مفتى مصر : على النخب السياسية والإعلامية في أوروبا بلورة نظرة جديدة للعرب والمسلمين
وكالة انباء التقريب(تنا)
أكد فضيلة الدكتور علي جمعة مفتي الجمهورية أن مراكز الأبحاث والنخب المثقفة والأكاديمية والسياسية في أوروبا ووسائل الإعلام عليهم السعي لبلورة نظرة جديدة تجاه العرب والمسلمين باعتبارهم أعضاء في المجتمع الدولي لهم حقوق وعليهم في المقابل واجبات.
وأضاف فضيلة المفتي أنه يجب عدم النظر إليهم باعتبارهم طابورا خامسا وموضع شك باستمرار، حتى يمكن إزالة عقدة الخوف والاضطهاد التي بدأ كثير من المسلمين في بلاد الغرب يشعرون بها.
وفي المقابل دعا مفتي الجمهورية القيادات الإسلامية الدينية المستنيرة في الدول الإسلامية أن تقوم بدورها وتتحمل مسئولياتها في نشر القيم والمبادئ الإسلامية الصحيحة الداعية إلى التمسك بالجوهر بعيدا عن المظاهر والقشور وإزالة ما علق بالإسلام من تشوهات وتفسيرات خاطئة أو تفسيرات جامدة في أذهان الكثيرين في الغرب .
وقال فضيلته أن إرساء "الثقة" و "الفهم"، بين العالمين الإسلامي والغربي عملية تستلزم وجود شركاء من الجانبين لديهم الرغبة الصادقة في الحوار حيث أنه لا معنى ولا تأثير للحوار من طرف واحد ولابد أن ينبع الحوار من الاعتراف بالهويات والخصوصيات ويحفظ احترام الآخر ولا يسعى للسيطرة عليه أو إثارة العداوات والنابع من احترام التعددية الدينية والتنوع الثقافي، و البعيد كل البعد عن قهر أحد الطرفين الطرفَ الآخر.
وأشار فضيلة المفتي إلى إننا كمسلمين فخورين بحضارتنا الإسلامية ولا ننكر وجود وأهمية الثقافات الأخرى، ونؤمن أن كل من كان عمله سعيا لرقي العالم فهو شريك لنا في إعمار الأرض.
وأوضح فضيلة المفتي أن المسلمين في الدول الأوروبية يمثلون أقلية يجب عليهم تحمل مسئولياتهم في العمل والعطاء من أجل المجتمع الذي يعيشون فيه والسعي نحو الاندماج في المجتمع أو الوطن الذي اختاروه اندماجا يحقق لهم التعايش والتجانس مع باقي طوائف المجتمع بالشكل الذي يحافظ على الذاتية الثقافية أو الدينية ذات البعد العقلاني والمعتدل والذي يستوعب ويتفاعل مع الحضارات والمجتمعات الأخرى .
وحذر المفتي من اعتقاد بعض أفراد الجالية المسلمة في أوروبا أن مستقبل الإسلام معلّق على ارتداء النقاب وإطلاق اللحى وإقامة المآذن فقط، مع تأكيده على أنه لا ينبغي للدول الأوروبية التدخل في هذه الأمور، وحذر فضيلته أن بعض أفراد الجاليات المسلمة تتعاطى مع المجتمعات الغربية وكأنهم لم يبرحوا بلادهم التي تركوها قبل عقود دون اكتراث لهويتهم الجديدة وهو ما يزيد من موجة الفوبيا والكراهية لدى الطرف الآخر واستطرد فضيلته قائلا "نحن نطالب بالاندماج الإيجابي وليس الذوبان".
كما أكد فضيلة المفتي أن الوجود الإسلامي في أوروبا مستقر ولا يمكن شطبه أو إلغاؤه، والمطلوب من الجميع التفكير في كيفية المحافظة عليه بدلا من زيادة موجة الفوبيا والكراهية، خاصة وأن الإسلام أكثر الديانات انتشاراً في أوروبا، وذلك لم يأت نتيجة مظاهر الإسلام (الطقوسي) الشكلي، ولكن بسبب المضمون الروحاني الذي يجذب الهاربين من سطوة الحياة المادية، وتاريخه الخال من التطهير العرقي، أو محاكم التفتيش، أو الاعتناق القسري، وهو ما توصلت إليه دراسة قام بها ريتشارد دابليو بوليت الذي أثبت أنه بالرغم من سرعة انتشار الدولة الإسلامية إلا أن دخول السكان في الإسلام استغرق مئات السنين، لذا فإن دين الإسلام في الحقيقة قد انتشر بالحب والتزاوج والعلاقات الأسرية وليس بالسيف ، وعنايته بالمنظومة الأخلاقية لدرجة أن القرآن كتاب التشريع الإسلامي فيه ما يزيد على ٦٠٠٠ آية، تتعلق ٣٠٠ منها فقط بالتشريع ، والباقي متصل ببناء شخصية إسلامية خلوقة، وبالمثل هناك ما يزيد عن ٦٠٠٠٠ حديث نبوي يتصل ٢٠٠٠ منها بالأمور التشريعية والباقي يتناول مكارم الأخلاق.
مكتب القاهرة