مونتغومري وات.. المستشرق الذي أنصف النبي يأتي كتاب "مونتغومري وات والدراسات الإسلامية" للدكتور هيثم مزاحم كدراسة لأعمال المستشرق والباحث الاسكتلندي مونتغومري وات (1909 - 2006) عن الإسلام في ميادين عدّة، من السيرة النبوية إلى القرآن الكريم، وصولاً إلى التاريخ والمجتمع والفكر والحضارة الإسلامية، ومراجعة للنقد الذي تعرّض له وات من الباحثين المسلمين.
والكتاب عبارة عن أطروحة كان المؤلّف قد أعدّها لنيل شهادة الدكتوراه، تحت إشراف الدكتور رضوان السيّد، الذي وضع تقديماً لهذا الكتاب، والذي يكشف برأيه عن الخطوط العريضة للاستشراق البريطاني، والتي طوّرها مونتغومري وات وتلامذته طوال عدّة عقود من دون أن يخرج عليها.
أما المؤلّف نفسه، فيعرّف في مقدّمة كتابه بـ"مونتغومري وات"، كمستشرق وأسقف اسكتلندي تخصّص في دراسة الإسلام في معظم مجالاته، فألّف كتباً في السيرة النبوية وعلم الكلام والفلسفة والفكر في الإسلام، ودرس القرآن والتاريخ والحضارة الإسلاميين، والعلاقات الإسلامية - المسيحية. وقد عُدّ عمل وات عن سيرة النبي محمد(ص) في جزءيه: «محمد في مكّة» و«محمد في المدينة»، الأكثر موضوعية وعمقاً وشمولية في دراسة السيرة النبوية، بعيداً عن الأحكام النمطية المسبقة الاستشراقية، والمناهج التاريخية العادية؛ فدشّن المستشرق وات منهجاً جديداً في دراسة سيرة النبي محمد(ص) والإسلام، مستفيداً من المنهج التاريخي التحليلي، والمنهج الفيلولوجي والمناهج السوسيولوجية والتحليلية النفسية.
وفي النهاية، فإن وات يُعدّ آخر المستشرقين الكلاسيكيين، وهو من مهّد لنمط معرفي استشراقي في الغرب، يمكن تسميته بـ«الاستشراق الحديث»؛ فهو كان «الجسر الواصل بين نمطين من المعرفة بما يخص تناول الإسلام، إذ إنه استوعب الدرس الفيلولوجي والنقدي التاريخي" لبعض المستشرقين، لكنه تجاوز ذلك، مبيّناً في أحيان كثيرة عيوب وغلوّ النمط المعرفي لهؤلاء. كما أنه فتح الباب على مصراعيه لإعادة هيكلة التراث الإسلامي بأدوات سوسيولوجية؛ وكانت دراساته في السيرة النبوية البداية في ذلك.
ويختم مؤلّف الكتاب بالقول إن مونتغومري وات هو ظاهرة جديرة بالدراسة، كونه عالماً موسوعياً ومفكّراً لاهوتياً ومؤرّخاً غربياً، حاول بالفعل أن يشكّل جسراً بين الغرب والشرق وبين المسيحية والإسلام، من خلال موضوعيته واحترامه للإسلام وإيمان المسلمين، واعتقاده بصدق محمد(ص).
/110