بمناسبة حلول شهر رمضان المبارك وجّه تجمع العلماء المسلمين رسالة إلى المسلمين في العالم عامة ولبنان خاصة تلاها رئيس الهيئة الإدارية سماحة الشيخ الدكتور حسان عبد الله، هذا نصها:
أيها المسلمون..أيها اللبنانيون
يطل علينا شهر رمضان المبارك شهر الرحمة والمغفرة ونحن أحوج ما نكون للتمسك بأهداب الدين الحنيف والامتثال لمفاهيمه التي جاء بها نبينا محمد (ص) في وقت يعمل أعداء الأمة الإسلامية على ضرب هذه المفاهيم والقيم من خلال ممارسات ظالمة لا تمت للدين بصلة والإسلام منها براء.
إن الإحياء الحقيقي لهذا الشهر المبارك يكون من خلال بث الوعي في صفوف الأمة وإفهامها أن تكليفنا الشرعي لا يقتصر على الامتناع عن الأكل والشرب وبقية المفطرات بقدر ما يكون بإظهار مفاهيم الرسالة الإسلامية السمحاء وفضح الذين يسيئون للدين من خلال تشويه صورته في ممارسات ظالمة.
أيها المسلمون..أيها اللبنانيون
إن فرحتنا بقدوم الشهر المبارك يجب أن لا تنسينا آلام الشعوب الرازحة تحت نير الاحتلال وبالأخص الشعب اللبناني الذي يُعاني من الأزمة الاقتصادية المفروضة عليه من أعداء الأمة الولايات المتحدة الأمريكية والكيان الصهيوني وآلام الشعب الفلسطيني المظلوم والشعب اليمني الذي يُعاني من الحصار الظالم، وبالتالي علينا تقديم كل الدعم اللازم لهم مادياً وسياسياً ومعنوياً لرفع الظلم عنهم والعمل لاجتثاث الغدة السرطانية الصهيونية والغدة التكفيرية المتولدة عنها والتي تسير على نفس نهجها وتتبع نفس الأسلوب.
إننا في هذا الشهر المبارك نؤكد على النقاط التالية:
أولاً: على صعيد الوحدةِ الإسلاميةِ: يمكن لي أن أُعْلِنَ وبكلِّ صراحةٍ وبناءً لخبرةٍ وتجربةٍ أن مشروعَ الفتنةِ المذهبيةِ لم يحققْ أهدافَهُ وهو وإن أَحْدَثَ بعضَ النّدوبِ إلا أننا استطعنا الانتصارَ عليه وحدّدْنا وبشكلٍ واضحٍ أن الصراعَ في الأمةِ ليس صراعاً مذهبياً بل هو صراعٌ سياسيٌّ بين نهجَيْن، نهجِ مقاومةٍ تقودُهُ الجمهوريةُ الإسلاميةُ في إيران، ونهجِ استسلامٍ للشيطانِ الأكبرِ بقيادةِ الولاياتِ المتحدةِ الأميركية.
ثانياً: تلقى النهجُّ التكفيريُّ ضربات عسكرية موجعة في العراق وسوريا ولبنان وهو مع ذلك ما زال يشكل خطراً سواء من الناحية العسكرية والأمنية أو من الناحية الفكرية والعقائدية، والذي يجب أن نتوجه إليه اليوم هو أن يعمل على مراقبة خلاياهم النائمة وضربها في عمليات استباقية، وأن يقوم علماء الأمة ومثقفوها بواجبهم في التصفية الفكرية لهذا النهج من خلال فضح أساليبه ومعتقداته وبُعده بل مناقضته للدين الإسلامي.
ثالثاً: ندعو الشعب اللبناني إلى التضامن ونبذ الخلاف والتوجه نحو خطوات إصلاحية تقضي على الفساد العدو الأول للبنان، ونؤكد على دعم المقاومة كخيار وحيد لاسترجاع أراضينا المحتلة في تلال كفرشوبا ومزارع شبعا والقسم الشمالي من قرية الغجر ضمن الثلاثية الماسية التي حمت وحررت لبنان "الجيش والشعب والمقاومة" ولكي لا يفكر العدو الصهيوني بالاعتداء على ثروتنا النفطية، ونستنكر كل محاولات النيل من شرعية سلاح المقاومة ونعتبره خدمة مجانية للعدو الصهيوني.
رابعاً: ندعو لأن تكون الانتخابات النيابية القادمة محطة للشعب اللبناني لمحاسبة من كان سبباً بالأزمة الاقتصادية ومن تخاذل عن الوقوف بوجه الإملاءات الأمريكية، ونؤكد على ضرورة التنافس على أساس البرامج الانتخابية لا العصبية المذهبية والطائفية ونعلن وقوفنا إلى جانب القوائم والبرامج التي أعلنت عنها كتلتي التنمية والتحرير والوفاء للمقاومة، وندعو لتأييد لوائح "باقون نحمي ونبني" و "بالوحدة أمل".
خامساً: يدعو تجمع العلماء المسلمين في هذا الشهر المبارك لإعادة فلسطين إلى مركز الصراع وجعلها أولوية لدى الشعوب والمنظمات، وهنا فإننا نوجه التحية لأبطال المقاومة في فلسطين على عملياتهم الأخيرة داخل المناطق المحتلة في العام 1948 وندعوهم لتصعيدها حتى يصلوا إلى هدفهم الأسمى وهو تحرير فلسطين، والحرص على إبقاء الأسرى الصهاينة حتى إطلاق جميع الأسرى من سجون الاحتلال الصهيوني، وندعوهم لعدم الإلتهاء بالخلافات الجانبية وترك السعي وراء السلطة الجوفاء التي لا قيمة لها.
سادساً: ندعو لتضافر الجهود لإنهاء الحرب الظالمة على اليمن وتقديم المساعدات للشعب اليمني كي يستطيع مواجهة الأوبئة والأمراض المنتشرة، وأن يكون له وحده حرية اختيار النظام الذي سيعيش في كنفه من دون تدخل لأي دولة مهما كان بُعدها أو قربها عن هذا البلد الحبيب.
سابعاً: على صعيدِ إيران: نتوجهُ باسمِ التجمعِ إلى الجمهوريةِ الإسلاميةِ الإيرانيةِ وسماحةِ قائدنا وعزِّنا وفخرِنا وإمامِنا ومرجِعِنا وسيِّدِنا آيةِ الله العظمى الإمامِ السيد علي الخامنائي (مد ظله) بأسمى آياتِ الولاءِ ونعلنُ أننا مع سماحتِهِ ولو خاضَ البحرَ لخضناهُ معهُ، ونحن سِلْمٌ لمن سالَمَهُ وحربٌ لمن حارَبَهُ لأنه اليومَ رمزُ الإسلامِ المحمديِّ الأصيلِ.
ونشكرُ الجمهوريةَ الإسلاميةَ الإيرانيةَ على كلِّ ما قدَّمَتْهُ لأمتِنا العربيةِ خاصةً في دعمِها للمقاومةِ وللقضيةِ الفلسطينيةِ مع ما كلَّفَها هذا الأمرُ من تضحياتٍ تحمّلَها الشعبُ الإيرانيُّ البطلُ بكلِ محبةٍ وفخرٍ خاصة ما قدمه وزير الخارجية الإيراني السيد حسين أمير عبد اللهيان في زيارته الأخيرة للبنان من عرض لإنشاء محطة توليد طاقة كهربائية وتزويدنا بالقمح نتيجة النقص الذي يمكن أن يحصل بسبب الحرب الأوكرانية، فشكراً إيران.
ندعو الله عز وجل أن يأتي شهر رمضان المبارك العام القادم والأمة الإسلامية بألف خير وقد انتهت الجائحة، وفلسطين محررة والشعوب العربية تعيش بعزة وكرامة، وينال الفقراء والمستضعفين في لبنان حقوقهم بالعيش الكريم بعد القضاء على الفساد، إنه سميع مجيب.
/110