امام الشعب السعودي مسيرة طويلة جداً للوصول الى هدفه وتحقيق الاصلاحات الديموقراطية
خنق الاعلام السعودي
2 May 2011 ساعة 10:20
امام الشعب السعودي مسيرة طويلة جداً للوصول الى هدفه وتحقيق الاصلاحات الديموقراطية
وكالة أنباء التقريب (تنا) :
أحدثت الثورات الشعبية التي انطلقت في اكثر من بلد عربي للمطالبة بالاصلاحات السياسية واحترام حقوق الانسان واطلاق الحريات التعبيرية تغييرات جذرية في المنطقة، سواء باطاحة انظمة ديكتاتورية فاسدة، او باجبار اخرى على تقديم تنازلات اساسية، والتجاوب مع جميع او معظم مطالب المحتجين في اجراء التعديلات الدستورية الكفيلة برفع سقف الحريات، والاستثناء الوحيد يتجسد في المملكة العربية السعودية التي تفعل حكومتها ما هو عكس ذلك تماماً.
التعديلات التي ادخلتها هذه الحكومة على قانون المطبوعات والنشر وجرى اعلانها امس جعلت من هذا القانون اكثر تشدداً في تخفيض سقف الحريات التعبيرية وفرض عقوبات شرسة على كل كاتب او ناشر يخالف هذا القانون تصل الى حوالي ١٣٣ الف دولار غرامة كحد ادنى.
المخالفات التي يحددها القانون تبدأ من الدعوة الى ما يخالف احكام الشريعة الاسلامية والانظمة النافذة ومروراً بحظر التعرض او المساس بالسمعة والكرامة او التجريح او الاساءة الشخصية الى مفتي عام المملكة واعضاء هيئة كبار العلماء او رجال الدولة او اي من موظفيها، او اي شخص من ذوي الصفة الطبيعية او الاعتبارية الخاصة، وتنتهي بتجريم ما يدعو الى الاخلال بأمن البلاد او نظامها العام او ما يخدم مصالح اجنبية تتعارض مع المصلحة الوطنية.
من المؤكد ان لا أحد يريد الاقدام على اي شيء يمس بالشريعة، او يعرض امن البلاد للخطر، ولكن منع اي نقد للشخصيات العامة او رجال الدولة فهذا يعني ان تتحول الصحافة الى منشورات رسمية ليس لها اي علاقة بدورها كسلطة رابعة من ابرز مهامها مراقبة الانحرافات في الدولة والمجتمع وفضح مواطن الفساد، والتصدي للمسؤولين في حالة تجاوزهم لصلاحياتهم والوقوع في اخطاء تضر بالدولة والمجتمع.
التجريح الشخصي مرفوض وجريمة يجب ان يعاقب عليها كل كاتب او صحافي يقدم عليها، فصيانة اعراض الناس وخصوصياتهم وبما يتماشى مع القوانين المرعية امر مكفول في جميع القوانين التي تتبعها الدول المتقدمة، ولكن النقد العلمي الموضوعي البناء مختلف عن ذلك تماماً.
من المؤسف ان السلطات السعودية تملك تاريخاً حافلاً في تحريض بعض كتابها وصحافييها داخل المملكة وخارجها لتجريح خصومها، سواء كانوا كتاباً او ناشرين او حتى مسؤولين في دول تختلف معهم في وجهات النظر، ومنعت قضاءها من النظر في اي قضية تجريح يتقدم بها هؤلاء الى المحاكم السعودية. وربما يفيد التذكير بان الامير نايف بن عبدالعزيز وزير الداخلية السعودية اصدر مرسوماً بتحويل جميع القضايا المرفوعة من قبل مواطنين نهش بعض الكتاب اعراضهم وذممهم الى لجنة في وزارة الاعلام للنظر فيها، بدلاً من النظر فيها من قبل المحاكم الشرعية في الدولة.
التعديلات الجديدة جاءت عمومية وغامضة، ويمكن تأويلها حسب وجهة نظر الحكومة، فما هو مفهوم الاساءة الى الامن في البلاد، وما هو تعريف تهمة 'ما يخدم مصالح اجنبية تتعارض مع المصالح الوطنية' بل ما هي حدود هذا التعارض؟
سقف الحريات في المملكة العربية السعودية هو الاكثر انخفاضاً في المنطقة العربية، بل وفي العالم الثالث، وترتيب المملكة على سلم الحريات الصحافية في الثلث الاخير من بين مئتي دولة في العالم، وهناك اكثر من ربع مليون موقع اعلامي محظور في البلاد والمطلوب هو توسيع دائرة الحريات الصحافية والتعبيرية لا تخفيضها.
صدور هذه التعديلات المشددة وفي هذا التوقيت بالذات، يؤكد ان امام الشعب السعودي مسيرة طويلة جداً للوصول الى هدفه وتحقيق الاصلاحات الديموقراطية المأمولة اسوة باشقائه في مصر وتونس وقريباً في اليمن وليبيا وسورية.
رأي القدس العربي
رقم: 48199