الوحدة في الأسلام ضرورة شرعية، ليس على مستوى المسلمين فحسب بل على مستوى الأنسان والأنسانية جمعاء فضلاً عن التقريب بين بني البشر كافة.
بقلم: الدكتور عبدالامير سليماني*
الإعلام التقريبي
وكالـة أنبـاء التقريـب(تنـا)
4 Mar 2011 ساعة 3:39
الوحدة في الأسلام ضرورة شرعية، ليس على مستوى المسلمين فحسب بل على مستوى الأنسان والأنسانية جمعاء فضلاً عن التقريب بين بني البشر كافة.
المقدمة:
لو سألنا أي إنسان مسلم يشهد الشهادتين عن رأيه في الوحدة الإسلامية لكان جوابه هي أمنيتنا وهدفنا وطريقنا، بل الوحدة هي الأمل المنشود الذي عمل له ومن أجله كل الخيرين والدعاة من العلماء والمفكرين والمجاهدين حينما كانوا يضعون الوحدة الإسلامية سرّ نجاحهم وغلبتهم وانتصارهم، بل السعادة التامة.
لقد كان العلماء ودعاة الوحدة يجولون البلاد ويخدمون العباد من أجل جمع الكلمة وخدمة الرسالة وتأليف الأمة وامحاء الشبهة ودفع الفرقة، وهم يحملون شعار «إن هذه امتكم أمة واحدة وأنا ربك فأعبدون» لا يسمعون لعدو ولا يجاملون في المبادئ ولا يحابون تملكهم الصراحة والوضوح والهدف الواحد، حتى حدثت انتكاسه (ومع الآسف الشديد) في هذا النشاط وضعفت هذه الشعلة الوضاءة بسبب السياسات العدائية ومن يقف خلف ذلك، حيث وجد الاستكبار العالمي نفسه أمام عمل يقض مضجعه ويهدم كيانه.
إن الاعلام التقريبي ضرورة ملحة ويشكل العمود الفقري لأعمال التقريب التي تنطلق هنا وهناك.. ولعل أهم الأمور التي تحتاج إلى دعم وعناية هي تمتين وتقوية اعلام التقريب وإلاّ سيبقى النشاط التقريبي يراوح مكانه.
إن وضع ستراتيجية مرنة متحركة لأعمال الأعلام التقريبي ضرورة ملحة مع تشخص الأهداف الإلهية الواجب توفرها بالأعلام على مختلف المستويات والوسائل المعمول بها.
إن البحث الذي عملنا بما يناسب الوقت الذي بحثنا فيه يحتوي على مدخل ـ ويشمل الصورة الضعيفة التي يتميز بها هذا الأعلام وهي السمة التي لا تزال ترافق هذا الموضوع وتحتاج إلى دعم حقيقي على مختلف الأصعدة.
وقد قسمت هذه الصورة التي تتناول ضعف الأعلام قسمين:
القسم الأول: ضعف الأعلام التقريبي عموماً؛ تخطيطا وأداء ووسائل وتأثيرا.
القسم الثاني: العامل السلبي المضاد للأعلام التقريبي على الرغم من تواضع هذا الأعلام. والعمل على وأده وأداً كاملاً ومن هذا المدخل ننطلقُ إلى بحوث الموضوع وهي:
المدخل / وهو توطئة للبحث المنشود.
المبحث الأول، ويشمل تعريف الأعلام التقريبي وأهدافه وتشخيص صورته على مستوى النظرية والتطبيق.
المبحث الثاني/ وتطرح فيه الموانع التي تقف سداً مُضعّفاً للأعلام التقريبي ويعمل على أماتته.
المبحث الثالث/ الستراتيجية المطلوبة وصفاتها وأثرها على مستقبل الأمة.
الخاتمة: وهي نتيجة البحث وخلاصته.
المدخل
قبل أن ندخل البحث نستعرض الحقيقة التي يعاني منها اعلام التقريب وهي حالة الضعف البالغ والكبير، بل يكاد يكون الأعلام التقريبي شبه مفقود، لقوة الأعلام المعادي للوحدة الإسلامية، حيث الفضائيات التلفزيونية ذات الأعلام السالب وبل المخالف للإسلام من أجل بث الفرقة، وهي «الفرقة» الستراتيجية الأساسية في غلبة الكفار وتحقيق مآربهم، حتى أخذ اعلام الفرقة صورة بأسم الإسلام، بعد أن خلق الأستعمار حركات تدعي الإسلام رغم مخالفتها كل المسلمين وتبني الأستعمار لها في نشر الفرقة والفوضى بين المسلمين وايكال أمر هؤلاء إلى الحكام الظلمة بدعم الفكر الصهيوني والصليبي الخبيث. هؤلاء الحكام يحتضنون الأعلام السلبي بكل أنواعه سواء التكفيري أو ما تنشر للثلمات الواردة والأكاذيب المنسوبة وما إلى ذلك، وأقل ما يمكن قوله هو السماح لنشر ذلك. وربما لا أخفي شيئاً هو ما يحتضن النظام الليبي في ليبيا والنظام المخلوع في مصر وكذلك الدول الأوربية في بريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية والكثير غيرها.
إن احتضان الفضائيات والأذاعات والصحف الصفراء من قبل حكام باعوا مصالح الأمة ووحدتها وسمحوا للأعتداء على حريات الشعوب والعمل لتشويه الإسلام بأسم الأسلام وبظل غياب الضوابط الفكرية وبث الأكاذيب ضاربين قواعد الدين وآيات القرآن الكريم الداعية للوحدة عرض الحائط دون رادع أو مانع.. كل ذلك مدعاة لمحاسبة هؤلاء ولجم افواههم. وإلاّ فالأمة التي أرادها الله خير أمة تبقى تعيش الأنحطاط [كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللّهِ].
ألم يدعو القرآن إلى الحوار؟ لدرجة أن الله تعالى ضرب لنا أمثلة كثيرة أشير لها بالقرآن الكريم. حيث يحاور الله سبحانه وتعالى ابليس أي حوار بين الخالق العظيم وبين أسوء خلقه، وحوار موسى كليم الله (ع) فرعون أكبر المفسدين على الأرض، فمن هو أعظم من موسى (ع) وأسوأ من فرعون، وحوار إبراهيم النبي(ص) مع الملحد وكثير امثال ذلك.
إذن لماذا يترك الحوار؟ لأن الغاية ليس الوقوف على الحقيقة بل تحقيق التفرقة.
الأختلاف سنة الكون في كل شيء؛ في المخلوقات المختلفة الطيور متنوعة ومتعددة الأحجام والألوان والنباتات والأنهار والجبال والصخور والورود... بل إن التنوع سرّ جمال الكون وجمال العظمة، وقد ورد عن أمير المؤمنين علي(ع) «لو تساوى الناس لهلكوا».
إن هناك حقيقة واحدة يمتثل إليها العقلاء، وهي لما كان الجميع ينتمون إلى مدرسة «لا إله إلا الله محمد رسول الله» كيف يتنازعوا ويتفرقوا ليصلوا إلى هذه النهاية بذهاب ريحهم وقوتهم لم يقل الإسلام بالأعتداء على الآخرين وأنه أسس حرية الرأي وأنه نابع من الفكر الإسلامي... لم نسمع عن الوهابيين أن شدوا حملة عدوانية على اليهود المحتلين والصهاينة الغاصبين والصليبيين مثلما تشن حملات منهم ضد المسلمين المتصوفة والمسلمين الشيعة والمسلمين السنة أيضاً!!!
ان الحرية في الإسلام وحقيقتها لم تتحدث عنها أي شريعة أو قانون على اختلاف المذاهب الفكرية كما جاءت في الشريعة الإسلامية لمفهومها العلمي والإسلامي بل والإنساني.
ويمكننا أن نجعل للمدخل قسمين:
القسم الأول/
ضَعف الأعلام التقريبي: ولعل أكثر الجهات المعنية بالتصدي لنشر الأعلام التقريبي تقع تحت سيطرة الحكومات العلمانية وغير الإسلامية والمرتبطة بالدوائر الأمبريالية والصهيونية الصليبية... وهذه يرتبط بقاءها بمدى اطاعتها لهذه الدوائر التي يصعب عليها أن ترى المسلمين موحدين متعاونين في حالة نمو ورشد وتقدم، ولهذا نجد رجال التقريب في القرن الماضي كانوا أكثر نفوذا واشد رسوخاً نتيجة الحرية التي كانوا يتميزون بها والجرأة والشجاعة والتصميم لتحقيق ركن مهم في ثقافة الإسلام وهي الوحدة الإسلامية، وكانوا يقصدون ويقطعون المسافات الطويلة ويعانون ويتحملون الصعاب المختلفة في سبيل هذا الواجب العظيم الذي أكد عليه الكتاب الكريم والسنة والشريفة، حيث كانوا يقرنون النظرية بالتطبيق والكلام بالعمل والأصرار.
والقسم الثاني/
هو العامل السلبي الذي يواجه التقريب ويناطحه، والمؤسس من قبل تلك الدوائر التي تقف أمام الوحدة وأمام التقريب والمتمكنة مالياً وأمكانات فنية ووسائل متقدمة كل شيء تمكنوا منه إلا «المنطق السليم الصحيح الواضح» وإنما هم في جانب والقرآن في جانب وأقوالهم في طرف والسنة النبوية في طرف آخر.. لم يفهموا آيات القرآن الذي دعى إلى التوحيد والوحدة والعدل؛ فلا توحيد بدون وحدة ولا وحدة بدون توحيد... سخر أعداء الوحدة حثالات المجتمع بلا حجة ولا دليل بأساليب قذرة، وبكل جهل وحماقة وتعسف ، همها الفرقة حتى قسمت المسلمين شيعاً وأحزاباً... كانت القسمة الأولى سنة وشيعة.. ثم السنة إلى صوفية مشركة تتوسل بالأولياء والرسول الكريم والى السنّة يشبهون الرافضة، ففي مطالعاتي وأنا أصفّح موضوعات الأنترنيت رأيت أحد المؤمنين يدعو للثوار في تونس ومصر ويقول: اللهي بحق محمد أنصر الثوار في مصر..» فيرد عليه أحد الوهابيين " لماذا تدعو كما يدعو الرافضة وتقول بحق محمد صلى الله عليه «وآله» وسلم ، قل بعملي وعبادتي ادعو مباشرة" أنا لا أعلق على هذا الرد... ولكن على العقل الذي يحمل هذا الفكر لذا هذه النماذج تقف حجر عثرة في طريق الوحدة والتقريب.
إن هؤلاء الذين ينشرون الفرقة بلا شك هم أحد فريقين :
١ ـ أما أن يكونوا بعيدين عن الإسلام وروح الإسلام، حيث الإسلام أول من دعا إلى الوحدة ، وكل من شهد الشهادتين أصبح عضواً في دائرة هذه الوحدة، بل لا يجوز له أن يبقى خارج هذه الدائرة ويبقى الاختلاف في داخل الدائرة، لأن الاختلاف سنة كونية الطيور مختلفة الأشكال والحيوانات. بل الإنسان حيث قال المولى جل شأنه: يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ فالأختلاف مفيد ولكن الخلاف ضار وخطر.
إننا نقول لهؤلاء الذين يظهرون أنهم يفهمون الإسلام أنكم بعيدين عن الإسلام بعد السماء عن الأرض، بل أنتم ماضون في ما يخالف الإسلام لأن الأمة الواحدة هي التي يكون بعضها موال لبعض، وهي الأمة التي تقف كلها أمام الأعداء متبرأة منهم... حددوا أدوات الحوار تعالوا بقلوب طاهرة ونيات سليمة وأجلسوا للتحاور ... بأسلوب طيب لأن من أراد الحقيقة جاءها بكل ما يملك أما لغة الأتهام والصاق الأكاذيب والأفتراءات فهي سلاح المفلس فكرياً والموجه من خارجه.
٢- أو من الفريق الآخر الذين يطبقون أوامر أخرى، وعمالاً لغيرهم يوجهونهم أينما أرادوا وا... وهي الطامة الكبرى والخطر الأعظم الذي يخرب من داخل الأمة. وهو سبيل الأستعمار والأستكبار العالمي الذي كانت نظريته هذه ونحن نسأل هؤلاء:
لصالح مَنْ هذه الفرقة والتفريق بين الأمة الواحدة؟
لصالح مَنْ فتاوى التكفير التي لا تستند على حقيقة شرعية بل هو خطل من القول.. يخالف أساس الإسلام وأركانه.
إن كل من يرفع شعار الفرقة ويحارب بالفتاوى البائسة في التكفير والأهانة لمقدسات الآخر هو مشكوك فيه بلا أي ريب ـ لأن ذلك ليس سبيل الإسلام ولا اسلوب الصحابة الأجلاء، أنه أسلوب المشعوذين والمفترين [وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لاَ تُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ قَالُواْ إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ، أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَكِن لاَّ يَشْعُرُونَ ] (البقرة: ١٢).
المبحث الأول/ تعريف الأعلام التقريبي وصوره:
الوحدة الإسلامية هي الطموح الغريزي للمسلمين لأنه حاجة العالم الإسلامي لها حاجة ضرورية وهي الغذاء والداينمو الذي يشد المسلمين بعضهم ببعض بل هي قوة تجديد في حركية الفكر الإسلامي، وكلما قويت الوحدة والسبل إليها نشطت وقويت الضوابط المتعددة والقوية، واُنكست رؤوس الشياطين.. والأعلام هي مجموعة الوسائل الناطقة المسموعة والمرئية والمقرؤة التي تدل أصحابها إلى الهدف المنشود طبق الموازين الحقوقية والشرعية والقيم الإنسانية دون التوهين بحقوق كان من يكون.
وهذه آراء الإسلام العظيم أن جعل وسائل الأعلام وسائل تربية وتوجيه وترويج الخلق الحميدة ونشر التعاليم الإسلامية، وقد ارفق الإسلام الحنيف «النية الطاهرة» حتى لا يكون فيها نوع من الرياء والغرور والتكبر وسوء الأخلاق. ولهذا فأنه لابد من أركان اساسية للأعلام بشكل عام والاعلام الاسلامي التقريبي بشكل خاص كي يحقق الهدف الأعلامي:
١ – توفر الحرية: وهي الركن الأساس والهام في عملية الأعلام وإنسيابه بالشكل اللائق، الذي يصور الحقيقة كما هي بلا خوف ولا وجل والحرية التي نقصدها هي الحرية طبق المفهوم الإسلامي دون تراجع.
وينبغي الوقوف عند هذا الركن الأساس للأعلام، حيث الحاكم المستبد يجعل من الناس ومعهم لسان حالهم «الأعلاميون» قطيع أغنام لا حول لهم ولا قوة إلا بين ذلك الحاكم المستبد كما في زمن معاوية بن أبي سفيان، فلم يكن هناك إبداع ولا تجديد ولا إحياء، وهكذا الدول المستبدة واللاشرعية نجد الأعلام فيها يصب في سكة واحدة هي سكة قطار السلطان، وتتجمد فيها الطاقات والأفكار ويخفت صوت الدين الحق سوى ما يخدم السلطان. وتنعدم الحقيقة وهو ما نشاهده الآن في الدول المستبدة الديكتاتورية.. انظر إلى الدولة الحمدانية التي أطلقت الحرية للعلم والفكر والأعلام والأدب والاجتماع دون التمييز او الانحياز لمذهب أو قومية أو رأي أو غير ذلك، وقد أجتمع في هذه الدولة وكذا الدولة العقيلية في الموصل ودولة الفاطميين في مصر والدولة المرداسية في حلب علماء من شتى بقاع الأرض. وكانت هذه الدول لها الفضل الكبير في نشر الإسلام في العالم من خلال مؤسسات التبليغ التي كانت تطال الأندلس غرباً والصين شرقاً؛ من جاء بالفارابي إلى الدولة الحمدانية؟ ألم يكن فارسياً وبنى لسيف الدولة المدنية الفاضلة؟ وما هو دور الفيلسوف أپي العلاء المعري .. كانت هذه الدولة تمنح لقب أمير مع راتب دائم أذا برز شاعر أو مفكر أو مبدع على من أعتمد دانتي في كتابه الكوميديا الألهية وقصة الجحيم؟ الم يكن ابو العلاء المعري المصدر الملهم لدانتي كما يقول الأوربيون لولا أبو العلاء المعري لما كان دانتي ولا كان الجحيم. فلولا سيف الدولة لما كان المعري ولا الفارابي ولا ابو فراس ولا حتى ابن سينا و.. و..كانت الحرية الفكرية التي جمعت مختلف المذاهب والأذواق والأختصاصات، وليس جنكيز خان او الوهابية المسلطة أو السلجوقية التي جعلت من علماء الدين نسخة تخضع إلى السلطان الحاكم وحتى هذه الساعة ... وأكدت غلق باب الأجتهاد وكانت مرحلة خطيرة وفجة كثر فيها لعن من لا يعجب السلطان على المنابر كلعن طغرلبيك أبا الحسن الأشعري لأنه لا يعجبه.
وهكذا الحال في البلاد الإسلامية حيث أكثرها تحكم بالنار والحديد وتخنق الحريات والافكار وكل ما يتعارض ومصالحها وبكل الأعذار والذرائع.. بل وتختلق التهم والأفتراءات بعيداً عن الحرية والحق والأخلاق، لا يربطها أو يقيدها أي حياء أو خجل، وإلا فأن الشعوب الإسلامية تواقة لمعرفة بعضها البعض والتعاون في مختلف الحريات وشاهدنا ذلك في العراق حينما كان الشعب العراقي متعايشاً بأخوة يندر مثيلها حيث الشيعة والسنة لا يفرق بينهم «كشعب» أي مفرق. العشائر نصفها سنة ونصفها شيعة والتزواج والتصاهر شيء طبيعي والأخوة واضحة تماماً حتى جاء العدو الكافر وجاء بأدواته من القاعدة والتكفيريين وبعض علماء السوء الذين هم أصلاً عملاء فاسدون حتى شعلوا حرباً شعواء اكلت الأخضر واليابس بحيث أصبح الجهاد أن يقاتل السني والوافد من ديار أخرى أخاه الشيعي وتفجيره وعياله ومساجده بأسم المجاهدين. وكما يقول أحد المقبوض عليهم وهو سعودي الجنسية» هاجر "للجهاد في العراق ضد الشيعة الروافض"، أنهم بفتاوى قادتهم يهجمون على محلات الصاغة والمجوهرات بعنوان كفار من الرافضة والصابئة ويقتلوهم وينهبون الذهب بعنوان غنائم هكذا فعل العدو. ولولا حكمة العقلاء من علماء الشيعة كالسيد السيستاني والنجفي والصدر وعلماء السنة كالشيخ السامرائي وخالد الملا وغيرهم لأصبحت حرباً بين كافرين.
ويبقى هذا الركن أساسياً في حركة الأعلام البناء والواقعي في نقل الكلمة الطيبة بعيداً عن الكذب والأفتراء والشطط.
٢- توفر الضوابط الفكرية: لا يمكن أن نجد أعلاماً بناءً تغيب عنه القواعد والضوابط الفكرية والمفاهيمية القائمة على الحق والمساواة وعلى العناصر القرآنية الشريفة والأحاديث النبوية الكريمة بعيداً عن الأخذ بشيء وترك شيء آخر. فأن ذلك ينافي الإسلام ويشوه الصورة الحقيقية للإسلام.. الأعلام الخالي من الوحي القرآني والسنة الشريفة وعدم فهمها بل ومعاكستها هو خرق للدين وأهانة للتوحيد. لقد علّمنا القرآن الكريم طريقة الحوار وعلّمنا القرآن الكريم احترام الآخرين.. حتى مع الكفار من قريش حينما ارادوا من النبي(ص) أن يعبد آلهتهم معهم وفي سنة أخرى يعبد الكفار الله تعالى مع النبي(ص) فما كان خطاب القرآن للكفار باللعن والسب والأهانة بل قال : قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ، لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ، وَلَا أَنتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ... الخ السورة. أسلوب اللطف الألهي مع الكفار وأن كانوا عتاة قساة طغاة ظالمين.. وفي آيات آخر [لا اكراه في الدين] و في أية أخرى [قل تعالوا إلى كلمة سواء....] والخطاب كله مع الكفار وعلى أهل الكتاب.. فكيف مع الأخ المسلم. سبحانه القدير يقول [فإن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إلى اللّهِ وَالرَّسُولِ] وليس للأهواء والافتراءات والأكاذيب.
٣- الألتزام بقاعدة [ وَلاَ تَبْخَسُواْ النَّاسَ أَشْيَاءهُمْ] (الأعراف/٨٥). الآية الكريمة والبخس تعني الأنقاص، أي جهل حقوق الأخرين والغفلة عنها بدءً من الأنبياء وحتى أقل إنسان.. ومهما يكون الأنقاص فهو لا يخرج عن الظلم. كالتعييب والتزهيد، والمخادعة والأحتيال. البخس يشمل الأشياء المادية والمعنوية. في البيع والشراء والمال والعلم وبخس الحق والفضائل ونسبة الأشياء إلى الغير. الأفتراء والكذب والغش على الغير أو إلصاق ما ليس بهم. تكذيب الأنبياء ووصفهم بصفات مختلفة كالكاذب والكاهن والمجنون. ونقض العهد ونقض البيعة. الصاق التهم الباطلة. وبخس الزوجة لحق زوجها.. وقد روت كتب الحديث العشرات من الأحاديث والمعاني لبخس حقوق الآخرين وهؤلاء الذين يعلنون التكفير ضد الآخرين ممن يشهد الشهادتين ويؤمنون بأركان الإسلام الخمسة.
وحينما نرجع إلى ادعياء الإسلام وهتكهم لحرمان المسلمين وتعديهم على حرمات الرسول(ص) وأهل البيت عليهم السلام وأولياء الله تعالى من أصحاب الكرامات أين هم من هذه القاعدة القرآنية الكريمة.. أين هم من قوله تعالى جلت قدرته [ولقد كرما بني آدم...] الآية، كيف يهينون إنساناً كرمه الله سبحانه فعاثوا في الأرض الفساد.. من يحمي هؤلاء ومن يدعمهم ومن يمولهم بالمال والدفاع عنهم أنهم أسقط من الشياطين وأحفاد الشياطين، أي إسلام يدعون!
ولا تبخسوا الناس أشياءهم.. لقد تطاولوا حتى على الله سبحانه ونعتوه بصفات نبعها التوراة وأصحاحاتها دسها من دسها من الرجال المسَلَمة في العصر الأول حينما كان يمنع التدوين للسنة المباركة. حتى لا تختلط مع القرآن الكريم.
إن قاعدة «عدم البخس» من أكبر قواعد الاعلام الإسلامي، حتى على غير المسلمين بأن ندعوهم بما هم بشر وإنسانيين، فأنهم أما أخواننا لنا في الدين أو شبيه لنا في الخلق هذه أخلاق الإسلام وهذه أساليبه حيث حرم الاعتداء على الآخرين. كيف تعامل الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله) عندما كتبوا ما أتفقوا عليه في صلح الحديبية.
لقد حفظ الإسلام حقوق الجماعات الأخرى من غير المسلمين حفاظاً على أمن المجموعة الإنسانية وتحقيق الأمن والاسقرار.
٤- توفر الأخلاق الإنسانية المتمثلة الإسلام في تحقيق العدالة ونشر الطمأنينة والأمن والحياة الحرة الكريمة عن طريق امتثال الخلق الإسلامي النبيل القائم على قواعد المحبة للإنسان وطرد الحقد والكره من النفس والقلم واللسان... الأخلاق التي تحقق الطهارة الانسانية في هذا الاعلام الذي يعتبر كالسكين الحاد حيث يمكن أن يقطع دابر الفساد ويحل النظام القائم على الحوار الهادئ من أجل الحقيقة وليس حواراً من أجل الحوار، ويموت الصوت اللإسلامي الغوغائي في الفتاوى اللإسلامية والتي لا تعتمد على حقيقة شرعية قط. يقول الحنفية: لو أن هناك تسعاً وتسعين قضية لتكفير إنسان وقولاً واحداً بعدم تكفيره لوجب علينا أن نأخذ بهذا الرأي. فمن أين جاء المفكرون بآرائهم وفتاواهم ومن يكتبها لهم.
أما أهداف الأعلام التقريبي/
يمكن إيجاز هذه الأهداف في الأعلام التقريبي بما يلي:
أولا/ تزويد الأمة بالأفكار والمفاهيم الإسلامية الصحيحة والمعلومات السليمة المبنية على مفاهيم القرآن الكريم وآمال الأمة وأهدافها. بعيداً عن تسميم عقول الأمة بالأكاذيب والافتراءات والتصورات الخاطئة والأوهام وجعلها حقائق كاذبة.. وعدم التزام الأعلام الإسلامي التقريبي لتزويد الحقائق والمفاهيم السليمة فأنّه سوف يوصف بالخيانة والصلف ومجانبة الحقيقية، وهذه المسألة الأولى في أهداف التقريب التي تكون مهمة كبيرة ووظيفة لمساعدة النظام الاجتماعي في معرفة الحقايق وأمانة عظمى في رقبة الأعلام التقريبي.
ثانياً/ العمل قدر المستطاع لأظهار عناصر القوة في الأمة الإسلامية والمتمثل بوحدتها وألفتها وقوتها وتمسكها بأخلاقها . وأن نجاحها مرهون بوحدتها وتقاربها وولائها بعضها مع البعض وأن المؤمنين بعضهم أولياء بعض.
ثالثاً/ رعاية العقل الإنساني من الأنحراف والكذب. وهو هدف مهم جداً يجب أعتباره وظيفة حقيقية لا يمكن التنصل منها. لتكون سياجاً تاماً كاملاً يحيط التفكير الإسلامي والعقل المسلم ووقايته من كل دخالة تفسده وتحرفه عن الحقيقة.
رابعاً/ فضح وسائل الأفساد والترهات من الدعايات المغرضة التي يندس منها العدو من أجل تفريق الأمة مهما كانت اشكالها ومناحيها ومصادرها. والتحذير من مصادر تلك الوسائل.
خامساً/ طرح النظريات التي تحقق التقريب بين المسلمين على أختلاف المذاهب الإسلامية والعمل على جمع أئمة ومفكري المذاهب في ندوات ومؤتمرات ونشر انتاجهم للأمة.
سادساً/ حث الجامعات ودعوتها إلى تدريس فقه المذاهب الإسلامية والكشف عن الفوائد الناتجة عن ذلك بكل وضوح وشفافية بعيداً عن الانحياز والتطرف والأفراط والتفريط.
سابعاً/ الحضور الدائم في المؤتمرات والمهرجانات والدراسات الإسلامية التقريبية والعمل على نشر ذلك وترجمته إلى ابناء الأمة بروح شفيقة وخالصة.
ثامناً/ عرض التراث الإسلامي الثري على مر الدهور ومواقف القادة والمفكرين الإسلاميين منذ عهد الرسول الأعظم(ص) والخلفاء الكرام وعدم ابراز الهنات في اراء وأجتهادات الماضين التي هي لا يمكن أن تحكم بضعفها حياة الأمة من أجل التقريب والوحدة.
تاسعاً/ بث المشورة والنصح والارشاد وأهمية ذلك ومالها من تداعيات إيجابية لبناء مجتمع متماسك قائم على أساس العدل والاحترام.
عاشراً/ العمل ما في الوسع لتجديد نشاط الأمة وحيويتها. نحو العمل والتآلف والمحبة والسلام والطمأنينة بوسائل متنوعة وطرق جديدة ومظاهر محيية.. جاء في كلام الأمام أمير المؤمنين (عليه السلام) «إن القلوب تمل كما تمل الأبدان فابتغوا لها طرائف الحمكة، روحوا القلوب ساعة بعد ساعة، فإنّ القلب إذا اكره عمى».
المبحث الثاني/ الموانع التي تقف في وجه الاعلام التقريبي:
في هذا المضمار نقف عند الموانع التي يعاني منها الاعلام التقريبي وقد كتب عن هذا الموضوع الكثير. ومن أهم هذه الكتابات هو ما وضعه العلامة الاستاذ الشيخ محمد علي التسخيري الأمين العام للمجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الإسلامية ورئيس رابطة الثقافة والعلاقات الإسلامية السابق حيث لخص هذه الموانع بأمور خمسة:
١ – المصالح الأجنبية.
٢- المصالح الشخصية للحاكم.
٣- التكفير.
٤- التشكيك في نوايا الآخر.
٥- التهويل وعدم الاحترام.
وهي في الحقيقة الموانع الاساسية التي تفرض نفسها لتمتع صوت التقريب ان يأخذ مجراه وتفهم الأمة واجبها ووظيفتها. حيث تتظافر عوامل خارجية من خارج جسم الأمة والوطن والمشتملة على المصالح الأجنبية. وعوامل داخلية تتمثل في مصالح الحاكم اللاشرعي وبقاء عرشه. وأدوات الحاكم من فتاوى التكفير الزائفة الفاقدة لدليلها وأصولها، والذين خلقوا ليكونوا أداة لأبقاء الأمة على تخلفها وتفرقها ونشر سياسات فرق تسد.
وما ذكره الأستاذ العلامة التسخيري يمثل عين الحقيقة في هذه الموضوع. مع أضافة بعض الموانع التي لها أثر واضح في هذه المسألة وهي:
١ – اجترار أخطاء اجتهادية قديمة واحيائها من أجل أثارة الفتنة والعصبية.
٢- تقديس أخطاء وضعتها أنظمة وسلطات وأبتدعتها من أجل مصالحها كما عملت السلطات الأموية من خلق عقيدة المرجئة التي تضمن الطاعة لولي الأمر الحاكم مهما كانت الوسيلة التي جاء بها، وهي الطامة الكبرى، فعندما يدعو عالم الدين للحاكم الظالم والطاغوت المتسلط وهذا ما يضعف العلاقة بين الحاكم والمحكومين.
٣- قلة المنادين بالتقريب وخفض صوتهم امام أصوات مخالفة، وكما يقال قلة البناة وكثرة المخربين.
٤- اقتصار الأعلام التقريبي على مؤسسات أهلية وغير رسمية وضعف هذه المنابر والوسائل بالقياس مع الوسائل المضادة والعاملة على منع التقريب.
٥- قلة الوسائل العملية على مستوى العلماء والمفكرين وعلى المستوى الشعبي والناس، مما يجعل المهمة وكأنها غير مهمة وضعيفة.
المبحث الثالث/ الستراتيجية المطلوبة لاعلام التقريب وأثرها على مستقبل الأمة:
ينبغي طرح استراتيجية مدروسة تتضمن العناصر المهمة التي من خلالها يقوم المسلم على اختلاف مذهبه من أحتضان هذه الستراتيجية والتعاون على تحقيقها حتى على شكل تدريجي ولابد لهذه الستراتيجية من اجراء ما يلي:
١ – نشر الثقافة الإسلامية الداعية إلى التقريب وبث الآيات والأحاديث التي تؤكد على الوحدة وتحرم أي اشارة على الفرقة فضلاً عن التكفير مثل حديث «من شهد ألا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله حرم الله عليه النار» الصحاح.
وكذلك: الإسلام شهادة ألا إله ألا الله والتصديق برسول الله به حقنت الدماء وعليه جرت المناكح والمواريث وعلى ظاهره جماعة الناس (الكافي/ ٢/٢٥).
٢- التأكيد على صدق النية والرغبة الذاتية في التقريب والوحدة وهي تتحقق بزرع الثقة بين افراد الأمة.
٣- الأتفاق على تعيين كتب ودروس من الطرفين وتأليف كتب ذات فكر تقريبي والعمل الجدي على تدريسها في المدارس والجامعات في بلدان الطرفين سواء الكليات التي تديرها الدولة، أو المدارس الدينية والأهلية بحيث تكون ثقافة التقريب ثقافة مرغوبة ومحببة فيها في طريق تقدم الشعوب الإسلامية.
٤- تبادل الأساتذة بين الطرفين والتدريس المتبادل.
٥- تأليف مناهج مشتركة لا تسئ إلى المذهب.
٦- فتح باب الحوار المذهبي من الثقاة العلماء وعمل مناظرات أخوية وودية ونشر ذلك.
٧- الزيارات المكثقة بين السنة والشيعة على مختلف المستويات العلمائية والمفكرة.
٨- عمل أستفتاءات عامة وعرض هذه الاستفتاءات على الأمة بشكل دائم والتأكيد على ثقافة الاسلام الوحدوية.
٩- احياء المناسبات الإسلامية الكبرى للمسلمين بصورة منفرده أو مشتركة وأعتبارها من شعائر الإسلام. كميلاد الرسول الأعظم(ص) ومناسبة المبعث وعاشوراء الحسين(ع) ورمضان المبارك والأعياد.
١٠- أصدار كتيبات حول علماء الخير واليقظة والدعوة إلى التقريب من دعاة الوحدة الحقيقيين الذي عملوا بعد فهمهم بالكتاب والسنة النبوية الشريفة من أمثال شيخ الأزهر الاسبق الشيخ محمود شلتوت والعلامة السيد حسين البروجردي والقمي والسيد الشهيد الصدر (ره) والسيد جمال الدين الأسد آبادي والشيخ سليم البشري والشيخ المراغي والامام الخميني ومصطفى عبدالرزاق ومحمد عبدالله دراز والشيخ محمد المدني. والكثير من العلماء النشطين والفاعلين في هذا المضمار والذين قدموا الكثير من الجهود الحثيثة رحم الله من رحل منهم وجزى الله الباقين ومن مختلف البلدان الإسلامية، أحساساً بالمسؤولية الشرعية وتنفيذاً للوظيفة الملقاة على عاتق كل مسلم، وبقوا على هذا الخط دون التغيير أو التقاعس، وليس كبعض دعاة الوحدة في مكان آخر يبتدعون الأكاذيب والافتراءات ، كما علق أحد هؤلاء بأعلانه تكذيب فتوى الشيخ محمود شلتوت شيخ الأزهر الأسبق رحمه الله التي تناقلتها الكتب والمجلات وعلى رأسها مجلة الأزهر ومدار عمل العلماء الذين جاءوا بعده الذين لم تلوتهم الآٍراء المعادية للوحدة. أنه العجب الشديد من بروز هذا الشخص ليطلق دعوة أنكار صدور جواز التعبد بمذهب أهل البيت(ع) (الشيعة) من قبل الشيخ شلتوت رحمه الله فأن كان حقاً لماذا لم ينكرها الشيخ شلتوت نفسه ويعترض عليها. حينما نشرتها مجلة الأزهر في حياته.
إن مسيرة التقريب لم تكن وليدة اليوم بل بدأت من الأمام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب (ع) مع الخلفاء الذين سبقوه وأستمر تاريخها في مد وجزر.. وهي أعظم وأعلى عمل إسلامي تحتاج إلى نفس طويل وصدر واسع وقلب كبير ينفث حباً كما كان يعمل أئمة أهل البيت(ع)... والحمد لله رب العالمين.
خاتمة البحث
لم يكن البحث إلاّ اطلالة سريعة على معنى الاعلام التقريبي وأركانه وأهدافه السامية، حيث يعيش محاصراً بين اعداء شرسين، يعملون ليل نهار من أجل منع أي تقارب إسلامي أو القيام بعمل تقريبي أو نشر فكر التقريب وحتى يكون هذا الاعلام واضحاً ومشخصاً فقد جاء في البحث تعريفه وبيان الأركان المهمة التي يعتمدها والتي هي ضرورية لوجوده حيث لا يمكن إيجاد اعلام تقريب بين المذاهب الإسلامية بدون وجود حرية اعلام وحرية فكرية تسمح بفكر التقريب ان يأخذ طريقه للأمة في تشخيص طريقها الذي رسمه لها دينُها الحنيف، كذلك توفر الضوابط الفكرية التي تحدد المسار الطبيعي لاعلام إسلامي واقعي، دون انحراف عن هذا المسار الذي يقوم على العدل والمساواة معتمداً القرآن الكريم والسنة المباركة مصدراً رئيساً لها، وأيضاً لابد لهذا الاعلام أن يكون بعيداً عن قهر الآخرين وأن لا يكون فيه بخس ونقصان لحقوق آخرين كما في الآية: ولا تبخسوا الناس أشياءهم
كل هذه الأمور يغلفها ويلفها الخلق الإسلامي النبيل في نشر الطمأنينة والأمن والحق.
كما أن الاعلام التقريبي وضح بالأهداف التي يعمل لها. وقد ذكرت في هذا القسم عشرة أهداف رئيسية تتلخص في تزويد الأمة بالأفكار والمفاهيم الصحيحة نائياً عن الأكاذيب وكذلك بيان عناصر القوة في الأمة والمتمثلة بوحدتها التي هي واجب من واجبات الإنسان المسلم. ولابد من عدم تشويه العقل الإنساني بالخرافات والأنحرافات الذي يعتبر هدفاً مهماً. وأيضاً الأهداف الأخرى التي تقع في سياق عمل وأهداف الاعلام التقريبي تعرض لها البحث بشكل مجزي وأهمها بث روح النشاط في الأمة وجعلها أمة حية بأفكارها ملتصقة فيها لا تسلّم إلا لها.
وكان لابد من بيان أسباب الضعف الاعلامي التقريبي الذي دخلنا البحث فيه وبينا أقسامه المتمثلة في ضعف الاعلام التقريبي أساساً وضعف حركته، والقسم الثاني العامل السلبي الذي يقف ضد الاعلام التقريبي. مما دعانا إلى بيان موانع التقريب والتي تقف حجر عثرة في سبيل الاعلام والنشاطات التقريبية التي ينهض بها أصحاب المسؤولية والمتحركين من قاعدة «كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته» حيث وقفنا على أهم هذه الموانع الظاهرة للعيان والملموسة فيها، أهمها المصالح الأجنبية ومصالح النظام الحاكم وعصابات التكفير المسخرة. فضلاً عن اجترار أخطاء اجتهادية قديمة وأحياء النعرات الخبيثة الطائفية.
وكان آخر الموضوعات هي الستراتيجية الاعلامية للتقريب التي ينبغي أعتمادها والشروع بها كخطوات اولية ولكن عملية لها تأثير ايجابي... لا تعتمد فقط على النخبة الفكرية والعلمائية بل الدخول إلى عموم الأمة بخطوات عملية مفيدة. إنها عجلة التقريب التي تسير واثقة الخطى تحركها الأيدي الطاهرة والقلوب التي وعت وظيفتها ومسؤوليتها لا تأخذها في الله لومة لائم موكلة الأمر إلى العلي القدير.. على نفس الخط الذي رسمه الأوائل من الأئمة الصالحين والأصحاب الطيبين دليلهم الحق وهدف الوحدة والاستقرار فجزى الله العاملين وعبّد الله تعالى لهم الطريق ونصرهم في مهمتهم.
والحمد لله ربّ العالمين والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين.
____________________________________________
* أستاذ جامعي/ الجامعة الإسلامية الحرة - طهران
رقم: 41539