ينتهي المسار الانتقالي في تونس رسمياً بإجراء الانتخابات المحلية يوم السادس من أيار القادم والذي تتنافس فيه أحزاب سياسية ومستقلون، ويقترع فيه لأول مرة الأمنيون والعسكريون الذين مُنع عنهم التصويت في السابق. وقد لقي هذا التصويت الذي يخص القوى الحاملة للسلاح معارضة من أطراف عديدة اعتبرت أنه لا يجوز لهذه الفئة من التونسيين التصويت لأنها يجب أن تكون محايدة ولا يجوز لها التحزب أو التخندق مع هذا الطرف السياسي أو ذاك.

ويرى البعض أيضاً أن تصويت الأمنيين والعسكريين في الانتخابات هو مظهر من مظاهر البلدان الديكتاتورية ولا يليق بالديمقراطيات الناشئة، خاصة وأن التونسيين حتى في عهود الاستبداد لم يعرفوا هذا الأمر. وبالتالي، يستغرب هؤلاء منح حق التصويت للأمنيين والعسكريين في زمن البناء الديمقراطي ويعتبرون ذلك خطوة إلى الوراء تسيء إلى صورة تونس كدولة قطعت نهائياً مع الاستبداد وتروم إقامة دولة الحقوق والحريات.

مواطنون تونسيون
بالمقابل، ترى أطراف أخرى أن الأمنيين والعسكريين هم مواطنون تونسيون ويدفعون الضرائب بما في ذلك الأداءات البلدية ومن حقهم أن يدلوا بدلوهم في عملية اختيار مجلسهم البلدي. فلا يعقل، أن لا يساهم مواطن تونسي أيا كانت مهنته أو جنسه أو لونه في عملية اختيار من سيمثله على المستوى المحلي ويسدي له الخدمات البلدية مباشرة ودون وسطاء.

وفي هذا الإطار، يرى محمد درغام القيادي في حزب "المبادرة" الدستورية في حديثه لموقع "العهد" الإخباري أن الشأن المحلي يختلف إلى حد كبير عن الشأن الوطني فالأمر يتعلق بإسداء خدمات مقابل الأداء والضرائب وهي أشياء مرتبطة بالحياة اليومية للأمني والعسكري. وبالتالي، فالأمر لا علاقة له بالتسييس أو بالحياد وهي أمور تحضر بقوة، وبحسب محدثنا، في الانتخابات الرئاسية والتشريعية حيث تتنافس الأحزاب بشراسة للهيمنة على الحكم وتكون حظوظ المستقلين ضئيلة خلافا للانتخابات المحلية التي تكون فيها للمستقلين حظوظ وافرة.

خيار صائب
من جهته، يعتبر الناشط الحقوقي والسياسي التونسي باديس الكوباكجي أن تصويت الأمنيين والعسكريين في الانتخابات البلدية لأول مرة في تاريخ تونس هو خيار صائب يؤدي إلى إشراك الجميع في الحياة السياسية دون إقصاء. فالأمر وبحسب الكوباكجي لا يتعارض مع الدستور التونسي الجديد الذي ينص على مبدأ المساواة ويؤكد عليه.

ويضيف "رغم الإقبال الضعيف للأمنيين والعسكريين على صناديق الاقتراع إلا أنه لا محيد عن المواصلة في الاتجاه نفسه، أي تشجيع الأمنيين والعسكريين على الإدلاء بأصواتهم خاصة وأن منسوب الوطنية لديهم مرتفع. هناك استحقاق رئاسي وتشريعي السنة القادمة  ويجب على الأمنيين والعسكريين الحضور بكثافة للمشاركة في اختيار الرئيس والبرلمان وإبداء الرأي فيما يتعلق بمستقبل البلاد".