آن الأوان لأن نتخلص من ثمار ما زرعت الصهيونية في عقولنا من دعوة إلى التنافر والتناحر، وأن يتقبل بعضنا البعض الآخر، ولنتذكر دائماً أن كلتا العقيدتين (الإسلام والمسيحية) تؤمن بالتعايش والسلام
باحثة: الفتنة الدينية بمصر صهيونية
14 Mar 2011 ساعة 9:43
آن الأوان لأن نتخلص من ثمار ما زرعت الصهيونية في عقولنا من دعوة إلى التنافر والتناحر، وأن يتقبل بعضنا البعض الآخر، ولنتذكر دائماً أن كلتا العقيدتين (الإسلام والمسيحية) تؤمن بالتعايش والسلام
كثر الجدل حول المعتقدات الدينية وأثرها في علاقات الأفراد والجماعات في المجتمع المصري، خصوصا في ظل توترات طائفية تشغل المصريين من حين لآخر. وشكلت هذه القضية المحور الأساس في كتاب "التراث المسيحي الإسلامي" للباحثة ليلى تكلا الصادر عن دار الشروق بالقاهرة.
ترى المؤلفة أن الواقع الحالي جعل مسألة العقيدة الدينية محل جدل إنساني بعد أن كانت أمراً روحياً سماوياً، وأصبحت هناك حاجة لتأكيد ماهية الأديان ورسالتها وجذورها المشتركة، ومحاولة إيجاد التقارب منعاً للتضارب والصراع وتهدئة للنفوس حتى تعود العقيدة الدينية إلى مكانها الصحيح، بما هي علاقة بين الخالق والمخلوق ليس لأحد أن يتدخل فيها، فلا تصبح محل جدل أو نقاش أو كتابات وفق قولها.
وتذهب تكلا إلى أن ما تحاول أن تقوله في كتابها، وما حاوله غيرها من قبل، وما سوف يحاوله آخرون من بعد "يأتي نتيجة للحقيقة التي نعيشها والتي تؤكد أنه رغم الإيمان بخصوصية العلاقة بين الخالق والمخلوق ورغم تلك الصورة المثالية المفروضة، إلا أن الواقع يقول غير ذلك".
وتوضح "إنه واقع يتطلب محاولات قد تساهم في عبور الهوة بين ما هو مطلوب وما هو موجود، إنها محاولات تصحيح واقع خرج بالمعتقدات الدينية عن خصوصيتها وجلالها وهيبتها إلى عالم الجدل والتنافس، واستغلال الأديان من أجل أهداف دنيوية أو مطامع سياسية". "
وشددت تكلا في تحليلاتها على أن الزج بالعلاقة بين الخالق والمخلوق في شؤون الدنيا والسياسة -حيث يسود الجدل والنقاش والخلاف والاعتراض- أمر لا يتفق مع ما للعقيدة الدينية من هيبة وجلال يحتم الفصل بينهما، أي بين الدين والسياسة، ويدعو إلى الالتزام بالدولة المدنية، ورفع الدين إلى مكانته السماوية الروحية يستلهم منها البشر الأخلاق والمبادئ السامية، وفق ما تقول.
ونبهت المؤلفة إلى أن الفروق بين المسيحية والإسلام أقل مما نظنّ، و"الاختلاف بينهما لا يبرر العداوة والقتل والتكفير". وتضيف "لقد أوصى الإسلام بأهل الكتاب، والسيد المسيح أوصانا بالصلاة حتى من أجل الذين يسيئون إلينا. والإسلام لا يسيء إلى المسيحية بل يكرمها، حتى وإن رأى البعض ممن يدّعون الإسلام غير ذلك، واعتبروا أن الإساءة إلى المسيحيين حلال، فأطلقوا عليهم صفات غير كريمة".
وأكدت تكلا ضرورة عبور تلك الفجوة من سوء الفهم حتى لا يسقط الكثيرون صرعى وتتسع مسافة الخلاف والاختلاف، بينما يؤكد الواقع أن كلتا العقيدتين بريئة من كثير مما يلصق بها من اتهامات.
وقالت "الطرفان وإن اختلفا أحياناً في تفسير بعض الوقائع فإن ما يجمعهما كثير، أكثر مما يجمع بين أي عقائد أخرى، لكننا أهملنا هذا التقارب وانشغلنا بالفروق والاختلافات التي لكلا الطرفين حق التمسك بها لكن دون معاداة الآخر".
فتنة صهيونية
وكشفت تكلا أن الجانبين المسيحي والإسلامي قد ابتلعا طعماً مسموماً مرتين "مرة عندما تشربنا مقولة صدام الأديان، ويقصد بها أساساً الصدام بين المسيحية والإسلام، ومرة أخرى عندما داهمتنا مقولة التراث المسيحي اليهودي الذي قصد به مساندة سياسية اقتصادية للفكر والطموحات الصهيونية مع أن الفروق شاسعة بين العقيدة المسيحية والعقيدة اليهودية". وهي ترفض وجود "أي وجه للتشابه بين المسيحية والصهيونية".
وتوضح "آن الأوان لأن نتخلص من ثمار ما زرعت الصهيونية في عقولنا من دعوة إلى التنافر والتناحر، وأن يتقبل بعضنا البعض الآخر، ليس فقط بسبب ما بيننا من توافق إنما بالرغم مما بيننا من اختلاف، ولنتذكر دائماً أن كلتا العقيدتين (الإسلام والمسيحية) تؤمن بالتعايش والسلام وتقبل الاختلاف الذي هو سنة الحياة، وأن كلاهما يؤمن بالله الواحد".
المصدر : الجزيرة
رقم: 42440