لبنان يتأثَّر بأوضاع محيطه وما يجري في العالم، لذلك فهو عرضة لهزَّاتٍ بشكلٍ مستمرّ، والأمل أن يعي اللّبنانيّون أنّهم معنيّون بالحفاظ على بلدهم ووحدته بعيداً عن كلّ التّأثيرات الإقليميّة والدّوليّة.
السيِّد علي فضل الله أمام وفد كنسيّ ألمانيّ:
المسلمون والمسيحيّون تجمعهم القيم الدّينيّة الواحدة ولا خوف على مستقبل المسيحيّين في الشَّرق
تنا ـ بيروت
17 Oct 2011 ساعة 17:39
لبنان يتأثَّر بأوضاع محيطه وما يجري في العالم، لذلك فهو عرضة لهزَّاتٍ بشكلٍ مستمرّ، والأمل أن يعي اللّبنانيّون أنّهم معنيّون بالحفاظ على بلدهم ووحدته بعيداً عن كلّ التّأثيرات الإقليميّة والدّوليّة.
أكَّد سماحة العلامة السيّد علي فضل الله، أنَّ المسيحيّين في لبنان والشَّرق هم مكوّن أساسيّ من مكوِّناته، وأن لا خوف على المسيحيّين من الحراك الشّعبيّ الّذي يجري في المنطقة. مشدداً على أنَّ المسيحيّين هم أبناء هذه المنطقة، ولا يمكن النّظر إليهم باعتبارهم حالةً طارئة عليها، كما أنّهم جزء لا يتجزّأ من مجتمعها وثقافتها، ماضياً وحاضراً، ومستقبلاً...
و خلال استقباله وفداً لاهوتيّاً ألمانيّاً، برئاسة الأب هانز مارتن جلويل، والّذي ضمّ ٢٥ شخصيّة دينيّة وأكاديميّة، في إطار جولة للوفد على مرجعيّات دينيّة إسلاميّة ومسيحيّة ومشرقيّة، بهدف تعزيز الحوار الإسلامي ـ المسيحي، وتفعيل مواطن اللّقاء بين المسيحيّة والإسلام.. ثمَّن سماحته مواقف البطريرك الرّاعي، وخصوصاً إطلاقه شعار الشّركة والمحبّة، معتبراً أنّ الردّ على حالات العنف والتّكفير، يكون باعتماد المنطق التوحيديّ بين الأديان..
و أشار سماحته إلى أنَّ هذه المنطقة هي مهد الحضارات القديمة، وملتقى الرِّسالات السماويَّة، وأنَّ وجود الأديان فيها هو وجود أصيل، وقد شكَّلت هذه الأديان بما حوته من مضمونٍ رساليّ، قاعدة التَّعايش واللّقاء بين جميع أتباعها ومكوِّناتها في أجواء من المحبَّة والسَّلام . لافتاً إلى أنَّ الحوار يبقى الطَّريق الأسلم والأصوب للتَّواصل وتأكيد مواطن اللّقاء الّتي هي أكثر بكثير من مواطن الخلاف، وإنّ العودة إلى جوهر الأديان السّماوية من شأنه أن يشكِّل الملجأ الأمين لأتباع هذه الأديان في الشَّرق والغرب على حدّ سواء..
ورأى سماحته أنّ المشكلات التي نشأت بين المسلمين والمسيحيّين، كان دافعها سياسيّاً وليس دينياً، وأنّ أصحاب السياسات الاستعماريَّة يعملون دائماً على افتعال التّناقضات بين أتباع الأديان السماويَّة لتحقيق مآربهم الّتي لا تمتّ إلى رسالة الأديان بصلة.. موضحاً أن الطّائفيَّة وليس الدّين هو ما تعاني منه المنطقة العربيَّة، وإنَّ الخوف المتبادل بين الطّوائف منشأه التدخّلات الخارجيّة في الأوضاع اللّبنانيّة وأوضاع الشَّرق برمَّته.
ولفت إلى أنَّنا بحاجة إلى العودة إلى قيم الأديان السماويّة، لأنّها الحلّ الّذي ننشده جميعاً لأجل السّلام، ليس في الشّرق فقط، بل في الشّرق والغرب أيضاً، مؤكّداً أنّ الفهم المتبادل لحقيقة ما يعتقد به المسلمون من قِبَل المسيحيّين، وما يعتقد به المسيحيّون من قِبَل المسلمين، يقرّب مساحات التلاقي، ويجنّبنا جميعاً أن نكون فريسةً للقوى التي تريد أن ترهن مصيرنا جميعاً لسياستها ومصالحها..
وشدَّد سماحته على الدَّعوة إلى التَّعاون على قاعدة القيم الإسلاميَّة والمسيحيَّة الواحدة، والوقوف معاً في وجه الاستكبار العالميّ، لأنَّ التَّعاون هو السَّبيل الأمثل لحماية المسلمين والمسيحيّين من كلِّ الّذين يريدون بهم شرّاً.. مشيراً إلى أنَّ العنف ليس أصلاً في العلاقات الإنسانيَّة، بل الرّفق هو الأصل، والعنف وسيلة تستخدم فقط في حال الدّفاع ورفع الظّلم، فإذا زالت أسباب العنف فسيزول بزوالها..
ودعا سماحته إلى الوقوف صفّاً واحداً في مواجهة الحركات التّكفيريّة المتطرِّفة التي لا تختصّ بها منطقة في العالم دون أخرى، سواء في المجتمعات المسيحيّة أو الإسلاميّة، وإلى بناء جسور الثّقة بين الشّرق والغرب على قاعدة ما تحمله الأديان من قيم، وليس ما تحمله الحكومات من سياسات ومخطّطات عدوانيّة تجاه الشّعوب... وقال إنّنا لا نشعر بالخوف على الأديان، ويجب تعميق التّجارب الوحدويّة العمليّة بين أتباع الدّيانات السماويّة، بحيث نؤسّس لوقائع حيويّة يمكن البناء عليها من أجل مستقبل أفضل للإنسان في هذا العالم، مشدّداً على أنَّ مشكلة العالم اليوم هي مشكلة قيم، ونحن بحاجةٍ إلى مثل هذه اللّقاءات لتعميق الجانب الرّوحيّ في المجتمع المتداعي، ومسؤوليّة الأديان مشتركة في إنقاذ هذا العالم مما هو فيه...
واعتبر سماحته أنّ الحلّ في لبنان يتحقّق عندما يقرّر اللّبنانيون أن يبنوا وطناً، معرباً عن اعتقاده أنّ من مسؤوليّة اللّبنانيّين أن يحصّنوا أنفسهم تجاه الّذين يستثيرون حساسيّاتهم الطّائفيّة بعضهم تجاه بعض...
وختم بالقول: لبنان يتأثَّر بأوضاع محيطه وما يجري في العالم، لذلك فهو عرضة لهزَّاتٍ بشكلٍ مستمرّ، والأمل أن يعي اللّبنانيّون أنّهم معنيّون بالحفاظ على بلدهم ووحدته بعيداً عن كلّ التّأثيرات الإقليميّة والدّوليّة...
رقم: 67493