جاء ذلك في كلمة "الدكتور شهرياري" امام "المنتدى الاسلامي الدولي الـ 19" الذي بدا اعماله اليوم الثلاثاء باستضافة العاصمة  الروسية موسكو؛ مردفا انه وفقا للمعايير الانتقائية السائدة في الغرب، تعتبر واشنطن جرائم الکیان الصهيوني الغاصب وقتل الابریاء من الولدان و النساء في غزة، بـ "الحربَ العادلة والدفاع عن النفس" وتسمي الدفاع عن حقوق الانسان "ارهابا".

واكد فضيلته، بان "ما يفعلة الاحتلال في فلسطين اليوم هي الإبادةُ الجَماعیة والتطهیرُ العرقي والقتلُ الجَماعي بعينه، بل وهي جرائم لا ترتكبها حتى الحيوانات".

وافادت "تنا"، ان نص كلمة الامين العام للمجمع العالمي للتقريب "حجة الاسلام الدكتور حميد شهرياري" خلال المنتدى الاسلامي الدولي الـ 19 في روسيا، جاء على الشكل التالي :  

_{بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
"الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله الطيبين الطاهرين وصحبه المنتجبین ومن اهتدى بهداه إلى يوم الدين"
اولاً أشکر القائمین على تنظيم هذا المنتدی الاسلامي العالمي الذي يهدف الى تبیین دور الزعماء الدینیین في حمایة القیم الدینیة والاخلاقیة وتعزیز السلم والامن.
واخص بالشكر مفتي روسيا "الشیخ راویل عین الدین" ومعاونیه في هذا المؤتمر و"الاستاذ الدکتور ضمیر محي الدین" السکرتر المسؤول عن هذا المؤتمر الشریف ولجنة مجلس الاتحاد الروسي بالنیابة عن الرئیس فرید موخامیتشین، لقاء دعوتهم الکریمة.
في هذا الوضع وهذا الوقت الحَرَج، أَوُدُّ أن أتحدث عن قيمتين إسلاميتين؛ الأمن والعدالة.
ومن أجل الأمن، ضرب الله مثلا "قرية امنة" :
 [وَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا قَرْيَةً كانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيها رِزْقُها رَغَداً مِنْ كُلِّمكان ]- (النحل 11)
كلمة "الآمنة" هنا تتجذر من "الأمن"، اي حماية قیمنا ومبادئنا و ممتلکاتنا امام التهديدات المحتملة  او الأذى المحتمل الذي يسببه الآخرون.
لاثبات مفهوم الأمن، لا بد من ملاحظة أمرين : أولاً، أن تمتلک أصولا وقيماً، وثانياً، أن تكون هذه الأصول والقيم مُعَرَّضةً لتهديدات خارجية.
وتشمل هذه الأصول والقيم حق الحياة، و حق الإقامة، و حق حرية التجارة، و غیرها من حقوق الانسان.
كلما یهددون شخصا بالقتل أو بالقنابل ویدمرون منزله، فانهم ینتهكون أمنه. وعندما يُحيطون بشخص ما أو يُزعجون سلامه، فإنهم يعرضون أمنه للخطر.
كلما اقتحموا منزل انسان وأجبروه على تركه أو حرموه من ضروريات الحياة، أو يَسرقون أرضه ويسلبونها منه، فقد اعترضوا أمنه.
وعن "العدالة"، أشير هنا إلى ثلاث آيات من القرآن الكريم:
[إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَ الْإِحْسانِ وَ إيتِاءِ ذِي الْقُرْبى‏ وَ يَنْهى‏ عَنِ الْفَحْشاءِ وَ الْمُنْكَرِ وَ الْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ] -(النمل-90)
[وَلاَ تَرْكَنُواْ إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُواْ فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُم مِّن دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاء ثُمَّ لاَ تُنصَرُونَ] -(هود-113)
[اِنَّما يَنْهاكُمُ اللَّهُ عَنِ الذينَ قاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَ أَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيارِكُمْ وَ ظاهَرُوا عَلى‏ إِخْراجِكُمْ أَنْ تَوَلَّوْهُمْ وَ مَنْ يَتَوَلَّهُمْ فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُون]- (الممتحنة-9)
 هذه هي مبادئ القرآن التي يجب على المسلمين الاهتمام بها. العدل هو القيمة الاجتماعية الأسمى والأكثر قبولاً التي أكد عليها الله سبحانه و تعالى.
ومن جهة أخرى فإن الظلم هو أخذ حق الغير بالعدوان. حقِ العيش و الحیاة، و حق الإقامة في وطنهم، و حق الحرية.
هذه هي الحقوق التي سُلبت من الفلسطينيين. القسوة والظلم هي أبشع فعل يفعله شخص تجاه شخص آخر. حق الحیاة هو الاول من حقوق الانسان.
إن الأمة الإسلامية والعالم الإسلامي تعيش حزنا وألما شديدين منذ أكثر من 70 عاما. وبدعم من أمريكا و نظامِ الهيمنة و الکیانِ الصُهیونی الغاصب؛ فقد تم احتلال جزءٍ من فلسطین، أرض الأمة الإسلامية. لقد شَرِّدُوا أمةً من وطنها وحرّموها من كافة حقوق الإنسان بتدمیر بیوتهم و نهب اموالهم و ممتلكاتهم بأعنف التعدیات و أوحشها.
و قبل هذا، شَرِّدت اسرائيل عدةَ أجيال من الشعب الفلسطيني إلى أراض أخرى ، دون أدنى حقوق مدنية وإنسانية، وهم يَعيشون الان في المخيمات؛ وكل مواطن فلسطيني يبقى في وطنه و ارضه المحتل سيتعرض للهجوم والقمع يوميا.
واليوم نشهد نزوحَ مئات الآلاف من العائلات في غزة و تشریدَ الملايين من الفلسطینین من وطنهم، واستشهادَ عشرات آلاف المدنيين اکثرهم من الاطفال والنساء. كما أُصيبَ نحو 50 ألف شخص. و کلَّ عشر دقائق یُقتَل طفل داخل القطاع دون ان يبادر احد الى وقف الة القتل الصهيونية هذه.
لقد أثبتت السنوات الاخيرة أكثر فأكثر، بأن الاستكبار العالمي و الغطرسة الصهیونیة بقیادة من امریکا و دعم من انجلترا و فرانسا جَلَبَت التهجيرَ القسري وفرض الحصار والحرب للمنطقة وفلسطين؛ هؤلاء یحاولون کسر روح المقاومة في العالم، حتى يتمكنوا من الوصول إلى مصادر الطاقة العالمية وتحقيق أهدافهم الأنانية والربحية، و هذا ما نشاهده في حرب غزة و حرب اوکراینا.
ويظهر ايضا بان العالم المتغطرس بقیادة امریکا لديه معايير مزدوجة في مواجهة الحرب والعدالة ويسعى لتحقيق مصالحه الخاصة، وبالتالي يتبع سلوكيات متناقضة في مواقف مماثلة. إذا كان القتل سيئا، فهو سيئ في كل مكان. إذا كان التشرید سيئا، فهو سيئ في كل مكان. ولکن امريكا والکیان الغاصب يعتبران قتل الابریاء من الولدان و النساء انها "حرب عادلة" ويسمون الدفاع عن حقوق الانسان "ارهابا".
ان ممارسات الکیان الصهیوني هي إبادةُ جماعیة وتطهیرُ عرقي، وإن الجرائم التي تحدث الآن في غزة لا يرتكبها حتى الحيوان في حق حیوان آخر.
ومن الواضح اليوم أن الأمم المتحدة فشلت في إحلال السلام العالمي لانقاذ حیاة الأبریاء.
إن الإبادة الجماعية والتهجير القسري يتعارض مع القوانين الدولية. كم من الناس يجب أن يُقتلوا حتى يفيق هؤلاء من غفلتهم؟! عار على أولئك الذين يرون هذه الجرائم ولا يعملون من أجل السلام! عار على حكومات مثل أمریکا التي تُصَوّت ضد وقف إطلاق النار في غزة! عار على الأمم المتحدة أن تسمح للدول القاسية بقتل النساء والأطفال!
 لقد حان الوقت الآن لتطالب الأمة الإسلامية وأحرار العالم والدول الاسلامیة حكامهم وعلمائهم بالتكاتف لدعم الفلسطينيين عملیاً، والتأكيد على أن هذه القضية هي أولوية العالم الإسلامي.
فعن النعمان بن بشير -رضي الله عنهما- قال / قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) : مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كالجسد إذا اشتكى منه عضوٌ تَداعَى له سائر الجسد بالسَهَرِ وَ الحُمَّی. (متفق عليه صحیح البخاري 6011 و صحیح المسلم 2586)
والآن أصبحت هذه القضية أولوية بالنسبة للعالم الإسلامي بل بالنسبة للعالم کله، وستظل كذلك حتى يتمكن الفلسطينيون من العودة إلى ونهم، ويبقي المسجد الأقصى - قبلة الأولى للأمة الإسلامية، متاحا لنا وللعالم اجمع.
وفي هذا المجال لابد ان نجدد الاشارة الى الحل الذي اقترحه المجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الاسلامية بهدف احلال السلام، وذلك في اطار خطة ديمقراطية من أربع مراحل :
اولا - عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى أرض أجدادهم.
ثانياً- إجراء انتخابات عامة بمشاركة مُكَوّنات الشعب الفلسطيني الرئيسية؛ مسلمون ومسيحيين ويهود.
ثالثا - تشكيل نظام سياسي منتخب من قبل الأغلبية وعلى أساس الاستفتاء.
رابعاً - اتخاذ القرار من قبل النظام السياسي المنتخب وفق تصويت سكان فلسطين الرئيسيين حول الافراد الذين لا يشكلون مكونا رئيسيا في البلاد.
ختاما تجدر الاشارة بانه ثبت ان أمة محمد (ص) حية، وروح المقاومة تتعاظم فيها باستمرار، وإرادة تحقيق هدف التحرير واستعادة العزة والشرف وتحقيق الانتصارات المتتالية على عدو الإسلام يتزايد.
نوجه التحية إلى جميع المجاهدين في المقاومة ؛ ونسأل الله العلی القدیر ان یرحم الشهداء ویمن على جميع المصابين بالشفاء ویعید النازحین إلى دیارهم ومنازلهم سالمين-  إن شاء الله.}

انتهى