لقد تم في السابق عقد الكثير من المؤتمرات المشابهة لهذا المؤتمر بهدف تبادل وجهات النظر، ويأتي هذا المؤتمر كحصيلة للتجارب التي تم اكتسابها طوال العقود الأخيرة في مجال تبادل الأفكار ووجهات النظر بين المسلمين والمسيحيين.
مؤتمر حوار الأديان - جنيف
9 Nov 2010 ساعة 14:32
لقد تم في السابق عقد الكثير من المؤتمرات المشابهة لهذا المؤتمر بهدف تبادل وجهات النظر، ويأتي هذا المؤتمر كحصيلة للتجارب التي تم اكتسابها طوال العقود الأخيرة في مجال تبادل الأفكار ووجهات النظر بين المسلمين والمسيحيين.
وكالة انباء التقريب (تنا) :
بدعوة مشتركة من المجلس العالمي للكنائس (WCC)، وجمعية الدعوة الإسلامية العالمية، ومؤسسة أهل البيت الملكية، ومجموعة "عالم واحد مشترك"، اجتمع ٦٤ شخصية من الزعماء المسلمين والمسيحيين والباحثين والناشطين السياسيين والدينيين من جميع أنحاء العالم في جنيف للفترة من ١- ٤ نوفمبر، لتدارس الطرق العملية والواقعية لبناء مستقبل مشترك تسعى من خلاله المجتمعات البشرية إلى تحقيق المزيد من العدالة وترسيخ القيم الإنسانية على أساس من المساواة والعيش الإنساني المشترك والإحترام المتبادل.
أهداف المؤتمر
لقد تم في السابق عقد الكثير من المؤتمرات المشابهة لهذا المؤتمر بهدف تبادل وجهات النظر، ويأتي هذا المؤتمر كحصيلة للتجارب التي تم اكتسابها طوال العقود الأخيرة في مجال تبادل الأفكار ووجهات النظر بين المسلمين والمسيحيين.
إن الهدف من هذه الإجتماعات هو التأكيد على ضرورة مواصلة حوار الأديان، والتأكيد على مراعاة قواعد العيش المشترك، ودور الأديان في تحقيق الأمن والسلام، بدلاً من إبراز خصائصها المثيرة للتجاذبات، وكذلك التأكيد على دور التعليم في إزالة مظاهر عدم الثقة بين المجتمعات الدينية.
الجلسة الإفتتاحية
وفي جلسة الإفتتاح، قدم منظموا المؤتمر وجهات نظرهم حول المحاور والموضوعات التي تناولها المؤتمر، كما ألقى الخبراء المشاركون كلمات قصيرة حول هذه المواضيع، ثم استمع الحضور إلى تقارير لجان العمل المختصة.
وفي مستهل حفل الإفتتاح، رحب الأسقف الدكتور اولاف تويت، الأمين العام للمجلس العالمي للكنائس، بالمشاركين في المؤتمر، وقدم شكره للمسلمين على متابعتهم لهذا الشأن، وقال: إن هذا المؤتمر وما يجري فيه من تبادل للأفكار والآراء، هو على أساس التجارب الطويلة المكتسبة على مر السنين من انعقاد مثل هذه المؤتمرات التي كان للمجلس العالمي للكنائس مشاركة فاعلة في انعقادها، مضيفاً: إن المجلس العالمي للكنائس (WCC) ومنذ تأسيسه، لم يسع إلى الوحدة بين جميع الكنائس فحسب، بل إنه قام ببذل جهود مكثفة لوحدة كل المجتمعات البشرية.
ثم تحدث الدكتور ابراهيم رابو بالنيابة عن الدكتور محمد أحمد الشريف، الأمين العام لجمعية الدعوة الإسلامية العالمية (WICS)، قائلاً: إن جمعية الدعوة الإسلامية العالمية تعتقد أن الحوار بين الأديان والتعاون الثقافي هما من أنجع الوسائل الممكنة لمواجهة التحديات العالمية، سواء المذهبية منها أو التعليمية أو الإجتماعية.
وأضاف: لقد جمع هذا المؤتمر عدداً كبيراً من زعماء المسلمين والمسيحيين ومن مختلف المجتمعات ليجلسوا مع بعضهم البعض، في الوقت الذي نعرب فيه جميعاً عن قلقنا البالغ إزاء انتشار ظاهرة العنف والتطرف في العالم.
وأشار إلى القرار الذي اتخذته السلطات السويسرية بحظر تشييد المآذن في هذا البلد وقال: إننا كمسلمين ومسيحيين نعرب عن قلقنا العميق إزاء نتائج هذا القرار وتبعاته، مؤكداً إن هذا القرار مخالف تماماً لما كنا نتصوره في أذهاننا عن هذا البلد، ونعتقد أن الفرصة لا زالت سانحة لمعالجة واعية لهذا الأمر.
بعد ذلك تحدث كل من الدكتور توماس ويبف ممثلاً اتحاد الكنائس البروستانتية في سويسرا ومجلس الأديان السويسري، وفضيلة الشيخ يوسف ابراهيم إمام مسجد جنيف، حيث أعربا بدورهما عن أسفهما العميق للقرار المذكور الذي اتخذته الحكومة السويسرية.
من جانبه أشار الأمير غازي بن محمد بن طلال من الأردن في كلمته إلى البيان الذي وقع عليه ١٣٨ باحثاً إسلامياً في اكتوبر ٢٠٠٧ والذي حمل عنوان "عالم واحد مشترك"، حيث أكد الباحثون في هذا البيان على أصل الدفاع عن الضعفاء مع غض النظر عن انتماءاتهم الدينية والمذهبية، وهو ما يشمل المسلمين والمسيحيين على حد سواء، كما لفت إلى ما قام به عبد القادر الجزائري من إنقاذ أرواح الآلاف من المسيحيين عقب اندلاع نزاع طائفي في الثلاثينيات من القرن التاسع عشر.
بدوره ألقى الأسقف آندره وجرود من السويد كلمة تطرق فيها إلى التغييرات الهامة التي حصلت في القرن الماضي والتي بدأت بقيام الغرب بغزو مناطق كثيرة من العالم والفجائع التي تسببوا فيها، وانتهت إلى قيام نخبة من النشطاء الذين يمتلكون رؤى منفتحة بالإجتماع تحت سقف واحد وطرح أفكارهم الخاصة بحوار الأديان وتصوراتهم العالمية.
جلسات العمل
بعد ذلك عقدت جلسات عمل المؤتمر، وقدم وزير الإعلام اللبناني طارق متري ورقة أشار فيها إلى أن الأنظمة القومية الحديثة أعادت الحياة للصراعات التأريخية القديمة، وأن هذه الأنظمة حينما تواجه أزمة تعرضها للخطر، فإنها تلجأ إلى صب جام غضبها على كل من يساعد وقوعه في المعاناة على خروجها من الأزمة، وهم في الغالب الأقليات الدينية.
من جانبه أكد الدكتور عارف علي رئيس المركز الإعلامي للبحوث والدراسات في دبي على التوجهات المتزايدة نحو السلام في العالم، مضيفاً: إن كلا الدينين الإسلامي والمسيحي يؤكدان من خلال تعاليمهما الدينية على ضرورة مراعاة حق الجار والإهتمام به. كما أشار إلى الحاجة الملحة لإصلاح حال المؤسسات الدينية وإعادة تأهيلها.
بدوره قال الأسقف "كجل مكنه بونده ويك" رئيس مركز اوسلو لحقوق الإنسان ومدير قسم العلاقات الدولية في المجلس العالمي للكنائس (WCC) ورئيس الوزراء النرويجي الأسبق: إن الإنتصار في الصراع من أجل السلم هو أصعب من الإنتصار في الحرب، مشيراً إلى أن من المبادئ والقيم التي أكد عليها النبي عيسى (ع) هو محبة الجار والتودد إليه.
كما تحدث البروفيسور فريد اسحاق من جامعة جوهانسبورك، الذي اعتبر أن العدالة لا يمكن تحقيقها إطلاقاً من خلال المشاعر الإنسانية، إلا إذا سارت البشرية نحو هذا الهدف بعزم وإرادة.
ثم تحدث الدكتور جعفر عبد السلام، الأمين العام لاتحاد الجامعات المصرية والأستاذ الفخري في جامعة الأزهر، الذي أكد أن القرآن الكريم يعتبر التنوع والتعدد من الخصائص الهامة والطبيعية للبشر، مضيفاً: إن الإسلام يشدد على مساواة جميع الناس، كما أمضى النبي الأعظم (ص) فترة طويلة لمقارعة التبعيض والتفضيل، وأعلن أن الناس كلهم سواسية.
وفي ختام المؤتمر أصدر المشاركون القرارات والتوصيات التالية:
١. إننا نعرب عن قلقنا المشترك بخصوص عالمنا ومجتمعاتنا، ويجب علينا جميعاً أن نسعى لمعالجة السلبيات الموجودة.
٢. إننا نعتقد بأن التعاليم الإلهية بخصوص معرفة الآخر، وكذلك حب الله وحب الجار، هي الأساس الذي يلقي على عاتقنا مسؤولية مشتركة، ويمهد لنا الطريق لمعالجة مشاكلنا المشتركة.
٣. باعتباره أمراً ضرورياً لتواصل الحوار بيننا، فنحن نطالب بتعميق الفهم الديني والإلهي المشترك بين الإسلام والمسيحية.
٤. إننا جميعاً نتعهد بالعمل على مواجهة التبعيض، وإساءة إستخدام القوانين، والقيود القانونية غير العادلة الخاصة بالهوية الدينية.
٥. إننا جميعاً نتعهد بالقضاء على الآثار التي خلفها انعدام العدالة والتوجهات العامة إلى إيجاد التبعيض ضد المجتمعات المذهبية.
٦. إننا جميعاً نتعهد بإعانة المؤسسات الدولية الأهلية المتوافقة معنا في الأفكار والتطلعات، والمنع عن قيام الجهات الدينية بالتبعيض ضد المجموعات العقائدية.
٧. إننا نطالب بتشكيل مجموعة عمل خاصة، لكي نستطيع معالجة أية مشكلة يمكن لها أن تحدث بين المسلمين والمسيحيين.
٨. يجب علينا جميعاً أن نسعى للمنع عن إساءة استخدام الدين لأجل افتعال الأزمات والمشاكل، وبالمقابل توجيه الدين نحو معالجة الأزمات على أساس من العدالة والمشاعر الإنسانية.
٩. إننا نوصي منظمي هذا المؤتمر للتخطيط لبرنامج مشترك يهدف لما يلي:
أ) حث المجتمعات التي تمتلك كثافة سكانية عالية على المشاركة مع بعضها البعض في التجارب البناءة في الحياة.
ب) جمع ونشر أهم الإنجازات التي تم تحقيقها في الأنشطة والبرامج التي تهتم بمجال إشاعة ثقافة الحوار والتعاون بين الأديان.
ج) الإهتمام بمعالجة المشاكل والمعضلات الإجتماعية والإقتصادية التي يعاني منها مليار أنسان فقير في العالم، الذين يتعرضون إلى أسوأ الأزمات العنصرية والقومية والدينية.
د) الإهتمام بقضايا الطبيعة والتغيرات المناخية والتحديات التي تواجهها المجتمعات البشرية في الوقت الحاضر.
١٠. إننا نؤكد على أهمية التعليم المناسب والمعتدل بخصوص دين "الآخرين" في جميع الستويات الدراسية.
١١. إننا نطالب دور النشر بالإيفاء بمسؤولياتها ونشر تقارير متوازنة فيما يتعلق بشؤوننا.
وحول الأحداث والمستجدات الحالية، أكد المؤتمرون على ما يلي:
- يعرب المشاركون عن أسفهم إزاء ما تعانيه بعض الأقليات في أنحاء مختلفة من العالم، والتي أصبحت ضحية يستفيد منها البعض للهروب من الحقائق والواقعيات.
- لقد انعقد هذا المؤتمر في وقت صادف وقوع حوادث مؤلمة في العراق، وقد أصدر المؤتمر بياناً بهذا الخصوص.
- يعرب المشاركون عن قلقهم تجاه الإستفتاء المزمع إجراؤه في المستقبل القريب في السودان، ومن المهم هنا التأكيد على أن هذا التوتر يجب أن لا يعتبر تخاصماً بين المسيحيين والمسلمين.
- يعرب المشاركون عن قلقهم إزاء القرار السويسري بحظر بناء المآذن، ويقدمون شكرهم لكل الجهود الحثيثة التي بذلت لمواجهة هذا القرار.
رقم: 30749