سماحة آية الله الشيخ التسخيري: هناك جهات معينة تمثل اتجاهاً فكرياً خطيراً وقفت وراء هذا الشخص، وهؤلاء عملاء مأجورون لحساب بريطانيا التي استفادت منهم في الوقت المناسب، أي في الوقت الذي عم فيه الغضب الشارع الإسلامي على دعوة قس أميركي لإحراق القرآن الكريم في ذكرى أحداث الحادي عشر من سبتمبر، وكان هدفهم من ذلك تغيير اتجاه مظاهر التنفر ومشاعر الكراهية إلى داخل المذاهب الإسلامية وإثارة الفتنة في صفوف المسلمين.
وكالة أنباء التقريب (تنا) : أكد سماحة آية الله الشيخ محمد علي التسخيري، الأمين العام للمجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الإسلامية: إن فتوى قائد الثورة الإسلامية كانت بحق بلسماً شافياً لجراحات الأمة وآلام المسلمين، وقد جاءت لتخمد شرارة لهيب كان من الممكن أن يستعر لولا صدور هذه الفتوى.
وقال سماحته في حوار مع صحيفة (جمهوري اسلامي) في عددها الصادر بتأريخ (٣١/١٠/٢٠١٠): إنني أحمل لسماحة قائد الثورة رسائل شكر وتقدير المئات من العلماء والشخصيات الإسلامية البارزة في شتى أنحاء العالم، ومنهم العلماء الذين التقيت بهم في بلدان إسلامية قمت بزيارتها مؤخراً كماليزيا واندونيسيا وأفغانستان والسودان وكازاخستان وسورية، والذين أعربوا عن خالص شكرهم وتقديرهم لسماحة قائد الثورة على فتواه الحكيمة والشجاعة.
وحول تزامن محاولات إيقاع الفتنة بين الاخوة الشيعة والسنة مع حادثة دعوة القس الأميركي لإحراق القرآن الكريم في ذكرى أحداث الحادي عشر من أيلول، قال سماحة الشيخ التسخيري: أعتقد أن الإستعمار البريطاني العجوز وحليفتها أميركا التي تتبع سياسات بريطانيا في هذا المجال، تمتلكان عملاء مخفيين للإستفادة منهم في الوقت المناسب.
وأضاف: حينما دفعوا بسلمان رشدي إلى الساحة ليسيء لمقدسات الإسلام، فإنهم كانوا يرومون هدفاً أوسع من ذلك، وهو الإساءة لكل الأديان السماوية، فبدأوا أولا بانتاج فيلم بعنوان (الوصايا العشر) كان حافلاً بالإساءة لنبي الله موسى (ع)، ليختبروا من خلاله مدى غيرة اليهود على دينهم، لكن اليهود لم ينبسوا ببنت شفة، ثم أنتجوا فيلماً حول النبي عيسى (ع) ليختبروا من خلاله المسيحيين، لكن زعماء المسيحيين أيضاً لم يشاهد منهم أي رد فعل، ثم عرجوا على الدين الإسلامي وخططوا لإنتاج فيلم يسيء للنبي الأعظم (ص)، وقبل أن ينتجوا هذا الفيلم، قدموا سلمان رشدي إلى الساحة من خلال كتابه الآيات الشيطانية والإساءة لرسول الله (ص) وأهل بيته (ع) وأزواجه، ولكن ولله الحمد كان العالم الإسلامي لهم بالمرصاد، فواجهوا ردود أفعال غاضبة من جانب المسلمين، وانبرى الإمام الخميني الراحل (ره) ليعلن عن موقفه القاطع بهذا الشأن ويتصدى بكل حزم لهذه المؤامرات، وكان هذا كافياً ليدركوا أن المسلمين لا يسمحون بأدنى إساءة لدينهم ومقدساتهم.
وتابع سماحته قائلاً: بالأمس كان سلمان رشدي، واليوم دفعوا بعميل آخر إلى الساحة، أنا واثق من أن ياسر الحبيب هو عميل لبريطانيا، هذا الشخص كانت له علاقات وثيقة مع السفارة الأميركية في الكويت، وقد تم الإفراج عنه هناك بعد وساطة قامت بها السفارة الأميركية حيث توجه بعد ذلك إلى بريطانيا.
في الحقيقة، إن ياسر الحبيب لم يكن لوحده في هذه القضية، بل هناك جهات معينة تمثل اتجاهاً فكرياً خطيراً وقفت وراء هذا الشخص، وهؤلاء عملاء مأجورون لحساب بريطانيا التي استفادت منهم في الوقت المناسب، أي في الوقت الذي عم فيه الغضب الشارع الإسلامي على دعوة قس أميركي لإحراق القرآن الكريم في ذكرى أحداث الحادي عشر من سبتمبر، وكان هدفهم من ذلك تغيير اتجاه مظاهر التنفر ومشاعر الكراهية إلى داخل المذاهب الإسلامية وإثارة الفتنة في صفوف المسلمين.
وحول ما يثار من وقت لآخر بخصوص المقبرة التي يزعم أنها تعود لأبي لؤلؤة في مدينة كاشان، قال سماحة الشيخ التسخيري: إن قضية هذه المقبرة هي أيضاً تأتي في سياق باقي المؤامرات، هذه المقبرة التي يثار حولها ضجيج مستمر هي في الحقيقة تعود لأحد الدراويش القدماء، إذ من المعلوم أن أبا لؤلوة قتل في المدينة المنورة ودفن هناك، هذا الشخص كان غلاماً للمغيرة بن شعبة زعيم الأمويين في المدينة، وليست له أية علاقة بالشيعة، بل كان يخدم أهداف الأمويين في المدينة، وللأسف جاء البعض وربطوا بين هذا الشخص الذي قتل في المدينة المنورة ودفن هناك، وبين الشخص المدفون في مقبرة "بابا شجاع" بمدينة كاشان والتي تعود إلى أحد الدراويش.
أعتقد أن إثارة مثل هذه القضايا الوهمية والخرافية تتم بواسطة جهات معينة ترى أن إثارة الخلافات بين الشيعة والسنة تجعلها تقترب أكثر من أهدافها وغاياتها المشؤومة.
وفي معرض إجابته عن تساؤل حول دور كل من الجمهورية الإسلامية الإيرانية والسعودية ومصر في استقرار الأوضاع في العالم الإسلامي باعتبارها الدول ذات التأثير المباشر في المجتمعات الشيعية والسنية في العالم الإسلامي، قال سماحة الشيخ التسخيري: يمكن القول أن لهذه الدول الثلاث الدور الأكبر في العالم الإسلامي. بالنسبة للجمهورية الإسلامية الإيرانية فدورها واضح وصريح، فهي حاملة لواء الصحوة الإسلامية سعياً لمستقبل قرآني مشرق للأمة الإسلامية، أما مصر فهي تمتلك مكانة هامة في العالم الإسلامي نظراً لمكانة الجامع الأزهر ودور هذا البلد في حركات النهضة الإسلامية والتقريب بين المذاهب، أما بالنسبة للسعودية فهي أيضاً لها نفوذ واسع في العالم الإسلامي نظراً لوجود الحرمين الشريفين في هذا البلد.
وأضاف سماحته: من هنا أعتقد أن لهذه الدول الثلاث دوراً مهماً ومسؤولية كبيرة في مجال التقريب بين المذاهب الإسلامية وإحباط المؤامرات التي تحاك لإثارة الفتنة الطائفية وتمزيق الصف الإسلامي، ولأجل تحقيق ذلك أرى من الضروري إيجاد تنسيق متكامل بين هذه الدول في المجالات الدينية، وبذلك يكون بالإمكان إخماد كل الفتن التي يسعى إليها الأعداء، ولو نجحنا في هذا الأمر نكون قد قدمنا خدمة كبيرة للأمة الإسلامية.
وحول الأهداف التي يسعى إليها المجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الإسلامية والأنشطة والفعاليات التي يقوم بها في إطار تحقيق تلك الأهداف، قال سماحة الشيخ التسخيري: نحن ندعو إلى الوسطية في الإسلام، ونسعى لتآلف القلوب وتآزر النفوس، ونبذ الطائفية والتطرف والتكفير والجمود، ونستخدم لأجل ذلك كافة السبل، وهناك العشرات من المؤتمرات الدولية التي نشارك فيها سنوياً في مختلف أنحاء العالم، كما إننا لا نزال مستمرين في نشر الكتب والإصدارات المتنوعة وبمختلف اللغات، والتي تعنى بنشر ثقافة الوحدة والتقريب بين المذاهب الإسلامية وتؤكد على القواسم المشتركة بين المذاهب، كالأحكام المشتركة، والرواة المشتركون، والعلاقات التأريخية الوثيقة بين علماء الشيعة وعلماء السنة، لنثبت بذلك أن إثارة الخلافات بين المسلمين ليست من الدين الإسلامي بشيء، وهي بعيدة كل البعد عن سيرة أئمة اهل البيت (ع) وأئمة الإسلام، وأنها ليست إلا غاية من غايات أعداء الأمة.
إننا جميعاً أعضاء أمة واحدة، نتقاسم فيها الآلام والآمال، ومسؤوليتنا جميعاً هي التصدي للتحديات الخطيرة التي تواجه هذه الأمة، لنستطيع بذلك تحقيق أهدافنا وتطلعاتنا، ونخطو باتجاه غد قرآني وضاء، ومستقبل إسلامي زاهر إن شاء الله تعالى.
وفي رده على تساؤل بخصوص تصريحات شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب حول الشيعة، قال سماحته: تربطني بالدكتور أحمد الطيب صداقة قديمة، وأنا أعرف جيداً أفكاره ورؤاه التقريبية الأصيلة، وأعتقد أن توليه لهذا المنصب سيكون له آثار إيجابية في مسار التقريب بين المذاهب، وآمل أن تتوفر ظروف أفضل لتعاون وثيق بين علماء الجمهورية الإسلامية الإيرانية وعلماء الأزهر، ونحن في المجمع العالمي للتقريب على أتم الإستعداد لدعم أي خطوة يمكن لها أن تخدم حركة التقريب بين المذاهب وترسيخ دعائم الوحدة الإسلامية.