فقد شكلت الصفقة بنظر زخاروف انجازا مهما لحماس منذ تشكيل حكومة حماس في العام ٢٠٠٦،
الكيان الصهيوني وعملية التبادل
انتصار لنهج المقاومة وترسيخ نظرية بيت العنكبوت
تنا - بيروت
21 Oct 2011 ساعة 12:08
فقد شكلت الصفقة بنظر زخاروف انجازا مهما لحماس منذ تشكيل حكومة حماس في العام ٢٠٠٦،
سيطرت اجواء من الحسرة والشعور بالمرارة على اغلب التعليقات الاسرائيلية على خلفية عملية التبادل التي جرت بين اسرائيل وحركة المقاومة الاسلامية الفلسطينية حماس.
الكاتب والمحلل السياسي في صحيفة هآرتس آري شبيط وصف اليوم الذي تلا عملية التبادل والافراج عن شليط بالصباح الذي يلي الجنون واليقظة من حالة السكر التي ترافقت مع التبادل وبعد فقدان رجحان الرأي والتعقل لدى الاسرائيليين، الصباح الذي استيقظ فيه الاسرائيليون على الواقع ليفتحوا نظرهم ويرون من هم وماذا جرى لهم.
شبيط علق بأن الاسرائيليون اصيبوا بلوثة من الجنون بسبب الشعور العميق والمحق بالذنب حيال غلعاد شاليط واسرته توقف الاسرائيليون عن العمل بشكل مدروس، وبسبب التشوه في الوعي الذي اصيبوا به ادخلوا انفسهم بحال من المشاعر الهستيرية، ووصلوا الى حد الاستعداد للتنازل عن مئات الاسرى الذين لا يعرفون اسمائهم، مقابل شخص واحد تحولت صورته واسمه الى جزء من حياتهم، فقد وصل الاسرائيليون بحسب آري شبيط الى وضع يديرون فيه شؤونهم الوطنية كأطفال دون ادراك ودون اخلاقية ودون مسؤولية راشدة.
وذكر شبيط بما وصفه الرهائن الاسرائيليون الذين اختطفوا على متن الطائرة الاسرائيلية الى عنتابي في اوغاندا لكن اسرائيل قررت المخاطرة حينها بحياة جنودها من اجل انقاذ حياة مواطنيها وعدم الخضوع للارهاب، ودفعت ثمن من حياة جنودها من اجل المصلحة العامة للشعب اليهودي.
اما المحلل السياسي في صحيفة معاريف عوفر شيلح فقد رأى ان الاجواء الاسرائيلية التي رافقت الافراج عن شاليط تدل على مجتمع يمر في حالة اضطراب عميقة، ان احدى المبالغات القاسية جدا والتي تحولت الى امر مسلم به ويسير خلفه الجميع هو ان اسر شاليط المتوصل خرق العقد الاساسي بين الجنود والجيش الاسرائيلي وادى ذلك الى الاضرار بحافزية المتجندين للخدمة القتالية في الجيش الاسرائيلي.
واضاف شيلح الى ان الادعاء بأن الاطلاق الواسع لسراح المخربين بحسب تعبيره يشكل ضربة لامن اسرائيل ويحفز على عمليات خطف اضافية وعلى الاعمال الارهابية هو امر غير صحيح، فالحافزية على الخطف لدى الفلسطينيين لم تتغير مطلقا في السنوات الخمس الاخيرة عندما كانت اسرائيل ترفض الصفقة، وكذلك حال الحافزية لشن الهجمات ضد اسرائيل ان الفلسطينيين لا تنقصهم الحافزية التي ستأتيهم نتيجة اطلاق سراح الاسرى.
ووصف شيلح هذين الادعائين بانهما نابعين من نفس المصدر وهو الرؤية السطحية للصراع مع العدو عبر اصطلاحات الكرامة والخوف وليس تصادم المصالح والطموحات.
الكاتب في صحيفة معاريف بن كسبيت اعتبر ان اسرائيل دخلت في موضوع شاليط في حالة من الانفصام الجماعية عندما ركز الاسرائيليون على صورة خروج شاليط من الاسر وتناسوا القلق العميق مما يجري من حولهم، ومن انهيار دولتهم وسيادتها التي تتلاشى في بحر الكراهية الذي يحيط بها.
بن كسبيت تحسَر على ما وصفه بماضي اسرائيل التي حاربت باسنانها على وجودها، وعضت على الجراح مقابل اعدائها، ولم تخضع للذين يهاجمونها، وعلّمت العالم على عدم افساح المجال مطلقا لأي تنازل امام الارهاب، وضحّت بالكثير من اجل المحافظة على الحلم الصهيوني واقامة البيت اليهودي بعد الاف السنين، وطرح بن كسبيت التساؤل هل تغير شيء منذ ذلك الحين وهل اصبح لدى اسرائيل عدد اقل من الاعداء واقل من المخاطر.
بن كسبيت وصف المجتمع الاسرائيلي بالجماعة التي لا تستطيع تحمل بقاء جندي واحد لها في الاسر، وتسرع لتقديم كل فداء من اجل اطلاق سراحه، بينما يسقط المئات كغلعاد شاليط سنويا في حوادث الطرق لديها.
المحلل للشؤون العربية آفي زخاروف رأى ان معسكر الحرب في الوسط الفلسطيني هو الكاسب من صفقة شاليط حيث رفعت حماس رأسها في الضفة الغربية بمساعدة من حكومة اسرائيل التي قدمت لها عبر صفقة شاليط حبل النجاة، فقد شكلت الصفقة بنظر زخاروف انجازا مهما لحماس منذ تشكيل حكومة حماس في العام ٢٠٠٦، اذ انتهت فترة الضعف والتراجع التي شهدتها الحركة في الضفة الغربية مع التوقيع على عملية التبادل، حيث شكلت هذه العملية اعادة احياء لظهور انصار حماس بشكل واسع في الضفة الغربية بعد الضربات التي تعرضت لها على يد السلطة الفلسطينية والقوات الاسرائيلية، زخاروف شدد ان يوم التبادل لا يمكن ان يكون يوم فرحة للاسرائيليين، انما هو يوم حزين، فرغم الهدوء النسبي في الضفة الغربية ونشاط اجهزة امن السلطة الفلسطينية ضد حماس الا ان الحركة تلقت عبر التبادل جرعة دعم مهمة على المستوى الجماهيري بسبب اطلاق سراح ١٠٢٧ اسيرا مقابل غلعاد شاليط، واوضح زخاروف ان مردّ القلق هو ان الفلسطينيين اقتنعوا انهم فقط عبر اسلوب حماس يستطيعون اطلاق سراح اسراهم بينما لم توصل طريق محمود عباس الى اي نتيجة، فقد هتفت جموع المستقبلين اثناء استقبال الاسرى الفلسطينيين "نريد غالعاد شاليط جديد".
صحيفة هآرتس قالت في مقالتها الافتتاحية: صحيح ان بنيامين نتنياهو هو الذي وقع على صفقة التبادل لكن العامل المحرك الاساسي الكامن خلف العملية هو الوعي الاسرائيلي العام الذي تركز حول قضية شاليط، وشكل دافعا اساسيا لاسرائيل للمضي في عملية التبادل.
اما المعلق العسكري في صحيفة يديعوت احرونوت رون بن يشاي فقد اعتبر ان عملية التبادل تعزز نظرية بيت العنكبوت التي اطلقها امين عام حزب الله السيد حسن نصر الله، واصفا الصفقة من الناحية الجوهرية والاستراتيجية بالخضوع من قبل اسرائيل للابتزاز من جهة اسلامية ارهابية متطرفة كشفت عن الخاصرة الرخوة للمجتمع الاسرائيلي، ووجهت الضربات اليها بقسوة واناة حتى حصلت على كل مرادها، واضاف بن يشاي ان اسرائيل لم تخضع فقط انما احتفلت بالاهانة في مهرجان مخزٍ ساعد الجيش الاسرائيلي في اخراجه.
الصحافة الاسرائيلية انشغلت بنقل بعض تعليقات الصحف الاميركية ومنها صحيفة نيويورك تايمز التي علقت بأن الاميركيين قلقون من ان الصفقة تشكل خطوة تعيق السلام بين الاسرائيليين والفلسطينيين الذي يُعد الضمانة الوحيدة لتوفير الامن للجانبين.
نيويورك تاميز اضافت انه عندما يتنازل نتنياهو مقابل حماس فإن الخشية تنبع لدى الاميركيين من عدم استعداد نتنياهو لتقديم اي تنازلات من اجل استئناف المفاوضات مع الفلسطينيين ليثبت انه زعيم متشدد، كما ان الاميركيين يخشون من ان تضعف الصفقة رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس وحركة فتح، فبنظر الصحيفة سعى نتنياهو كما حماس لتحقيق انتصار سياسي بعد ان رأوا ان ابو مازن يراكم رصيده اثر طلبه من الامم المتحدة الاعتراف بعضوية الدولة الفلسطينية.
واستغربت المصادر الاميركية الموقف الملتبس لنتنياهو الذي اراد قبل خمسة اشهر تقليص اموال الضرائب التي تنقل الى السلطة الفلسطينية بسبب المصالحة بين فتح وحماس، وضغط على الولايات المتحدة لإيقاف الاموال التي تقدمها للسلطة الفلسطينية بسبب هذه المصالحة، وطرحت هذه المصادر السؤال هل ان نتنياهو مستعد لاجراء مفاوضات مع حماس التي تطلق الصواريخ على المستوطنات وهي غير مستعدة للاعتراف باسرائيل، فيما يرفض الجلوس للتفاوض مع السلطة الفلسطينية التي تحتاج اليها اسرائيل من اجل المحافظة على الهدوء في الضفة الغربية.
كما تسائلت المصادر عن الحجة التي يتذرع بها المقربين من نتنياهو من انه غير قادر على مواجهة ائتلافه اليميني الهش في موضوع التنازلات للسلطة الفلسطينية وقد وقف قويا بما يكفي امام العائلات التي فقدت ابنائها في الهجمات الفلسطينية التي قادها الاسرى الفلسطينيون الذين اطلق سراحهم في صفقة شاليط، عندما قال انا اعلم ان الثمن مؤلم جدا بالنسبة لكم. فلماذا لا يلجأ الى خطوة مشابهة عبر وقف البناء في المستوطنات من اجل امن اسرائيل.
اما روبرت موكين الخبير الاميركي في ادارة الصراعات والكاتب في صحيفة وول ستريت جورنال فقد وصف تحت عنوان صفقة مع الشيطان عملية التبادل بالمجنونة بعد ان وافقت الحكومة الاسرائيلية على اطلاق الف اسير فلسطيني مقابل جندي اسير واحد، موكين اضاف ان اسرائيل ادعت دائما انها لن تجري مفاوضات مع من تعتبرهم منظمات ارهابية واحدى الجهات الرائدة بين هذه المنظمات هي حركة حماس التي تعلن مرارا عن التزامها بالقضاء على اسرائيل.
موكين رأى ان الخطر الكامن في الصفقة من الناحية الامنية الناتجة عن اطلاق ١٠٠٠ اسير فلسطيني هو اكبر من الجدوى التي تحققها نظرية ان الجيش الاسرائيلي هو جيش الشعب وان على اسرائيل ان تدفع كل ما تستطيع في سبيل استعادة جنودها من الاسر، فالثمن المرتفع للصفقة سوف يشجع على هجمات مشابهة، ناهيك عن الثمن السياسي للعملية التي سوف تؤدي الى تعزيز موقع حماس السياسي بشكل مهم وتضعف موقع حركة فتح.
مكتب بيروت .
رقم: 67837