاسیة الحکومیة و تنسحب صفات الکذب والافتراءات والاهانة واثارة الفتنة على نطاق واسع بالمسائل المتعلقة بالادارة الاستراتیجیة . ان هذه العبارة تستند الى حدیث الرسول الاکرم (ص) حیث یقول : المسلم من سلم المسلمون من لسانه ویده.. ان هذا الحدیث الشریف یخاطب جمیع افراد المجتمع وفی کل مهنة وفی کل المستویات الاجتماعیة و الاقتصادیة والسیاسیة بضرورة التحلی الانسان بالایمان والتقوى والاخلاص والصداقة لیکون موضع امان -على الاقل - للمسلمین ولا یتطرق بلسانه او بیده الى الاساءة لافراد المجتمع ویثیر الفتن والافتراءات والاکاذیب فی المجتمع .. والا فانه سیخرج من حظیرة الاسلام ویجلب لنفسه العذاب الالهی ، لان الاسلام لا یعنی فقط الامور العبادیة ، بل ان من اهم ابعاده واثاره التی لا تقل عن العبادة أهمیة هی رعایة الاخلاق والمعاییر والقیم الاجتماعیة والا فانه سیخرج من دائرة المسلمین .
واخیرا فان واحدة من الطرق لتحقیق قبول الصیام هی الامتثال الدقیق والکامل لجمیع المعاییر الاخلاقیة الشخصیة والسیاسیة والاجتماعیة ، التی یجب التعهد امام الله تعالى بالالتزام بها قبل حلول شهر رمضان المبارک ، لیکون خلال شهر رمضان مراقب للنفس وامان من الوقوع فی المعاصی وعدم الاعتداء على الحیاة الشخصیة والاجتماعیة للاخرین والابتعاد عن انتهاک کرامة وسمعة الابریاء من عباد الله الصالحین، وعدم بیع دیننا لاجل الوصول الى الشهرة والسلطة والمال، للمستکبرین الذین یتسترون بقناع الدین لتنفیذ ممارساتهم الباطلة واعتقاداتهم الواهیة و تحت اسم الاسلام والاحزاب والتیارات السیاسیة وصولا لاغراضهم واطماعهم الخاصة.
رقم: 194658