في الذكرى الـ17 لدحر الاحتلال من غزة ..
يوافق اليوم الاثنين12من سبتمبر الذكرى 17 على دحر المقاومة الفلسطينية للاحتلال الصهيوني عن أرض غزة بعد احتلال دام 38 عامًا، لتعيش غزة في عزة وكرامة منقطعة النظير، في حين تعيد الضفة المحتلة هذه الايام إحياء فكرة المقاومة المتواصلة في محاولة لفرض واقع جديد وتكرار تجربة غزة لدحر الاحتلال , وخاصة ان الإحتلال اعترف ان المقاومة في الضفة لم يسبق لها مثيل وخاصة في عدد العمليات .
حيث شكل اندحار الاحتلال الصهيوني عن قطاع غزة في الثاني عشر من سبتمبر عام 2005، نقطة تحول مهمة في التاريخ الفلسطيني المعاصر، ونقلة نوعية على صعيد تطور قدرات المقاومة الفلسطينية وتعاظمها.
رئيس حكومة الاحتلال آنذاك أرئيل شارون، برر اندحاره عن غزة بأنه خطوة "أحادية الجانب" في إطار خطة لتحسين الواقع في غزة، وتحسين نسيج الحياة الفلسطينية والاقتصاد الفلسطيني، لكن اندحاره لم يكن لولا ضراوة المقاومة الفلسطينية وبسالتها، والتي حوّلت المستوطنات الصهيونية الجاثمة على أرض قطاع غزة إلى جحيم لا يُطاق، اضطر خلالها الاحتلال للهروب يجُر أذيال الخيبة والهزيمة.
ومثّلت 25 مستوطنة صهيونية نحو 35% من مساحة قطاع غزة، كانت بمثابة نقاط سيطرة استراتيجية للاحتلال، كما شكلت كنزًا حقيقيًّا نهب من خلالها الاحتلال الموارد الطبيعية للقطاع، وليس أدل على ذلك من سرقته المياه الجوفية العذبة، والكثبان الرملية التي نقلها إلى داخل الأرض المحتلة.
وأصبحت 25 مغتصبة جاثمة على أرض القطاع أثرًا بعد عين عقب الاندحار عنها بفعل ضربات المقاومة، ولطالما كانت كالغدد السرطانية تجزئ محافظات القطاع ومناطقه، وتشل تحركات أهله وتنقلاتهم.
تصاعد حالة المقاومة
ومنذ اليوم الأول لانتفاضة الأقصى، شهدت الساحة الفلسطينية عامة وفي قطاع غزة خاصة، حالة مقاومة متصاعدة، وشهدت تطورًا في أدوات المقاومة الفلسطينية مقارنة بالانتفاضة الأولى، التي كان أبرز أدواتها "الحجارة" و"الزجاجات الحارقة".
شهدت كل نقاط التماس مع الاحتلال في قطاع غزة مواجهات يومية، سرعان ما تطورت إلى عمليات اقتحام للمستوطنات الصهيونية وعمليات إطلاق النار على الجنود، ولقد فرضت طبيعة المواجهة العسكريّة المتصاعدة بين المقاومة والاحتلال خلال الانتفاضة ضرورة توفير وسائل قتاليّة محليّة الصنع قادرة على تلبية الاحتياج الميدانيّ المتزايد، فطورت المقاومة من منظومة التصنيع لديها، وصنّعت العديد من الأسلحة كالقذائف الصاروخية، ومضادات الدروع، والقنابل اليدوية، والأحزمة الناسفة.
هذا التطور المتسارع للقدرات العسكرية للمقاومة خلال الانتفاضة رفع فاتورة حماية المستوطنين في غزة، الأمر الذي جعل من غزة كابوسًا يحلم شارون في التخلص منه.
سلاح الأنفاق
وخلال السنوات الخمسة التي استمرت الانتفاضة فيها بقطاع غزة؛ حيث بدأت المقاومة الفلسطينية كل الأدوات والخيارات في مواجهة الاحتلال الصهيوني، حيث ابتكرت أسلوبًا جديدًا في مقاومة الاحتلال، تمثل في حفر الأنفاق واستهداف المواقع العسكرية الصهيونية.
خسائر العدو
وكبدت المقاومة الفلسطينية الاحتلال الصهيوني خسائر بشرية ومادية كبيرة، فخلال سنوات انتفاضة الأقصى، نفذت المقاومة 68 عملية ما بين إطلاق نار وتفجير آليات واقتحام للمغتصبات، أدت إلى مقتل 135 صهيونيًا، بينهم 106 من الجنود والضباط، و29 مستوطنًا، بينما أصيب العشرات منهم بجراح.
وشهد عام 2004م، وهو العام الذي سبق الاندحار عن غزة، أعلى نسبة لعدد القتلى في صفوف جنود الاحتلال، إذ قُتل فيه 46 جنديًا، ما جعل وجود الاحتلال في غزة وقربه مكانيًا من المقاومة الفلسطينية أمرًا مستحيلًا.
تطور المقاومة
مكّن الاندحار الصهيوني عن قطاع غزة، المقاومة الفلسطينية من حرية العمل وتطوير قدراتها المختلفة وتصاعدها، إذ عملت المقاومة على راسها كتائب القسام وسرايا القدس على إعداد تكتيكات جديدة في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي.
هذا التطور مكّن المقاومة من الصمود في مواجهة عدوان الاحتلال الصهيوني المتواصل على شعبنا الفلسطيني في قطاع غزة، كما مكّنها من إفشال أهداف الاحتلال في القضاء على المقاومة الفلسطينية، والتي غدت اليوم كابوسًا يؤرق قادة الاحتلال.
وبات الاندحار عن غزة نقطة تحول كبير في تطور أداء المقاومة وسلاحها، واتساع معركتها مع العدو، حتى أضحت تبدع في معركة تلو الأخرى، وظل الشعب ظهرًا حاميًا وداعمًا لها رغم الجوع والحصار.
/110