امريكا لم تستهدف الجماعات الارهابية المنسوبة للاسلام , وانما استهدفت الاسلام والشريعة الاسلامية واعتبرتها الخطر الاكبر الذي يهدد امريكا .
حملة جديدة من العداء للإسلام في أميركا
5 Jan 2011 ساعة 11:03
امريكا لم تستهدف الجماعات الارهابية المنسوبة للاسلام , وانما استهدفت الاسلام والشريعة الاسلامية واعتبرتها الخطر الاكبر الذي يهدد امريكا .
وكالة انباء التقريب (تنا) :
مع مطلع عام جديد، يبدو أن على أمتنا العربية والإسلامية أن تستعد لجولة جديدة من جولات العداء للإسلام والمسلمين قادمة من أميركا، ومصدرها هذه المرة مجلس النواب. فالنائب الجمهوري بيتر كينغ الذي سيتولى رئاسة لجنة الأمن الوطني في مجلس النواب الجديد، الذي يفتتح دورته اليوم (الأربعاء)، كان قد أعلن مؤخراً أن أحد الموضوعات التي تحتل قمة أولوياته، هو عقد جلسات استماع تبحث في ما أسماه «التهديد الذي يأتي من المساجد في أميركا». والنائب بيتر كينغ معروف بمواقفه المعادية للمسلمين، فهو من أنصار وضع المسلمين الأميركيين تحت الرقابة المكثفة، واختراق تجمعاتهم أمنياً بشكل دائم.
لكن بيتر كينغ لا يتحرك وحده في الواقع، فهو جزء من آلة سياسية ضخمة، تعمل منذ سنوات لجعل الإسلام ذاته، وليس الإرهاب، العدو الأول للولايات المتحدة الأميركية. فليست مصادفة أن يرتفع العداء للمسلمين في أميركا اليوم، بدرجة أعلى مما كان عليه الحال بعد سنوات قليلة من أحداث سبتمبر. فهو عداء تصنعه صنعاً قوى منظمة، تسعى بكل قوتها لتلك النتيجة. ومن دون الانتباه لما تقوم به هذه القوى، يبدو غريباً للغاية مثلاً أن يقوم ٧٠٪ من أبناء ولاية أوكلاهوما، التي لا يزيد عدد سكانها المسلمين على ١٪، بالتصويت لصالح قانون جديد للولاية يحظر الشريعة الإسلامية فيها!
والقوى التي تعمل بشكل منظم من أجل استعداء الأميركي العادي على الإسلام والمسلمين، هي خليط من المحافظين الجدد وغلاة الصهاينة واليمين الأصولي المسيحي. ولكل من تلك القوى أسبابها الخاصة في صنع هذا العداء، لكنهم جميعاً استغلوا تولي رئيس أسود لعائلة أبيه جذور إسلامية، من أجل تأجيج البيض المحافظين الذين يجدون في تنامي التعددية العرقية والإثنية والدينية الأميركية، خطراً على مقدراتهم. ورغم أن تلك القوى جميعها لا تردد صراحة أكذوبة إسلام أوباما، إلا أنها تسعى لتغذيتها عبر تجنب نفيها، واستخدام خطاب ملتبس يؤجج الشكوك بشأنها ويجعلها تصب في هدفهم الرامي لإقناع أكبر عدد من الأميركيين، بأن هناك مؤامرة إسلامية تهدف للإطاحة بدستور البلاد وتطبيق الشريعة بدلاً منه.
ولا تستهدف تلك القوى الجماعات الإرهابية التي تنسب نفسها للإسلام، وإنما تستهدف الإسلام نفسه. وبعد أن كانت تستخدم عبارات ملفقة في عهد بوش من نوع «الفاشية الإسلامية»، انتقلت اليوم إلى نقطة أعلى، حيث صارت تستهدف صراحة الشريعة الإسلامية ذاتها، باعتبارها «الخطر الذي يهدد أميركا»!
فمنذ عدة شهور كان «مركز سياسات الأمن»، قد أصدر تقريراً من ١٧٧ صفحة عنوانه «الشريعة: التهديد لأميركا». والمركز المذكور هو أحد معاقل المحافظين الجدد، ولعب دوراً مهماً في الترويج لغزو العراق، والدفاع عن التعذيب في السجون الأميركية، وغيرهما من الجرائم التي ارتكبها بوش الصغير. ورئيس المركز فرانك جافني، هو واحد من أكثر الصهاينة المتعصبين ضد العرب والمسلمين، وخطابه ينضح بعداء مرضي لكل ما هو عربي أو إسلامي.
أما التقرير نفسه فيعتبر أن «التهديد الرئيسي في هذا العصر»، هو الشريعة الإسلامية! ويزعم أن الخطر الذي يتهدد أميركا لا يأتي فقط من الإرهابيين الذين يحملون سلاحاً، وإنما من كل مسلم يؤمن بالشريعة، لأن إيمانه بها معناه أنه يؤمن «بالجهاد الحضاري»، الذي هو في تعريف التقرير وكتبته، عبارة عن عمل منظم وخفي يهدف لتقويض أميركا من الداخل وهدم دستورها، والسعي لإقامة الخلافة الإسلامية فيها وفرض الشريعة عليها.
والتقرير في جمعه للمعلومات وطريقة عرضها، يمثل حالة فريدة من التلفيق، وينطلق من الهجوم على الشريعة لينتهي في توصياته إلى مكارثية جديدة تمارس ضد المسلمين الأميركيين، بل وربما المسلمين عموماً. فهو يوصي الحكومة الأميركية بحظر أية ممارسات مصدرها الشريعة، على الأرض الأميركية. وهو يعطي مثلاً على تلك الممارسات، بالزكاة التي يؤديها المسلمون بناء على عقيدتهم الدينية. كما يدعو التقرير إلى التفتيش في الكتب عموماً والمدرسية منها خصوصاً، وتنقيتها من أية إشارة إيجابية للشريعة الإسلامية. بل ويطالب بحظر توظيف أي أميركي يدين بالإسلام، في وظيفة حكومية إذا كان يؤمن بالشريعة، ومنع هجرة أي مسلم يؤمن بها إلى أميركا. ويدعو التقرير صراحة إلى تشجيع المسلمين على إدانة الشريعة.
والتقرير منذ أن صدر قبل شهور، تم الترويج له على نطاق واسع، من جانب القوى المنظمة التي تسعى لتأجيج العداء للإسلام، بل استخدمت أطروحاته ومقولاته رموز سياسية بارزة في خطبها العلنية. فرئيس مجلس النواب الأميركي السابق نيوت غينغريتش، ألقى خطاباً وقتها وصف الشريعة بأنها «تهديد وجودي لاستمرار الحرية في أميركا والعالم». وقال إن أميركا تواجه خطراً داهماً يتهددها، ويتمثل في «تسلل الشريعة» إليها تمهيداً لفرضها.
بعبارة أخرى، فإن الحملة المنظمة التي تستهدف الإسلام والمسلمين، ليست جديدة ولكنها مستمرة، وتتم فيها كل يوم إضافة حجر جديد إلى الجدار العدائي الذي يتم تشييده ضد كل ما هو مسلم. الجديد في الحقيقة هو أن هذه القوى، التي ظلت فقط في مراكز الأبحاث والإعلام والساحة العامة منذ خروج بوش الابن من الحكم، قد وجدت اليوم واحداً من رجالها ـ أي النائب بيتر كينغ ـ في موقع مهم في واحدة من المؤسسات السياسية. وهو ما يعني أن هذه القوى الآن تستطيع استخدام منبره السياسي كرئيس للجنة مهمة في مجلس النواب، لنقل الحملة إلى آفاق جديدة.
السؤال المهم في كل ذلك؛ ماذا سيكون يا ترى رد فعل سفارات العرب والمسلمين في أميركا، وهي تشاهد ذلك الهجوم على الشريعة يخرج هذه المرة من قاعة مجلس النواب الأميركي؟!
د. منار الشوربجي
رقم: 35904