"أنا مسيحي أؤمن بمسيحيتي لكنني أحب الامام الحسين، هذا الامام الكبير العظيم.."
شاعر لبناني مسيحي : "سيرة الحسين(ع) نموذج للحياة"
8 Dec 2010 ساعة 10:15
"أنا مسيحي أؤمن بمسيحيتي لكنني أحب الامام الحسين، هذا الامام الكبير العظيم.."
وكالة انباء التقريب (تنا) :
فتى الشّهـــــادةِ ، جئتُ اليـــــــومَ أعتــــــذرُ
منكَ السّمــــــــاحُ ... وفيكَ الشّعرُ يختَمِـــــــرُ،
ثَراكِ يا كربلا ، كم لَفَّهُ عَبَقٌ،
عطرُ الألـوهـةِ في ريّاكِ يَـنْــتَـشِرُ،
في كلِّ حبّةِ رمـلٍ نـلتقي بطَلاً،
أرضُ الكراماتِ لم يَخْمُدْ لها سَعرُ....
"أنا مسيحي أؤمن بمسيحيتي لكنني أحب الامام الحسين، هذا الامام الكبير العظيم.."
جملة كلمات تحكي البطولة والشهادة الحمراء، والعزة والكرامة خطّتها يراع الشاعر المسيحي جورج زكي الحاج كاتباً الحسين (ع) رافعاً راية الحق بوجه الباطل. الإنتقاد إلتقت الشاعر المسحي "جورج زكي الحاج " الذي بحث عن الحسين وتعرّف إليه شهيداً حيّاً.
*جورج زكي الحاج، من هو ؟
ـ ولد جورج زكي الحاج في بلدة بقاعية بعلبكية هي امتداد لقلعة بعلبك منفلشة في ذلك السهل الفسيح الرحب المعطاء اسمها ايعات، تربينا في بيئة وفي مجتمع مختلط على صوت الجرس الذي كان يتمازج ويتآخى مع صوت المؤذّن، ولدت في بيت شاعري، الأمر الذي ترك في داخلي هذا الحسّ الشعري لتولد منه كلماتي في الحسين بن علي (ع).
* كيف كانت بداية حياة الشاعر جورج زكي الحاج؟
ـ دراستي الابتدائية كانت في قرية ايعات، ثم الانتقال بعد هذه المرحلة الى مدينة بعلبك، لإنهاء المرحلة المتوسطة والمرحلة الثانوية الأولى،بعدها كان الدخول الى كلية الحقوق والعلوم السياسية والادارية في الجامعة اللبنانية، لكن الميل الى الأدب و حب الأدب والشغف الأدبي الذي كان ينتاب ذلك الفتى كان قد بدأ بكتابة الشعر وبنشر بعض المقطوعات الأدبية والشعرية في بعض المجلات والصحف اللبنانية، كل هذا دفع بذلك الفتى المراهق للإنتقال من كلية الحقوق الى كلية الآداب والعلوم الانسانية في الجامعة اللبنانية ليتخرج منها برتبة ماجيستير في اللغة العربية وآدابها. بعدها كان الانتقال الى جامعة القدّيس يوسف ليتخرّج برتبة دكتور في الأدب العربي ، ثم كانت المحطة الثالثة في الدراسات العليا في سراسبورك بفرنسا لتكون هناك دكتورا دولة أيضا في النقد الأدبي وعودة الى الجامعة اللبنانية.
* رحلة طويلة من الشعر والأدب، هل كان لهذه الرحلة دوراً بلقاءك بالإمام الحسين(ع)؟
ـ في ما يتعلّق بلقائي بالامام الحسين(ع)، كان هناك أكثر من محطة، المحطة الأولى هي محطة المجتمع، الذي ولدت فيه وتربيت فيه، وأنا صغير في السن كنت أذهب مع والدتي لنحضر مجالس العزاء التي كانت تقام في بلدتي خصوصاً في أيام عاشوراء، وهنا طُبِعت في ذهني تلك الصورة، وأعتقد أنّ ما أتخيّله اليوم وأنا في هذه السن كيف قتل الحسين في الطف نفس ما كنت أتخيّله عندما كنت طفلا، فالصورة التي طبعت في ذهني وأنا طفل هي نفسها التي رافقتني حتى اليوم. المحطة الثانية هو الوالد رحمه الله الذي فرض عليّ في سن مبكرة قراءة نهج البلاغة ، وحكم الامام علي، وكان كثيرا ما يناقش بعض المشايخ الذين كانوا يقصدونه بحكم العلاقة الجيّدة بينهم وكنت أستمع الى مواقفه الدفاعية في كثير من الأحيان والى رسم شخصية الامام، وراحت هذه الشخصية أيضا تُرسَم في ذهني حتى شببت على على شخصية الامام علي بن ابي طالب(ع) ومن ثم شخصية الامام الحسين بن علي بن ابي طالب(ع) وشخصية زين العابدين وشخصية الامام جعفر.
* ماذا وجدت في هذه الشخصية؟
ـ تعلّمت من الإمام الحسين(ع) أن الدين محبة، وتعامل الانسان مع الآخر، وتعلّقي بشخصية الامام الحسين لما تجسده هذه الشخصية من قيم انسانية عالية ولما فيها من شبه كبير بينها وبين شخصية المسيح الذي فدا البشرية أيضا ، ولما فيها من تقارب أيضا مع الشخصيات العالمية المعروفة على مدى التاريخ، ومما لا شك فيه أنّ الثقافتين المسيحية والاسلامية قد ظهرتا واضحتين في قصيدة الحسين حين أقول:
يــاابنَ الكِرامِ ، دروبُ الظُّلمِ حالِكَةٌ ،
فالشّوكُ يَملأُها ، والوحلُ والمَدَرُ ،
والرَّبُّ عَلَّمَنا : أنَّ الهُدى كَلِمٌ
تَبقى دهورًا ، وكلُّ الكونِ يَنْدَثِرُ
فالحِقْدُ إنْ صالَ ، عطرُ الوردِ يَـدْحــَرُهُ
والبُغْضُ إنْ طالَ ، باسمِ الحبِّ يَــنْــكَسِر..
ونُــصْرَةُ الحقِّ ، أعلى من ذُرى قِمَـمٍ ،
أسمى البطولاتِ باسمِ الحَقِّ تُخْتَصَرُ
إيهٍ حسينٌ ، وذكراكَ التي حُفِــرَتْ
في القلبِ ، في البالِ،آياتٍ كمـا الذِّكَرُ
تَبْقَى القَدَاسَةُ بنْتَ النَّاسِ ، يَحْمِلُها
شعبٌ أبِيٌّ ، ولوْ حُكَّامُهُ مَكَروا
وأنتَ تبقى على الأيّــَّامِ قـاطِبَةً
رمــزَ الفِــداءِ ... وهمْ رمزٌ لِمَن كَفَـــروا...
*كيف يكتب الشاعر الإمام الحسين(ع) شعراً؟
ـ عندما نكتب الإمام الحسين(ع) شعراً، الشاعر هنا ليس بحاجة ليبحث عن القيم الإنسانية لأنه هو منبع القيم بداءً من شخصيته وتاريخه وحياته وسلوكه الأخلاقي والديمي والإجتماعي، الحسين هو مدرسة للقيم الحياتية وهذا ما بدا واضحاً في عاشوراء هذا التاريخ الدامي الذي سيبقى وصمة عار على جبين الأمة التي قتلت مقدّسيها،ودورنا نحن ان ننشد لهذه القيم التي فدا الحسين بنفسه لأجل أن تبقى كلمة لا إله إلاّ الله هي الكلمة العليا.
*كيف يمكن هنا للشاعر أن يختار الكلمات التي تليق بمن يكتب؟
ـ الشاعر بحكم باللاوعي عنده انسان لغوي دون أن يكون قد درس اللغة، فالجمالية الشعرية التي تفرض نفسها على الشاعر تأتي مع الالهام والصورة والفكرة، بمعنى أن القصيدة تأتي منسجمة والشاعر الحقيقي الناجح هو الذي يستطيع أن يوفق بين موضوع القصيدة ولغتها ، بين جوهر الانسان ولباسه، وفي كتبابتي عن الحسين لا أعتقد انني كنت بحاجة الى التفتيش عن كلمات لتفي بالغرض، الموقف الذي كنت أصوّر فيه الحسين هو الذي كان يفرض عليّ الكلمات ويفرض عليّ المفردات ، لا بل يفرض عليّ تركيب الجملة اذا كان هذا المشهد يتطلب حروفا مفخّمة كانت الحروف تأتي مفخّمة اذا كان هذا الموقف يتطلب حروفا رقيقة يأتي به بشكل انسيابي دون تعب.
*الإمام الحسين(ع) كشخصية رفضت الظلم من أجل الحق، ماذا تعني لك على الصعيد الشخصي؟
في الحسين وجدت شخصية الثائر وشخصية القائد وشخصية الامام وشخصية البطل وشخصية الفاد. شخصيات عديدة وقيم مختلفة جمعها الحسين في شخصه، وأعتقد أن هذه القيم هي مدعاة فخر للانسان كما هي مدعاة عطاء أيضا للشاعر، وما اطمح اليه في حياتي أن أكتب ملحمة كاملة ليست في الامام علي وحده، وليست في الامام الحسين وحده ، بل ربما تختصر سيرة أهل البيت، لأني أرى أن سيرة هؤلاء الأئمة رمزاً للبطولة، فيهم الثورة والإيمان والتقوى، وهم نموذج للحياة الاجتماعية الصادقة، لممارسة الدين، للقتال في سبيل الله، بإختصار هم سيرة متكاملة وأعتقد أن أهل البيت يكفون لكتابة ملحمة طويلة ، وهذا ما أسعى أنا اليه.
ويختم الشاعر جورج زكي الحاج لقاءه ببضع أبيات من قصيدته في الحسين قائلاً:
كوفِيَّةً من فلسطينَ التي ذُبحَتْ
على أيـادي فلـولٍ ... أيْنَها التَّتَـرُ
في كلِّ طفلٍ حسينٌ صامِدٌ أبدًا
في وجهِ غـازٍ ـ أمـامَ الحقِّ يَنْـدَحِرُ
طفلٌ ..! وفي مُقلَتَيْهِ النَّصْرُ مُرْتَـسِمٌ
بينَ الدّموعِ ، كما الأنداءُ والسَّحَرُ
إنْ يُمْسِكِ التُّرْبَ، يُصْبِحْ تُرْبُهُ ذَهَـبًا
وفي الوقيعَـةِ يغدو مِدْفَعا حَجَرُ !
الانتقاد
أجرت الحوار : أمل شبيب
رقم: 33401