أبلغت مصادر مطّلعة صحيفة "الأخبار" أنه ومع إعلان الأمين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصر الله في تموز الماضي استعداد إيران لتزويد معامل الكهرباء اللبنانية بالفيول مجانًا، وفق اتفاق مع الحكومة اللبنانية، تواصلت الجهات الرسمية المعنية مع مسؤولين أميركيين، وفهمت أن العقوبات الأميركية لا تشمل الهبات طالما أنها لا تتضمن أي مقايضة مادية أو عينية.
لكن تبيّن لاحقًا أن هذا الموقف لم يكن رسميًا، وفقًا للمصادر، وأن الأميركيين تعمّدوا "المغمغة" لئلا يؤثر تصريحهم بالرفض على مفاوضات ترسيم الحدود البحرية مع العدو الإسرائيلي.
وعندما سُئل الوسيط الأميركي عاموس هوكشتاين عن الأمر، لم يعطِ موقفًا حاسمًا، وأبلغ وزير الطاقة وليد فياض أن يترك الأمر لرئيس الحكومة لأنّ مثل هذا القرار يحتاج إلى موافقة مجلس الوزراء، وهو ما أثنت عليه يومها السفيرة الأميركية دوروثي شيا.
وقالت المصادر لـ"الأخبار" "إن رئيس الحكومة نجيب ميقاتي كان على علم بحقيقة الموقف الأميركي، إلا أنه ساير "المغمغة" الأميركية بـ"مغمغة" ميقاتية مماثلة. فبعد أخذ ورد، وتذرع مرة بضرورة التأكد من أن الهبة مجانية، وأخرى بعدم مطابقة الفيول الإيراني لمواصفات المعامل اللبنانية، اضطر رئيس الحكومة تحت ضغط الانقطاع التام للتيار الكهربائي، إلى الخضوع وتشكيل وفد تقني لزيارة طهران والبحث في أمر الهبة، ودائمًا مع شروط و"تكبير الحجر" من نوع طلب زيادة كمية الهبة بما يسمح بزيادة ساعات التغذية إلى ثمان يوميًا".
كما أصر ميقاتي على إبعاد أي شبهة سياسية عن الوفد الذي رفض أن يترأسه وزير الطاقة. وفي كل هذه المحطات، أبدى الجانب الإيراني تفهّمًا للحرج اللبناني وأبدى انفتاحًا كبيرًا على التعاون، بحسب المصادر.
وتابعت المصادر أن "الوفد الذي ضم المديرة العامة للنفط أورور فغالي ومدير الإنتاج في كهرباء لبنان بشارة عطية زار طهران منتصف أيلول الماضي للتفاوض حول الشروط وطبيعة الهبة والجانب التقني ونوعية الفيول. ولدى عودته، أعدّ الوفد تقريرًا، وأبلغ الجهات الرسمية أنه في صدد مناقشة مذكرة تفاهم مع الجانب الإيراني، واستمر التواصل بين الجانبين حتى الأسبوع الأخير من الشهر الماضي، عندما أرسل الجانب الإيراني مسودة لمذكرة التفاهم تضمّنت إشارة واضحة إلى أن الأمر عبارة عن هبة لا مقابل ماديًا لها، وذلك لمساعدة لبنان على مواجهة الضغوط الأميركية".
وتابعت المصادر أن وزير الطاقة وليد فياض أرسل مطلع الشهر الجاري المسودة والتفاصيل التقنية إلى رئاسة الحكومة للحصول على الموافقة، بما أن الأمر يحتاج إلى قرار من مجلس الوزراء وليس إلى قرار من الوزير، ليتبين أن ميقاتي كان قد بدأ اتصالات جانبية مع الأميركيين، وأنه تبلّغ من مكتب قانوني في الولايات المتحدة استعان به أن الهبات الإيرانية تخضع للعقوبات حتى ولو كانت مجانية، كما تبلّغ رئيس الحكومة، رسميًا، أن عليه مراسلة وزارة الخزانة الأميركية لطلب إذن خاص (مماثل لإذن أُعطي للعراق لشراء الفيول الإيراني لمعامل الكهرباء)، يسمح للبنان بالحصول على هذه الهبة من دون تعريضه لأي عقوبات".
وبحسب المصادر، فإن الاتصالات الجانبية تؤكّد أن الجانب الأميركي لن يوافق على منح لبنان أي استثناء، وأن الموقف الأميركي لا يزال ضاغطًا لمنع لبنان من الاستفادة من إيران أو من روسيا.
وبناء عليه، فإن ملف الهبة الإيرانية الذي كان يتيح لشركة كهرباء لبنان مضاعفة مستوى الإنتاج ما يزيد التغذية إلى 4 أو 5 ساعات يوميًا صار محل تجاذب داخلي جديد، وعلى الأغلب، فإن ميقاتي لن يغامر بخوض مواجهة لا يريدها مع الأميركيين الذين نكثوا من جهة أخرى بوعودهم بالضغط على البنك الدولي لتمويل استجرار الغاز من مصر والكهرباء من الأردن، وفق المصادر.
/110