إن العنوان العظيم للرسالة والرسول هو الرحمة قال الله سبحانه وتعالى ( وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ)
على اعتاب المؤتمر الدولي الثالث والثلاثون للوحدة الاسلامية
الرحمة المهداة للعالمين
تنا
31 Oct 2019 ساعة 9:19
إن العنوان العظيم للرسالة والرسول هو الرحمة قال الله سبحانه وتعالى ( وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ)
وهذه الرحمة ينعم بها الإنسان إذا هو قبلها وتفاعل معها واستجاب لها، القرآن الكريم بهديه العظيم وتعليماته النافعة رحمة للإنسان ورحمة للمجتمع الذي يهتدي به فيما يصنعه من أثر عظيم في نفس الإنسان سموا وزكاءً وطهرا يخلص النفس البشرية من الأثر السيئ للضلال الذي يشقيها ويعذبها ويحولها إلى نفس شريرة حقودة مشحونة دنيئة خسيسة منحطة تحمل نزعة الشر والإجرام وتفقد الشعور الإنساني الفطري الرحيم والمحب للخير والتواق لمكارم الأخلاق والعطوفة بالرحمة وحينها يتحول الإنسان إلى مجرم في سلوكه وظالم في معاملته ومنحط في نفسيته ودنيء يفرط في شرف نفسه زيزقعها في الفاحشة والمنكر وإن القرآن الكريم الوثيقة الإلهية المتضمنة للرسالة الذي أتى به وتحرك به وهدى واهتدى به خاتم الأنبياء رسول الله محمد صلى الله عليه وآله وسلم أرسى للمجتمع البشري في علاقاته ومعاملاته وروابطه دعائم الرحمة والتراحم فأمره بالعدل ونهيه عن الظلم رحمة وأمره بالإحسان ونهيه عن الإساءة رحمة وأمره بالخير ونهيه عن الشر رحمة ونظامه التشريعي بكل حلاله وحرامه وهو أحل الطيبات وحرم الخبائث والمضار والمفاسد رحمة وتوجيهه للمجمتع الإسلامي إلى التكافل فيما بينه وأن يعطف الغني على الفقير والكبير على الصغير والقوي على الضعيف رحمة بالحنان والخير رحمة وأمره بالتعاون على البر والتقوى ونهيه عن التعاون على الإثم والعدوان رحمة وأمره باحترام كرامة الإنسان رحمة وعصمة دمه وعرضه وماله إلا بحقٍ رحمة وتوجيهه المجتمع المسلم إلى ما يبنيه مجتمعاً قوياً عزيزاً حراً مقتدراً على الدفاع عن نفسه ومواجهة قوى الشر وحماية دينه وعرضه وأرضه رحمة وهدايته للإنسان إلى الله لينعم في إحساسه في وجدانه بالقرب من الله ويشعر ويأنس بالله ويستمد منه هدايته وعونهُ وفضلهُ العظيم والواسع ويشعر بصلة عبوديته لله بالله رحمة وأي رحمة وتقديمه البصيرة الكافية والوعي العالي عن الحياة والناس والأحداث والسنن بما يقي الإنسان من مهاوي الردى والضلال رحمة وكل تعليماته وهديه رحمة ودلالتهُ على الصراط المستقيم الذي منتهاه وغايته رضوان الله ومستقر رحمته الجنة التي عرضها السماوات والأرض بمرافقة الأنبياء والصالحين رحمة ونجاتهُ من جهنم والعذاب في الدنيا والآخرة رحمة ولذلك قال الله تعالى: (وَهَٰذَا كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ) إن الكفيل بحصول المجتمع الإسلامي على هذه الرحمة في الدنيا والآخرة مجتمعاً وفرداً هو بالتفاعل والتجاوب مع هذه الرحمة متمثلةً في نبي الإسلام رسول الله محمد صلى وسلم عليه وعلى آله بمنهجه ورسالته التي تضمنها القرآن وحركته بالرسالة التي قدم فيها الأسوة والقدوة والمعلم والمزكي، المربي الهادي لتستعيد الأمة تجربة مجدها الأول الذي استنقذها به نبي الله من جحيم الجاهلية الأولى يوم كانت قد فقدت الرحمة لدرجة وأد البنات وقتل الأبناء لأتفه الأسباب، ويوم استباح الإنسان كل شيء في أخيه الإنسان، وفقد جوهر إنسانيته، واليوم لا بد في الاستنقاذ من الجاهلية الأخرى الأكثر شرا من الجاهلية الأولى من إعادة الوصل والعلاقة والرابطة الإيمانية برحمة الله المهداة لعباده، خاتم أنبيائه محمد صلى الله وسلم عليه وعلى آله، وأول ما تحتاج إليه الأمة في ذلك معرفة هذه العلاقة وما ينبغي أن تقوم عليه من التعظيم والتوقير والاتباع، فالله سبحانه وتعالى قد دمج في القرآن الكريم علاقتنا به بعلاقتنا برسوله، لنعرف أنها علاقة إيمانية فجعل طاعته من طاعته، قال جل شأنه: (من يطع الرسول فقد أطاع الله)، وجعل الإيمان به والتعظيم والتقديس كذلك، قال تعالىلِّتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ وَتُسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا) فدمج بين التسبيح له سبحانه، وبين النصرة والتعظيم لرسوله محمد والإيمان به وبرسوله، وقال تعالى: (لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيرا)، فهلم يا أمة الإسلام إلى نبي الإسلام في رسالته، في حركته، في جهاده، في صبره، في هدي قرآنه، هلم لتزكية النفوس، فالله كلفه بتزكيتنا، هلم إلى مكارم الأخلاق، فهو بعث ليتمم مكارم الأخلاق، هلم إلى الرحمة والتعاون على البر والتقوى والتواصي بالمرحمة، هلم إلى الثبات في مواجهة التحديات، وهلم يا يمن الإيمان ويا أحفاد الأنصار لتنمية القيم الإيمانية وترسيخ المبادئ الإيمانية وتعزيز الروابط الإيمانية وتتميم مكارم الأخلاق، وتقديم النموذج من جديد كما النموذج الأول من أجدادنا الأنصار، (وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِن قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِّمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ ۚ) تقديم النموذج الذي قدمه الأجداد فقال عنهم رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: "إنكم ما علمتم، تكثرون عند الفزع"، رجال مواقف، رجال صمود، رجال شجاعة وأهل مبادئ، "تكثرون عند الفزع وتقلون عند الطمع"، نفوس زكية وعفيفة، ليست أسيرة للطمع والذل، تقديم النموذج المؤمن العزيز بعزة الإيمان، والحكيم بحكمة القرآن، تقديم النموذج المحب لله ولرسول الله ولمسؤوليته المقدسة فوق كل محبوب ومرغوب لتحقيق مصداقية الإيمان، حينما قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله: "لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من نفسه وأهله والناس أجمعين"، وتعزيز ارتباط الولاء الصادق الراسخ لرسول الله الذي ولايته علينا كمؤمنين فوق ولايتنا على أنفسنا، (النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم)، لتقديم النموذج الأول الذي حمل راية الإسلام، راية الحق، راية الحرية والعدل والكرامة، ناصرا ومضحيا، ومعطيا ومجاهدا حتى قامت للإسلام دولته وللأمة كيانها الكبير وللإسلام الحق سيادته، وللعدل حكمه.
وإن شعبنا الذي دعا له الرسول بالبركة لجدير بهذا الشرف، أهل لهذا الفضل، وهو اليوم يواجه قرن الشيطان، ومنبع الزلازل والفتن المعتدي الباغي الأثيم، الذي تحرك تحت الراية والمظلة الأمريكية غير محترم للإسلام ولا لحرمة المسلمين، وغير غريب على النظام السعودي بولائه لأمريكا وبعقيدته الوهابية هذا الانحراف الذي وصل به إلى درجة إدخال الصهاينة إلى مسجد رسول الله صلى الله وسلم عليه وعلى آله وتدنيس مقامه العظيم بدخولهم إليه وإلى تدمير قبر والدة رسول الله الشريفة المصونة آمنة بالديناميت، وإلى تحويل منزل أسرته الذي ولد فيه بمكة وكان معلما وأثرا تزوره الأمة طول تاريخها إلى حمام والله المستعان، وإلى اعتبار التعظيم لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم شركا، العقاب عليه بالقتل، وإنما تعظيم ملوكهم وأمرائهم وتعظيم ترامب يوم أتى إليه جائز ليس بدعة وليس شركا بالنسبة لهم، غير غريب على هؤلاء سلوكهم الوحشي الفاقد للرحمة بقدر بعدهم عن رحمة الله المهداة للعالمين، رسول الله صلى الله عليه وآله في منهجه وأخلاقه، وعطفه وحنانه، فكانوا في عدوانهم على بلدنا الذين استباحوا كل شيء، فقتلوا الآلاف المؤلفة من الأطفال والنساء ويسعون إلى تجويع شعبنا، ونشروا الأوبئة وأهلكوا الحرث والنسل، ولم يدعوا حرمة من حرمات الله إلا انتهكوها، ولا ظلما ولا جرما إلا وفعلوه، وشعبنا بإيمانه بالله ورسوله وكتابه صامد ثابت صابر، ومعني بالمزيد من الصبر والثبات، وقد قطع شوطا كبيرا في تصديه للعدوان، وكبد المعتدين خسائر كبيرة، وحطم الله بصبر هذا الشعب المظلوم وتضحياته العظيمة كبرياءهم وغرورهم، وإن عاقبة الصبر النصر، والثبات على الحق الفرج، والعاقبة للمتقين،
كلمة السيد عبدالملك بدرالدين الحوثي بمناسبة ذكرى المولد النبوي الشريف 1439هـ
/110
رقم: 441368