الخطبة الشعبانية هي خطبة النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم في آخر جمعة من شهر شعبان، وهي من الخطب المهمة التي أَوْلاها علماؤنا اهتمامهم سواءً على مستوى بيان الفضائل والتأمل في فقراتها، أو على مستوى الشرح وبيان مطالبها. والخطبة مشتملة على فقرات في الترغيب والاستعداد لاستقبال شهر رمضان والترهيب من ارتكاب الأخطاء والزلات فيه.
رواها الشيخ الصدوق: حدثنا محمد بن إبراهيم (رحمه الله) ، قال : حدثنا أحمد بن محمد الهمداني، قال: حدثنا علي بن الحسن بن علي بن فضال، عن أبيه، عن أبي الحسن علي بن موسى الرضا، عن أبيه موسى بن جعفر، عن أبيه الصادق جعفر بن محمد، عن أبيه الباقر محمد بن علي، عن أبيه زين العابدين علي بن الحسين، عن أبيه سيد الشهداء الحسين بن علي، عن أبيه سيد الوصيين أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليهم السلام) ، قال: إن رسول الله (صلى الله عليه وآله) خطبنا ( في آخر جمعة من شهر شعبان)، فقال (ص):
أَيهَا النَّاسُ إِنَّهُ قَدْ أَقْبَلَ إِلَيكمْ شَهْرُ اللَّهِ بِالْبَرَكةِ والرَّحْمَةِ والْمَغْفِرَةِ. شَهْرٌ هُوَ عِنْدَ اللَّهِ أَفْضَلُ الشُّهُورِ وأَيامُهُ أَفْضَلُ الْأَيامِ ولَيالِيهِ أَفْضَلُ اللَّيالِي وسَاعَاتُهُ أَفْضَلُ السَّاعَاتِ.
هُوَ شَهْرٌ دُعِيتُمْ فِيهِ إِلَى ضِيافَةِ اللَّهِ وجُعِلْتُمْ فِيهِ مِنْ أَهْلِ كرَامَةِ اللَّهِ أَنْفَاسُكمْ فِيهِ تَسْبِيحٌ ونَوْمُكمْ فِيهِ عِبَادَةٌ وعَمَلُكمْ فِيهِ مَقْبُولٌ ودُعَاؤُكمْ فِيهِ مُسْتَجَابٌ.
فَاسْأَلُوا اللَّهَ رَبَّكمْ بِنِياتٍ صَادِقَةٍ وقُلُوبٍ طَاهِرَةٍ أَنْ يوَفِّقَكمْ لِصِيامِهِ وتِلاوَةِ كتَابِهِ فَإِنَّ الشَّقِي مَنْ حُرِمَ غُفْرَانَ اللَّهِ فِي هَذَا الشَّهْرِ الْعَظِيمِ.
وَ اذْكرُوا بِجُوعِكمْ وَعَطَشِكمْ فِيهِ جُوعَ يوْمِ الْقِيامَةِ وعَطَشَهُ وتَصَدَّقُوا عَلَى فُقَرَائِكمْ ومَسَاكينِكمْ ووَقِّرُوا كبَارَكمْ وارْحَمُوا صِغَارَكمْ وصِلُوا أَرْحَامَكمْ وَاحْفَظُوا أَلْسِنَتَكمْ وغُضُّوا عَمَّا لا يحِلُّ النَّظَرُ إِلَيهِ أَبْصَارَكمْ وعَمَّا لا يحِلُّ الِاسْتِمَاعُ إِلَيهِ أَسْمَاعَكمْ وتَحَنَّنُوا عَلَى أَيتَامِ النَّاسِ يتَحَنَّنْ عَلَى أَيتَامِكمْ وتُوبُوا إِلَى اللَّهِ مِنْ ذُنُوبِكمْ وارْفَعُوا إِلَيهِ أَيدِيكمْ بِالدُّعَاءِ فِي أَوْقَاتِ صَلاتِكمْ فَإِنَّهَا أَفْضَلُ السَّاعَاتِ ينْظُرُ اللَّهُ عَزَّ وجَلَّ فِيهَا بِالرَّحْمَةِ إِلَى عِبَادِهِ يجِيبُهُمْ إِذَا نَاجَوْهُ ويلَبِّيهِمْ إِذَا نَادَوْهُ ويعْطِيهِمْ إِذَا سَأَلُوهُ ويسْتَجِيبُ لَهُمْ إِذَا دَعَوْهُ.
أَيهَا النَّاسُ إِنَّ أَنْفُسَكمْ مَرْهُونَةٌ بِأَعْمَالِكمْ فَفُكوهَا بِاسْتِغْفَارِكمْ وظُهُورَكمْ ثَقِيلَةٌ مِنْ أَوْزَارِكمْ فَخَفِّفُوا عَنْهَا بِطُولِ سُجُودِكمْ واعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ أَقْسَمَ بِعِزَّتِهِ أَنْ لا يعَذِّبَ الْمُصَلِّينَ والسَّاجِدِينَ وأَنْ لا يرَوِّعَهُمْ بِالنَّارِ يوْمَ يقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ.
أَيهَا النَّاسُ مَنْ فَطَّرَ مِنْكمْ صَائِماً مُؤْمِناً فِي هَذَا الشَّهْرِ كانَ لَهُ بِذَلِك عِنْدَ اللَّهِ عِتْقُ نَسَمَةٍ ومَغْفِرَةٌ لِمَا مَضَى مِنْ ذُنُوبِهِ.
قيل: يا رسول الله، ليس كلنا يقدر على ذلك !!
فَقَالَ (صليالله عليه و آله):
اتَّقُوا النَّارَ وَ لَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ اتَّقُوا النَّارَ وَ لَوْ بِشَرْبَةٍ مِنْ مَاءٍ أَيهَا النَّاسُ مَنْ حَسَّنَ مِنْكمْ فِي هَذَا الشَّهْرِ خُلُقَهُ كانَ لَهُ جَوَازاً عَلَى الصِّرَاطِ يوْمَ تَزِلُّ فِيهِ الْأَقْدَامُ وَ مَنْ خَفَّفَ فِي هَذَا الشَّهْرِ عَمَّا مَلَكتْ يمِينُهُ خَفَّفَ اللَّهُ عَلَيهِ حِسَابَهُ وَ مَنْ كفَّ فِيهِ شَرَّهُ كفَّ اللَّهُ عَنْهُ غَضَبَهُ يوْمَ يلْقَاهُ وَ مَنْ أَكرَمَ فِيهِ يتِيماً أَكرَمَهُ اللَّهُ يوْمَ يلْقَاهُ وَ مَنْ وَصَلَ فِيهِ رَحِمَهُ وَصَلَهُ اللَّهُ بِرَحْمَتِهِ يوْمَ يلْقَاهُ وَ مَنْ قَطَعَ فِيهِ رَحِمَهُ قَطَعَ اللَّهُ عَنْهُ رَحْمَتَهُ يوْمَ يلْقَاهُ وَ مَنْ تَطَوَّعَ فِيهِ بِصَلَاةٍ كتَبَ اللَّهُ لَهُ بَرَاءَةً مِنَ النَّارِ وَ مَنْ أَدَّى فِيهِ فَرْضاً كانَ لَهُ ثَوَابُ مَنْ أَدَّى سَبْعِينَ فَرِيضَةً فِيمَا سِوَاهُ مِنَ الشُّهُورِ وَ مَنْ أَكثَرَ فِيهِ مِنَ الصَّلَاةِ عَلَي ثَقَّلَ اللَّهُ مِيزَانَهُ يوْمَ تَخِفُّ الْمَوَازِينُ وَ مَنْ تَلَا فِيهِ آيةً مِنَ الْقُرْآنِ كانَ لَهُ مِثْلُ أَجْرِ مَنْ خَتَمَ الْقُرْآنَ فِي غَيرِهِ مِنَ الشُّهُورِ.
أَيهَا النَّاسُ إِنَّ أَبْوَابَ الْجِنَانِ فِي هَذَا الشَّهْرِ مُفَتَّحَةٌ فَاسْأَلُوا رَبَّكمْ أَنْ لَا يغَلِّقَهَا عَنْكمْ وَ أَبْوَابَ النِّيرَانِ مُغَلَّقَةٌ فَاسْأَلُوا رَبَّكمْ أَنْ لَا يفَتِّحَهَا عَلَيكمْ وَ الشَّياطِينَ مَغْلُولَةٌ فَاسْأَلُوا رَبَّكمْ أَنْ لَا يسَلِّطَهَا عَلَيكمْ.
قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ فَقُمْتُ فَقُلْتُ يا رَسُولَ اللَّهِ مَا أَفْضَلُ الْأَعْمَالِ فِي هَذَا الشَّهْرِ؟ فَقَالَ:
يا أَبَا الْحَسَنِ أَفْضَلُ الْأَعْمَالِ فِي هَذَا الشَّهْرِ الْوَرَعُ عَنْ مَحَارِمِ اللَّهِ.