لقد کان الامام علي الهادي (ع) قدوة في الاخلاق والزهد والعبادة ، ومواجهة الظلم ورفض الظالمين ، ومنارا للعلم والالتزام ، لذا فقد وصفه العلماء ورجال السياسة بما يستحق من صفات العلم والفضل والادب وقد قال ابو عبد الله الجنيد : ( والله لهو خير اهل الارض وافضل من برية الله تعالى - في عصره - ) مآثر الکبراء / ج٣.
في النصف من ذي الحجة سنة ٢١٣ للهجرة النبوية ، اشرقت الدنيا بميلاد الامام علي بن محمد الهادي عليه السلام فهو من سلالة امير المؤمنين علي بن ابي طالب عليه السلام .
وقد نشأ الامام الهادي عليه السلام وترعرع في ظل ابيه وتحت رعايته الکريمة، فابوه الامام محمد الجواد عليه السلام وارث علوم اهل البيت حامل معارف الرسالة وهو الذي حدد الامام من بعده وقد ورد ذلك في مواطن يؤکد فيها ان ( الامر من بعدي لولدي علي) . الفصول المهمة - ابن الصباغ المالکي .
الامام الهادي عليه السلام احد ائمة اهل البيت عليهم السلام الذين ورثوا أبا عن جد عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، الايمان والعلم والخلق والتقوى ولذلك ترك رسول الله (ص) في الأمة وصيته الخالدة :
(إني تارك فيکم الثقلين کتاب الله وعترتي اهل بيتي ما إن تمسکتم بهما لن تضلوا ) رواه مسلم / ج١٥.
وقال صلى الله عليه واله وسلم : ( نحن اهل بيت لايقاس بنا احد ) .
لقد کان الامام علي الهادي (ع) قدوة في الاخلاق والزهد والعبادة ، ومواجهة الظلم ورفض الظالمين ، ومنارا للعلم والالتزام ، لذا فقد وصفه العلماء ورجال السياسة بما يستحق من صفات العلم والفضل والادب وقد قال ابو عبد الله الجنيد : ( والله لهو خير اهل الارض وافضل من برية الله تعالى - في عصره - ) مآثر الکبراء / ج٣.
واشتهر عن الامام سمو أخلاقه وعلو شأنه ووسع علمه ولم يستطع اخفاء ذلك حتى اعداء الامام من اعوان السلطان ، وذات مرة هجموا على الامام ليلا ، کما تحدثنا عن ذلك کتب التاريخ : ( فهاجموا داره فلم يجدوا فيه شيئا في بيت مغلق عليه وعليه مدرعة من صوف وهو جالس على الرمل والحصى ومتوجه الى الله تعالى يتلو آيات من القران ) سبط ابن الجوزي - تذکرة الخواص .
وعلى تلك الحال حمل الى المتوکل العباسي وأدخل عليه وکان المتوکل في مجلس شراب ، وبيده کأس من الخمر فناول الامام الهادي عليه السلام فردَ الامام : ( والله ماخامر لحمي ولادمى قط ، فاعفني ) فأعفاه ، فقال له : انشدني شعرا فقال الامام علي (ع) ( انا قليل الرواية للشعر ) فقال : لابد ، فانشده :
باتوا على قلل الأجبال تحرسهم غلب الرجال فلم تنفعهم القلل
واستنزلوا بعد عز من معاقلهم وأسكنوا حفرا يا بئس ما نزلوا
ناداهم صارخ من بعد دفنهم أين الأساور والتيجان والحلل
أين الوجوه التي كانت منعمة من دونها تضرب الأستار والكلل
فأفصح القبر عنهم حين ساءلهم تلك الوجوه عليها الدود تقتتل
قد طالما أكلوا دهرا وقد شربوا وأصبحوا اليوم بعد الأكل قد أكلوا
فبکي المتوکل حتى بلَت لحيته دموعه وبکي الحاضرون ) . سبط ابن الجوزي / تذکرة الخواص وکتاب الائمة الاثنا عشر لابن طزولون .
إن الناظر المتأمل في هذه الوثائق التاريخية يستطيع ان يعرف مكانة الامام الهادي عليه السلام وعبادته وورعه وتعلق الناس به واحترام الجميع له ، فهو على کل حال ملازم للعبادة ، حليف للقرآن معرض عن الدنيا يعرف ذلك، خاصة الناس وعامتهم ويشهد به احباؤه وخصومه .
وواصل الامام الهادي عليه السلام نهج اهل البيت عليهم السلام العلمي في کل مجال وعلم من علوم الشريعة ومعارفها امتدادا لجهود الائمة من قبله في احياء معالم الدين وتنزيهها من التحريف والتزييف الذي الحقه بها الحکام الظالمون والعلماء المنحرفون واصحاب البدع والافکار الضالة.
وکانت جهود اهل البيت عليهم السلام تترکز لحفظ الشريعة نقية خالصة کما جاء بها سيد المرسلين صلى الله عليه وآلة وسلم ولذا اتجهت الکثير من احاديثهم وما کتبه تلامدتهم في بيان عقيدة التوحيد ونفي التجسيم والتشبيه وغيرها من الظنون والاوهام عنها ، وفي بيان آيات القرآن الکريم وتوضيوح شؤون الاحکام الاسلامية في مختلف شؤون الحياة .
وقد کان الامام الهادي عليه السلام مرجع اهل العلم والفقه والشريعة في عصره فقد ذکر الشيخ الطوسي في کتابه الرجالي ، مائة وخمسة وثمانين تلميذا وراوية اخذوا ورووا عن الامام الهادي عليه السلام .
وکانت حياة الامام علي الهادي عليه السلام حياة علم وعمل ودعوة لکتاب الله وسنَة رسوله صلى الله عليه واله وسلم الى جانب کونها حياة کفاح وصراع سياسي من اجل الحق والعدل ونصرة المظلوم .
لقد لاقى من حکام عصره الملاحقة والارهاب والتضييق واخرج من مدينة جده رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم واجبر على الاقامة في سامراء ليکون تحت الرقابة المباشرة وليعزل عن قيادة الامة التي كانت توالي اهل البيت عليهم السلام وهناك في سامراء قضي شطرا کبيرا من حياته حتى استشهد فيها في رجب سنة ( ٢٥٤ ) هجرية في ظروف غامضة وکان عمره الشريف يوم استشهاده احدى واربعين سنة .
وقال ابن شهر آشوب : ( وفي آخر ملک المعتمد استشهد مسموما وقال ابن بابويه : وسمه المعتمد ) کتاب مناقب آل ابي طالب /ج٤ ابن آشوب .