خبراء استشاريون: الإطار التنظيمي للبنوك الإسلامية يثير إشكالات قانونية في الرقابة
وكالة أنباء التقريب (تنا) :
شخّص خبراء في مجال المصرفية الإسلامية، مكامن الخلل في هيكل المؤسسات المالية الإسلامية وبنيتها الشرعية، واعتبروا أن معالجتها تعد من أقوى أنواع الرقابة بالمقارنة بالالتزام الذي يفرض من خارج المؤسسة عن طريق المعايير والضوابط والمؤسسات الرقابية والنظامية.
وأشاروا إلى أن الوضع القانوني للمؤسسات المالية الإسلامية يثير بعض الإشكالات، في ما يتعلق بإلزامية الرقابة الشرعية ويسبب غموضا حول وضعها التنظيمي، في ظل عدم الاتفاق على مفهوم المراجعة أو التدقيق الشرعي، مبينين أن الخلل نابع من عدم وجود معايير محددة تبين حدود عمل المراجع الشرعي.
ويعتقد الخبير المصرفي الدكتور مستعين علي عبد الحميد، أن تجربة المؤسسات المالية الإسلامية انطلقت للتطبيق بحد أدنى من التأصيل الفقهي والفني والاقتصادي واتخذت إطارا قانونيا يتمثل في شكل شركة المساهمة العامة ذات المسؤولية المحدودة التي تخضع لقانون الشركات مع بعض الاختلافات الطفيفة بين بلد وآخر.
وأشار مستعين إلى أن الوضع القانوني للمؤسسة المالية الإسلامية بصفة عامة وما يفرضه من تأثير على الطبيعة القانونية للهيئة الشرعية بصفة خاصة لا يزال يثير بعض الإشكالات التي تكتنف وضعها التنظيمي، لأنه منعزل ومبهم ويتحدد بالفعالية الفردية لأعضاء الهيئة الشرعية وللفريق الرقابي الذي يستوحي توجيهاته منها.
وأضاف مستعين: «ما لا يزال يثير بعض إشكالات إلزامية الرقابة الشرعية، في ظل اختلاف ذلك من بلد إلى آخر ومن مؤسسة إلى أخرى».
ومن النقاط التي لا تزال محل جدل ونقاش برأي مستعين، عدم الاتفاق على مفهوم المراجعة أو التدقيق الشرعي، فالمفهوم السائد برأيهم حتى الآن لدى الكثير من هذه المؤسسات للأسف مخالف للمفهوم العلمي المتعارف عليه في علم وفن المراجعة المستمد من التراث الإنساني، بينما هو برأيه لا يزال لا يتعدى في بعض المؤسسات مجرد الاطلاع على الحسابات الختامية للمؤسسة.
ويعتقد مستعين أن الخلل نابع من عدم الاتفاق على أو عدم وجود معايير محددة تبين حدود عمل المراجع الشرعي، مشيرا إلى أن هناك اختلافا حول التبعية الإدارية للجهة التي تقوم بالرقابة الشرعية، وذلك على الرغم من الاتجاه العام الذي يجعل التبعية الإدارية للهيئة الشرعية للجمعية العامة للمساهمين.
وفي جانب الأصول الشرعية التي يجب أن يرد إليها الأمر في سبيل إصلاح الخلل في هيكل وبنية العمل الشرعي في المؤسسات المالية الإسلامية، يعتقد مستعين أن الخلل في الهيكل الشرعي للصناعة المالية الإسلامية لا يمكن إصلاحه إلا برد الأمر إلى الأصول العامة التي تستمد منها هذه المؤسسات شرعيتها.
وقال مستعين: «على الرغم من هذه الحقيقة المهمة نجد أكثر الدراسات الاقتصادية الإسلامية المعاصرة تهتم فقط بجانب الأحكام والتشريعات التي نزل تفصيلها بالمدينة، بينما تتجاهل للأسف الجانب الإخباري الذي يوجد أكثره في القرآن الكريم الذي نزل بمكة، وترى أن الوظيفة العلمية للاقتصاد الإسلامي لا يأتي دورها إلا بعد تطبيق الإسلام في المجتمع تطبيقا كاملا ليكشف عن قوانين الاقتصاد الإسلامي». فالاقتصاد الإسلامي - وفق هذه النظرة - برأي مستعين يتمثل في كونه عملية تغيير فقط للواقع لا عملية تفسير له.
وأضاف مستعين أن الاقتصاد الإسلامي كما هو عملية تغيير للواقع هو أيضا عملية تفسير لهذا الواقع، مبررا ذلك أنه من لا يملك التفسير الصحيح للواقع وثوابته ومشكلاته قلما ينجح في التأثير على ذلك الواقع وتغييره، مما يعني أن قصر وظيفة علم الاقتصاد الإسلامي على التجربة الواقعية لمجتمع مسلم مثالي منتظر قيامه حتى يتسنى للناس كشف قوانينه الخاصة به.
وبناء على ذلك، فإن السبب في الانحراف في مسيرة المعرفة الاقتصادية الإسلامية النظرية مثلما هو الحال في مسيرة التطبيق العملي لها المتمثلة في المؤسسات المالية الإسلامية، مما يعني ضرورة الحاجة، إلى مرجعية ناجعة نتطلع إليها لتسعفنا في ترتيب أوضاع هذه المؤسسات.