لا يخفى على أحد أهمية علم الإعراب في توضيح المعنى الذي تنشده الآيات القرآنية، وبيان ما تقصده من دلالات، وقد نشأ هذا العلم وازدهرت مباحثه في كنف الحاجة إلى تفسير القرآن، وتوضيح معانيه وغريبه، ومن هنا تعدَّدت المصنفات قديماً وحديثاً لتحقيق هذا الغرض، وبعضها يكمل بعضها الآخر؛ فلكل مصنف مذاقه ووجهته التي هو مُوَلِّيها، ولا غنى لأحد عن أحد؛ لأن كلاً منها يُعنى بجانب، أو يحلُّ مشكلاً، أو يثير مسائل علمية قد لا يثيرها غيره، بيد أنها اتفقت على العناية بإجلاء معاني كتاب الله.
من جهته قدم الدكتور علي أحمد عبد اللـه في كتابه «إعراب القرآن الكريم» الصادر عن الهيئة العامة السورية للكتاب إعراباً لمفردات القرآن الكريم ابتداء من سورة الفاتحة وحتى سورة الناس وذلك ضمن مشروع تمكين اللغة العربية.
ويوضح عبد اللـه في مقدمة كتابه الذي يقع في ۵۵۶ صفحة أنه تناول إعراب مفردات القرآن الكريم التي قد تلتبس على بعض المثقفين، كما أورد في مقدمة كتابه إضافة إلى أنه أعرب بعض المفردات على أكثر من وجه مبيناً الحجة النحوية عند تعدد الآراء مستشهداً بعلماء النحو العربي ومعتمداً على المصادر الأصلية في هذا الموضوع.
وينطلق عبد اللـه في إعرابه مفردات القرآن الكريم من قاعدة مفادها كل وجه نحوي يعتمد على معنى لغوي ومن القاعدة النحوية حكم المعنى في الإعراب لا الإعراب في المعنى مشيراً في مقدمة كتابه إلى أن واضع النحو العربي هو الإمام علي بن أبي طالب كرم اللـه وجهه حيث قال لأبي الأسود الدؤلي: يا بن الأسود انح عني هذا النحو.
ويعتمد الباحث في إعرابه على الإيجاز مبتعداً عن الإسهاب إلا إذا دعت الضرورة كما أنه لم يعرب الجمل اختصاراً فالقرآن معجزة اللـه الدائمة.
وعلماء الدين يقولون: إن من أعظم ما يجب على طالب علوم القرآن الراغب في تجويد ألفاظه، وفهم معانيه، ومعرفة قراءاته ولغاته، وأفضل ما القارئ إليه محتاج، معرفة إعرابه والوقوف على تصرُّف حركاته وسواكنه، ليكون بذلك سالماً من اللحن فيه، مستعيناً على إحكام اللفظ به، ومطلعاً على المعاني التي قد تختلف باختلاف الحركات، ومتفهماً لما أراد اللـه تبارك وتعالى به من عباده، إذ بمعرفة حقائق الإعراب تُعرف أكثر المعاني وينجلي الإشكال، وتظهر الفوائد، ويُفْهَم الخطاب، وتصحُّ معرفة حقيقة المراد.
لمى طباخة، صحیفة "الوطن" السوریة