اكد السفير السوري في لبنان علي عبد الكريم علي، ان سوريا لم تكن بمنأى، ولو يوما واحدا أو سنة واحدة أو ساعة واحدة عن التحريض الإسرائيلي والأميركي، لأنها كانت حاملة لواء الدفاع عن الأرض ورفض التفريط بها ورفض التسليم بالشروط المذلة التي أرادتها إسرائيل وأرادها منها الغرب وعلى رأسه الولايات المتحدة.
وألقى علي كلمة في ندوة استضافه فيها "تجمع العلماء المسلمين" في مركزه في الضاحية الجنوبية لبيروت، رأى فيها ان سوريا شهدت حصارا اقتصاديا لسنوات ومحاولات لزراعة الفتنة والتخريب وتمزيق المجتمع السوري والنسيج السوري، وشاركت أنظمة في المنطقة إضافة الى الاستهداف الأميركي والغربي عبر البوابة الإسرائيلية بالدرجة الأولى، وأظن التفجيرات التي حصدت رجالا ونساء ومدارس، لا أظن أنها غائبة عن أذهانكم، واستطاعت سوريا أن تصمد، مع كل الأحزان والآلام المصاحبة لذلك.
وأضاف: "كل هذا التمهيد لأقول إن سوريا ليست جديدة على مواجهة كل صنوف العدوان، وما يحدث فيها اليوم هو الحلقة المكملة لما بدأ وما أشرت إليه. لقد خرجت سوريا من لبنان بعد العدوان الذي أراه صناعة صهيونية أميركية بامتياز، أعني اغتيال المرحوم الشهيد رفيق الحريري، لأن ما صنعته المقاومة من دحر لجبروت إسرائيل عام ٢٠٠٠ بمشاركة دورية ومستمرة وفاعلة من سوريا ورعاية سياسية وعسكرية وبكل الميادين جعل هذا الكيان يحس بانتهاك كبير وبإحباط أكبر وجعل مع الولايات المتحدة الأميركية وكل القوى الغربية تحس أن الطريق مسدود لإتمام مخطط الهيمنة والسيطرة ونهب الثروات من هذه المنطقة وجعلها منطقة لا تسبب لهذه القوى المستعمرة المهيمنة العذاب والنكد وتفويت الفرص على هيمنتها ومآربها وأطماعها، وأدى إلى اندحار الجيش الصهيوني عن الأراضي اللبنانية حيث كان يفكر أن يكون لبنان منصة للاضرار بسوريا".
واستنتج السفير على "أن هذه الانتصارات التي حققتها سوريا والمقاومة وإيران وكل الحلفاء في المنطقة والعالم، جعلتهم يفكرون في الصيغ التي يصنعون بها ما يعوضهم خسارتهم، فكان التفكير في أن يفككوا العلاقة السورية-اللبنانية والعلاقة اللبنانية-اللبنانية والعلاقة العربية-العربية والعلاقة العربية-الإسلامية والعلاقة الإسلامية-المسيحية في المنطقة كلها، من خلال اغتيال الشهيد الحريري وتوجيه الاتهام بسيناريو مركب ومخطط، ليجهضوا كل مسيرة الصعود في البناء الداخلي والمقاومة، وبالتالي كان التصويب على سوريا كما التصويب على لبنان".
وشدد على "أن سوريا بعد هذه الجريمة المأساة بتداعياتها، أرادت إعادة القراءة، فحاولت أن تنظر إلى الأمور بعقل نقدي مسؤول، وهذا ما فعله الرئيس بشار الأسد، وكانت حرب ٢٠٠٦ التي أعد لها الغرب بأيدي إسرائيل، لتكون ماحقة للمقاومة ولسوريا معا، لأن ما أعدته الإدارة الأميركية من غطاء سياسي ودعم عسكري لا محدود وتغطية اقتصادية، وأضافوا إليها الغطاء العربي بكل أسف، لأنهم كانوا يعتقدون أن قدرة المقاومة على الصمود قليلة وأمانيهم بالقضاء على المقاومة وسوريا كبيرة لإعادة تشكيل المنطقة مجددا من خلال شرق أوسط جديد تكون فيه إسرائيل القوة المهيمنة الوحيدة، والباقي قوى متناحرة متقاتلة مهزومة، ولكن بحمدالله فإن تلك الحرب كانت مأثرة يحق لنا جميعا أن نقف عندها بتقدير واحترام".
وقال: "بعد فشل إسرائيل في حربها على غزة، كانت المواجهة اليوم مع سوريا بتركيز أكبر وبسيناريو مركب أكثر خطورة، فسوريا واسطة العقد بالنسبة الى كل المقاومات في المنطقة، العراق وفلسطين ولبنان، لذلك كان التفكير في أن سوريا بممانعتها وتماسكها الداخلي تشكل عقبة أمام هذا المشروع، وإذا ما فكك هذا التماسك وانهارت سوريا فسينهار الباقي كأحجار الشطرنج".
وتابع: "قرأت لكسينجر بعد أربعة أشهر من بداية الأزمة أن ٨ مليارات دولار قد رصدت للحرب الإعلامية على سوريا. إن الصبيب الإعلامي الذي وجه الى سوريا، لو واجهته الولايات المتحدة الأميركية لما صمدت إلا أياما. لكن الحمد لله كانت نسبة الوعي لدى السوريين والمكاشفة بينهم كبيرة، ولكن المال الذي دفع والسلاح الذي هرب والمخدرات التي أدخلت والاختراق الذي استخدم فيه سوريون وغير سوريين، كل ذلك ساهم في تشويش الصورة، ولا أقول في تزويرها، لأن وعي السوريين هو الذي حال دون الوصول إلى أهدافهم من اختراق هذا المجتمع وهذا النسيج، فوقفت الحرب المذهبية والطائفية عاجزة عن أن تنفذ إلى المجتمع السوري والنسيج الوطني السوري إلا من حدود ضيقة نرجو أن تكون سوريا قد وصلت إلى ما يقرب عملية الخلاص منها".
ولفت الى "أن الإصلاح يدعي البعض في الغرب أن سوريا مقصرة فيه، لكن الرئيس الأسد قبل هذه المحنة كان قال في خطاب القسم عام ٢٠٠٠: أنا رئيس ومواطن وحرصي على المواطنة كحرصي على المسؤولية، لذلك هو الذي يقود عملية التصحيح ليس اليوم بل من أحد عشر عاما، ولكن هذا لا يعني أنه لا يوجد فساد أو تقصير أو بنى تحتية بحاجة الى الإصلاح. الرئيس الأسد قال إن هناك مطالب محددة علينا أن نلبيها، لا استجابة للضغوط، بل لأن هذا مصلحة إستراتيجية لسوريا. لذلك أرى أن هذه المحنة على مرارتها وقسوتها وصعوبتها سمحت لسوريا بأن تكتسب مناعة أكثر لأنها واجهت حربا كونية استخدمت فيها كل الأسلحة، المناعة والحصانة التي لا تزال وتقوى في سوريا والمجتمع السوري والمواطن السوري في كل فئاته من عدم الانجرار إلى فتنة مذهبية وطائفية تتخذ من العناوين المذهبية والطائفية غطاء لها، أرى أن هذه الحصانة وهذه المقاومة وهذا التماسك المجتمعي بات انتصارا جديدا لسوريا على ذاتها وعلى أعدائها".
وختم: "سوريا مع أشقائها وأصدقائها ومع شعبها ستبقى قوية برؤية رئيسها وشعبها الذين يرفضون التفريط بالكرامة والأرض، ولأنهم يدركون أن ما تتعرض له سوريا لأنها كانت وما زالت وستبقى حاملة لرايات التحرير والدفاع عن المقدسات ورفض الانجرار إلى كل ما يريده المتربصون بنا من فتن مذهبية تذهب ريحنا وقوتنا وتذهب كل هذه الانتصارات والمحطات المضيئة فيها وأنتم من علامات القوة والإرشاد والحكمة".
وكانت كلمة ترحيبية لرئيس الهيئة الإدارية الشيخ حسان عبدالله قال فيها: "عقب كل نصر للمقاومة يخرج مشروع جديد لمحور الشر الذي تقوده الولايات المتحدة الأميركية لمصلحة الكيان الصهيوني من أجل إجهاض هذا الانتصار. في السابق، وبعد الانتصار عام ٢٠٠٠ أرادوا أن يقضوا على المقاومة من خلال الفتنة الداخلية، وفشلوا، ومن خلال حرب تموز وإيذاء سوريا بواسطة المحكمة الدولية، ومن خلال المحكمة الدولية واتهام حزب الله وفشلوا، اليوم يريدون القضاء على المقاومة من خلال إسقاط سوريا وجعلها تسير في محور الشر، وسيفشلون. لو كان هذا النظام يريد المحافظة على نفسه، وأقصد بالنظام كل الدائرة الحاكمة، فالقضية سهلة جدا، اتفاق بسيط مع الإدارة الأميركية مباشرة ومن دون واسطة الصغار، عبر ترك قضية فلسطين وترك لبنان، لن يكون هناك مشكلة مع سوريا ولا مع نظامها ولا مع الحريات".