حديث التقريب .. تكريم الفتاة
وعاد اليوم الأول من ذی القعدة وعادت معه احتفالات تكريم الفتاة، والمناسبة هي ذكرى مولد السيد فاطمة بنت الامام موسى بن جعفر(ع) ضجيعة مدينة قم أخت الإمام الرضا(ع) ضجيع مدينة مشهد بخراسان.
لقد ضجّت الأماكن المقدسة والساحات العامة بمراسيم صاخبة بهيجة اشتركت فيها الملايين من فتيات إيران، وهنّ يحملن أعلام الجمهورية الإسلامية ويهزجْنَ بالأناشيد الوطنية والدينية؛ حيوية ونشاط غمرت الأجواء، وفرحة وسرور عمّ أماكن الاحتفالات.
وستستمرّ هذه الاحتفالات إلى يوم العاشر من ذی القعدة وهو يوم ذكرى مولد الإمام الرضا(ع) والأيام العشرة هذه هي «عشرة الكرامة»، تتركز على تكريم نساء آل بيت النبوّة، وذكر فضائل هذا البيت الكريم، ومعالم المدرسة القرآنية التي تجسّدت فيهنّ لتكون قدوة للأجيال.
تكريم الفتاة له دلالاته الكثيرة وأهمها :
1- معرفة الدور الذي ستنهض به الفتاة في بناء الأسرة والمجتمع، فهي المدرسة التي إذا أعدَدْتها أعدَدْت شعبًا طيّب الأعراق، وهي اليوم فتاة، وستُصبح أمًّا، وما أدراك ما دور الأم في غرس
روح الفضيلة والسموّ في نفوس الأبناء.
2- بيان ما تحمله منظومة الثقافة الإسلامية من إجلال وإكبار وتقدير للأنثى، بنتًا كانت أم أمًا أم زوجة، فهي السَكَنُ والريحانة والمودّة والرحمة، وهي كما يقول العرفان الإسلامي على لسان جلال الدين الرومي، «كأنها خالقة وليست مخلوقة» في إشارة إلى ما تنجبه من جيل، وما تقوم به من تربية هذا الجيل على الخُلُق الكريم.
3- من الدلات على هذا الاهتمام بتكريم الفتاة، والاحتفال بأسبوع الكرامة ابتداء من ذكرى مولد كريمة أهل البيت فاطمة بنت الإمام موسى بن جعفر(ع) الردّ على هذا التهريج الإعلامي الموجّة ضد الجمهورية الإسلامية باسم الدفاع عن حقوق المرأة.
هذه الموجة التي تعبّر عن مدى الحقد الذي يحمله العالم المادّي تجاه هذا الصرح الإسلامي المقاوم المدافع عن عزّة الإسلام والمسلمين.
4- هذا التهريج الإعلامي يوجّه حقده اليوم بالدرجة إلى السيد القائد الخامنئي، لأنه عمود هذه الخيمة التي يستظل بها الرساليون المقاومون الساعون إلى تحقيق غد أفضل لأمتنا.
والغريب أن هذا التهريج يتجه إلى من هو وراء موجة تكريم البنت وهو الذي سمى ابنته «بشرى» وفي ذلك يقول إنما اخترت لها هذه الاسم، تنديدًا ورفضًا لذلك الذي يقول عنه القرآن الكريم ﴿وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالأُنثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ، يَتَوَارَى مِنَ الْقَوْمِ مِن سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ أَلاَ سَاء مَا يَحْكُمُونَ﴾.
المرأة في ظلال الجمهورية الإسلامية ومنظومة ولاية الفقية قد حظيت بما لم تحظ به من مكانة في تاريخ إيران، لقد اعتلت أعلى المناصب الرسمية، ومارست أهم الأعمال العلمية والفنية، ودخلت عالم الرياضة والمسابقات الدولية بزيّها المحتشم، فكانت النجمة الساطعة في هذه الساحات.
المهم في فتاة إيران اليوم أنها فهمت الفرق بين الجمال والزينة. فهي دخلت عالم الجمال بشخصيتها الإنسانية وبكرامتها وعزتها، وبعلمها وفنّها وتربية الجيل المفكر العالم المقاوم والساعي إلى تحقيق المثل الأعلى في جميع المجالات، وأما زينتها فلم تبدها إلاّ لمن أمر الله أن تبديها لهم، وبذلك فهي تحافظ على شخصيتها الإنسانية وكرامتها في المجتمع، وذلك هو الجمال الحقيقي للإنسان رجلاً كان أم امرأة.
الغرب الذي يرفع عقيرته الاعلامية اليوم للدفاع عن حقوق المرأة في إيران، يعيش – حسب الإحصائيات والبيانات الرسمية المنشورة في الغرب نفسه – كارثةً في نظام الأسرة، وكارثة فيما تعانية المرأة هناك من ظلم وعدوان وانعدام الأمن والأمان.
ندعو بهذه المناسبة المنظمات النسوية في العالم الإسلامي إلى حشد الطاقات وتظافر الجهود في حقل «جهاد التبيين» لبيان حقيقة مكانة المرأة في المنظومة الإسلامية والوقوف بوجه الغزو الثقافي الذي يستهدف هويتنا وشخصيتنا الإسلامية ﴿وَقُلِ اعْمَلُواْ فَسَيَرَى اللّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ﴾
المجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الإسلامية /
الشؤون الدولية