وحالما استقر التتار المسلمون بفنلندا بدؤوا بتأسيس جمعيات خاصة إسلامية واجتماعية ورياضية (مثل الجمعية الإسلامية تأسست عام 1915م، وسُجلت رسمياً عام 1925م)،كما أنشأؤوا المدارس وبنوا المساجد والمصليات، وكان لهم مقابر إسلامية خاصة بهم، وأصدروا عدة كتب إسلامية وأدبية باللغتين التترية والفنلندية.
وفي الوقت الذي تعرض فيه إخوانهم التتار في روسيا للاضطهاد من النظام الشيوعي، والذي قام أيضاً بإلغاء الأحرف العربية في اللغة التترية عام 1927م وتحويلها إلى الأبجدية اللاتينية، ثم للأبجدية الكيريلية عام 1939م، حافظ تتار الخارج، ومنهم في فنلندا، على الرسم العربي للأحرف في اللغة التترية، وأصدروا كتبهم بها.
ثم طبع المصحف الشريف كاملاً ولأول مرة في فنلندا باللغة العربية عام 1943م بمدينة كيمي، اعتماداً على نسخة "المصحف القازاني" أي طبعة مصحف قازان، وبإشراف التاجر والكاتب التتري والمحسن: الحاج حسن نظام الدين حميد الله (1900- 1988م)، والذي اشترى مطبعة من ماله الخاص وطبع الكتب باللغة التترية، وجهّز قوالب خاصة لطباعة هذا المصحف.
وطبع الحاج حسن حميد الله 20 ألف نسخة من المصحف الشريف، وقد تمّ توزيع القسم الأكبر منها مجاناً على الجنود التتار المسلمين المشاركين في الجيش الألماني في الحرب العالمية الثانية، كذلك وزّع قسم على الأسرى المسلمين في فنلندا وألمانيا، وكان إصدار المصحف صدقة جارية على روح جده حميد الله وبمناسبة مرور 75 سنة على وصوله إلى الأراضي الفنلندية.
ثم أعاد الحاج حسن حميد الله طباعة المصحف مرة أخرى عام 1969م في العاصمة هلسنكي ثم طباعته للمرة الثالثة في العام 1982م.
هذا ورغم عدد التتار في فنلندا والذي يقدر بحوالي 1000 شخص، إلا أنهم تركوا –وما زالوا- بصمات إيجابية في الجوانب الثقافية والاجتماعية في البلاد.
د. أمين القاسم الباحث في تاريخ إقليم شبه جزيرة القرم والمنطقة
/110