و اليكم نص رسالة الامین العام للمجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الاسلامية و التي بعنوان :
صفقة ترامب فرصة للعالم الاسلامي
بداية نستذكر أن مشروع ترامب الأخير لفلسطين يأتي في سياق سلسلة من الاجراءات التي اتخذتها الادارة الأمريكية مؤخرا ً أعلنت فيها يهودية أرض فلسطين ونقلت سفارتها إلى القدس الشريف وشرعنة المستوطنات و.. ويأتي أيضاً في سياق عمليات إرهابية عمدت إليها أمريكا في المنطقة عبر داعش وعبر وكلائها في اليمن، وفي أعقاب حروب مدمّرة
شنتها في العراق وأفغانستان بحجج واهية مفتعلة، ثم العملية الإرهابية الجبانة التي أعلنها ترامب بنفسه باغتيال الشهيدين قاسم سليماني وأبي مهدي المهندس.
هذا غير ما لأمريكا من تاريخ أسود وجرائم بشعة في آسيا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية بل قبل ذلك ما ارتكبته من مذابح بحق سكان أمريكا الأصليين.
ثم إن إعلان هذه الصفقة يأتي دعماً لكيان صهيوني عنصري إرهابي قتل الفلسطينيين وشردهم وهدم منازلهم وزج ّ هم في معسكرات الأسر ، واغتال شخصياتهم داخل فلسطين وخارجها، وشنّ الحروب المتوالية على غزّة، ويمارس قصفها وارتكاب جرائمه فيها وفي الضفة الغربية يومياً.
هذا الكيان و ُ جد من أجل أن يكون عامل تمزيق وتشتيت للعالم الإسلامي، وعامل تهديد مستمر لكرامة الشعوب العربية والإسلامية وعامل إعاقة مستمرة للتنمية في بلدان المنطقة.
نعم، إن الكيان الصهيوني الذي يقف ترامب ليدعمه بكل ما أوتي من قوّة هو مصدر شرّ في المنطقة بل في العالم أجمع، وما اجتماع ترامب ونتنياهو الفاسدين في مشروع موحّد إلا اجتماع قوى الشر والعدوان والإرهاب العالمية لالتصفية القضية الفلسطينية فحسب، بل لفرض الهيمنة على العالم الإسلامي ومصادرة ثرواته وإذلاله وسحق كرامته وصدّه عن أي تطلّع مستقبلي.
في مثل هذه الأجواء الملبّدة بالتآمر على فلسطين والعالم الإسلامي من قبل مصدرين من أكبر مصادر الشر والخبث في العالم يخرج الإمام القائد السيد الخامنئي ليقول إن صفقة القرن فاشلة بإذن الله تعالى. إنه يستند دون شك إلى سنّة إلهية في الكون تحدث حين تجتمع قوى الشرّ يقول عنها سبحانه: وَيَجْعَلَ الْخَبِيثَ بَعْضَهُ عَلَىَ بَعْضٍ فَيَرْكُمَهُ جَمِيعاً فَيَجْعَلَهُ فِي جَهَنَّمَ .
لقد آن الأوان أن يميّز أبناء المنطقة عدوهم من صديقهم وأن لا يخطئوا الهدف في مواقفهم.
ــ لقد آن الأوان في أجواء تفاقم الأزمات أن تعيَ الشعوب ا لإسلامية والحكومات الإسلامية ما يتهددها من أخطار، فتسعى إلى إقامة الحدّ الأدنى من التكامل العسكري بينها لوقاية المنطقة من الحضور الأجنبي، ومن التكامل الا قتصادي للتوصل إلى مستوى مطلوب من الا كتفاء الذاتي، وإلى الحد الأدنى من التعاون الإعلا مي لدرء السموم الموجهة إلى المسلمين، ولكي تستقي وسائل إعلا منا معلوماتها مباشرة من بلدان المسلمين لا من أعداء الأمة. وهذا ما دعت إليه مراراً الجمهورية ا لإسلامية الإيرانية على لسان السيد القائد.
ــ إن الظروف المتفاقمة الحالية تتطلب تحقيق ما دعا إليه القرآن الكريم من تعارف بين الشعوب والقبائل: يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ .
ــ لا بدّ من التركيز على عنصرية الكيان الصهيوني، وما يمارسه من نظام فصل عنصري أبارتهايد، خاصة في ظل حكومة نتنياهو وهي كما يجمع المراقبون المنصفون على أنها حكومة هوس (جنون) عنصري وتطهير عرقي، بل أبشع وأقذر ألوان العصنرية التي ظهرت في تاريخ البشرية.
من هنا لا بد من إزالة ما علق في الأذهان بشأن ما يسمى صراع إسلامي – يهودي في فلسطين. إنه صراع بين قوى الخير وقوى الشرّ، بين المحبين للسلا م وأعداء الإنسان والبشرية.
ــ لا يجوز نسيان استهتار الكيان الصهيوني بالقرا ر ات الدولية ومنها حق العودة، فالفلسطينيون بهمتهم يصرون على حق العودة وهو حقّ مشروع دولياً وإنسانياً، وينظمون لمطالبتهم بهذا الحق المسيرات ويقدمون على هذا الطريق قوافل الشهداء والمصابين، و لا بد من دعم هذا الحق المشروع وعدم ترك أهلنا في فلسطين لوحدهم يواجهون رصاص الصهاينة. كما لا بدّ من فضح ممارسات الصهاينة في شرعنة الا ستيطان، فالقانون الدولي يمنع بشكل قطعي قوة الا حتلا ل من القيام بأي بناء للمستوطنات أو نقل لسكان القوة المحتلة إلى المناطق التي يحتلها.
صفقة ترامب تجاهلت فيما تجاهلت هذين الحقين المشروعين، إضافة إلى أنها تجاهلت الحق الأصلي للفلسطينيين وهو تحرير أرضهم من الاحتلا ل من البحر إلى النهر، وأن القدس الموحدة هي العاصمة الأبدية لدولة فلسطين.
ــ لابدّ من إجماع عربي و إسلامي على مشروع الجمهورية الإسلامية الذي طُرح على لسان السيد القائد، وهو حل القضية الفلسطينية ديمقراطياً، أي وفق المعايير التي يرتضيها العالم بأجمعه، وذلك بإجراء استفتاء بين الفلسطينيين داخل فلسطين وفي الشتات من مسلمين ومسيحيين ويهود.. اليهود الأصليين ( لا المهاجرين المحتلين)، والخروج بنتيجة تعين نوع النظام الحاكم في فلسطين.
كل هذا يتطلب أن يكون المسلمون بعضهم أولياء بعض، مثلما أنّ القوى المعادية لهم بعضهم أولياء بعض وإﻻّ فسوف تكون الفتنة ويعمّ الفساد لاسمح الله: وَالَّذينَ كَفَرُواْ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ إِلاَّ تَفْعَلُوهُ تَكُن فِتْنَةٌ فِي الأَرْضِ وَفَسَادٌ كَبِيرٌ صدق الله العلي العظيم.
حميد شهرياري
الأمين العام للمجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الإسلامية
/110