ولد الامام محمد الجواد ابن الامام علي الرضا عليهما السلام في رمضان سنة ( ١٩٥) ه بالمدينة المنورة في کنف ابيه الذي کان يتمتع باخلاق الامامة وعلو المقام وموقع القيادة في الائمة وطول الباع في علوم الشريعة واحکامها .
كلمات في ذكرى شهادة الامام الجواد عليه السلام
وكالة الأنباء IRIB , 7 Nov 2010 ساعة 1:40
ولد الامام محمد الجواد ابن الامام علي الرضا عليهما السلام في رمضان سنة ( ١٩٥) ه بالمدينة المنورة في کنف ابيه الذي کان يتمتع باخلاق الامامة وعلو المقام وموقع القيادة في الائمة وطول الباع في علوم الشريعة واحکامها .
وكالة انباء التقريب (تنا)
لقد ولد الامام الجواد عليه السلام في فترة حافلة بالحوادث والظروف السياسية في مرحلة الصراع وتوتر العلاقات في الخلافة العباسية بين الامين والمآمون.
ولم تکن الحوادث السياسية ، وظروف الصراع لتنتهي دون ان تنعکس آثارها على حياة الامام الرضا ، وبالتالي على حياة الامام الجواد عليهم السلام ، فلقد توجه نظر المامون الى الامام الرضا عليه السلام واستدعاه الى عاصمة خلافتة " مرو " فاضطر الامام الى القبول بعد رفض وامتناع .
وقبل ان يتوجه الامام الرضا عليه السلام الى مرو اصطحب معه ولده الجواد وانطلق من المدينة الى مکة ليزور البيت الحرام ويودعه لانه کان يعلم بانه لارجعة له بعد هذه ابدا .
لقد طاف الامام الرضا عليه السلام حول البيت طواف الوداع ، وطاف معه ولده الجواد الذي کان عمره الشريف نحو اربع سنوات .
لقد احس الامام الجواد عليه السلام بقلبه الکبير وروحه اليقظ لوعة الفراق ،ومرارة البعد عن ابيه ، وادرک ان لا لقاء بعد اليوم بينهما لذا اطال الوقوف عند الحجر متعلقا به يلم به غم فراق والده وامامه ، لقد شق عليه ان يعود وحيدا الى المدينة ويفارق اباه الذي قرأ في رسالة وداعه للبيت الحرام انه لن يعود.
وانتهت لحظات الوداع وحانت ساعة الفراق ويالها من ساعة .. وعاد الامام الصبي الى المدينة يحمل اشواق الحب وتوجه ابوه الى مرو وقلبه يتلفت نحو المدينة ويتابع رکب الجواد الحبيب والالم يعتصر قلبه الکبير .
وقد وصل الامام الرضا عليه السلام مرو وحل في عاصمة الخلافة العباسية يومذاک وقلبه متعلق بولده الجواد وامل الامة من بعده ، ومن هناك راح يراسله ويخاطبه ويواصل الاهتمام به واسداء النصيحة والارشاد له ، وقد ذکر المؤرخون ان الامام الرضا عليه السلام کان يخاطب انه الجواد - وهو يکاتبه - بالتعظيم والاجلال ويکنيه بابي جعفر .
واحاطت بفترة انتقال الامامة الى الامام الجواد عليه السلام مشکلة خطيرة ، فقد اثارالجدل والحوار حول شخصية الامام ، بسبب صغر سنه وعدم بلوغه يوم توفي ابوه ، وفد سلجت لنا کتب التاريخ جانبا من تلک المناظرات حول شخصية الامام الجواد عليه السلام ولياقته في هذا السن للامامة .
وبعد مناطرات عدة اقر العلماء والفقهاء بالامام رغم صغر سنه ليستمر في مواصلة خط آبائة ومسيرته الرساليه فيتحمل اعباء الامامة العلمية والسياسية .
وقد ساهم الامام الجواد عليه السلام طيلة فترة امامته التي دامت نحو سبعة عشر عاما في إغناء مدرسة اهل البيت العلمية وحفظ تراثها والتي امتازت في تلک المرحلة بالاعتماد على النص والرواية عن رسول الله صلى الله عليه واله وسلم وعلى الفهم والاستنباط من الکتاب والسنة بالاضافة الى اهتمامها بالعلوم والمعارف العقلية التي ساهم الائمة وتلامذتهم في انمائها واغنائها وتوسيع مداراتها حتى غدت صرحا شامخا وحصنا منيعا للفکر الاسلامي وللشريعة الاسلامية .
واعتمد الامام الجواد عليه السلام مثل ابائه في منهجه العلمي على عدة اساليب منها :
١- اسلوب التدريس وتعليم التلاميذ والعلماء وحثهم على الکتابه والتدوين وحفظ مايصدر عن ائمه اهل البيت عليه السلام وامرهم بالتاليف والتصنيف .
٢- اسلوب تعين الوکلاء ونشرهم في انحاء مختلفة من العالم الاسلامي ليکونوا دعاة الى الاسلام والعمل به وتبليغ احکامه .
٣- اسلوب المناطرة والحوار العلمي .
هذا وامتازت الفترة السياسية التي عاشها الامام الجواد عليه السلام - وهي عهد الخليفتين العباسيين المامون والمعتصم - بانها فترة خف فيها بحسب الظاهر الاضطهاد والارهاب نسبة الى الفترات وان کان الخط العام للسياسة العباسية امتدادا لما سبق .
ولکن هذه السياسة لم تستمر طويلا وسرعان ما لجأ الحکام العباسيون الى اذى اهل البيت عليهم السلام والتضييق عليهم .
ورغم کل هذا فان التاريخ يؤکد لنا من خلال استقراء الوثائق السياسية التي صدرت عن الامام الجواد عليه السلام ( الرسائل والاحاديث ) والمواقف التي صدرت من السلطة العباسية تجاه الامام ودراستها نستطيع ان ندرک ان الامام کان يمارس نشاطه في الخفاء وکان له مقام قيادي عميق الاثر في وجدان الامة ووعيها .
لذلک نجد المامون يستقدم الامام الجواد عليه السلام من المدينة سنه (٢١١ هـ) ويقوم بتزويجه من ابنته ام الفضل ويدخل في نزاع مع اعمامه بني العباس بسبب ذلک التزويج ، في محاولة منه لاستيعاب موقف الامام الجواد عليه السلام وضمه الى حاشيته واحتواء حرکته الجماهيرية في المجالين الفکري والسياسي .
لکن الامام عليه السلام کان على العکس من ذلک ، کان يرفض البقاء في بغداد ليکون بعيدا عن حصار السلطة ومراقبتها ويعود الى المدينة المنورة ليسقط الخطة ويحقق الاهداف المرتبطة به کامام للامة ورائد من رواد الشريعة .
وبعد موت المامون جاء المعتصم للسلطة، فکان کاسلافه العباسيين على خوفه من امامة اهل البيت عليهم السلام ومکانتهم العلمية والسياسية ، فاستدعى الامام الجواد عليه السلام من المدينة الى بغداد عام (٢20هـ) خوفا من تألق نجمه واتساع تاثيره ، وليکون على مقربة من مرکز السلطة والرقابة ولعزله عن ممارسة دوره العلمي والسياسي والشعبي .
وفعلا تم استقدام الامام الجواد عليه السلام من المدينة الى بغداد ولم يبق في بغداد الا مدة قصيرة حتى اقترف المعتصم جنايه قتل الامام عن طريق دسه السم اليه في اواخر شهر ذي القعدة عام (٢٢٠ ) ه .
وبعد هذه الحياة القصيرة في امتدادها الزمني التي دامت نحو خمس وعشرين سنة ، المديدة في آثرها العقائدي والتاريخي ، المليئة بالمآثر والجهاد العلمي والسياسي انتقل الامام شهيدا مظلوما الى جوار ربه ببغداد ودفن في مقابر قريش مع جده الامام موسي بن جعفر عليهما السلام .
رقم: 30443