وكالة انباء التقريب (تنا) :
أكد الدكتور عبدالحميد الغزالي استاذ الاقتصاد بجامعة القاهرة ان الاقتصاد الاسلامي حقيقة رغم تشكيك اعدائه الذين لا يعترفون به ويصفونه لا يزيد عن كلمات غير قابلة للتطبيق.. وأشار إلي انه يتميز بخصائص وسمات تميزه عن غيره من النظم الوضعية وان مستقبل التقدم الاقتصادي للأمة لن يكون إلا من خلاله.. جاء ذلك في دراسته وعنوانها "جوهر النظام الاقتصادي الاسلامي".
في بداية دراسته أوضح الدكتور الغزالي انه منذ أن وجد الانسان على ظهر الأرض وإلى ان يرث الله الأرض ومن عليها والمجتمعات الانسانية دائمة ودائبة العمل على إعمار الأرض من خلال معالجة "المشكلة الاقتصادية" وذلك وفقا لإطار انتاجي تنفيذي نطلق عليه جوازا واتفاقا مصطلح النظام الاقتصادي الذي يتكون من ثلاثة عناصر متميزة ومتساوية في الأهمية ولا يتصور وجوده بدون اي منها وهذه العناصر هي أدوات الانتاج أي الامكانات الانتاجية للمجتمع وعلاقات الانتاج أي عملية استخدام هذه الامكانات في الواقع وما يحكمها من قواعد وإجراءات وما يتولد عنها من مؤسسات وعلاقات وسلوكيات والمذهب الفكري وهو الأساس الفلسفي والنظري للنظام ويتمثل في المبادئ والقيم التي تفسر وجود النظام وتحكم عملية تسييره واستمراره خلال الزمن.
وأشار الى انه وفقا لهذا التحديد التعريفي فإن هذا النظام يقوم بعدد متميز من المهام في معالجته للمشكلة الاقتصادية توصلا لتحقيق غايته والمتمثلة في محاولة تحقيق سعادة الانسان الذي يعيش في كنفه وهذه المهام تشمل على سبيل الحصر تحديد الناتج المرغوب فيه كماً وكيفاً وتحديد الفن الانتاجي الذي يتعين استخدامه وتحديد معايير توزيع الناتج علي أفراد المجتمع وضمان أكفأ استخدام ممكن للامكانات الاستخدام الكيفي للموارد وضمان أكبر درجة من التشغيل لهذه الامكانات الاستخدام الكمي للموارد والعمل علي تنمية الامكانات أو القدرة الانتاجية للمجتمع خلال الزمن وتحدد درجة نجاح أو كفاءة النظام الاقتصادي في تنفيذ مهام الانتاج والفن الانتاجي والتوزيع والكفاءة الاقتصادية والتشغيل الكامل والتنمية الاقتصادية قدرته النسبية في تحقيق غايته وعما إذا كان نظاما متخلفا أو متقدما في نهاية الأمر كما تحدد طبيعة وخصائص عناصر النظام وفاعليته في إنجاز مهامه السمة المميزة له.
النظم الوضعية
وقال على هذا الأساس عرف الجنس البشري وضعيا ووفقا لتتابع زمني النظام البدائي ونظام الرق والنظام الاقطاعي والنظام الحرفي والنظام الرأسمالي والنظام الاشتراكي كما عاش تجربة ثرية ومضيئة في تاريخه تمثلت في النظام الاقتصادي الاسلامي وحيث ان هذا النظام صالح لكل زمان ومكان بثوابته وتغيراته وحيث ان النظامين المعاصرين وضعيا هما النظام الرأسمالي والنظام الاشتراكي ولهذا فإن الأنظمة المطروحة في ساحة التطبيق هي النظام الرأسمالي والنظام الاشتراكي والنظام الاسلامي ولقد حسمت أصلا الدول المتقدمة مسألة اختيار النظام وبقي علي مجموعة الدول النامية ومنها الاسلامية الحسم النهائي لهذه القضية وبدون هذا الحسم ستظل هذه الدول تتخبط بين الأنظمة المطروحة وفلسفاتها الحاكمة مما ينعكس بشكل سلبي مباشر علي حركة حياة هذه المجتمعات وفاعليتها الاقتصادية والاجتماعية ويعمق بالتالي مشكلاتها الهيكلية ويفرغ باستمرار للعديد من المشكلات الجديدة.
وبالقطع ومن خلال التجربة اتضح ان النظام الرأسمالي بمتطلباته ومقومات نجاحه والنظام الاشتراكي بعناصره وظروف قيامه لا يصلحا كإطار تنفيذي لمعالجة المشكلة الاقتصادية الحادة في الدول النامية الاسلامية وذلك لعدم توافر مقومات نجاح كل من هذين النموذجين الوضعيين ايولوجيا وعمليا في هذه الدول ومن ثم يبقي الخيار الوحيد لخروج هذه الدول من إطار التخلف الذي تعيشه بشكل شامل وفعال هو الأخذ بالنظام الاسلامي جملة وتفصيلا كمعالجة عملية شاملة للمشكلات التي تعاني منها هذه الدول.
أساسيات هامة .
وعن أساسيات النظام الاقتصادي الاسلامي قال الدكتور الغزالي يقوم على عدد من القواعد العامة تشمل ما يلي:
١- ان الحاكمية والعبودية لله وحده سبحانه وتعالي.
٢- ان المال مال الله ونحن مستخلفون فيه.
٣- ان شقي الشريعة الاسلامية يرتبطان ارتباطا عضويا وموضوعيا ببعضها البعض "العبادات والمعاملات".
٤- ان معيار الحكم على الفرد وتصنيفه وفقا لمركزه الاجتماعي هو التقوي.
٥- ان مهمة الانسان علي ظهر الأرض هي عبادة الخالق تبارك وتعالي بالمعني الواسع والذي يشمل المعاملات أيضا.
٦- ان غاية الوجود على ظهر الأرض هو اعمارها ويرتبط بذلك تثمير الرمال.
٧- ان حركة الحياة الاقتصادية الاسلامية تستند أساسا بجانب الأخذ بالأسباب على البركة التي تعد بدورها نتيجة طبيعية لإقامة شرع الله.
٨- ان المسئولية محددة في إطار هذا النظام تحديدا واضحا.
خصائص متميزة
ورصد الدكتور الغزالي خصائص النظام الاقتصادي الاسلامي قائلا يتسم هذا النظام بخصائص محددة تكفل تسييره بمعدلات أداء مرضية وتهدف في النهاية إلى تحقيق مقاصد الشريعة من حفظ للنفس والمال والعقل والنسل والدين ومن أهم هذه الخصائص ما يلي:
١- أهمية دافع الربح في تسيير النشاط الاقتصادي ولكن بمفهوم وضوابط اسلامية محددة.
٢- أهمية نظام السوق وميكانيكية الائتمان بضوابطه الاسلامية السوق التعاونية الاسلامية والائتمان العادلة.
٣- مركز وأهمية العمل في هذا النظام واقترانه بالايمان.
٤- الحرص على الانفاق بشعبة الثلاث الاستهلاكي والاستثماري والصدقي على أساس ان الانفاق هو جوهر التنمية المستمرة.
٥- تحريم الربا كركن أساسي في هذا النظام منعا للاستغلال وضمانا لتوافر مجتمع منتج باستمرار.
٦- توافر صيغ استثمار حقيقي للأموال عن طريق تضافر العمل ورأس المال.
٧- تحريم الاحتكار والاكتناز وكل الممارسات الخاطئة في النشاط الاقتصادي من غش وتدليس ونجش.. الخ وذلك ضمانا لسوق اسلامية كاملة.
٨- نظام مالي متكامل مركزه الزكاة يشكل دعامة اساسية لدور محدد للدولة في توجيه وترشيد النشاط الاقتصادي.
٩- تكافل اجتماعي بناء يعمل على توفير تمام الكفاية لكل فرد من افراد المجتمع ويدفع الجميع على الاشتراك الفعلي في النشاط الاقتصادي تعميرا للأرض.
١٠- نظام توزيع فعال يقوم على اساس معايير العمل والحاجة والضمان.. فالغنم بالغرم والخراج بالضمان فمن يعمل يكسب ومن لا يستطيع أن يسد احتياجاته الأساسية "ضرورية وحاجية وتحسينه" عن طريق العمل يتم مقابلة بقية هذه الاحتياجات من خلال معيار الحاجة ومن يتحمل المخاطرة يستحق العائد الحلال.
١١- نظام ملكية متعدد يشمل ملكية الدولة والملكية الخاصة على اساس ان النوع الأخير يشكل عصب هذا النظام ويضبط بضوابطه الشرعية بمعني قيامه بوظيفته الاجتماعية.
١٢- نظام رقابي شامل من الفرد على نفسه ومن الفرد على الحاكم ومن الحاكم على الفرد من الخالق تبارك وتعالى على الجميع إلى آخر هذه الخصائص التي تشكل في مجموعها نظاما اقتصاديا فعالا ومتكاملا يحقق بكل تأكيد بعون من واضعه سبحانه وتعالي الحياة الطبيعية الكريمة على ظهر هذه الأرض والسعادة الحقيقية في الحياة الآخرة وبكل معايير التقدم المتعارف عليها وضعيا يفرز مجتمعا متقدما من الناحيتين الاقتصادية والاجتماعية.
وأنهي الدكتور الغزالي دراسته بالتأكيد على انه هذا ليس تحليلا نظريا وانما هو واقع عايشته البشرية في ظل التطبيق الكامل والصحيح لهذا النظام ولعل المثال الكامل لذلك في عهد الرعيل الأول وفي عهد الخليفة الراشد عمر بن عبدالعزيز حيث تحققت الرفاهية المادية والكلية بأجلي صورها.
عرض : جمال سالم - عقيدتي