قال سيدنا ونبينا رسول الله صلى الله عليه وآله: «لو لم يبق من الدنيا إلا يوم واحد لطوّل الله ذلك اليوم حتى يبعث فيه رجلاً من أهل بيتي اسمه اسمي يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً».(1)
الامام المهدي( ع) في الفكر الإسلامي
تنا
11 Jun 2014 ساعة 12:41
قال سيدنا ونبينا رسول الله صلى الله عليه وآله: «لو لم يبق من الدنيا إلا يوم واحد لطوّل الله ذلك اليوم حتى يبعث فيه رجلاً من أهل بيتي اسمه اسمي يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً».(1)
الشيخ باقر المقدسي
من الأمور الحتمية التي تلقّى أنباءها المسلمون من عهد رسول الله صلى الله عليه وآله، ومن عهد الصحابة إلى عهد التابعين إلى عهد العلماء وما بعدهم قضية ظهور الإمام المهدي المنتظر عجل الله فرجه.
ولكثرة ما كان النبي الكريم يخبر عن الإمام المنتظر فقد جمع الصحابة والعلماء مئات الأحاديث عن النبي في هذا الأمر، حتى أصبح عندنا أكثر من سبعين من الصحابة الذين تروى عنهم روايات في الإمام المنتظر عجل الله فرجه، وهذا ما يسمى بالرواية المتواترة، باعتبار توجد روايات آحاد، وهي عبارة عن رواية أو خبر أو حديث أو قول أو فعل ينقله شخص واحد أو شخصان عن رسول الله صلى الله عليه وآله، وتوجد أخبار صحيحة، مثلاً يؤكد الخبر من قبل شخصين أو ثلاثة من العدول من الثقاة، لكن توجد بعض الأخبار والروايات _ وهي قليلة _ تسمى بالروايات المتواترة أو الخبر المتواتر أو الحديث.
فالمتواتر يعني الحديث الذي يرويه جماعة عن جماعة عن جماعة، إلى أن يصل إلى النبي صلى الله عليه وآله.
عندما نأتي ونفتح أي كتاب من كتب الحديث عند السنة أو الشيعة أو أي كتاب من كتب التفسير أو أي كتاب من كتب التأريخ الإسلامي نرى أحاديث كثيرة واردة في ظهور المهدي وفي علامات المهدي وفي أوصافه، الدقة الموجودة بالنسبة إلى النبي (ص) وما تحدث به عن الإمام المهدي المنتظر عجل الله فرجه فوق ما يتصور، فإن عشرات الأحاديث تعطي وضعه الجسمي، شكل العينين، شكل أنفه، شعره، طوله، حتى أسنانه.. إلى آخره(2)... صفات تعطي بالنسبة إلى أخلاقه وروايات بالنسبة إلى أيام ظهوره وروايات تعطى عن أواخر الأيام _ التي هي علامات الظهور _ ماذا يكون من حوادث في العالم وكيف ينهى حكمه العادل وكيف أن الله سبحانه يبعثه وينصر الحق وأهل الحق به، ثم حكمه العادل.
فمثلاً يتحدّث النبي صلى الله عليه وآله ويقول: يقسم المال صحاحاً، قالوا له: ما معنى صحاحاً؟ قال: أي بالسوية.(3)
وأن الله سبحانه يملأ قلوب أمة محمّد صلى الله عليه وآله غنى في زمانه، وهو هذا المهم، فإننا الآن في زماننا توجد أموال تسع كل العالم إذا أرادوا أن يقسموها بالسوية والعدالة تسع كل الناس، لكن الحرص والشح والبخل واللؤم الموجود عند بعض الناس بحيث لا يعطي حتى الحقوق الشرعية، وهذا هو الذي يجعل المجتمع فيه الفقير والغني والمحتاج وغير المحتاج، أمّا إذا ملأ الله سبحانه وتعالى قلوب الناس بالغنى، فيحصل نوع من القناعة ونوع من الرضى بما قسم الله لهم، فالأموال لا يوجد لها تلك الأهمية التي يموت الإنسان من أجلها.
ومن ثم الحديث يضيف إلى هذا سمة أخرى، يقول: «ويكون المال كدوساً»(4) يعني كثيراً مكدساً.
ولا أحد يحتاجه، إلى درجة أن الإمام المهدي عجل الله فرجه ينادي في الناس: من له حاجة في الأموال، لا أحد يتكلم، يقول: رجل يأتي إلى الإمام يقول: أنا لي حاجة، فيقول: اذهب إلى السادن قل له: يقول لك المهدي اعطني أموالاً، وهذا هو، لا يحتاج إلى ورقة وإمضاء وعدد، يقول: فيذهب إليه ويبلغه كلام الإمام، فيقول له: خذ ما تشاء ثم يحثو له حثواً، فيحمل المال فيمضي قليلاً فيندم، يقول: إني أحرص أمة محمد الناس كلهم نادى الإمام فيهم هل من محتاج إلى المال لا أحد تكلم فقط أنا، فيندم، يرجع إلى الخازن يقول: لا أريد، فيلتفت إليه يقول: إنّا إذا أعطينا شيئاً لا نسترجعه.(5)
فبهذه الحالة وبهذه الصورة وبهذه الدقة يصف النبي صلى الله عليه وآله تلك الأيام، وكيف أن الأرض تخرج بركاتها، وكيف تكون النعمة متوفرة في العالم، وكيف الله سبحانه يجمع القلوب على المحبة والرحمة والخير والهدى والصلاح، وأمثال هذه الروايات.
هذه ليست أفكاراً خيالية كما يقول البعض، لأن بعض الناس يؤمنون بأشياء خيالية،
بل هو واقع، وهذا ينطق به رسول الله (ص) الذي أخبرنا عن أخبار السماء، الذي أخبرنا عن أخبار الآخرة، الذي أخبرنا عن أخبار الأمم الماضية، فهو يخبرنا أيضاً عن المستقبل،ولهذا من جهة إلزام الآخرين أذكر بعض الكتب وبعض المقالات الخاصة بالإمام المهدي في كتب المسلمين، وأخصص كلامي فقط في الكتب والمقالات الخاصة، ولا أذكر عن العامة، لأن أي كتاب من كتب الأحاديث تفتحه تجد فيه فصلاً أو باباً أو عدة فصول عن الإمام المنتظر.
لكن نأتي إلى الكتب المستقلة التي ألفت من قبل علماء اخواننا السنة، ومؤلفوها هم علماء موثوقون وعلماء أعلام يعتمد عليهم وليسوا أناساً صغاراً ،
إذن نحن وما كتبه اخواننا علماء السنة في الإمام المنتظر عجل الله فرجه من كتب، على نحو الاستطراد والسرعة:
1 _ أبو نعيم الاصفهاني، من كبار العلماء، عنده ثلاثة كتب: مناقب المهدي، نعت المهدي، كتاب الأربعين حديثاً في المهدي.
2 _ جلال الدين السيوطي، صاحب الكتب والتفسير المعروف، عنده كتابان: العرف الوردي في أخبار المهدي، وعلامات المهدي.
3 _ حماد بن يعقوب الرواجني، عنده كتاب: أخبار المهدي.
4 _ ابن حجر العسقلاني، عنده كتاب: القول المختصر في علامات المهدي المنتظر.
5 _ محمد بن يوسف الكنجي الشافعي، عنده كتاب: البيان في أخبار صاحب الزمان.
6 _ ملا علي المتقي الهندي، صاحب كتاب كنز العمال، وهو أحد الكتب المهمة عند أبناء العامّة، عنده: البرهان في علامات مهدي آخر الزمان.
7 _ علي بن سلطان الهروي الحنفي، عنده: المشرب الوردي في أخبار المهدي.
8 _ وفي الرد على ابن خلدون الذي ينكر قضية الإمام المهدي كتب بعض علماء اخواننا السنة كتباً في هذا الباب في الرد عليه، فمثلاً أحمد بن محمد بن الصديق المغربي كتب كتاب «إبراز الوهم المكنون من كلام ابن خلدون» وأيضاً له اسم ثان «المرشد المبدي لفساد طعن ابن خلدون في أحاديث المهدي».
9 _ كما أنّ شهاب الدين الحلاوني الشافعي صنع له منظومة تشتمل على خمسة وخمسين بيتاً حول أوصاف الإمام المهدي المستفادة من الأحاديث النبوية الشريفة، سماه: القطر الشهدي في أوصاف المهدي.
في أول المنظومة يقول:
بسلام إلى الرسول تؤول
مهدي ماذا منه أبنا الدليل
ومما بسط الناس يطلب التفصيل
هو أجلى أقنى أشم كحيل
أيمن خديه خال حسن جميل
براق الثنايا وربعة لا يطول
كالكوكب الدري المضيء جليل مالك الحمد هب صلاة تطول
أي هذا السؤول عن نبأ الـ
خذه رمزاً يغني الذي
هو ضرب من الرجال خفيف
أعين أفرق أزج على
أفلج الثغر حين يبسم
وجهه في اشتداد شمرته
... إلى آخر منظومته.
10 _ المحدث محمد البلبيس الشافعي، جاء إلى منظومة القطر الشهدي فشرحها، اسم الكتاب الذي شرح المنظومة: العطر الوردي بشرح القطر الشهدي.
11 _ ثم شمس الدين السفاريني النابلسي، يوجد عنده كتاب: لوائح الأنوار البهية وسواطع الأسرار الأخرية، هذا شرح لأرجوزة في الإمام المهدي أسماه: الدرة المضية في عقيدة الفرقة المرضية لشمس الدين السفاريني، يذكر فيها ويقول:
فكله حق بلا شطاط
محمد المهدي والمسيح
بباب لدٍّ خل عن جدال وما أتى في النص من أشراط
منها الإمام الخاتم الفصيح
وأنه يقتل للدجال
... إلى آخر ما قال.
12 _ الشيخ البهائي عنده قصيدة في الإمام المهدي معروفة بـ: وسيلة الفوز والأمان في مدح صاحب الزمان، فجاء أحمد بن علي الحنفي المنيني _ أحد علماء اخواننا السنة _ وشرح قصيدة الشيخ البهائي وسمّى الكتاب: فتح المنان في شرح قصيدة الشيخ البهائي المعروفة بوسيلة الفوز والأمان في مدح صاحب الزمان.
هذه إلمامة سريعة عن الكتب.
..............................................................................
(1) سنن أبي داوود: 2 / 309 الحديث 4282، سنن الترمذي: 3 / 343 الحديث 2331 _ 2332، الدر المنثور للسيوطي: 6 / 58، كنز العمال: 14 / 264 الحديث 38661...
(2) انظر: سنن أبي داوود: 2 / 310 الحديث 4285، المستدرك على الصحيحين للحاكم: 4 / 557، البيان للشافعي: 515 الباب 19، الفتن لابن حمّاد: 101، وغير ذلك الكثير.
(3) المستدرك على الصحيحين: 4 / 558، مسند أحمد: 3 / 37، مجمع الزوائد للهيثمي: 7 / 313.
(4) المستدرك على الصحيحين: 4 / 558، سنن ابن ماجة: 2 / 1366 الحديث 4083، مسند أحمد: 3 / 22.
(5) انظر: مسند أحمد: 3 / 52، الدر المنثور للسيوطي: 6 / 57، كنز العمال للمتقي الهندي: 14 / 261 الحديث 38653.
رقم: 160987