لا يكمن تكريس نظام عالمي على اساس العدل الا من خلال تكريم الانسان واحترامه كركن اساسي للمجتمع الانساني؛ ويجب ان يعمم هذا الاصل على كافة البلدان والمجتمعات الانسانية وان يصبح الهدف والغاية الرئيسية لها.
ايران تحتضن الدورة الثالثة لاجتماعات حوار الاديان
10 Jan 2011 ساعة 10:56
لا يكمن تكريس نظام عالمي على اساس العدل الا من خلال تكريم الانسان واحترامه كركن اساسي للمجتمع الانساني؛ ويجب ان يعمم هذا الاصل على كافة البلدان والمجتمعات الانسانية وان يصبح الهدف والغاية الرئيسية لها.
وكالـة أنبـاء التقريـب(تنـا)
افاد مراسل وكالة انباء التقريب (تنـا)، أن اجتماعات الدورة الثالثة لحوار الاديان تحت عنوان " كرامة الانسان من رؤية الاديان السماوية "، بدأت أمس الاول السبت برعاية رابطة الثقافة والعلاقات الاسلامية بطهران في مركز حوار الاديات التابع للرابطة.
وحضر الاجتماع الاول الدكتور " محمد باقر خرمشاد " رئيس رابطة الثقافة والعلاقات الاسلامية والدكتور "محمد حسين مظفري" رئيس مركز حوار الاديان والدكتور تبرائيان مساعد الشؤون الدولية للمجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الاسلامية والسيد " سركيسيان" اسقف الكنيسة الارمنية في طهران والكاهن " بيدرام سروش بور" ممثل الاقلية الزرادشتية في طهران والوفد المشارك من مركز حوار الاديان التابع لمؤتمر اساقفة سويسرا وعلى رأسهم الاسقف "بير جياكومبا كارمبا" .
وقال الدكتور خرمشاد في كلمة الافتتاح : اننا اليوم مجتمعين لنتحدث عن كرامة الانسان بينما تهتك الحرمات بدور العبادة والمساجد يوميا في الكثير من الدول، لقد راينا التفجيرات الاجرامية في كنيسة الاقباط بالاسكندرية والتي طالت العشرات من الابرياء حين اجراء صلواتهم كما شهد العالم كيف قام الارهابيون بقتل المصلين سنة وشيعة في مسجد جابهار الايرانية يوم التاسع من محرم.
وتابع الدكتور خرمشاد حديثه بتقديم نبذة عن مفهوم الكرامة الانسانية في نظر الاسلام وقال انه ينضوي تحت عدة محاور وهي:
القسم الاول : وفقا للآية ٧٠ من سورة النساء " ولقد كرمنا بني ادم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلا"، يتضح ان الله تعالى كرم الانسان في الدنيا واثر هذه الكرامة منحه الافضلية على معظم الخلائق وسلّطه على البحار والبراري.
كما يؤكد الباري تعالى في الاية ١٣ من سورة الحجرات "يا ايها الناس انا خلقناكم من ذكر وانثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا ان اكرمكم عند الله اتقاكم ان الله عليكم خبير". للانسان انه خلق الناس سواسية ولا فضل لأحد على الاخر وان ميزان الافضلية والتكريم عند الله التقوى.
وفي المحور الثاني اشار الدكتور خرمشاد الى ثلاث ايات من كتاب الله المجيد التي ذكر فيها مدارج الكرامة والتي يمكن للانسان الحصول عليها وذلك من خلال العبودية وطاعة الخالق؛ ففي سورة الروم يقول الله "فطرة الله التي فطر الناس عليها" اي ان مصدر الفطرة التي خلق الانسان عليها من الله، اذن، كرامته تصدر من قبل الله ايضا، وفي اية اخرى يقول عز من قائل " اني جاعل في الارض خليفة " اي ان الانسان الذي خلق على الفطرة الالهية يستطيع ان يصل بها الى مقام خلافة الله على الارض، وفي سورة النجم(اية ٨) يبشر الله عبده انه يستطيع العروج والتقرب من الله وهي اعلى درجات الكرامة ان بقي على فطرته الحنيفة والمنساقة الى السير نحو المعبود؛ " ثم دنى فتدلى فكان قاب قوسين او ادنى ".
وفي المحور الثالث من بحثه اشار خرمشاد الى الكرامة التي منحها الله لبني البشر معتبرا أنها كانت بسبب قبوله المسؤولية التي ابت الخلائق والجبال ان تحملها " انا عرضنا الامانة علی السموات و الارض و الجبال فأبین ان یحملنها و اشفقن منها وحملها الانسان " (سورة الاحزاب/٧٢) .
وفي المحور الرابع لفت رئيس رابطة الثقافة والعلاقات الاسلامية الى المظاهر والنماذج العليا لتكريم الانسان استنادا الى حديث الامام علي عليه السلام وهو يقول "الناس اما اخ لك في الدين او نظير لك في الخلق" .
وفي هذا الصدد ردد عن الشاعر الايراني سعدي الشيرازي بيتا من الشعر مستوحي من الرواية الشهيرة " الناس في تراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد الواحد إذا اشتكي منه عضو تداعي له سائر الجسد بالسهر والحمى"، واصفا اياه من اعظم نماذج الكرامة حيث يدعو هذا الشاعر الشهير الناس الى التراحم والتوادد فيما بينهم.
وفي المحور الخامس من بحثه طرح خرمشاد عددا من الاسئلة معتبرا ان هذه الاسئلة محور فهم الانسان للكرامة في العصر الحاضر :
١- هل هناك فضل للانسان الذي يقطن في القسم الشمالي من الكرة الارضية على الذي يعيش في جنوبها وهل هذه التقسيمات بنيت على موازين الكرامة ؟
٢- هل الامكانيات والتقنيات العالمية قسمت بين الناس على اساس كرامة الانسان حيث نرى ان ٢٠% من الناس فقط يحصلون على ٨٠% من كافة الامكانيات والموارد المتوفرة في العالم؟
٣- لماذا يهمش الانسان الرسالي والعقائدي في العالم المتطور ويبعد عن الساحة بعكس الانسان العلماني وهل يرتبط ذلك بالكرامة الانسانية ام لا؟
٤- هل تصاب كرامة الانسان وتدنس عندما يتعرض ارضه للاحتلال ؟
ومن جانبه تحدث الدكتور حسين مظفري رئيس مركز حوار الاديان حول "مكانة الكرامة الانسانية في آراء المنظرين واصحاب الفكر المعنيين"، كما تطرق الى حقوق الانسان مشيرا الى ان كرامة الانسان هي المحور الرئيسي في قوانين حقوق الانسان وجميع المبادئ الانسانية.
وفي الوقت الذي عبر عن سخطه للإنتهاكات الجارية من قبل الاستكبار العالمي لمبادئ الكرامة الانسانية وحقوق الانسان اشار رئيس مركز حوار الاديان في ايران الى نماذج عديدة من الحروب والجرائم التي ترتكب يوميا في العالم الاسلامي كالعراق وافغانستان وفلسطين حيث ان الغرب وعملائه الارهابيون لم يفرقوا في هذه الدول بين العسكرين والعزل عند ارتكابهم تلك الجرائم والتفجيرات.
وتابع مظفرى ان الانتهاكات التي تعرضت لها الكرامة لم تكن من قبل الارهابيين والدول الداعمة لهم فحسب بل هناك انتهاكات في المستوى التنظيري لهذا الموضوع ايضا، " وهو ما نراه في كتاب احد المؤلفين العلمانيين من المانيا، صدر عام ٢٠٠٥ تحت عنوان [الشبهة حول الكرامة الانسانية] حيث يؤكد مؤلفه على ان مفهوم الكرامة استعير من نصوص الاديان الابراهيمية ليدخل في وثائق حقوق الانسان وهو موضوع غير واضح لا حاجة للمجتمع الانساني المتحضر الى تلك المفاهيم الغامضة ".
وتابع مظفري، ان البحوث والتجارب اكدت هذه الحقيقة بأن المدارس العلمانية عاجزة عن تقديم برنامج شامل ومناسب لقوانين حقوق الانسان، وفي المقابل نلاحظ ان التوجه الديني الذي يتخذ الكرامة الانسانية محورا رئيسيا له قادر على تقديم الاراء والمناهج الصحيحة وذات الشمولية المناسبة لقوانين حقوق الانسان.
وبدوره قدم الاسقف "بير جياكومبا كارمبا" رئيس مركز حوار الاديان التابع لمؤتمر اساقفة سويسرا مقالا في اطار موضوع الدورة الثالثة لاجتماعات حوار الاديان بطهران (كرامة الانسان من رؤية الاديان السماوية).
وقال الاسقف كرامبا : نحن نؤمن بأن الناس لديهم مصادر لاتنفذ من الحب والود لكن مع الاسف لا يستخدمونها من اجل الترابط والتواصل مع بني جلدتهم واجتناب الصراعات فيما بينهم .
واضاف رئيس مركز حوار الاديان بسويسرا: لا يكمن تكريس نظام عالمي على اساس العدل الا من خلال تكريم الانسان واحترامه كركن اساسي للمجتمع الانساني؛ ويجب ان يعمم هذا الاصل على كافة البلدان والمجتمعات الانسانية وان يصبح الهدف والغاية الرئيسية لها .
وتساءل الاسقف كرامبا عن اسباب الصراعات والمظالم التي ترتكب بين الناس ولماذا يقوم بعض الناس بقمع من يخالفونهم في الراي والفكر.
وفي هذا السياق اشار الاسقف كرامبا الى الكثيرمن البلدان التي تعاني من الفقر والامراض وانواع الحرمان وذلك بسبب الظلم والجرائم التي يرتكبها البعض ضد البعض الاخر.
وفي هذا الشأن ايضا اكد رئيس مؤتمر اساقفة سويسرا على ضرورة البحث عن نظام عالمي يتبنى ازالة هذه الامور والتحديات من المجتمع الدولي وذلك على اساس التفاهم والتقريب بين افكار ابناء الديانات السماوية.
وتابع الاسقف كرامبا: يجب ان نعي جميعا باننا في الوقت الراهن بامس الحاجة الى التفاهم والانسجام اكثر من اي زمن اخر؛ وأن الانسان العصري لديه القدر ةالكافية من الذكاء والضمائر المستعدة التي تمكنه من اتخاذ القرارات المهمة في هذا الخصوص.
وشدد على ضرورة ان يكون الانسان محترما من قبل كافة المؤسسات وشرائح المجتمع كما ينبغي على العلماء والمفكرين لدى كافة الديانات السماوية الترويج لمبدا احترام كرامة الانسان وفقا لثقافته وعقائده من دون فرض الراي الاخر عليه، وان تسير المجتمعات نحو هذا المبدا العظيم.
يذكر ان اجتماعات الجولة الثالثة لحوار الاديان مستمرة وسيعقد اليوم الاثنين اجتماع بجامعة قم، بحضور العديد من علماء ومراجع الحوزات والمدارس العلمية التي تحتضنها مدينة قم المقدسة.
رقم: 36327