( وَالَّذِينَ اجْتَنَبُوا الطَّاغُوتَ أَن يَعْبُدُوهَا وَأَنَابُوا إلى اللَّهِ لَهُمُ الْبُشْرَى فَبَشِّرْ عِبَادِ، الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ).
توحيد الإله الواحد الأحد سبحانه يقي البشر من هذه الآلهة المزيفة، وبذلك تتوحّد القلوب والمشاعر والأهداف.. ومن هنا كانت دعوة الأنبياء جميعاً إلى التوحيد P وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولاً أَنِ اعْبُدُواْ اللّهَ وَاجْتَنِبُواْ الطَّاغُوتَ O.
لقد مرّت علينا قبل أيام ذكرى مولد ثامن أئمة آل البيت الإمام علي بن موسى الرضا (عليه السلام)، واسم هذا الإمام مقرون لدى أتباع المذاهب الإسلامية بأجمعهم بحديث سلسلة الذهب الذي صدح به الإمام في نيشابور بروايته عن آبائه عن رسول الله(ص) عن ربّ العالمين حيث قال: «كلمة لا إله إلا الله حصني فمن دخل حصني أمن من عذابي».
كلمة التوحيد حصن الله لهذه الأمة يقيها من عذاب السقوط في فتن التمزق والشهوات والعصبيات ومن سائر أنواع الإصر والأغلال التي تبتلي بها البشرية.
غير أن الإمام الرضا(ع) عاد لإكمال هذا الحديث القدسي بقوله: «بشرطها وشروطها وأنا من شروطها». هذا الحصن يحقق فاعليته حين يكون بتوجيه إمام يستوعب المشروع الإسلامي، ويعرف أهدافه البعيدة والقريبة، ويستطيع أن يقود الأمة إلى الدخول في هذا الحصن المنيع.
وإذا لم يكن التوحيد محاطاً بهذا التوجيه فإنه يقع فيما وقعت فيه المجموعات التي سفكت الدماء وأحرقت الأخضر واليابس باسم التوحيد، وبذلك شوّهت هذا الشعار، وحولت هذا الحصن من العذاب.. إلى عذاب ما بعده عذاب.
شهدنا ذلك في تاريخ الخوارج الذين رفعوا شعار لا حكم إلا لله، فسفكوا الدماء وعاثوا في الأرض الفساد لانهم انحرفوا عن المحجة البيضاء.. عن طريق رسول الله(ص) وأهل بيته(ع).
وشهدنا ذلك في عصرنا حيث ظهرت داعش وأخوانها لتعيث في الأرض الفساد باسم التوحيد، ولتشوّه وجه الاسلام وتسيء إلى سمعة المسلمين.
نعم.. إنها صنيعة أمريكا والصهيونية، لكنها تستند إلى خلفية مدرسة منحرفة عن سنة الرسول وآل بيته الكرام متمثلة في مدرسة ابن تيمية والوهابية.
هؤلاء الخوارج الجدد أبعدوا المغرّر بهم عن التوحيد الحقيقي، فكانت الفرقة والتشتت والتمزق والحروب والنزاعات بسبب هذا الفهم المشوّه للتوحيد.
المسلمون بأجمعهم يؤمنون بأن التوحيد أول أصول الدين، وإذا تمسكوا به في إطار القرآن وسنة الرسول وتوجيهات أهل بيته فسيعودون أمة واحدة كما اراد الله لها (خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ).
لابد للمسلمين أن تتآلف قلوبهم ويكون بعضهم أولياء بعض في درأ الفتن ومواجهة التحديات.
لماذا لا نتجه إلى تحقيق دعوة الله لنا، ونحن نرى أن أعداء الاسلام قد تجمعوا لإذلال المسلمين:
( وَالَّذينَ كَفَرُواْ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ إِلاَّ تَفْعَلُوهُ تَكُن فِتْنَةٌ فِي الأَرْضِ وَفَسَادٌ كَبِيرٌ)
محسن الأراكي
الامين العام للمجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الإسلامية