أنا لست متطرّفاً، بل فلسطيني مقاوم للاحتلال. وهذا التصنيف الذي يعتمده العدو الإسرائيلي لا ينطبق على الفلسطينيين؛ فالفلسطينيون شعبٌ وقع عليه ظلم كبير وسُلبت أرضه وحلّ مكانه شعب آخر. وبالتالي المطلوب من هذا الشعب أن يقاتل ويدافع عن حقّه بالحياة وعن أرضه، وإذا كان الذي يدافع عن أرضه يُعتبر متطرّفاً فأنا متطرّف. والفلسطيني يجب عليه أن يقاتل «إسرائيل» ويدافع عن شعبه ويبذل كلّ ما يملك، حتى الروح، في سبيل مقاومة هذا الاحتلال. تستطيع «إسرائيل» أن تقول عنّا ما تريد، ونحن نستطيع أن نفعل ما نريد.
رد الأمين العام لحركة الجهاد الاسلامي في فلسطين الأستاذ زياد النخالة في حوار مع مركز باحث للدارسات حول ردود فعل سلبية، من العدو الصهيوني، وذلك بوصفه من القادة المتطرّفين قائلاً : إذا كانت «إسرائيل» تعتبر أن المقاتل متطرّف، فهذا وسام شرف كبير لي أن أكون متطرّفاً في العقل الإسرائيلي، لأنّني أنحاز لقضية شعبي بكلّ ما أملك.
و حول القضية الفلسطينية اكد :بغضّ النظر عن موقف السلطة، وعن كلّ ما يُقال عن الوضع الفلسطيني، ليس أمام الفلسطينيين خيار إلاّ القتال إذا أرادوا العودة إلى فلسطين والعيش بكرامة. أما الطرق الأخرى، فهي لا تؤدّي إلى فلسطين.
إن «إسرائيل» عجزت عن خلق شرطة فلسطينية من المواطنين الفلسطينيين قبل اتفاق أوسلو. لكن، وبعد هزيمة منظمة التحرير في لبنان عام 1982، استطاع الإسرائيلي أن يعقد معها اتفاقاً، بعد تشتيت قواها نتيجة العدوان على بيروت. وهذا الاتفاق بين «إسرائيل» ومنظمة التحرير كان من أجل خلق شرطة فلسطينية تحكم المواطنين.
وفي الحقيقة، فإن اتفاق أوسلو لم يكن اتفاقاً، بل هو صيغة بين المنتصر وبين المهزوم، حيث تمّ تجميع قوات المنظمة من كافة الدول التي كانت منتشرة فيها، وأُدخلت إلى فلسطين لتضبط إيقاع حركة الناس الرافضين للاحتلال.
فيما بعد أثبتت التجربة أن «إسرائيل» لم تلتزم بهذا الاتفاق، لأنه لم يكن اتفاقاً قانونياً ولم يكن محمياً من مجلس الأمن أو الأمم المتحدة، بل كان اتفاقاً بين طرف قوي وطرف ضعيف. لكن هذا الاتفاق مات في اللحظة التي تم فيها البدء بتنفيذه.
ولاحقاً، ثار الشعب الفلسطيني على اتفاق أوسلو. وقد شهدنا عام 2000 انتفاضة كبرى. ونتائج هذا الاتفاق الكارثية نلمسها اليوم، حيث تحوّلت السلطة في رام الله إلى مجرّد أداة تتلقى الدعم والأموال من «إسرائيل»؛ حتى قنابل الغاز التي تواجه بها السلطة المتظاهرين في رام الله هي قنابل إسرائيلية.
وبالتالي، تحوّلت السلطة الفلسطينية، للأسف، إلى شرطة قمع للمواطنين لصالح «إسرائيل». وخلال 25 عاماً فقدنا كلّ الضفة الغربية لصالح المستوطنات الإسرائيلية؛ فالضفة مساحتها 6000 كم2، لكن يتحرك الفلسطينيون في مساحة 40 كلم2 منها فقط.
لقد تحوّلت الضفة إلى مستوطنات وثكنات عسكرية. وبحسب المشروع الإسرائيلي، فإنه بحلول عام 2020 سيصل عدد المستوطنين في الضفة إلى مليون مستوطن إسرائيلي.
إن نتائج اتفاق أوسلو كانت هزيمة دفع ثمنها الفلسطينيون، ولم تستطع السلطة قيادة الشعب الفلسطيني وتحقيق تطلعاته المشروعة.
و بالنسبة المواجهات العسكرية والشعبية مع الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة و استراتيجية مسيرات العودة ومدى تكاملها مع استراتيجية المقاومة العسكرية اشا ر النخالة الى الشعب الفلسطيني لديه روح مقاومة عالية؛ لكن للقيادات والفصائل دور كبير، إمّا في قيادة الشعب للنهوض ومقاومة الاحتلال، وإما في أخذه إلى اتجاه آخر.
فعندما يكون القائد مهزوماً في داخله لا يستطيع أن يستنهض شعبه لمقاومة الاحتلال؛ ونحن نستطيع (كقيادات وكفصائل) أن ننقل الشعب الفلسطيني إلى حالة المقاومة؛ وحركة الجهاد الإسلامي لها دور رئيس في ذلك. مسيرات العودة هي جزء من مسيرة الشعب؛ وهي انطلقت لتضيف للحالة المقاومة وسيلة جديدة؛ فالعالم بلغ من الوقاحة حداً بأن يقول إن الشعب الفلسطيني تخلّى عن وطنه. لذلك خرج هذا الشعب ليُعلن بمسيراته السلمية أنه ما زال متمسكاً بحق العودة وبالمقاومة.
وقد لبّت المسيرات أيضاً رغبة فئة من الشعب تعتقد أنها تستطيع أن تقنع العالم بحق العودة والحق في الحياة من خلال هذه المسيرات. لكن مسيرات العودة ليست هدفاً مركزياً، وليست هدفاً نهائياً. بل هي أداة من ضمن الأدوات التي يستخدمها الشعب الفلسطيني في مقاومة الاحتلال.
وأعتقد أنه لا خيار آخر أمام أيّ فلسطيني في العالم، مهما كانت الأسباب والمبرّرات، إلاّ المطالبة بحقّه في العودة وحقّه في وطنه.
لقد حاول العرب القيام بعدّة مبادرات سلام مع «إسرائيل». لكن مع الوقت أثبتت «إسرائيل» أنها لا تريد السلام. مثلاً، مبادرة السلام المصرية، أو اتفاق كامب ديفيد، لم يؤثّر على هيمنة «إسرائيل» في المنطقة؛ بل كان اتفاقاً على حساب الشعب الفلسطيني والشعب المصري، فيما استمرّت «إسرائيل» بعدوانها. كما أن مبادرة «السلام» العربية، التي كانت أخطر من وعد بلفور، لم تقبل بها «إسرائيل»، لأنها كانت تتضمن تنازلاً إسرائيلياً عن الضفة الغربية.
إذاً، إسرائيل لا تعطي فرصة للسلام، وهي دولة قامت على الاستيلاء على الأرض. وكلّ من ينادي بمشروع السلام مع «إسرائيل» يكون قد اختار طريق الهزيمة.
نحن أصحاب الأرض؛ ولا يليق بالشعوب العربية أن تستسلم أمام الغزو الصهيوني للمنطقة، والمدعوم من الغرب، وخاصة من قِبل الولايات المتحدة.
/110